الشخصية النوابية وكيفية التعامل معها
هل تشعر في فتراتٍ من حياتك بأنكَ إنسان نشيط وحيوي وقادر على إنجاز الكثير منَ الأهداف واجتماعي ومحب للحياة، ولكن بعدَ عدّة أيام أو أسابيع تتحوّل من إنسانٍ إيجابي إلى كتلةٍ منَ اليأس والفشل والاستسلام والحزن وإهمال الذات؟
علينا الذكر، أنَ الحياة لا تخلو منَ المشتتات والصعوبات التي تُواجه أيّ فردٍ منّا، بالتأكيد لن نعيش حياة سعيدة ونُحقق أهدافنا ونحصل على المال والحب والعائلة والعمل ببساطة، فتوجد عدّة عقبات يُواجهها الفرد وتختلف طريقته في التعامل معها من شخصٍ لآخر، فالبعض يُواجهون الشدائد ويُحاولون البحث عن حلول، والبعض الآخر يستسلمون في منتصف الطريق ويفقدون الكثير منَ الفرص.
ونوّد الإشارة، أنَ الاضطرابات المزاجية أمر شائع الحدوث عندَ المراهقين والبالغين أيضاً، وتتعدّد ما بينَ عسر المزاج وتحوّله بشكلٍ مفاجئ من سعادة إلى حزن أو اكتئاب شديد أو اضطراب موسمي، ولكن توجد شخصية تُسيطر على فئة منَ الأشخاص حولَ العالم تُسمى بالنوابيّة، فهيَ عبارة عن اضطراباتٍ وجدانية شعورية تُسيطر على الفرد وتُؤثر على حياته اليومية، ولذلك ما المقصود بالشخصية النوابية؟ وما هيَ أعراضها؟ أسباب الإصابة بها؟ وطرق التعامل معها؟
ما المقصود بالشخصية النوابية؟
يُقصد بهذه الشخصية أن يسمح الإنسان للتقلبات المزاجية بالسيطرة على حياته والتأثير عليها، وبالرغم من أنها تُصيب الكثير منَ المبدعين والناجحين إلّا أنهم لا يستطيعون التخلص منها بسبب خضوعهم لمزاجهم المتقلب واستسلامهم لهُ.
وبمعنى أدّق، منَ المُمكن أنَ يكون الإنسان نشيط في عمله ويُحاول النجاح في حياته وتحقيق الأهداف التي يطمح للوصول إليها، ولكنهُ يقف في المنتصف ويستسلم وتأتيه نوبة منَ الحزن والاكتئاب والتفكير بالمواقف الماضية بشكلٍ مفاجئ، وبدلاً منَ البحث عن حلول للترويح عن النفس والسيطرة على المزاج يسيطر المزاج على عقل الشخص، وعندها يقع ضحية لهذه التقلبات ويشعر بالضياع وعدم التوازن في حياته.
علاوة على ذلك، قد يشعر الإنسان في أوقاتٍ من حياته بحزنٍ شديد وحالةٍ نفسية سيئة وانعزال عن الآخرين، ولكنهُ بشكلٍ مفاجئٍ أيضاً تُسيطر عليه حالة منَ الفرح والسعادة الهستيرية بحيث يُنجز أعماله ويُسعد نفسه ومن ثمَ تتقلب حالته بحسب مزاجه المُسيطر عليه.
ما هيَ أعراض الإصابة بالشخصية النوابية؟
قد تكتشف نفسك أنكَ مُصاباً بهذه الشخصية المضطربة شعورياً ووجدانياً من خلال عدّة علاماتٍ تظهر عليك، تتمثل في:
- اللجوء إلى النوم لأوقاتٍ طويلة عندما يكون المزاج سيئاً.
- الانعزال عن الآخرين.
- الصمت المستمر.
- انعدام الشغف.
- تذكر المواقف الماضية والمؤلمة.
- الشعور بالوحدة.
- السعادة العارمة.
- الإنجاز والنشاط في حال كانَ المزاج عالٍ.
- تشتت الانتباه وانعدام التركيز.
- التحوّل المفاجئ منَ الحزن إلى الفرح أو العكس.
- الشعور بتعبٍ جسدي وحاجة للراحة.
ما هيَ أبرز أسباب الإصابة بالشخصية النوابية؟
بالتأكيد لهذه المشاعر المتناقضة والتي تُسيطر على حالة الفرد عدّة عواملٍ وأسباب منها:
- الشعور بالخذلان: إنهُ شعور صعب أن تُخذل من شيءٍ كانت توقعاتك عالية فيه مثل الخذلان من إنسانٍ ما أو هدفٍ مستقبلي لم تستطع تحقيقه أو الثقة بأي شيءٍ من حولك، لأنَ سقف التوقعات العالي والثقة العمياء بالوصول للشيء دون إدراك أنهُ توجد عقبات في طريق الوصول، سيُحوّل المُصاب إلى إنسانٍ خائف ومتغير المزاج.
