الحياة في الفضاء
كانت الحياة في الفضاء مستحيلة قبل بضعة قرون، ولكنها ممكنة في الوقت الحالي بداخل المركبات الفضائية، وهذا ما يعيشه رواد الفضاء.
بالتأكيد تختلف الحياة في الفضاء عن الحياة في الأرض، فعلى الأرض يتحمل الجزء السفلي من جسدنا وزن الجسم، فنحافظ على قوة عظامنا وعضلاتنا.
أما في الفضاء، لا يستخدم رواد الفضاء أرجلهم كثيرًا، فتبدأ فقرات أسفل الظهر بخسارة قوتها، وينقص وزن عظامهم وأجسادهم، لهذا السبب يُمارس رواد الفضاء الرياضة بانتظام.
حتى الدورة الدموية تتأثر في الفضاء، فعندما نقف في الأرض، يذهب الدم إلى أقدامنا، ويعمل القلب بجهد إضافي ليتحرك الدم عكس اتجاه الجاذبية الأرضية.
أما في الفضاء، مع انعدام الجاذبية الأرضية، ينتقل الدم إلى الجزء العلوي من الجسم والرأس، لهذا تبدو وجوه رواد الفضاء منتفخة، ثم يُرسل الدماغ إشارات بالتقليل من وتيرة سرعة صناعة خلايا الدم الحمراء، ويتخلص من معظم السوائل، وهذا ما يؤدي إلى شعور رواد الفضاء بالضعف الشديد والإغماء.
فيما يلي سنسلط الضوء على الحياة في الفضاء، وكيف يقضي رواد الفضاء أيامهم.(1)
الطعام في الفضاء
في بداية الستينات، كان رواد الفضاء يتناولون طعامهم من أنابيب صغيرة من الألومنيوم، وهذا حتى لا يكون الطعام ثقيلًا جدًا أو يشغل مساحة كبيرة.
في السبعينات، الفترة التي بدأت فيها رحلة أبولو، بدأت المواد الغذائية في الفضاء بالزيادة، حتى وصلت في وقتنا الحالي إلى حوالي 150 نوعًا مختلفًا من الطعام، ومن الجدير بالذكر أن وجبات رواد الفضاء أصبحت قريبة بقدر الإمكان لوجباتنا على الأرض.
أصبح الطعام مخزنًا في عبوات بلاستيكية، ويمكن لبعض الأطعمة استعادة قوامها الطبيعي بإضافة الماء البارد أو الساخن إليها، علاوة على ذلك يمكن أيضًا أن يتم تسخين بعض الأطعمة في فرن مخصص في المركبات الفضائية.
ليس هذا فحسب، يمكن لرواد الفضاء أيضًا تناول الفواكه، الخبز والمكسرات كما هي، وأما بالنسبة للسوائل فيتم شربها عن طرق مصاصة تمتص السائل من عبوة محكمة الإغلاق، وهذا حتى لا ينسكب أي جزء من السائل ويُتلف الآلات.
يتم توفير أكثر من 300 نوع مختلف من الأطعمة في محطة الفضاء الدولية.(2)
الملابس في الفضاء
ماذا يرتدي رواد الفضاء في العادة؟
في الحقيقة يرتدي رواد الفضاء نفس الملابس التي نرتديها نحن على الأرض، حيث تم تصميم المركبة الفضائية بحيث تكون درجة حرارتها ورطوبتها مشابهة لدرجة حرارة ورطوبة الأرض.
أما بالنسبة لبدلات رائد الفضاء التي اعتدنا على رؤيتها في أفلام الخيال العلمي فهي مخصصة فقط لوقت الخروج من المركبات الفضائية لأي سبب، وهذا يعني أن بإمكان رواد الفضاء ارتداء ما يحلو لهم بداخل المركبة الفضائية.
من الجدير بالذكر أن رواد الفضاء لا يمكنهم غسل ملابسهم في المركبة الفضائية، لهذا السبب عادة ما يحملون معهم عددًا كبيرًا من الملابس لتكفيهم طوال فترة سفرهم.
أما بدلات رواد الفضاء التي يرتدونها خارج المركبة فهي مصممة لدعمهم في العديد من الوظائف منها حمايتهم من البيئة القاسية للغاية في الفضاء، والتي تتضمن عوامل لا يمكن للبشر تحملها مثل الإشعاع الفضائي وعدم وجود الأوكسجين بالنسبة الملائمة للتنفس.(2)
الاستحمام في الفضاء
كيف يستحم رواد الفضاء في الفضاء؟
بما أن الماء على الأرض يتدفق إلى الأسفل بفعل الجاذبية الأرضية، فالأمر ذاته لا ينطبق على الحياة في الفضاء، وبهذا فلا يوجد دش أو أحواض استحمام في الفضاء.
عندما يُريد رواد الفضاء تنظيف أجسادهم فهم يمسحون أجسادهم بالكحول المعقمة أو بمنشفة مبللة تحتوي على صابون سائل.
أما بالنسبة لغسل الشعر فهم يستخدمون نوعًا من شامبو الشعر الخالي من الماء، وهذا يعني أنه لا يحتاج إلى ماء لشطفه.
