السلطان عبد الحميد الثاني

[faharasbio]

السلطان عبد الحميد الثاني

دراسة التاريخ والاطلاع عليه تعني دراسة تغيرات كثيرة حصلت منذ وقت طويل وحتى وقتنا الحاضر.

تتضمن هذه التغيرات أنماط كثيرة من تطور الحضارات وتحول المجتمعات وأيضًا معلومات كثيرة عن الحروب والمعارك القديمة.

بالتالي عندما نهتم بدراسة التاريخ والاطلاع على أحداثه القديمة تتيح لنا فرصة تفادي مشاكل في المستقبل قد يكون أجدادنا في الماضي قد واجهوها ووجدوا حل لها.

أيضًا يبني لنا هذا الاطلاع مشاعر تعاطف وتضامن مع حياة الآخرين والبطولات التي قدموها والنضال الذي فنوا حياتهم من أجله وبالتالي سيساهم هذا الأمر في تحسين القيم الأخلاقية عامة.

سنتحدث اليوم في هذا المقال عن أحد أشهر سلاطين الدولة العثمانية وهو السلطان عبد الحميد الثاني وسنذكر أهم الإنجازات التي قدمها في سبيل نهضة دولته.

من هو السلطان عبد الحميد الثاني

السلطان عبد الحميد الثاني هو السلطان الرابع والثلاثون من سلاطين الدولة العثمانية وقد استلم العرش عندما كان عمره 34 عامًا.

ولد في 21 أيلول لعام 1842 وكان والده السلطان عبد المجيد الثاني الشهير الذي قام بأكبر سلسلة إصلاحات اجتماعية واقتصادية في الدولة.

والدته هي السلطانة تير يمو جغان والتي توفت بمرض السل عندما كان السلطان عبد الحميد عمره 10 سنوات وقامت بتربيته بعدها زوجة والده السلطانة بيريستو واهتمت به وقامت برعايته لسنوات طويلة وكأنه ابنها.

فيما بعد وتحديدًا عام 1861 توفي والده السلطان عبد المجيد وانتقل أمر تربيته إلى عمه السلطان عبد العزيز الذي بدأ باصطحابه في أعماله وأسفاره المختلفة.

تم تعليمه أفضل تعليم وبطريقة منتظمة ومستمرة على يد أفضل المعلمين في ذلك الزمان واحترف اللغة العربية والفارسية وأيضًا تعمق في دراسة التاريخ وعلوم الأدب المختلفة إضافة إلى كتابته بعض الأشعار باللغة الفارسية في ذلك الوقت.

إضافة إلى ذلك كان نجارًا ممتازًا وقد صنع معظم أثاثه بنفسه ولا يزال موجود حتى اليوم للمعاينة في قصر يلديز.

أيضًا أبدى اهتمام كبير للأوبرا وكان محبًا عظيمًا لها وترجم بنفسه العديد من الأوبرات الكلاسيكية وألف غيرها.

كما قام باستضافة العديد من فناني الأوبرا من أنحاء أوروبا لكي يقوموا بالأداء في قصر يلديز.

عرف عنه أنه محافظ على الشعائر والتقاليد الإسلامية، وأيضًا كان محبًا للخيل وللرياضات بمختلف أنواعها ومع ذلك كان يميل للعزلة نوعًا ما.

انتقال الحكم للسلطان عبد الحميد الثاني

بعد وفاة والد السلطان عبد الحميد الثاني أصبح ولي عهد ثان لعمه السلطان عبد العزيز وظل ملازمًا له في أسفاره وتنقلاته وأعماله المختلفة.

رافقه في رحلاته الكثيرة فزار معه أوروبا وأيضًا مصر والتقى بالعديد من ملوك العالم وتعلم على يده الكثير من الأمور.

استمر عمه في الخلافة لمدة 15 عام وبعدها قتل في مؤامرة تم تدبيرها من بعض رجال القصر وكانت النتيجة انتقال الحكم لمراد الخامس وهو شقيق السلطان عبد الحميد الثاني.

لم يستمر مراد الخامس في الحكم سوى 93 يوم قبل أن يتركه بسبب إصابته باختلال عقلي ما وبعدها استلم السلطان عبد الحميد الثاني الخلافة في 31 أغسطس عام 1876 وكان عمره أربع وثلاثون عامًا.

كان توليه الحكم متزامنًا مع اقتراب حرب عثمانية روسية جديدة وكانت الظروف المحيطة معقدة وانتشرت الاضطرابات بشكل كبير في معظم أجزاء الدولة.

بدأ السلطان عبد الحميد الثاني بشكل فوري بالعمل مع بعض الشبان العثمانيين لتحقيق بعض الترتيبات الدستورية الجديدة لتعزيز الاستقرار.

وفي 23 ديسمبر بنفس العام الذي استلم به الحكم اشتعلت حرب مع صربيا والجبل الأسود بسبب انتفاضة كانت قد حدثت في البوسنة والهرسك عام 1875، وانتشر الاستياء في أنحاء أوروبا مما دفعه للمسارعة في إعلان الدستور.

تأثير رحلة أوروبا

كما سبق وذكرنا فإن السلطان عبد الحميد الثاني رافق عمه في رحلة إلى أوروبا عام 1867 واستمرت من 21 حزيران إلى 7 آب.

كان لهذه الرحلة تأثير كبير على نمط تفكيره ووسعت مداركه لكثير من الأفكار الجديدة.

كان دقيقًا جدًا في مشاهداته لما حوله في أوروبا وحاول الاستفادة منها وتوظيفها في حياته وحكمه فيما بعد، خاصة أنه التقى بكثير من ساسة العصر في أوروبا في ذلك الوقت مثل الملكة فيكتوريا ونابليون الثالث في فرنسا وأيضًا فرنسوا جوزيف في النمسا.

اهتم كثيرًا في التطور العسكري والصناعي في قوات الدفاع الأوروبية ودرس تأثير هذه القوى إجمالًا على سياسة الدولة العثمانية في ذلك الوقت.

استنتج بعد هذه الرحلة أن فرنسا دولة لهو وألمانيا دولة عسكرية بامتياز.

بعد هذه الرحلة نجده أصبح كثير الاهتمام بإدخال المعدات والاختراعات الحديثة إلى أراضي دولته لتوظيفها في مصلحتها العامة.

أعمال السلطان عبد الحميد الثاني

نتيجة تآمر الوزراء في بداية حكمه والظروف التي مر بها شرع السلطان عبد الحميد الثاني في إصلاح الدولة وفق تعاليم الدين الإسلامي.

كما حاول منع التدخل الأوروبي في شؤون الدولة وأبعد كل الصحفيين عن الدولة لكي يحاول أن يخرج الاتجاهات الغربية المخالفة لتعاليم الدين الإسلامي.

شكل السلطان عبد الحميد الثاني جهاز استخباراتي قوي لكي يستطيع حماية الدولة من الداخل بأفضل الطرق.

اهتزت أركان أوروبا نتيجة هذه التغييرات وأنكرت هذا التفكير الاستراتيجي العميق وحاولت أن تقوم بتفتيتها بكل الطرق عبر مؤتمرات مختلفة مثل مؤتمر برلين.

حضر هذا المؤتمر ممثلين عن الدول الكبرى مثل فرنسا وإنكلترا وغيرها وقاموا بتعديل معاهدة سان ستفانو التي كانت بين الدولة الروسية والدولة العثمانية بما يتفق مع مصالح الدول.

كان هذا المؤتمر من المعالم الرئيسية التي سببت تدهور الدولة العثمانية وانهيارها في النهاية بسبب اضطرار السلطان عبد الحميد الثاني للتنازل عن مساحات واسعة من الأراضي العثمانية.

على الرغم من انهيار الدولة العثمانية في النهاية إلا أن السلطان عبد الحميد الثاني استطاع من خلال سياسته الحكيمة أن يقوم بتجنيب دولته الدخول في صراعات ونزاعات مع الدول الكبرى.

كما أنجز أكبر مشروع تم في ذلك الزمان وهو الجامعة الإسلامية بمبادئها المختلفة.

رحل السلطان عبد الحميد عن عمر 57 عام قضى ثلاث عقود منها في حكم الدولة العثمانية.

إقرأ أيضًا: سيرة حياة السلطان العثماني سليمان القانوني

هكذا نكون قد وصلنا لنهاية مقالنا لليوم نرجو أن نكون قد وفقنا في تقديم معلومات مفيدة وقيمة.

[ppc_referral_link]