حكم الربا في الإسلام وأنواعه

حكم الربا في الإسلام وأنواعه
شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

حكم الربا في الإسلام وأنواعه

إن الربا في الإسلام هو الزيادة في الشيء، أما في الشرع الإسلامي فهو ما يتم زيادته على أصل البيع من مال بدون حق أو حتى ما يتم زيادته بعد مرور مدة معينة بدون أي مقابل.

اختلف الفقهاء في تحديد تعريف موحد للربا حيث أنه بالنسبة للمذهب الحنفي كان الفضل الخالي عن العوض في البيع أي كبيع الدرهم بدرهمين، أما بالنسبة للمالكية والشافعية فكان العقد الذي يبنى على عوض غير معلوم في الشريعة الإسلامية.

كان للحنابلة رأي آخر حيث قالوا بأنه تفاضل في أمور ونسيئة في أمور أخرى مثل الزيادة في البدلين.

سنتحدث اليوم في هذا المقال عن حكم الربا في الشريعة الإسلامية وعن الحكمة من تحريمه وسنذكر أنواعه.

حكم الربا في الشريعة الإسلامية

ورد تحريم الربا بشكل قطعي في القرآن الكريم وفي السنة النبوية المشرفة ولكن كان الاختلاف في تحديد طريقة نزول الحكم فمنهم قال بأن التحريم قد نزل على مراحل ولكن بالنسبة لآخرين كان قد نزل بجملة واحدة.

قال الله تعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُون).

 تم توضيح عاقبة مرتكب الربا في الآيات السابقة وأنه يصبح عدو لله تعالى ورسوله وتقام الحرب عليه.

كما قال أيضًا: (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمً) وهنا يتم توضيح سوء فعل ارتكاب الربا الذي يعرف بحرمانيته ومع ذلك لم يتوب أو يرجع عنه.

وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم بأنه قد قال: (لَعَنَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ. قالَ: قُلتُ: وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ؟ قالَ: إنَّما نُحَدِّثُ بما سَمِعْنَا)

أيضًا روى ابن مسعود رضي الله عنه قوله:

(لعن رسولُ اللهِ الواشمةَ والموتشمةَ، والواصلةَ والموصولةَ، وآكلَ الربا، وموكلَه، والمحللَ، والمحللَ له).

كل ما سبق يؤكد تحريم الربا بشكل قطعي وبكل أنواعه بل أن مرتكب الربا ملعون عند الله تعالى وعند الرسول صلى الله عليه وسلم.

ما هي حكمة تحريم الربا في الإسلام

أمرنا الله تعالى بالابتعاد عن الربا وأنزل تحريمه لكي نتفادى أضراره الجسيمة على المجتمع والاقتصاد العام حيث أنه يعكس العديد من النتائج السلبية وأهمها ما يلي:

  • تأثير سلبي في المجتمع لأن فيه ظلم للمقترض الذي سيدفع أكثر من المبلغ المقترض وبالتالي تنشأ العداوات، كما أنه يحول العلاقات بين الناس إلى الشكل المادي ويمحي معنى القرض الحسن الذي يرفع روابط التواصل والمحبة والألفة بين الناس.
  • تأثير سلبي على الاقتصاد لأن الفقير سيزداد فقرًا والغني سيزداد غنى بدون أي مساواة، بل أن الاستثمار سيقل لأن المال أغلبه سيتركز بين أيدي المقرضين ويبدأ نتيجة لذلك التضخم الاقتصادي.
  • تأثير سلبي على الإنتاجية حيث أنه عندما يقترض التاجر قرضًا فهو سيضطر لرفع أسعار السلع بهدف التعويض عن الزيادة التي سيدفعها على القرض مما يؤدي لضرر جميع الأطراف في المجتمع.

أنواع الربا

ينقسم الربا إلى ثلاث أصناف وهي:

  • ربا النسيئة: وهو ما يعرف بربا التأخير، حيث يتم الاتفاق على بيع السلعة واستلامها بالمقابل يكون الدفع بوقت متأخر بالتالي يدفع المشتري أكثر من قيمة السلعة مقابل الوقت الذي تأخر فيه.

إن ربا النسيئة هو النوع الأكثر انتشارًا في بلد الإسلام ولم يختلف العلماء والفقهاء على مسألة تحريمه.

  • ربا الفضل: يعني ربا الزيادة حيث تباع السلعة مقابل نفسها مع زيادة عليها دون تأخير وفي نفس المجلس. حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، يَدًا بيَدٍ، فمَن زادَ، أوِ اسْتَزادَ، فقَدْ أرْبَى، الآخِذُ والْمُعْطِي فيه سَواءٌ).

لا يجوز في هذه الأصناف بعضها مع زيادة مع أهمية أن يكون البيع في المجلس نفسه وقد كان هناك إجماع على حرمته.

  • ربا القرض: هو الربا الذي يتم تقديم القرض مع منفعة للمقترض فعلى سبيل المثال يقرض فلان سلعة بشرط أن يعيدها بشكل أفضل مما كانت أو مترافقة مع منفعة ما فقد قال رسول الله عليه وسلم:

(إذا أقرضَ أحدُكُم قرضًا فأُهْديَ إليهِ أو حملَهُ على الدَّابَّةِ فلا يركبْها، ولا يَقبلُهُ، إلَّا أن يَكونَ جرى بينَهُ وبينَهُ قبلَ ذلِكَ)

حرم هذا النوع بعض الصحابة مثل عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم جميعًا.

الأصناف التي يحرم بها الربا

أجمع كل العلماء على تحريم الربا في الأصناف الستة التي وردت في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:

(الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ*، سَواءً بسَواءٍ، يَدًا بيَدٍ*، فإذا اخْتَلَفَتْ هذِه الأصْنافُ، فَبِيعُوا كيفَ شِئْتُمْ، إذا كانَ يَدًا بيَدٍ)

لكن كان الاختلاف في علة الربا وفيما يأتي سنوضح الاختلاف في الآراء:

  • الذهب والفضة:

بالنسبة للرأي الأول فقد ذهب الحنابلة والحنفية إلى أن العلة كانت الوزن والجنس بمعنى أن كل ما يوزن لا يباع بنفس جنسه إلا بشرط التقابض والتماثل.

الرأي الثاني كان للمالكية والشافعية وبالنسبة لهم كانت علة الربا في الذهب والفضة هي الثمنية.

  • شعير وقمح وملح وتمر:

الرأي الأول للحنابلة والحنفية أن علة الربا هي الكيل مع الجنس سواء كان مطعومًا أم لا.

الرأي الثاني للمالكية هو الادخار مع اتحاد الصنف أما على ربا النسيئة فهي الادخار دون النظر لوحدة الصنف.

تم الاستدلال على ذلك من خلال اقتصار النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه على عدد من أصناف الطعام.

الرأي الثالث كان للشافعية وأن علة ربا الفضل مطلق الطعم في كل الاصناف الأربعة التي ذكرت مع اتحاد الصنف في كل منها.

في النهاية نود أن نؤكد على ضرورة الابتعاد عن الربا بكل أنواعه وتجنبه لكي لا نقع في المحرمات التي لعن الرسول صلى الله عليه وسلم مرتكبيها.

‫0 تعليق