الشامبو الخالي من الماء لا يحتوي على رغوة، وهذا لأن الرغوة يُمكن أن تتناثر بداخل المكوك، لذلك يقوم رواد الفضاء بتنظيف أجسادهم وشعرهم ثم يُجففون أجسادهم بمنشفة جافة.
أما من ناحية التوجه إلى دورة المياه، فتم تصميم المراحيض في المركبة الفضائية بحيث يتم تثبيت الجسد في المرحاض نتيجة عدم وجود الجاذبية، ثم تقوم آلة تُشبه المكنسة الكهربائية بشفط جميع النفايات وتجفيفها بتقنية التفريغ الهوائي.
ليس هذا فحسب، لا تحتوي دورات المياه على أبواب، بل يوجد عوضًا عنها ستائر ثابتة، وعمومًا تُعد مركبات الفضاء صاخبة نتيجة أصوات المحركات والضوضاء الأخرى، لهذا السبب لا يمكن لأي شخص آخر سماع أي أصوات من دورة المياه.(2)
النوم في الفضاء
كيف ينام رواد الفضاء في ظل انعدام الجاذبية؟
بالتأكيد لا يمكن لرواد الفضاء النوم أثناء الطفو في الأرجاء، ولهذا السبب تتضمن المركبات الفضائية حجرات خاصة للنوم تحتوي على أكياس للنوم، ويربط رائد الفضاء جسده بداخل هذه الأكياس الفضفاضة جزئيًا بشكل لا يُقيد حركة رائد الفضاء ولا يسمح له في الوقت ذاته بالطفو.
علاوة على ذلك يمكن أن يستخدم رواد الفضاء سدادات الأذن وأقنعة العين إذا كانوا غير قادرين على النوم بسبب ضوضاء الأجهزة أو الإضاءة العالية.
يمكن لرائد الفضاء النوم في حجرة الفضاء لثماني ساعات بالضبط، ولكن غالبًا ما ينامون لمدة 6 ساعات فقط، وهذا لأنهم يعملون لساعات طويلة، أو لا يستغرقون بالنوم مباشرة ويستمتعون بالمنظر الخارجي من نافذة المكوك بجانب حجرات نومهم.(2)
ممارسة التمارين الرياضية في الفضاء
دائمًا ما نتحرك على الأرض عكس اتجاه الجاذبية الأرضية، وهذا ما يدعم عضلاتنا وعظامنا، ولكن في الفضاء، مع عدم توفر الجاذبية الأرضية، تُصبح العظام والعضلات أَضعف لعدم مواجهتها الجاذبية الأرضية.
لهذا السبب يحتاج رواد الفضاء إلى ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، بما يُعادل ساعتين يوميًا، وهذا عن طريق أجهزة رياضية مصممة خصيصًا لهم.
يستعين رواد الفضاء بأجهزة تثِبه جهاز الجري أو الدراجة، ولكنها مصممة بحيث تساعد رائد الفضاء على تثبيت جسده والقيام بها.(2)
مهمة التنظيف في الفضاء
بالتأكي يحتاج رواد الفضاء إلى التنظيف بعد وجباتهم، وهذا لعدم تراكم الكثير من الفوضى، ولرمي القمامة التي يجب التخلص منها.
يقوم رواد الفضاء بتنظيف مكان تناولهم للطعام، تغيير فلاتر نظام تنقية الهواء، جمع القمامة وتنظيف الجدران والأرضيات.
يستخدم رواد الفضاء المنظفات السائلة، القفازات البلاستيكية القابلة للاستخدام مرة واحدة، أقمشة المسح متعددة الأغراض والمكنسة الكهربائية.
وبذلك فهم يرشون المنظفات، يمسحون بقطعة القماش، ويُزيلون الغبار، كما أنهم يرتدون قفازات قابلة للاستخدام لمرة واحدة فقط لرميها مباشرة.(2)
المرض في الفضاء
دائمًا ما يحصل رواد الفضاء على تدريب مكثف بشأن دورهم في المركبة الفضائية، وبالتأكيد يحتوي كل فريق من رواد الفضاء على مسؤول طبي.
يتم تدريب المسؤول الطبي على القيام بالإسعافات الأولية المعتادة، خياطة الجروح وإعطاء الحقن.
ليس هذا فحسب، يتدرب جميع رواد الفضاء على القيام بعمليات الإنعاش للقيام بها في حالات النوبات القلبية.
تتضمن المركبة الفضائية مجموعة واسعة من الأدوية والأدوات الطبية، وجميعها مخصصة لعلاج لأمراض البسيطة أو الإصابات خلال الرحلات الفضائية، وتُساهم هذه الأدوات بشكل كبير في التحقق من استقرار المريض خلال العودة إلى الأرض.
وقت الفراغ في الفضاء
يمكن لرائد الفضاء أن يُحضر معه ما يُريد من متعلقات، مثل الكتب ومشغلات الموسيقى، ويمكن أن يقوم بوقت فراغه بممارسة النشاط المحبب له.
علاوة على ذلك يتمتع رواد الفضاء بفرصة رؤية الأرض والنجوم من نافذة المكوك، ويمكن أيضًا أن تُقدم لهم محطة الفضاء الدولية مجموعة من مقاطع الفيديو لعائلات رواد الفضاء مرة كل أسبوع.(2)
اقرأ أيضًا: عالم الفضاء الخارجي
المراجع: