الملك زومبي – صفحات من التاريخ – الصفحة الثامنة

الملك زومبي
شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

الملك زومبي

يعرفُ الجميع “الزومبيز” باعتبارهم الأموات الأحياء الذي عادوا للحياة بوسائل السحر الأسود، واكتسب الزومبي زخمًا كبيرًا بعد استخدامهم في أفلام الرعب في هوليوود بدايةً من عام 1968. ويشتهر أمر الزومبيز في عبادة الفودو الإفريقية. لكنّ الكثيرين ربما لا يعلمونَ بأمر “الملك زومبي” القائد الإفريقي الشابّ الذي استطاع أن يقوم بثورة حقيقية للعبيد الأفارقة في البرازيل على المستعمر والسيد البرتغالي وسنحاول في هذه العجالة تسليط الضوء عليه ومحاولة إنصافه قليلًا.

كيف بدأت القصة؟

كانت البداية حين بدأ المستَعمِر البرتغالي في جلب “الرقيق” من مُستعمراته والمستعمرات الأوربيَّة الأخرى فيما كان يعرف بتجارة العبيد الأفارقة إلى بلاده أو مستعمراته في أمريكا اللاتينية، في بدايات القرن السادس عشر. وكانت إفريقيا هي المنبع الرئيسي للعبيد بالطبع باعتبارها كانت مستعمرة كبيرة لأوروبا. وقد وصلت أعداد الرقيق الأفارقة أرقامًا مليونية. فقد استُجلب من دولة بنين وحدها ثلاثة ملايين شخص، بينما فاق العبيد في مستعمرة البرازيل (التي كانت تحت حكم المستعمر البرتغالي النِّصف مليون. بشكلٍ عام وصلت أعداد الرقيق الأفارقة في أمريكا اللاتينية 13 مليون إفريقي.

وقد استطاع الأفارقة أن يُعلِّموا “أسيادهم” الكثير من المهارات في الزراعة والهندسة المعمارية، والقراءة والكتابة، هذه المهارات التي كانت لدى “العبيد الأفارقة” كانت أيضًا أداتهم لمحاربة هذا المستَعمِر المستَعبِد. فقد بدأت بعض التكوينات الإفريقية بالتكوُّن والتشكُّل في البلاد والمستعمرات الجديدة التي جلبهم لها البرتغاليون عبر الهرب إلى الأدغال والغابات وإنشاء مجتمعات خاصة بهم. كانت أول هذه “الأحراش” كما سمَّاها البرتغاليون مُستعمرة باهيا التي كانت قد ضمَّت المئات من الأفارقة من أصول مالية، كان هذا عام 1579.

وبالطبع لم يكن المستعمر ليسكت على ما يفعله “عبدُه”، فقامت العديد من الحروب بينهما كانت الغلبة في أكثرها للمستعمر الذي كان يمتلك مدفعيةً ثقيلةً وسلاحًا متطوِّرًا.

إحدى هذه المستعمرات التي أسسها أفارقة مُستعبدون كانت مستعمرة بالماريس التي استطاعت أن يكون لها جيش يدافع عنها، وأن تقود ثورة كبيرة ضد المستعمر، فما هي هذه الـ “دولة”؟ ومن قادتها؟

دولة بالماريس والثَّورة الإفريقية في مواجهة المُستعمر البرتغالي:

تأسس هذا الكيان عام 1605 من مجموعة مستوطنات أسَّسها أفارقة جلبهم المستعمر البرتغالي لمستعمرته برازيليا (البرازيل). وحسب المعلومات المتاحة فقد وصل عدد سكانها 30 ألفًا معظمهم من السود. استطاعت بالماريس أن تحقق اكتفاءً ذاتيًّا، وفيما بعد تمّ اختيار “جانجا زومبا” كملك لبالماريس من قبل قادة المستوطنات المنطوية تحت لوائها. أما بقية المستوطنات التِّسع التي حكمها جانجا زومبا تحت لواء بالماريس كانت تُحكم من قبل إخوته وأبنائه وابن أخته القائد الشجاع الملك زومبي وأخيه.

