الزكاة
قبل الحديث عن كيف تحسب زكاة المال يجب علينا أن نعرف الزكاة، قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة التوبة، آية ١٠٨ (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
وعن ابن عباس –رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين أرسله إلى اليمن:( إنك تأتي قومًا أهل كتابٍ فادعُهم إلى شهادةِ أن لا إله إلا اللهُ وأني رسولُ اللهِ فإن هم أطاعوك لذلك فأَعْلِمْهم أنَّ اللهَ افترض عليهم خمسَ صلواتٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ فإن هم أطاعوك لذلك فأَعْلِمْهم أنَّ اللهَ افترض عليهم صدقةً في أموالهم تُؤخذُ من أغنيائِهم وتردُّ على فقرائهم فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائمَ أموالِهم واتَّقِ دعوةَ المظلومِ فإنها ليس بينها وبين اللهِ حجابٌ).
وتتعدد الآيات التي توصي بالزكاة والصدقة، وتبين أثرها وحكمها في الإسلام.
والزكاة لغة مصدرها الزكو، وجمعها الزكوات، وتعني في اللغة الأفضل أو ما يليق بالشيء، وتعني أيضًا النماء.
وفي الاصطلاح تعني الزكاة حصة مقدرة من المال فرضها الله عز وجل لفئات من الناس الذين يستحقونها، ووضحت هذه الفئات في القرآن الكريم في عدة مواضع، ويبلغ هذا المال نصابًا محددًا بشروط مخصصة.
والفئات التي تستحق الزكاة بحسب ما ورد في القرآن الكريم هم الفقراء، المساكين، والمؤلفة قلوبهم وهم من يعتقد إسلامهم إذا أعطوا الزكاة، أو ما يتم إعطاؤهم الزكاة لكف أذاهم، وهم غالبًا من الرؤساء المطاعون من أقوامهم.
بالإضافة إلى فئات أخرى منها من يريدون عتق رقابهم من العبودية، من لحقه دين ولم يستطع إيفاءه في وقته، ابن السبيل وهو المسافر الذي انقطع به الطريق، والعاملين على الزكاة وغيرهم من الأفراد الذين وجب الإسلام الزكاة عليهم لمساعدتهم.
وسيهتم هذا المقال بتفصيل الزكاة والإجابة على سؤال:” كيف تحسب زكاة المال؟” وغيرها من القواعد المتعلقة بالزكاة.(١)
الحكمة من الزكاة
شرع الله الزكاة وجعلها من أركان الإسلام الخمسة، وذلك لما يترتب عليها من فضل وخير لمانحها وللشخص الذي تم دفع الزكاة له.
وستذكر النقاط التالية الحكمة من فرض الزكاة على كل مسلم قادر عليها: (٢)
- اكمال المسلم لدينه، حيث إنها من أركان الإسلام الخمسة التي إن قام بها المسلم كمل دينه.
- أنها دليل على صدق إيمان الشخص الذي يؤديها، حيث إن النفس محبة للمال، وقدرة النفس على الزكاة دليل على صلاح الإنسان وصدق إيمانه.
- تُحسن من أخلاق الشخص الذي قام بمنح الزكاة، فتبعد عنه صفة البخل، وتجعله من الكرماء الذين يمنحون الخير.
- أنها سبب من أسباب دخول الجنة.
- تجعل الأمة الإسلامية كالعائلة الواحدة التي يتعاون أفرادها فيما بينهم لمساعدة بعضهم البعض في مشاكل حياتهم.
- أنها تطفئ شعور الحزن لدى الفقراء، حيث إن الفقير حين يرى الغني يملك ما يملك من المال، وهو بالكاد يوفر قوت يومه فهذا يترك في نفسه شعورًا بعدم الرضا.
- منع جرائم السرقة وغيرها، حيث إن الفقير قد يضطر إلى السرقة إذا لم يجد ما يكفيه قوت يومه، وفي الزكاة ما يمنحه حاجته ويكفيه الحاجة إلى السرقة وغيرها من الصفات غير المحمودة.
- أن الله يزيد من رزق الشخص دائم الزكاة والصدقة، ويقيه من الآفات، وذلك وفقًا لحديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم (ما نقص مال من صدقة) رواه مسلم (٢٥٨٨).
- أن في الزكاة والصدقة تكفير للخطايا، وأنها تدفع ميتة السوء.
اقرأ أيضًا: تعريف صحة الأحاديث
كيف تحسب زكاة المال
زكاة المال هي الزكاة التي من الواجب أن يدفعها المسلم من الأموال التي يملكها، وذلك وفقًا لنصاب شرعي.
ويجب على المسلم دفع زكاة أمواله بعد مرور حول كامل، ويعني ذلك بعد مرور سنة كاملة على وصول المال إلى نصابه الشرعي، والذي يعادل ٨٥ جرام من الذهب، ومثال عليها الأموال نقدية، الذهب والفضة وغيرها من الأموال الهامة.
ولكن ذلك لا يشمل المنزل أو السيارة التي يمتلكها المسلم بغير قصد التجارة، وتصرف زكاة المال باستخدام حسابات معينة، ومن هذه الحسابات: (٣)
- أن يجمع المسلم قيمة المال الذي بلغ النصاب بأكمله، والذي يراد معرفة قيمة الزكاة منه، ومن ثم يقسم العدد الكلي على ٤٠، ومثال على ذلك شخص يمتلك من المال ما مقداره ١٠٠ ألف ريال سعودي، فإن مقدار الزكاة الواجب إخراجها هي ٢,٥٠٠ ريال سعودي.
