من هو الإمام أنس بن مالك
الإمام أنس بن مالك هو مؤسس المذهب المالكي في الفقه الإسلامي ويعد ثاني الأئمة الأربعة عند المسلمين، سيرة حياته حافلة بالعلم الشرعي وخدمة الدين الحنيف، حيث كان شيخًا جليلًا ومهيبًا، أعطى حلقة العلم وقارًا وهيبةً، وعظمها ورفع مكانة علماء الدين والفقهاء. نتحدث عن نشأة الإمام انس بن مالك، أهم صفاته، كذلك كتبه ومؤلفاته.
معلومات عن الإمام مالك
كان الإمام مالك صحابيًا جليلًا وهو آخر من مات من الصحابة الكرام، وقد كان طويلًا جسيما أصلع شديد البياض أزرق العينين، وكان عظيم اللحية حسن الصورة. كان الإمام مالك يعتني بهندامه لرفعة العلم والعالم في نظره، كان يلبس الثياب الحسنة ويتطيب، وذكر عنه قوله: ((ما أحب لأحد أنعم الله عليه إلا أن يرى أثر نعمته عليه)).
- الاسم: مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي الحميري.
- سنة ومكان الولادة: ولد في المدينة المنورة سنة 93 هجرية 711 ميلادية.
- سنة ومكان الوفاة: توفي سنة 179 هجري في المدينة المنورة.
- مكان الدفن: البقيع.
- كنيته: أبو عبد الله.
- ألقابه: شيخ الإسلام – فقيه الأمة – سيد الأئمة.
- والده: أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي الخميري.
- أمه: العالية بنت شريك الأزدية.
- أولاده: يحيى ومحمد وموسى وفاطمة، وكان كثير الأبناء.
- مهنته: محدث فقيه وعالم مسلم في علوم الفقه والحديث.
لمحة عن حياة الصحابي الجليل أنس بن مالك
اسمه أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي الحميري المدني، وهو فقيه وعالم بالدين ولد في المدينة المنورة لأسرة متدينة، حفظ القرآن الكريم والحديث النبوي، وأخذ علوم الفقه على يد ابن هرمز فقيه المدينة المنورة، كما أخذ عن كثير من غيره مثل نافع مولى ابن عمر وابن شهاب الزهري، عندما أتم دراسته شهد في كفائته سبعون شيخًا. اتجه بعدها للإفتاء وتعليم علوم الدين في المسجد النبوي، وكان يتحرى الدقة في إفتائه ويقول: ((إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي. فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به وما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه.))
أهم صفات أنس بن مالك
كان شخصية فذة له مواصفات عديدة، نذكر منها:
الصبر والزهد
عرف عنه الصبر وقد عانى الفقر وكان يحث تلاميذه على تحمل المشاق في سبيل طلب العلم، ومن أقواله ((لا يبلغ أحد ما يريد من هذا العلم حتى يضر به الفقر ويؤثره على كل حال))، وقال أيضا ((لا يكون العالم عالمًا حتى يعمل في نفسه بما لا يقي به الناس، يحتاط لنفسه فيما لو تركه لم يكن عليه فيه إثم)).
سرعة الحفظ
عرف عن الإمام أنس بن مالك تدبره لما يسمع ووعيه له وعيًا تامًا، وقد كان يستمع بحرص ويستطيع حفظ أربعين حديثًا مرة واحدة، ويعيد إلقائهم بعدها دون أي خلط أو خطأ.
الهيبة والوقار
كان مجلس الإمام مالك مجلس علم وأدب، حيث كان يجلس الإمام بكامل وقاره وحوله تلاميذه بخشوع وإجلال حتى كان يهابه طلابه وحتى الخلفاء الذين عاصرهم.
أسماء كتب ابن مالك
أهم كتبه كتاب الموطأ وهو من أول وأهم كتب الحديث النبوي، وصف بالثريا وقد نزلت العديد من الكتب في شرحه، نذكر منها:
- القبس في شرح موطأ مالك بن أنس، للحافظ، القاضي لأبي بكر محمد بن عبد الله بن العربي المعافر.
