ماذا تعرف عن النمرود؟ يمكن تعريف التاريخ على أنه تسلسل معين لأحداث جرت منذ وقت طويل جدًا من الزمن، وكان لها تأثير كبير في الواقع الحالي الذي نعيشه. يشبه التاريخ الحقيبة التي تمتلئ بالكثير من القصص المتنوعة، فمنها ما يحكي سير الأنبياء وأخرى تحكي آثار الحروب المدمرة وطرق ازدهار الأمم.
يمكن القول أن دراسة التاريخ تعّد هواية لبعض الناس حيث يستطيعون من خلال دراسته التعرف إلى حقائق الماضي المهمة وربطها بحياة الإنسان بالوقت الحالي. نتعرف اليوم في هذا المقال على النمرود، قصته والمعاني المستفادة منها.
من هو النمرود؟
ذكر اسم النمرود كثيرًا في كتب التاريخ القديمة وأيضًا في كتب التفسير، وعلى سبيل المثال تحدث ابن الكثير عن النمرود في كتابه “البداية والنهاية” وعرفه على أنه:”النمرود بن كنعان بن السنحاريب بن نمرود بن كوش بن حام بن نوح”. كما ذكر بعض المؤلفين اسمه على أنه: ” نمرود بن فالح بن عابر بن صالح بن أرفخشد بن سام بن نوح “. نذكر 5 حقائق عنه:
- كان حاكمًا لبابل في بلاد العراق، ويعتبر من الحكام الذين حكموا الأرض كلها، وكانت فترة حكمه في زمن النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
- عارض النمرود النبي إبراهيم في حجته التي تدل على صدق الإيمان بالله تعالى وتم ذكر الجدال الذي تم بينها في القرآن الكريم.
- لم تكن سياسته في الحكم عادلة، بل أنه كان جبارًا وطاغيًا في قومه، إضافة إلى ادعائه الربوبية وبناءً على ذلك كان يحكم بالقتل على الأبرياء بدون ذنب وكان يعتقد أن باستطاعته أن يحيي ويميت.
- استمرت فترة حكمه لمدة تصل إلى الألف سنة عاث فيها فسادًا في الأرض، وادعى أنه باستطاعته أن يقوم بأمور لا يقوى أحد على فعلها.
- أجبر كل الناس على تعظيمه والاعتراف بربوبيته حيث أنه كان يبيعهم المؤن ولا يقبل أن يبيع أحد قبل أن يسأله من ربك؟ إذا أجابه الشخص بأنه هو ربه قبل أن يبيعه ولكن إذا حصل على أي إجابة أخرى فيرفض البيع.
حصلت المناظرة بينه وبين نبي الله إبراهيم عندما سأله من ربكم فأجابه إبراهيم ” ربي الذي يحيي ويميت “.
“اقرأ أيضًا: من هو العالم المغربي كمال الودغيري“
ما هي قصة النمرود مع النبي إبراهيم عليه السلام؟
كما ذكرنا مسبقًا فإن الملك نمرود كان مدعيًا للألوهية، وعندما حاول نبي الله إبراهيم عليه السلام دعوته لعبادة الله تعالى تجبر عليه وزاد طغيانًا وحاج إبراهيم في ربه. وكما تحدث الطبري فإن القصة حدثت عندما ذهب إبراهيم عليه السلام مع الناس لشراء مؤن الطعام من النمرود. وكان يشترط على الناس حتى يقوم ببيعهم الطعام أن يسألهم في البداية عن ربهم ويجب أن يجيبوا بأنه هو ربهم.
عندما وصل دور إبراهيم عليه السلام سأله النمرود من ربك؟ فأجابه إبراهيم بقوله: “ربي الذي يحيي ويميت”. وبدأت مناظرة كبيرة بينهما فقام بإحضار رجلين من المحكومين بالإعدام فأمر بقتل واحد منهما وأطلق سراح الآخر واعتبر نفسه بذلك قادر على أن يحيي ويميت حسب رغبته.
عندما رأى إبراهيم عليه السلام إصرار نمرود على الكفر والطغيان قال له :”فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب” وبذلك أفحمه ولم يستطع بعدها أن يجابهه.
“قد يهمك أيضًا: من هو شارلوك هولمز وما أفضل رواياته البوليسية الشهيرة“
النمرود في القرآن الكريم
لم يرد اسم نمرود بشكل واضح وصريح في القرآن الكريم، ولكن هناك بعض المفسرين مثل الطبري قاموا بالربط بين النمرود البابلي وبين الملك الذي قام بتحدي نبي الله إبراهيم في سورة الأنبياء وأيضًا في سورة البقرة. على الجهة الأخرى هناك بعض المفسرين قاموا برفض هذا الربط وقيل بأن الملك هو شخص اسمه هيزن و هيرين.
قال الله تعالى في سورة البقرة:
“أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ”.
“اطلع أيضًا: من هو تحتمس الثالث؟ تعرف على الملك الفرعوني وأهم إنجازاته“
كيف توفي النمرود؟
وردت قصص كثيرة في كتب التفسير عن نهاية هذا الطاغية حيث ذكر أنه ذبابة دخلت في منخره وبقيت تعذبه لمدة طويلة تصل لأربعمئة سنة حتى توفي.
ذكر السمرقندي أن البعوضة ظلت في رأسه لمدة أربعين يوم فقط ولكنها أكلت من دماغه حتى توفي وفي كتب أخرى ذكر أن الله تعالى قد عذبه بالنار حتى الهلاك والله أعلم.
يقول العلماء أنه هذه القصص التي تروي موته هي أقرب للإسرائيليات ولا يجب أن تصدق أو تكذب، ولكن لا مانع من تناقلها في سبيل الاعتبار من القصة والانتباه لنهاية الطغاة القاسية، بشرط أن لا تنقل على لسان النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
الدروس المستفادة من قصة النمرود
لا يلبث القرآن الكريم يدهشنا في كل مرة نحاول فيها أن نتعمق في كلماته بالعبر والدروس المستفادة التي يجب أن نوظفها في حياتنا بشكل أساسي ومهم. أهم العبر التي يمكن الاستفادة منها من قصته ما يلي:
- إن من أهم صفات الظالمين الغرور والجهل وأيضًا التكبر، وستكون نهايتهم في أغلب الأحيان وخيمة بأبشع الصور التي يمكن تخيلها وذلك جزاء أعمالهم.
- إن من يثق ويؤمن بالله تعالى لا يجب أن ينساق نحو الجبابرة والظالمين، حيث يعد إيمانه سلاح قوي يحميه منهم.
- الله تعالى وعد عباده بالنصر ولو كان ذلك بعد وقت طويل.
- مهما أعطى الله تعالى العباد من القوة والسلطان، فإنه يجب أن ينساقوا لأمر الله ويعبدونه خير عبادة.
إقرأ أيضًا: من هو سيبويه.. إمام النحاة
في الختام نذكر أن قصة النمرود من قصص الطغاة الذين تجبروا في الأرض وظلموا الناس، ونهايته عبرة لكل ظالم.
