شط العرب: معلومات شاملة
الجغرافيا هي كلمة يونانية قديمة جدًا تتألف من قسمين، ومعنى الكلمتين سوية في اللغة اليونانية هي علوم الأرض.
أما علم الجغرافيا فهو من أهم العلوم التي تترابط مع كل تفاصيل العلوم الأخرى وتؤثر بها بشكل ملحوظ.
نجد أن هناك ترابط قوي جدًا بين علم الجغرافيا مع علم التربة والمناخ والاقتصاد وأيضًا علم النباتات، لذلك فإن فهمه والإلمام به هو أمر ضروري جدًا لنجاح العديد من الأنشطة الحياتية.
يمكن القول أن هذا العلم هو من العلوم العميقة التي تهم الإنسان حيث يتم من خلاله تحليل وتفسير الكثير من الظواهر الطبيعية التي تحدث حولنا.
كما نستطيع من خلال دراسته معرفة كل العوامل التي تمتلك تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الطقس، وبالتالي ندرس تأثيره على السكان في كل بقع الأرض.
كما يعد مفيدًا للتعرف على مصادر الطاقة وكيفية استغلالها بالشكل الأمثل في حياتنا اليومية.
هناك العديد من المعالم الجغرافية الهامة التي يجب أن نتعرف عليها، وسنتحدث اليوم في هذا المقال عن شط العرب وسنذكر موقعه ومعلومات أخرى عنه.
أين هو موقع شط العرب؟
إن شط العرب أو ما يعرف بدجلة العوراء هو عبارة عن نهر يتكون من التقاء نهري دجلة والفرات الشهيرين.
يقوم نهر دجلة بالالتقاء مع المجرى الأعلى لنهر الفرات في مدينة القرنة والتي تتوضع على بعد 375 كم جنوب مدينة بغداد.
أما في الأسفل فيلتقي نهر دجلة ونهر الفرات في كرمة علي بطول 190 كم.
يصب شط العرب في الخليج العربي وتحديدًا عند طرف مدينة الفاو التي هي أقصى نقطة في جنوب العرب.
قد يصل عرض شط العرب في بعض أجزاءه إلى كيلو مترين، وبالنسبة لضفافه فهي مزروعة كلها بأشجار النخيل، ولكن ذلك قبل الحرب حيث أنها تعرضت للقطع والإهمال فيما بعد.
يوجد مدينة تقع على ضفاف شط العرب وهي تسمى التنومى وتتميز بكثرة أشجار النخيل المزروعة بها، وقد تم اختيارها لإعادة بناء جامعة البصرة بسبب ما تتمتع به من مناظر خلابة وطبيعية جميلة.
يتابع النهر فيما بعد مسيره حتى يمر بقضاء أبي الخصيب والتي هي إحدى المناطق الريفية المليئة بأشجار النخيل.
كانت مياه شط العرب مياه عائدة للعراق حتى عام 1975، ولكن بموجب اتفاقية الجزائر تم التنازل عن الشاطئ الشرقي الذي يطل على الحدود مع إيران وأصبحت عمليات الملاحة كلها مشتركة.
الجزء الأخير والجنوبي من شط العرب يشكل منطقة حدودية بين دولتي العراق وإيران وبعدها يكمل مساره حتى ينتهي في الخليج.
كان هناك نية من قبل الحكومة المحلية أن يتم تحويل مدينة أم الرصاص التي تطل على الشط إلى منطقة سياحية ولكن لم يتم المباشرة بإجراء المشروع.
جغرافية شط العرب
يمتلك شط العرب مجموعة من السمات والخصائص التي تميزه عن غيره وهي كما يلي:
- هناك العديد من المستنقعات المائية التي تنتشر في منطقة شط العرب وتعد مسكنًا للعديد من الطيور المائية وأيضًا للطيور المهاجرة.
- المناخ في المناطق المحيطة بشط العرب هو مناخ شبه استوائي حيث يميل إلى الحرارة المرتفعة والجفاف غالبًا.
- التربة المحيطة هي تربة تتسم بصفة الملوحة الزائدة وهو أمر تزداد وتيرته منذ ستينات القرن الماضي بسبب بناء السدود التي سببت انتهاء كل فيضانات شط العرب والتي كانت تساعد في التخلص من التربة المالحة التي تتراكم من خلال جرفها.
- يلغ طول شط العرب 204 كم أما بالنسبة لعرضه فهو متغير حسب المنطقة حيث يبلغ كيلومترين عند المصب، أما عند البصرة فهو حوالي كيلو متر واحد، ونجد أنه يتوسع من جهة إيران مؤخرًا بسبب قيامها بالحفر والتوسع أثناء البحث عن النفط.
- هو من أعمق المسطحات المائية في العراق حيث تستطيع كل السفن الكبيرة المرور من خلاله إلى داخل العراق.
مؤخرًا هناك حديث يتسع بشكل كبير حول تفاقم ظاهرة تلوث مياه شط العرب، حيث أنه هناك خبراء في مجال البيئة يؤكدون وجود بقع من الزيت على المساحات المائية من النهر.
النزاعات الإقليمية حول شط العرب
هناك العديد من النزاعات الإقليمية حول شط العرب بين دولتي العراق وإيران حيث يختلفان حول الأحقية في استخدام النهر كمناطق حدودية خاصة بكل دولة.
تاريخ بداية هذه النزاعات قديم جدًا حيث بدأ منذ عهد الدولة الفارسية والدولة العثمانية، ولكن تم توقيع اتفاقية السلام بين الدولتين عام 1639.
كان مضمون اتفاقية السلام معاهدة تعتمد على الولاء القبلي ومجموعة من العادات بين الدولتين ولكن لم يجرى أي تقسيم دقيق لتلك المنطقة في ذلك الوقت.
هناك تصريح من الدولة العثمانية في ذلك الوقت أنها المسؤولة عن القبائل التي كانت تقيم على جانبي النهر من عرب الأهوار وهم يتبعون لها.
بعدها في القرن التاسع عشر تعرض شط العرب للحرب الطويلة، ولكن بعد العديد من المباحثات والتفاوضات لاحظ الطرفان ضرورة التوصل لحل جديد يرضي الجميع وتوصلوا لعقد اتفاقية أو معاهدة جديدة.
تم عقد معاهدة جديدة في عام 1847 ولكن الخلافات استمرت بعد ذلك بين الطرفين ونتيجة لذلك تم إعادة إبرام بروتوكول جديد بين العثمانيين والفرس في مدينة إسطنبول وتحديدًا عام 1913، ولكن كان مصيره الفشل بسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى حيث ألغت كل الخطط السابقة.
قام المستشارون البريطانيون الذين وجدوا بالعراق بالتدخل حينها في سبيل إقناع الطرفين بمبدأ القومية الثنائية أو المشتركة لامتلاك شط العرب من قبل الدولتين ولكن مع الأسف فشلت كل المحاولات.
بقيت دولة العراق تصر على ملكيتها لشط العرب بشكل كامل ولكنها فيما بعد أبرمت اتفاق مع الجزائر تضمن اعتراف واضح بتقاسمه مع إيران ولكن الاتفاق ألغي عام 1980.
في النهاية تم إعادة إبرام الاتفاق بين الطرفين بعد نشوب حرب إيرانية عراقية ألحقت الضرر بالطرفين بشكل كبير.
في النهاية نجد أن لمياه شط العرب أهمية إقليمية ودولية كبيرة جعلته محط صراعات كبيرة ومشاكل عديدة بين الدول.