- أن يقوم المسلم بجمع قيمة المال الذي بلغ النصاب بأكمله واستوفى شروط الزكاة، ويقوم بقسمة العدد الكلي على مئة ومن ثم يضربه ب ٢,٥، وبالنسبة إلى المثال السابق لرجل يمتلك ١٠٠ لألف ريال سعودي من المال، فإنه يقسم العدد الكلي على ١٠٠ وبعد ذلك يضربه ب٢,٥، والناتج بالتأكيد سيطابق المثال السابق وهو ٢,٥٠٠ ريال سعودي.
وتجدر الملاحظة إلى أن هذا المقال يختص بذكر نصاب المال وحساب زكاة المال والتي يدخل فيها عروض التجارة.
أما زكاة بهيمة الانعام، الثمار والحبوب فهي مختلفة، للمزيد من المعلومات راجع المرجع رقم (3).
شروط الزكاة
حتى يقوم الفرد بدفع الزكاة، فإنه يجب عليه الانتباه لشروط الزكاة والتي وضحها الشرع في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
وفيما يلي ستوضح النقاط التالية شروط الزكاة: (٤)
- الإسلام: فلا تقبل الزكاة من كافر.
- الحرية: حيث إن العبد المملوك من صاحبه يعفى من الزكاة، ولكن ولله الحمد فقد قضى الإسلام على العبودية، حيث إن المسلم عبد لله وحده ولا يحق لأي شخص امتلاكه.
- الملك التام للمال: حيث لا يمكن أن يتصدق الإنسان بما لا يمتلكه من المال.
- النِماء: وذلك يعني إمكانية زيادة المال ونمائه كالادخار المستمر أو امتلاك الأنعام التي تتكاثر ويزداد عددها باستمرار.
- فصل مال الزكاة عن الحوائج الأصلية: والتي تشتمل نفقات العائلة الأصلية من مأكل ومشرب وغيرها، كما تشمل المنزل والسيارة بغير قصد التجارة، أو الذهب بقصد الزينة، فإنها لا تعتبر ضمن المال الذي يتم الزكاة به.
- الحول: وهو مرور سنة هجرية كاملة بعد امتلاك نصاب الزكاة.
- ملك النصاب: ويعادل نصاب الزكاة ما يساوي ٨٥ جرام من الذهب.
مسائل تتعلق في شروط الزكاة
بالإضافة إلى شروط الزكاة، يوجد بعض الحالات المستثناة والتي يجب التفصيل فيها، وتختلف أحكام الزكاة فيها، ومن هذه المسائل التي تتعلق في شروط الزكاة: (٤)
- الدين: حيث إن من عليه دين ويمتلك نصاب الزكاة ينظر إلى أمره، فإن كان سداد دينه ينقص من نصاب الزكاة فإنه يسدد دينه ولا يؤدي الزكاة، ومن كان دينه لا ينقص من نصاب الزكاة فإنه يسدد دينه وبعد ذلك يؤدي الزكاة.
- في حال نقصان مال النصاب بشكل يسير قبل انتهاء الحول، ومن ثم يقوم الشخص بإعادة مال النصاب واسترجاعه، فإنه يقوم بدفع الزكاة ويستأنف الحول، حيث إن النقص اليسير لا يضر.
أوقات اخراج الزكاة
يمكن للمسلم أن يقوم بدفع زكاته بعد مرور حول كامل عليها، فإن مر الحول في أول الشهر فإنه يدفع زكاته في أول الشهر، ولا يؤخرها إلى منتصف الشهر أو إلى آخره، ويجوز تقديم موعد دفع الزكاة قبل موعدها بقليل.
ولكن لا يجوز تأخير دفعها بعد مرور الحول، وقال ابن رجب في القواعد: العبادات كلها سواء كانت بدنية، مالية، أو مركبة منهما لا يجوز تقديمها على سبب وجوبها، ويجوز تقديمها بعد سبب الوجوب وقبل الوجوب، أو قبل شرط الوجوب ويتفرع على ذلك مسائل كثيرة : … (ومنها) زكاة المال يجوز تقديمها من أول الحول بعد كمال النصاب.(٥)
الفرق بين الزكاة والصدقة
تعني الزكاة التعبد لله تعالى بإعطاء الواجب من أنواع الزكوات إلى مستحقيها حسب ما بينه الشرع.
وأما الصدقة فهي إنفاق المال من غير إيجاب من الشرع، وفيما يلي بعض الفروقات الدقيقة بين الصدقة والزكاة: (٦)
- الزكاة واجبة فيما حدده الإسلام، ومنها الذهب، الفضة، الزروع، الثمار، الأنعام وعروض التجارة، وأما الصدقة فتجوز بما يجود به الإنسان من غير تحديد.
- الزكاة لديها عدد من الشروط كالحول والنصاب، وأما الصدقة فلا يشترط لها هذه الشروط أو أي مقدار محدد.
- الزكاة تعطى لفئة محددة لا يجوز أن تعطى لغيرهم، وأما الصدقة فهي تعطى لمن تجوز لهم الزكاة ولغيرهم من الأفراد.
- من مات وعليه زكاة، فيجب على ورثته تقديمها عنه، وأما الصدقة فلا يجب فيها شيء من ذلك.
المراجع:
٢. الأسلام سؤال و جواب الحكمة من تشريع الزكاة.
٣. موضوع كيفية حساب اخراج زكاة المال.
٤. صندوق الزكاة شروط وجوب الزكاة.