ما هي البراغماتية: تعريفها والفرق بينها وبين الميكافيلية

[faharasbio]

ما هو معنى البراغماتية

البراغماتية هي فلسفة تسعى لتطبيق الأفكار والمبادئ بشكل عملي، وتقيس نجاح هذه الأفكار من خلال نتائجها على أرض الواقع، ومدى تأثيرها على السلوك العملي، فالفكرة التي لا تعطى ثمارًا مفيدة لا يمكن اعتبارها فكرة ناجحة، وبالتالي فإن البراغماتية تربط بين النظرية والتطبيق.

ظهرت البراغماتية كحركة فلسفية لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية وذلك في عام 1870، واعتمدت على عدة نظريات، كنظرية المعرفة ونظرية الحقيقة ونظرية الميتافيزيقيا.

كان تشارلز بيرس أول من وضع مصطلح البراغماتية وطورها ببراعة، ثم قام شركاؤه وليام جيمس وجون ديوي باتباع نهج بيرس، ولكنهم عدلوا عليه قليلًا، حيث كان تشارلز منشغلًا بالقضايا الفلسفية وحاول دراستها من وجهة نظره الفريدة والمتطورة، ووضح في بحثه أن الأفكار هي أساس العمل وخطته التي لا تعتبر ذات قيمة إلا بنجاح الخطة، أما ويليم جيمس فطور مفهوم البراغماتية وأضاف عليها مفهوم الحقيقة، وبالتالي يمكن استخدام النظريات على أنها أدوات، أما عند ديوي فالحقيقة من وجهة نظر الفلسفة البراغماتية يجب أن تكون من حيث الأدوات وليست قائمة على آثار الصدق والكذب، أي أنها ضمن حدود مفهوم التحقيق.

تعريف البراغماتية في اللغة

البراغماتية في اللغة هي اسم مشتق من لفظ يوناني (براغما) والذي يعني العمل، ويعتبر أن المعيار الوحيد للحقيقة هو بنجاح العمل الكامن وراء هذه الحقيقة، كما أن البراغماتيون لا يعتقدون بوجود أنظمة ديمقراطية ثابتة، لذلك يدعون إلى الحرية المطلقة من خلال وجود إيديولوجية مثالية.

وتعتبر البراغماتية في اللغة فرع من فروع اللغة التي يستخدمها الناس في أكثر من سياق لفهم المعاني والحصول على تعريفات بديلة، وكان الفيلسوف سي دبليو موريس أول من أوجد مصطلح البراغماتية في الثلاثينيات، ثم تطورت بعد ذلك في السبعينيات لتصبح أحد الفروع الأساسية في اللسانيات.

كما لا يتوافق مصطلح البراغماتية مع علم الدلالة، فالبراغماتية تعنى بطريقة الكلام أكثر من الكلام نفسه كالإشارات المترافقة مع الكلام، والتي تدل على معنى الكلام الحقيقي بشكل أكبر من الألفاظ التي يتم التحدث بها.

البراغماتية في اللسانيات

تعتبر البراغماتية من علم اللسانيات الذي يهتم بتفسير الفرق بين معاني الكلمات وما هو المقصود من هذه الكلمات، ويدرس هذا الفرع جميع ما يتعلق بالتداول اللغوي الذي يؤدي إلى التواصل من حيث السياق والمقام، فالتواصل اللغوي لا يعتمد فقط على كفاءة اللغة بل يعتمد أيضًا على الأداء اللغوي القائم على الأفعال، حيث تركز البراغماتية على المعاني الضمنية للمحادثات والتي يستنتجها المستمع.

البراغماتية في السياسة

البراغماتية هي مذهب فلسفي سياسي يعتبر أن الحقائق تعتمد على النتائج المحققة منها، وعندما تدخل البراغماتية في مجال السياسة، فإن القرارات التي تتخذ من قبل السياسي تكون معتمدة على النتائج المتوقعة من تحقيقها، وتتفق البراغماتية السياسية مع البراغماتية الفلسفية في أنها لا تتقيد بالمبادئ المجردة أو الأفكار السابقة ولا تتقيد بالأخلاق، على الرغم من أن تطبيقها يكون تحت مبرر حماية مصالح الشعوب.

