فضائل شهر شعبان
شهر شعبان
يعد شهر شعبان أحد شهور السنة الهجرية، وهو الشهر الثامن الذي يسبق شهر رمضان المبارك.
سمي شهر شعبان بهذا الاسم لأن أهل العرب كانوا يتشعبون فيه بالأرض، ويعني هذا أنهم كانوا ينتشرون في الأرض بحثًا عن الماء والزاد.
قيل أيضًا أن سبب تسمية شهر شعبان بهذا الاسم هو أن العرب يتشعبون في الغارات.
قال ابن حجر رحمه الله:”سمي بشهر شعبان لتشغيلهم في طلب المياه أو الغارات بعد أن يخرج شهر رجب الحرام”.
يُعرف بين العديد من الناس أن سبب تسمية شهر شعبان بهذا الاسم هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم:” إنما سمي شعبان، لأنه يتشَّعب فيه خير كثير للصائم فيه حتى يدخل الجنة”، ولكن من الجدير بالذكر أن الحديث موضوع.(1)
فضائل شهر شعبان
لشهر شعبان العديد من الفضائل التي يجب التطرق إليها وذكرها بعيدًا عن البدع والمنكرات، وفيما يلي أبرز فضائل شهر شعبان وفق الأحاديث الصحيحة عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:
- ترفع الأعمال إلى الله رب العالمين في شهر شعبان، ولهذا السبب كان يصوم فيه الرسول صلى الله عليه وسلم الكثير من الأيام، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، لَم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان، فقال رسول الله صى الله عليه وسلم:” ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأُحِب أن يرفع عملي وأنا صائم” أخرجه الإمام النسائي في سننه.(2)
- كثرة صيام النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيه، فعن عائشة رضي الله عنها قالت:” وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان”.(1)
- يعتبر صيامه كالتمرين على صيام رمضان، وبذلك تقل مشقة صيام شهر رمضان المبارك ويعتاد الجسم على الصيام.(2)
- يشرع في شهر شعبان ما يشرع في شهر رمضان المبارك من قراءة القرآن وباقي العبادات، وقال حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان:” هذا شهر القراء”، وكان عمرو بن قيس يغلق حانوته ويتفرغ لقراءة القرآن في شهر شعبان.(2)
- فيه ليلة عظيمة، وهي ليلة النصف من شعبان، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:” يطِّلِعُ الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إِلا لمشرك، أو مُشاحن”.(1)
صيام شهر شعبان
اختلف علماء الدين في أسباب صيام النبي محمد صلى الله عليه وسلم شهر شعبان، ولكنهم اتفقوا على واحدة من ثلاثة أقوال وهي: (3)
- انشغاله صلى الله عليه وسلم عن صيام ثلاثة أيام من كل شهر لعذر شرعي ما كالسفر، فيقضيها في شهر شعبان، حيث أنه صلى الله عليه وسلم إذا عزم على نافلة التزم بها، وإن فاتته قضاها.
- قيل أن من أسباب صيام الرسول صلى الله عليه وسلم لشهر شعبان هو صيام نسائه شهر شعبان لقضاء ما عليهن من رمضان، فكان صلى الله عليه وسلم يصوم لذلك.
- قيل لأن الناس كثيرًا ما تغفل عن آداء العبادات في شهر شعبان، وهذا هو القول الأرجح، وذلك لحديث أسامة بن زيد في فقرة فضائل شهر شعبان.
حكم صيام شهر شعبان
أما حكم صيام شهر شعبان فقد قسمه علماء الإسلام والمسلمين بحسب الأدلة من القرآن والسنة إلى ثلاثة أقسام وهي:
- أن يصومه بنية صيام شهر رمضان باعتباره احتياط عن صيام شهر رمضان فهذا محرم.
- أن يصومه بنية قضاء رمضان، أو بنية نذر، أو كفارة لأمر ما، فهذا جائز بالاتفاق.
- أن يصام شهر شعبان بنية التطوع تمامًا، فكرهه بعض العلماء ومنهم الحسن، حيث يحبذ الفصل بين صيام شهر شعبان وشهر رمضان بالفطر، ووافق عليه علماء آخرين منهم مالك.