- المقتبس، شرح موطأ مالك بن أنس، لأبي محمد عبد الله بن محمد بن السِّيد البَطَلْيوسي المالكي.
- المسالك في شرح موطأ مالك، والقبس على موطأ مالك بن أنس، لمحمد بن عبد الله بن أحمد المشهور بالقاضي أبي بكر بن العربي المالكي المعافري الأندلسي.
- كشف المُغطَّا عن الموطا وتجريد أحاديث الموطأ لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشافعي المصري.
- إتحاف العابد الناسك بالمنتقى من موطأ مالك، لعمر بن أحمد بن علي الشماع الحلبي الشافعي.
- الفتح الرحماني، شرح موطأ محمد بن الحسن الشيباني، لإبراهيم بن حسين بن أحمد الحنفي المعروف بالشيخ بيري زاده، مفتي مكة.
مؤلفات أخرى للإمام مالك
لم يعرف كتاب أكثر شهرة من كتاب الموطأ للإمام مالك إلا أن له مؤلفات أخرى من أهمها:
- رسالته في القدر، والرد على القدرية.
- كتابه في النجوم، وحساب مدار الزمان ومنازل القمر، وهو كتاب هام اعتمد في وقته.
- رسالته في الأقضية، كتب بها إلى بعض القضاة عشرة أجزاء.
- رسالته المشهورة في الفتوى، أرسلها إلى أبي غسان محمد بن مطرف.
- كتابه في التفسير لغريب القرآن الذي يرويه عنه خالد بن عبد الرحمن المخزومي.
- نُسب إلى مالك كتاب يُسمى «السِّيَر» من رواية القاسم
أقوال الأئمة في الإمام مالك
قال الإمام الشافعي: ((إذا ذُكر العلماء فمالك النجم، ومالك حجة الله على خلقه بعد التابعين)). وقال: ((إذا جاء الأثر فمالك النجم))، وقال: ((مالك وابن عيينة القرينان، لولاهما لذهب علم الحجاز))، وقال: ((إذا جاءك الحديث عن مالك فشُدَّ يدك به))، وقال: ((وكان مالك إذا شك في بعض الحديث طرحه كله)).
ورُوي عن عبد السلام بن عاصم أنه قال: قلت لأحمد بن حنبل: ((الرجل يريد حفظ الحديث، فحديث من يحفظ؟))، قال: ((حديث مالك بن أنس))، قلت: ((فالرجل يريد أن ينظر في الرأي، فبرأي من؟))، قال: ((فرأي مالك بن أنس)). وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي: ((من أثبت أصحاب الزهري؟))، قال: ((مالك أثبت في كل شيء)).
وقال الإمام النووي: «أجمعت طوائف العلماء على إمامة مالك وجلالته، وعظيم سيادته وتبجيله وتوقيره، والإذعان له في الحفظ والتثبت، وتعظيم حديث رسول الله صلوات الله وسلامه عليه».
وقال الإمام الذهبي: ((قد اتفق لمالك مناقب ما علمتها اجتمعت لأحد غيره، أحدها: طول العمر والرواية، ثانيها: الذهن الثاقب والفهم وسعة العلم، ثالثها: اتفاق الأئمة على أنه حجة صحيح الرواية، رابعها: إجماع الأئمة على دينه وعدالته واتباعه للسنن، خامسها: تقدمه في الفقه والفتوى وصحة قواعده)).
وأخرج البخاري عن يحيى بن سعيد القطان أنه قال: «مالك أمير المؤمنين في الحديث»، وأخرج الغافقي عن أبي قلابة أنه قال: ((كان مالك أحفظ أهل زمانه))، وأخرج عن ابن مهدي أنه قال: ((ما رأيت أعقل من مالك)).
عرف الإمام مالك قواعد الدين، لكنه لم يسجل منهجًا فقهيًا وإنما جمعت أصول فقهه من قبل تلامذته وبني عليها أسس المذهب المالكي الشهير الذي اتبعه أهل المدينة المنورة وانتشر منها إلى مصر وإفريقية والمغرب العربي.