ما هي الباقيات الصالحات هو موضوع مقالنا الذي سنتحدث عنه وسنشرح تفاصيله، فالباقيات الصالحات لها فضل كبير على الإنسان المسلم وأجر كبير على من يلتزم بها، وهي من العبادات التي يثاب عليها صاحبها في الدنيا والآخرة.
ما هو المقصود بالباقيات الصالحات
الباقيات الصالحات هي الأعمال التي يبقى أجرها لصاحبها في الحياة وبعد الممات، وهي كما ذكرها النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في قوله: (قلُ: سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكْبرُ، ولا حولَ ولا قُوَّةَ إلا بِاللهِ، فإنَّهُنَّ الباقِياتُ الصالِحاتُ، وهُنَّ يَحطُطْنَ الخطايا كما تَحُطُّ الشجرةُ ورَقَها، وهِيَ من كُنوزِ الجنةِ)، رواه الألباني.
كما جاء في تفسير الباقيات الصالحات عن عبد الله بن عباس أن الباقيات الصالحات هن الصلوات الخمس، في حين جاء عن الطبري في جامع البيان أن الباقيات الصالحات هي كل عمل صالح يعمله المسلم ويبقى أثره بعد مماته، كتعليم الناس بالعلم الذي ينفعهم في دنياهم وآخرتهم، أو الولد الصالح الذي يدعو لوالديه بعد مماتهم، أو الصدقة الجارية التي يبقى أجرها حتى بعد الممات، كبناء مسجد أو سبيل ماء.
ما هي الباقيات الصالحات
كما قال رسولنا الكريم فإن الباقيات الصالحات هنّ: التسبيح، والتحميد، والتهليل، والحوقلة، والتكبير، ووعد الله تعالى من يلتزم بها أن يغفر له ذنوبه ويضمن الحصول على كنوز الجنة، وذلك لما لها من عظيم الأجر والثواب، لذلك سنفسر معنى كل منها كالآتي:
- التسبيح
وهو ذكر الله تعالى وعبادته، وللتسبيح فوائد كثيرة على المسلم، فهو يكسب مرضاة الله تعالى وحبه ويزيد من صلة العبد بربه ويجعله أقرب إليه، وبالتالي يزداد توفيقه في الدنيا ويضمن الآخرة، وقد وردت الكثير من الآيات القرآنية التي تبين فضل التسبيح، قال تعالى في وصف أهل الجنة: (دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، سورة يونس، آية رقم 10.
- شكر الله وحمده
وهو تقديم الشكر والامتنان لله تعالى على نعمه الكثيرة، وأن الحمد يجب أن يكون لله وحده، فهو المعطي الغني، وهو خالق السماوات والأرض، والآيات التي ورد فيها الحمد في القرآن الكريم كثيرة جدًا، قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا)، سورة الكهف، آية رقم 1.
- التهليل
في التهليل اعتراف العبد بأن لا إلهً إلا الله وحده لا شريك له، وبالتالي تأكيد الإيمان بالله، وزيادة الصلة مع الله تعالى، وهناك الكثير من آيات التهليل في القرآن الكريم، قال تعالى: (وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ)، سورة البقرة، آية رقم 163.
- الحوقلة
أما الحوقلة فهي قول لا حول ولا قوة إلا بالله، وتعني تسليم المؤمن أن القوة والعزة لله تعالى والاعتراف بأن الله وحده هو القادر على كل شيء، فضلًا عن أنها كنز من كنوز الجنة.
- التكبير
وهو تعظيم الله والثناء عليه وإخلاص العبادة لله تعالى وحده لا شريك له، قال تعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا)، سورة الإسراء، آية رقم 111.
فضل الباقيات الصالحات
يأتي فضل الباقيات الصالحات بأنها من الأعمال التي تعطي صاحبها الكثير من الثواب والخير في الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا {، سورة مريم، آية رقم 76، ومن فضل الباقيات الصالحات:
الفوز بالجنة
إن الفضل الكبير للباقيات الصالحات في الآخرة هي الفوز بالجنة والنجاة من نار جهنم، فعن أبي هريرة قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: («خُذُوا جُنَّتَكُمْ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِنْ عَدُوٍّ قَدْ حَضَرَ؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنْ جُنَّتُكُمْ مِنَ النَّارِ قَوْلُ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُجَنِّبَاتٍ وَمُعَقِّبَاتٍ، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ)، رواه الألباني.
التقرب من الله تعالى
فذكر الله تعالى من أحب العبادات عند الله ولها أجر كبير، فهي تقرب بين العبد وربه وتزيد الصلة بينهما، وبالتالي يكسب العبد مرضاة الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْت) رواه مسلم.
كسب الكثير من الحسنات
إن الباقيات الصالحات تكسب المسلم الكثير من الحسنات التي تثقل ميزانه في الآخرة وتهون حسابه يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآَنِ أَوْ تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض)، رواه مسلم.
محو السيئات
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ اصْطَفَى مِنْ الْكَلَامِ أَرْبَعًا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ وَمَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ كُتِبَتْ لَهُ بِهَا عِشْرُونَ حَسَنَةً وَحُطَّ عَنْهُ عِشْرُونَ سَيِّئَةً وَمَنْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ فَمِثْلُ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمِثْلُ ذَلِكَ وَمَنْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ كُتِبَ لَهُ بِهَا ثَلَاثُونَ حَسَنَةً وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا ثَلَاثُونَ سَيِّئَةً)، رواه الألباني.
غرس شجرة في الجنة
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله قال: (لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ الْمَاءِ وَأَنَّهَا قِيعَانٌ وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ)، سورة الألباني.
استغفار الملائكة لقائلها
عن عبد الله بن مسعود، قال: (إِذَا حَدَّثْنَاكُمْ بِحَدِيثٍ أَتَيْنَاكُمْ بِتَصْدِيقِ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ. إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَتَبَارَكَ اللَّهُ، قَبَضَ عَلَيْهِنَّ مَلَكٌ، فَضَمَّهُنَّ تَحْتَ جَنَاحِهِ وَصَعِدَ بِهِنَّ، لَا يَمُرُّ بِهِنَّ عَلَى جَمْعٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا اسْتَغْفَرُوا لِقَائِلِهِنَّ حَتَّى يَجِيءَ بِهِنَّ وَجْهَ الرَّحْمَنِ)، ثم تلا عبد الله (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) سورة فاطر، آية رقم 10.
كسب ثواب الصدقة
عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَال: (ُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى)، رواه مسلم.
وهكذا نجد أن الباقيات الصالحات كنز من كنوز الجنة ومن العبادات التي يتقرب الإنسان من خلالها إلى ربه ليشكره على نعمه الكثيرة ويكبره ويسبح بحمده، كما أنها تتضمن التذلل لله والوقوف بين يديه والدعاء الخالص لوجهه الكريم.