البراغماتية العدمية

تقوم البراغماتية العدمية على فهم السلوكيات الصحيحة وتغييرها، فعند التفكير في السلوكيات لا بد من التمييز بين الخصوصية النفسية والعمومية النفسية، وبالتالي فإن تغير السلوك ينطلق من تطور التعلم، وتعتبر البراغماتية العدمية هي السعي وراء التطبيق العملي بدلًا من التركيز على المشاعر.

الفرق بين البراغماتية والإيديولوجيا

البراغماتية هي مذهب فلسفي سياسي يؤمن بالأفكار العملية وقدرتها على حل المشاكل، وتبتعد عن النظريات غير المجدية، فهي تقيم هذه النظريات وتعتمدها بناءً على المنافع التي تقدمها، كما تعتمد في حل المشكلات على جميع الأساليب المختلفة التي تحقق الأهداف المرجوة، كما تتميز البراغماتية بمجموعة من الخصائص التي تميزها عن غيرها، فهي تعترف بالأخطاء وترفض الشك وترفض التمييز بين حقيقة الأشياء وقيمتها.

أما الإيديولوجيا فهي مذهب فلسفي اجتماعي أو سياسي يهتم بالنظريات والأفكار والتجارب العلمية، ويقوم على أساس التفسير، وتقيم الإيديولوجيا النظريات وتعتمدها من خلال دراستها دون الاعتماد على تطبيقها العملي والنتائج التي تقدمها، كما تقوم بدعم نظام المعتقدات، وتتبنى عملية الوجود من خلال إعلاء شأن القيم الإنسانية وقدرتها على تنظيم الأطر الاجتماعية والسياسية.

الفرق بين البراغماتية والميكافيلية

البراغماتية هي مذهب فلسفي قائم على الفائدة والنتائج العملية للأفكار والسياسات، وهذه النتائج هي التي تحدد مدى كفاءة هذه الأفكار، فالأفكار لا تكون صحيحة أو مجدية إلا من خلال التحقق منها، ومن هنا يطلق على البراغماتية اسم المذهب العملي نظرًا لكونها تهتم بالممارسات العملية.

أما الميكافيلية فهي مذهب فلسفي قائم على السمات الشخصية وقدرة الفرد على التركيز على مصالحه الشخصية لتحقيق أهدافه من خلال استغلال الآخرين والتلاعب بهم، وهي واحدة من السمات الثلاثة التي تسمى بالثالوث المظلم، أما السمتان الأخرى فهي النرجسية والاعتلال النفسي، ويشير مصطلح الميكافيلية إلى الشخص سيء السمعة، وهذا ما أشار إليه نيكولو ميكافيلي في كتابه (الأمير)، حيث عبر من خلاله أن الحكام الناجحون هم الذين يمارسون القساوة والقوة على الرعايا والأعداء بغض النظر عن الوسائل المتبعة حتى لو اتسمت بالظلم والوحشية.

كما بين ميكافيلي أن الخير والأخلاق لا يضمنان بقاء السلطة، فمن يمتلك السلطة يحق له جميع الممارسات المشروعة وغير المشروعة، وأن الحاكم القوي هو الذي يعرف كيف يستخدم هذه السلطة، وكيف يجبر الرعايا على الطاعة ليكون قادرًا على إدارة البلاد والحفاظ على الأمن والاستقرار.

ما هي الانتقادات التي واجهت الفلسفة البراغماتية

هناك بعض المآخذ على الفلسفة البراغماتية، ونذكر منها:

  • صعوبة تحديد نتائج الأفكار والمعتقدات في بعض الأحيان، فالبراغماتية تبحث في اكتشاف الأفكار الخاطئة، والتي ليست لها آثار عملية.
  • لا يتم تحديد النتائج بطريقة براغماتية لأنها تعتمد على مبدأ أن كل ما هو مفيد صحيح، وكل ما هو صحيح مفيد.
  • تسعى البراغماتية إلى جعل الحقيقة وسيلة ولا تتخذها غاية لذلك، وبالتالي من الصعب الوصول إلى الحقيقة، وسيتم تفضيل الأهواء على الأخلاق.
[ppc_referral_link]