ما حكم تربية الكلاب؟

ما حكم تربية الكلاب؟
Share this post with friends!

خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وكرّمه على الكثير من المخلوقات، وسخّر له ما في الأرض من الحيوانات والدواب والنباتات لتخدمه في قضاء حوائجه، وبالتالي يستطيع العيش والاستمرارية على وجه الأرض.

حثّ الإسلام على الرفق بالحيوان، وعدم الغلو في استخدامه واستغلاله، كما رتّب على حسن التصرُّف مع الحيوانات الأجر العظيم، وفي المقابل فقد رتّب على سوء التعامل معها وإيذائها الإثم العظيم.

وليس أدلّ على ذلك ما أورده البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (دخلَتِ امرأةٌ النارَ في هِرَّةٍ ربَطَتْها، فلم تَطعَمْها، ولم تَدَعْها تأكلُ من خَشاشِ الأرضِ).

انتشر في الوقت الحاضر ما يُعرف باقتناء الحيوانات ومن ضمنها الكلاب داخل البيوت والأفنية، فما حُكم الشريعة الإسلاميّة في ذلك؟

حكم تربية الكلاب

أولًا:-

لا يجوز للمسلم اقتناء الكلب، إلا إذا كان محتاجًا إلى هذا الكلب في حراسة الماشية أو حراسة الزرع أو الصيد.

روى البخاري (2322) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ إِلا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ ) .

وروى مسلم (1575) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ وَلا مَاشِيَةٍ وَلا أَرْضٍ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ قِيرَاطَانِ كُلَّ يَوْمٍ ) .

وروى مسلم (1574) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ اقْتَنَى كَلْبًا إِلا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ كَلْبَ صَيْدٍ نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ . قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَوْ كَلْبَ حَرْثٍ ) .

قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ: فِي هَذَا الْحَدِيث إِبَاحَة اِتِّخَاذ الْكِلَاب لِلصَّيْدِ وَالْمَاشِيَة، وَكَذَلِكَ الزَّرْع .

وروى ابن ماجه (3640) عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّ الْمَلائِكَةَ لا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلا صُورَةٌ ) صحّحه الألباني في صحيح ابن ماجه.

تدلّ هذه الأحاديث على تحريم اقتناء الكلب إلا ما استثناه الرسول صلى الله عليه وسلم.

وقال الشيخ ابن عثيمين في “شرح رياض الصالحين” (4/241): “وأما اتخاذ الكلب وكون الإنسان يقتنيه فإن هذا حرام، بل هو من كبائر الذنوب، لأنّ الذي يقتني الكلب إلا ما استثنى ينقص كل يوم من أجره قيراطان…”

ثانيًا:-

هل يجوز اقتناء الكلب لحراسة البيوت في عصرنا هذا؟

لم يستثنِ النبي صلى الله عليه وسلم من تحريم اقتناء الكلب إلا ثلاثة فقط، وهي: كلب الصيد، و حراسة الزرع، وحراسة الماشية.

ذهب بعض العلماء إلى أنه لا يجوز اقتناء الكلب لسبب غير هذه الأسباب الثلاثة، وذهب آخرون إلى أنه يجوز أن يقاس على هذه الثلاثة ما كان مثلها أو أولى، كحراسة البيوت؛ لأنه إذا جاز اقتناء الكلب لحراسة الزرع والماشية فجواز اقتنائه لحراسة البيوت من باب أولى .

قال النووي في “شرح مسلم” (10/340): “هَلْ يَجُوز اِقْتِنَاء الْكِلَاب لِحِفْظِ الدُّور وَالدُّرُوب وَنَحْوهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدهمَا: لا يَجُوز، لِظَوَاهِر الأَحَادِيث، فَإِنَّهَا مُصَرِّحَة بِالنَّهْيِ إِلا لِزَرْعٍ أَوْ صَيْد أَوْ مَاشِيَة، وَأَصَحّهمَا: يَجُوز، قِيَاسًا عَلَى الثَّلاثَة، عَمَلا بِالْعِلَّةِ الْمَفْهُومَة مِنْ الأَحَادِيث وَهِيَ الْحَاجَة “.

وهذا الذي صحّحه النووي من جواز اقتناء الكلب لحراسة البيوت، وصحّحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في “شرح صحيح مسلم”، قال: “الصحيح أنه يجوز اقتناؤه لحفظ البيوت، وإذا جاز اقتناء الكلب لتحصيل منفعة كالصيد، فاقتناؤه لدفع مضرّة وحفظ النفس من باب أولى”.

وبالتالي فإن اقتناء الكلب لا يجوز، فهذا هو الأصل، ويُستثنى منه ما كان لحاجة، ولكن في عصرنا ومع التطوّر تكاد تنعدم الحاجة إلى اقتناء كلاب حراسة للبيوت؛ ولكنّه إذا احتاج إلى حراسة الكلب فعلًا فإنّ الشرع أباح له استعماله، ولا يلزم أن يكون هو القائم على تدريبه بنفسه.

نجاسة الكلاب

اختلف الفُقهاء في حُكم نجاسة الكلاب على ثلاثة أقوال:-

  • ذهب فقهاء الشافعيّة والحنابلة إلى أنّ الكلب نجس العين.
  • ذهب فقهاء الحنفيّة إلى أنّ الكلب ليس نجس العين، ولكنّ رطوبته وسؤره هي النجسة.
  • ذهب فقهاء المالكيّة إلى أنّ الكلب طاهر العين؛ مستدلّين على ذلك بأنّ الأصل في الأشياء الطهارة، وعلى هذا تكون رطوبته وسؤره طاهرةً أيضًا.

حكم البيع والمتاجرة في الكلاب

اختلف الفُقهاء في حُكم بيع الكلاب على عدّة أقوال:-

  • ذهب فُقهاء الشافعيّة والحنابلة إلى عدم جواز البيع والمتاجرة في الكلاب مطلقًا؛ مستدلّين على ذلك بما رُوي عن أبي مسعود الأنصاريّ رضي الله عنه أنّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم نهى عن ثَمن الكلب، ومَهر البغيّ، وحلوان الكاهن.
  • ذهب فُقهاء الحنفيّة وقليلٌ من المالكيّة إلى جواز بيع الكلاب والمتاجرة فيها مُطلقًا؛ مُستدلّين على ذلك بأنّ الكلاب تعتبر مالًا يُنتفع به في الحقيقة.
  • ذهب فُقهاء المالكيّة إلى التفريق بين الكلب المأذون فيه عن غيره من الكلاب؛ فمنعوا البيع والمتاجرة في الكلب غير المأذون فيه، أمّا الكلب المأذون فيه فلهم فيه ثلاثة أقوال؛ بالجواز والكراهة والمنع، والمشهور عندهم هو المنع.

تطهير الإناء من ولوغ الكلب فيه

للفُقهاء في مسألة ولوغ الكلب في الإناء عدّة أقوال، منها:-

  • ذهب فُقهاء الشافعيّة والحنابلة إلى وجوب غسل الإناء الذي وَلَغ فيه الكلب سبع مرّات إحداهنّ بالتراب؛ وذلك لما رواه أبو هُريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلَّى الله عليه وسلّم قال: (إذا ولغَ الكلبُ في إناءِ أحدِكُم فليَغسِلهُ سبعَ مرَّاتٍ، أولاهُنَّ أو إِحداهنَّ بالتُّرابِ).
  • ذهب فُقهاء الحنفيّة إلى وجوب غسل الإناء ثلاث مرّات، وعندهم قول بغسل الإناء ثلاث أو خمس أو سبع مرّات.
  • ذهب فقهاء المالكيّة إلى أنّه يُندَب غسل الإناء إذا وَلَغ فيه الكلب سبع مرّات، ولا ترتيب مع الغسل.

تربية الحيوانات من الناحية الصحية

ذكر عدد من الأطبّاء أنّه يوجد الكثير من الأمراض المشتركة التي يتم نقلها من الحيوان إلى الإنسان، ومن تلك الأمراض؛ مرض السُّلّ، والديدان الكبدية، والديدان الشريطية، وغيرها الكثير.

أمّا بالنسبة للكلاب فقد ذكر الأطباء أنّها تسبّب مرض داء الكَلَب والذي يحدث من خلال عض الكلب للإنسان.

يَنصح الأطباء الشخص في حالة اقتنائه لأيٍّ من الحيوانات في منزله مراعاة عددًا من الأمور، أهمها:-

  • الانتباه من العدوى التي تكون من الحيوانات الأليفة؛ حيث تشكّل خطرًا كبيرًا على كل من كبار السن والنساء الحوامل والأطفال والأشخاص الذين يعانون من بعض أمراض الحساسية والربو، فإذا كان هناك شخص في الأسرة يعاني مما ذُكر فلا يُنصح باقتناء الحيوانات في المنزل.
  • يجب أن يتم إعطاء الحيوان المُراد تربيته اللقاحات اللازمة، وذلك لوقايته من الأمراض كمرض السعار، وبالتالي وقاية الأشخاص في المَنزل وتجنّب نقل الأمراض المُعدية لهم.
  • أن يكون الحيوان المُراد تربيته مأخوذ من مصدر موثوق به وليس من الأماكن العامّة كالشارع أو الغابات والحدائق.
  • المُحافظة على النظافة العامّة للأطفال، وذلك بغسل أيديهم جيدًا بعد اللعب مع الحيوان وقبل الأكل لتجنّب الإصابة بالأمراض.
  • أن لا يتم غسل الحيوان في حمّام العائلة؛ لأنّه قد يتسبّب بنقل الميكروبات والجراثيم للإنسان.
  • أن يتم متابعة الرّعاية الصحيّة الجيّدة للحيوان المراد تربيته وذلك عند الأطباء المتخصّصين بذلك.

المراجع

  1. (موقع موضوع – ما حكم تربية الكلاب)
  2. (موقع ابن باز – تربية الكلاب)
  3. (موقع ابن باز – حكم اقتناء الكلاب وادعاء طهارتها بالتغسيل)
  4. (الإسلام سؤال وجواب – تحريم اقتناء الكلاب إلا ما استثناه الشرع)
  5. (إسلام ويب – حكم اقتناء الكلب وتربيته وتدريبه)
Share this post with friends!

منصة الكترونية لنشر المقالات باللغة العربية. يسعى موقع فنجان الى اثراء المحتوى العربي على الانترنت وتشجيع الناس على القراءة

0 thoughts