ولا يمتلك العالم الآن أية وثائق لهذه الدولة التي قاومت البرتغاليين، فقد فُقدت جميع وثائقهم وكتب تاريخهم البرتغاليون أنفسهم.

أحد التحليلات التاريخية تقول إن زومبا كان ابن لابنة ملك الكونغو الذي قاد معركة كبيرة ضد البرتغاليين لكنه انهزم بالنهاية. بالجملة كان مواطنو بالماريس من أنغولا والكونغو. انتهت حياة زومبا بيد أتباعه حين قبل اتفاقية قدَّمها قائد البرتغاليين له بعد المناوشات الدائمة بينهما. فما هي الاتفاقية؟ وكيف برز “الملك زومبي”؟!

معاهدة الصُّلح وظهور القائد الشابّ “الملك زومبي”

بعد الصراع الطويل بين زومبا والبرتغاليين؛ عرض الحاكم البرتغالي بيدرو ألميدا على زومبا معاهدة صلح مع بالماريس تقضي بإعطاء البرتغاليين الحرية لجميع العبيد الهاربين إذا أعلنت بالماريس انضواءها تحت السلطة البرتغالية، وافق زومبا، لكنّ القائد الشاب الملك زومبي لم يوافق على الاتفاقية التي رأى أنها مجحفةً لهم. إضافةً إلى أنه لم يكن يأمن جانب البرتغاليين. وربما اعترض على الاتفاقية لأنَّها تعطي الحرية لمواطني بالماريس بينما يظلّ بقية الأفارقة عبيدًا في مستعمرات البرتغال.

رفض الملك زومبي المعاهدة تمامًا وأعلن انقلابًا على خالهِ زومبا، ووفقًا للمُتاح من المعلومات فإن زومبا قد تمّ تسميمهُ بعد ذلك، وقاد الملك زومبي المعارك ضدّ البرتغاليين، منذ عام 1678 وحتى سقوط بالماريس تمامًا في أيدي البرتغاليين عام 1694. وأصيب زومبي في إحدى قدميه أثناء المعارك الأخيرة. ورغمًا عن ذلك أكمل ثورته على المستعمر البرتغالي بعد سقوط بالماريس، إلا أنهم استطاعوا أن يعثروا على مخبأه بسبب خيانة أحد أتباعه؛ الذي ساومُوه على حياتِهِ مُقابل أن يدلَّهم على مخبأ زومبي. بعد القبض على زومبي تمّ قتله على الفور في 20 نوفمبر 1695 وقطعوا أعضائه التناسلية، وشوهوا جثته قبل عرضها على الجمهور في ريسيفي، تخويفًا لأي قائد أو “عبد” يفكِّر في الثَّورة على “الأسياد” البرتغاليين.

وتم بيع الأسرى الذين أُسِروا في الهجوم في الأجزاء الواقعة أقصى شمال البرازيل، وخاصة في مقر القيادة العامة، أو مقاطعة مارانهاو، على ذلك الساحل؛ حتى لا يتمكنوا من إيجاد طريقهم بسهولة للعودة إلى رفقاء السلاح السابقين، كما تم القضاء على الناجين الذين فروا من بالميراس في عام 1713. واستمرت الإباده لكل من كان منتميًا لها عقدين من الزمن بعد قرن من اندلاع ثورتهم الأولى.

في عام 1960 بدأ الاحتفال بيوم الوعي الأفرو – برازيلي، حيث كان يتم الاحتفال به يوم 13 مايو وهو تاريخ الغاء العبودية في البرازيل، ولكنّ البرازيليين ذوي الأصل الإفريقي طلبوا أن يكون الاحتفال بهذا اليوم في يوم إعدام القائد زومبي 20 نوفمبر من كل عام. وأصبح زومبي بطلًا للحركه السياسيه للأفرو – برازيليين بينما تعتبره البرازيل بطلًا قوميًّا لها حارب العبودية والمستعمر ونالَ في مقابل ذلك تمجيدًا لا يزال قائمًا له حتي اليوم بعد أن دفع حياته نظير الحرية.

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

منصة الكترونية لنشر المقالات باللغة العربية. يسعى موقع فنجان الى اثراء المحتوى العربي على الانترنت وتشجيع الناس على القراءة

‫0 تعليق