ويدخل في صيام شهر شعبان صيام يوم الشك، وهو اليوم الذي يشك بكونه متمم لشهر شعبان أو اليوم الأول لشهر رمضان، ويدخل فيه أيضًا يوم الغيم الذي يصعب فيه تحري الهلال، ويعتبر صيام يوم الشك محرمًا، قال عمار بن ياسر من صامه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم.
ويفضل الفصل بين الفرائض والنوافل، مثل الفصل بين صيام شهر شعبان ورمضان، ولهذا السبب ذاته حرم صيام يوم العيد، بالإضافة إلى نهي الرسول صلى الله عليه وسلم على أن توصل صلاة مفروضة بنافلة دون أن يُفصل بينهما بسلام أو كلام.(3)
البدع والمنكرات في شهر شعبان
يستند البعض على أحاديث ضعيفة متعلقة بشهر شعبان، ويتناقلونها على وسائل التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والواتساب، بالإضافة إلى تناقلها في اجتماعاتهم، وفي ذلك إثم عظيم.
لهذا السبب فيما يلي أبرز البدع والمنكرات المتعلقة في شهر رمضان: (1)
- صلاة ستة ركعات في ليلة النصف من شهر شعبان: وهي بدعة مخالفة لهدْي النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث يتم نقل أنها صلاة بنية طول العمر، دفع المصائب ويجب أن تقرأ معها سورة يس، وحكمها لا يختلف عن حكم صلاة الرغائب في شهر رجب.
- الاعتقاد بأن ليلة النصف من شعبان كليلة القدر، وبدأت هذه البدعة في عام 448 للهجرة، حيث جاء رجل إلى المسجد الأقصى من نابلس، ويُدعى ابن أبي الحمراء، وكان له صوت حسن فصلى في ليلة النصف من شعبان مع الجهر بصوته وتجمع المصلون حوله، ثم تناقلت أقاويل أن ليلة النصف من شعبان كليلة القدر، ولكن هذه من البدع التي لا أصل لها.
ليلة النصف من شعبان
معظم الأحاديث المتعلقة بليلة النصف من شعبان أحاديث ضعيفة، باستثناء حديث واحد رواه عدد من الصحابة منهم معاذ بن جبل حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن”.
ولكن في المقابل العديد من الأحاديث الاخرى هي أحاديث ضعيفة منها: (5)
- من أحيا ليلتي العيد وليلة النصف من شعبان لم يمت قلبه يوم تموت فيه القلوب.
- إذا كان ليلة نصف شعبان، فقوموا ليلها، وصوما نهارها، فإن الله تعالى ينزل فيها بغروب الشمس إلى سماء الدنيا، فيقولك ألا مستغفر لي فأغفر له؟ ألا مسترزق فأرزقه؟ ألا مبتلى فأعافيه؟ ألا كذا؟ ألا كذا؟ حتى يطلع الفجر.
- خمس ليال لا تُرَد فيهن الدعوة: أول ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلة الجمعة، وليلة الفطر وليلة النحر.
- إذا كان ليلة النصف من شعبان، يغفر الله من الذنوب أكثر من عدد شعر غنم كلب.
أحداث وقعت في شهر شعبان
يزخر التاريخ بالعديد من الأحداث العظيمة، وحصل العديد منها في شهر شعبان، وفيما يلي بعض هذه الأحداث: (1)
- أول ولادة بعد الهجرة النبوية: حيث ولد أول مولود للمسلمين بعد الهجرة النبوية في شهر شعبان، وهو عبد الله بن الزبير رضي الله عنه.
- أول وفاة بعد الهجرة النبوية: حيث توفي أول رجل من المهاجرين بعد الهجرة النبوية في شهر شعبان، وهو الصحابي الجليل عثمان بن مظعون.
- احتلال الصليبيين لبيت المقدس: وذلك في الثالث والعشرين من شهر شعبان عام 492 للهجرة.
- تحرير حِمص من الصليبيين: حيث حرر صلاح الدين الأيوبي مدينة حمص من الصليبيين في الواحد والعشرين من شعبان في عام 559 للهجرة.
- معركة الآرك: والتي وقعت بين المسلمين تحت قيادة أبو يوسف يعقوب المنصور وبين مملكة قشتالة النصرانية بقيادة ألفونسو الثامن، وانتصر فيها المسلمين.
المراجع:
