ما هو السرد؟ وما هي أنواعه؟
يعرف السرد باللغة كما ورد في معجم المعاني ” القراءة بالتتابع أو الإجادة بالسياق “، وكما يقال قرأ آيات من القرآن الكريم أي قرأها قراءة سريعة.
أما في معجم الوسيط فإن السرد يعني تقدمة شيء إلى شيء ما بحيث يأتي متسق مع بعضه البعض في أثر متتابع، وسرد الحديث أي يسرد بشكل متتابع.
سنتحدث اليوم في هذا المقال عن السرد ومفهومه وعن أنواعه.
ما هو مفهوم السرد اصطلاحًا؟
للسرد بالاصطلاح معاني ومفاهيم عديدة ولكنها تصب في النهاية بنفس المجال اللغوي والمعنوي، ومن أهم هذه المفاهيم نذكر ما يلي:
- هي أداة فنية أدبية يقوم الكاتب باستخدامها بهدف الوصول لمحور القصة أو الرواية التي يتحدث عنها، ويعتبر الأساس الذي يرتكز عليه عامل الحوار أو الوصف في القصة كلها.
- دراسة شاملة للقصة أو الحدث المستنبط بالأسس المذكورة بشكل شامل، أي ما يرتبط بنظام التحكم بالإنتاج الأدبي وتلقيه بشكل صحيح.
- هو تعبير الألفاظ الواردة عن الوقائع بكل أنواعها لبيان الصور التي يتخيلها الكاتب وينقلها بصورتها اللغوية عن طريق نقل الجزئيات التي حصلت.
- هو عملية قائمة بشكل أساسي على نص ومحتوى رسمي من قبل الكاتب يتم توجيهها إلى القارئ، وعن طريقه يتم تحويل الكلام المنطوق أو النقاش الدائر إلى عمل فني.
- هو طريقة الروي أو الكيفية التي ذكرت فيها القصة عن طريق الراوي أو السارد، وتكون خاضعة لتأثير عدة عوامل لكي تؤدي الغرض المطلوب من النص ونقل الصورة الواقعية للكاتب.
- هو خطاب غير منجز أو طريقة رواية القصة عن طريق مجموعة من الأحداث المتتابعة سواء كانت واقعية أو خيالية.
أنواع السرد
إن السرد يعتبر نشاط معتمد على الظرف الزماني الموجود، وفيه يظهر بشكل واضح إدراك الراوي وارتباط الأحداث الواقعة مع محور الزمن، فإما يكون سائرًا باتجاه واحد أو يسمح ببعض التقاطع والتداخل.
من أهم أشكال السرد نذكر ما يلي:
سرد تسلسلي:
وهو يتعلق بالترتيب المنتظم للأحداث، أي نظام بخط واحد في تصور مجريات الرواية، وهو يستعمل غالبًا في نصوص السيرة الذاتية أو كتابة اليوميات والأحداث التاريخية.
يبدأ السارد غالبًا بالحدث الأول ثم يتطرق للحدث الثاني فالثالث وهكذا من الأقدم وحتى الأحدث معتمدًا على العناصر السردية عن طريق ذكر البداية ثم الحبكة فالعقدة وأخيرًا النهاية، والترتيب السابق هو شرط أساسي ليكون السرد تسلسلي.
سرد تناوبي:
هو النوع المعتمد على عدد معين من القصص التي يتم روايتها بشكل متناوب، حيث يسرد الكاتب القصة الأولى ثم يذهب للثانية ويعود للأولى مجددًا ثم يمكن أن ينتقل للثالثة فيعود للثانية وهكذا.
إن ما يجعل هذا النوع من أنواع السرد شهيرًا هو وجود عدة قواسم مشتركة بين الشخصيات والأحداث الرئيسية بين القصص.
غالبًا يستخدم هذا النوع في سيناريوهات الأفلام ومسلسلات التلفاز.
سرد متقطع:
يقوم هذا النوع على العديد من التقنيات الأدبية التي تستخدم ضمن النص مثل الاسترجاع والحذف والوصف وغيرها من الأمور التي تتجاوز الأنواع الأخرى وتفيد في تفسير التسلسل المنطقي للأحداث.
على سبيل المثال يمكن للراوي أن يقدم الأحداث بدءًا من الحدث الأخير ثم ينتقل للأول وبعدها يتطرق للحدث الأوسط وهكذا.
يتعمق بهذه الطريقة الفرق بين زمن السرد وزمن الرواية الأصلي، ولذلك يجب على من يسمع القصة أن يركز أكثر في مراحل السرد ليفهم الغاية المراد الوصول إليها.
كما يمكن أن يتم التلاعب بالنظام الزمني بسهولة وبشكل غير محدود، أي يمكن أن يبدأ الراوي الأحداث بشكل يتفق فيه مع الزمن المتوقع، وبعد ذلك ينقطع لينتقل لزمن آخر لذلك سمي بهذا الاسم.
خصائص السرد
إن للنمط السردي في الرواية خصائص تميزه عن غيره بفضل عناصر عديدة ومكونات يحتويها ومن أهمها نذكر:
- يعد فن أدبي مبني بشكل معقد نوعًا ما على العديد من العناصر التي تتكامل سوية ممثلة الحقائق والأشخاص والزمان والمكان وغيرها.
- يمكن أن يتم استخدامه في أزمنة مختلفة ومتفاوتة.
- تطرح الأحداث من خلاله إما بشكل كلي أو جزئي عن طريق بنية حكائية تتكون عن طريق بداية ثم مرحلة تعقيد ثم مرحلة رد الفعل وأخيرًا مرحلة العقدة فالنهاية، وهي تعد مرحلة الوصول للهدف الذي يريده ويسعى له الكاتب.
- هي علامة لغوية للربط بين المدلول وهو المتن والحكاية وبين الدال المجسد في المبنى الفني للقصة، وهو يمثل الأساس الظاهر لكل معاني اللغة المتوفرة كعنصر فعال في القصة وفي التسلسل المذكور، وهنا تعد اللغة من الأغراض الجمالية المستخدمة والتي لا يمكن أن نستغني عنها.
- من البنى الشاملة التي تتضمن العديد من العوامل والمشاعر مثل الرغبات والصراع النفسي والتبليغ والغضب وغيرها.
- يمثل بناء أدبي متكامل يحتوي على عناصر تبليغية وهي السارد والمسرود إليه والمسرود وهي فحوى القصة أو الرواية.
أيضًا يحتوي على قناة التبليغ وهي صورة عامة أو فكرة موجزة تقدم بشكل تمهيدي خلال النص.
أخيرًا هناك المرجع وهو ما يعتمد عليه في بناء القصة واستنباط أحداثها.
أهمية السرد
هو أحد الوسائل التي تساعد في تقديم علاقة بنائية جديدة بدل العلاقات التقليدية التي كثر استخدامها في النصوص القديمة بهدف ربط الأحداث الدرامية مع بعضها البعض ونقلها بصورة مرسلة من المستقبل.
إن كل ما سبق يفعل الشخصية بشكل صحيح وينمي مساراتها المختلفة، وبالتالي تصل الصورة الذهنية المنسقة مع كل الأحداث والأزمنة التي رواها السارد.
إن أهمية هذه الوسيلة الأدبية يمكن أن نلخصها كما يلي:
- عنصر روائي هام يحقق الشعور بالحياة في كل الأحداث والقصص المطروحة.
- يحقق تواصل فعال بين السارد والمسرود له وما يتم سرده وذلك عن طريق آلية السرد بحد ذاتها.
- يعتبر إضافة إيجابية على النقد الأدبي بصفة عامة وشاملة وأيضًا على القصة بصفة خاصة.
- نحقق من خلالها جدارة العمل الأدبي والإبداع به على خلال كل الفنون الأدبية الأخرى التي يتم إهمالها عادة في عناصر السرد.
- يحقق تأثير كبير على نفسية المتلقي بكل ما يعكسه على جوانب الحياة المختلفة.
- يعتبر أداة أدبية معالجة لكل قضايا المجتمع السلبية والإيجابية سواء كانت ثقافية أو سياسية أو نفسية أو اقتصادية مما يساعد على رفع مستوى الحياة.