- انتقاد النفس وجلدها: بالرغم من أنَ المُصاب بهذه الشخصية قد يكون ناجحاً في حياته ويملك عمله الخاص أو عائلة لطيفة، إلّا أنهُ بشكلٍ مفاجئ ينسحب من لحظات الامتنان والسعادة إلى استذكار المواقف الماضية التي أثّرت عليه، ويبدأ بجلد ذاته على مواقفٍ مضت ويُلقي اللوم على نفسه مرةً أخرى.
- الصدمات النفسية: أيضاً منَ الأسباب الشائعة فكثرة الصدمات في حياة الإنسان، تجعلهُ في حالةٍ مزاجية متقلبة وتُعكّر صفوَ حياته في أجمل أوقاته التي يعيشها في الحاضر.
- الوراثة: بالرغم من أنهُ عامل نادر، إلّا أنَ الإصابة بالشخصية النوابية قد يكون موروثاً عن إحدى الوالدين.
كيفَ يُمكن التعامل معَ المُصابين بالشخصية النوابية؟
في البداية إذا كانَ أحد أفراد عائلتك مُصاباً بهذه الشخصية يجب البحث عن طبيبٍ مختص من أجل الإشراف على حالته ومساعدته في تخطي هذه المشكلة ومن ثمَ يتم التعامل معه بطرقٍ عديدة تتمثل في:
- العلاج المعرفي السلوكي: يُحاول الطبيب أن يجلس معَ المُصاب ويتعرّف على أفكاره وآرائه والأعراض التي تُصيبه وكيفَ تُسيطر عليه، ومن ثمَ يبدأ بالدخول إلى عقله الباطن من خلال تقنية التنويم المغناطيسي ويُغيّر الأفكار والعقبات التي واجهته في الماضي من خلال السيطرة عليها وتحفيز التفكير بأشياءٍ جديدة وكيفية الاستمتاع باللحظات الحالية.
- الاستمتاع بالحاضر: في هذه الخطوة يجب على المُصاب أن يُرّكز على الكأس المليء في حياته، فيُحاول الاستمتاع بكل لحظة معَ عائلته وفي عمله ونجاحه، وكُلّما حاولَ استعادة الذكريات أو اللجوء للوحدة يجب على المقربين منهُ أن يُشغلوه ويهتموا بهِ ويمنحوه الحب والطمأنينة.
- اتباع عاداتٍ سليمة: يُمكن مساعدة المُصاب في وضع جدول صحيّ لعاداتٍ سليمة لها أثر إيجابي على حياته، فيجب البدء بالتحدي معه وتشجيعه على التسجيل في كورسات لتنمية الذات وتطوير هواية معينة يُبدع بها أو التسجيل في النادي الرياضي لتفريغ الطاقة السلبية التي تتحوّل فيما بعد إلى اكتئاب إن تمَ كتمانها في الجسد.
- التخطيط اليومي: إذا كنتَ مُصاباً بالشخصية النوابية بسبب التوقعات العالية للإنجازات والنتائج، فيجب تغيير طريقة تفكيرك والبدء بتقسيم المهام إلى نقاطٍ صغيرة وإنجاز كل جزء منها ومكافأة نفسك بعدها للشعور بالفرح عوضاً عن وضع أهداف طويلة المدى وصعبة المنال.
- تحفيز الذات: عليكَ الوعي بأهمية اللحظة التي منحها الله لك، فالتفكير في الماضي أو الانعزال والاكتئاب سينهش من روحك وصحتّك تدريجياً، فكُلّما لاحظتَ بشعورك السيء والمتقلب حاول أن تخرج في نزهة أو تحصل على عطلة ترفيهية صغيرة أو تُشغل نفسك بالعناية ببشرتك أو جسدك.
للأسف الشخصية النوابية إن لم يتم علاجها والسيطرة عليها في وقتٍ مبكّر ستُؤثر على حالة الشخص وتنشلهُ منَ النجاح إلى الفشل والاستسلام والخضوع لها، وبعدَ فوات الآن ستندم لأنكَ لم تستغل اللحظات الحالية والنعم المتواجدة لديك، ولذلك سلّم أمركَ إلى الله سبحانه وتعالى وتوكل عليه ولن تُواجه إلّا الخير بإذن الله.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.