العواصف الشمسية
يُطلق أيضًا على العواصف الشمسية اسم العواصف المغناطيسية الأرضية أو الجيومغناطيسية، وهي عبارة عن اضطرابات قصيرة في المجال المغناطيسي للأرض والغلاف الجوي، وتحدث هذه الاضطرابات نتيجة لانبعاث اشعاعات وجسيمات مشحونة من الشمس، وعند اصطدامها بكوكب الأرض يقوم المجال المغناطيسي بحرفها إلى القطبين، وينتج عن ذلك العديد من التفاعلات في غازات الغلاف الجوي مما يؤدي إلى ما يُعرف بالشفق القطبي، والذي يعد من الظواهر الساحرة لأنه يظهر على شكل ستائر مضيئة بالألوان.(1)
أنواع الإنبعاثات الشمسية
تُطلق الشمس العديد من الإنبعاثات والإشعاعات المختلفة، وقام علماء وكالة ناسا بتقسيم الإشعاعات الشمسية إلى أربعة أقسام وهي:
- التوهجات الشمسية: هي مجموعة من التوهجات التي تنطلق من الشمس، ولا تصل إلى كوكب الأرض إلا نادرًا.
- الانبعاثات الكتلية الأكليلية: وهي عبارة عن انفجار الانبعاثات الشمسية والي تتكون من النظائر الخفيفة والمجالات المغناطيسية، ويمكن أن تَصِل إلى الأرض في كثير من الأحيان.
- الرياح الشمسية عالية السرعة: وهي تيارات تخرج من الثقوب الإكليلية، وهي مناطق على سطح الشمس، وعادةً ما تصل إلى كوكب الأرض عند خط الإستواء، ويمكن أن تتسبب في حدوث بعض العواصف الرعدية.
- الجسيمات الشمسية النشطة: وهي جسميات مشحونة بطاقة عالية، ويُقال أنها ناتجة عن بعض التوهجات الشمسية أو الانبعاثات الكتلية الأكليلية، وهي تتبع خطوط المجال المغناطيسي، ولذلك فهي لا تصل إلى كوكب الأرض إلا إذا تقاطع الكوكب مع أحد خطوط المجال المغناطيسي.
سبب حدوث العواصف الشمسية
تحدث العواصف الشمسية حين يصطدم أي نوع من أنواع الانبعاثات الشمسية المذكورة في الفقرة السابقة في المجال المغناطيسي الذي يحيط بكوكب الأرض ويحميه، ويتكون المجال المغناطيسي من طبقات تشبه طبقات البصل، فإذا كانت الانبعاثات الشمسية قوية كفاية فإنها تقوم بتقشير الطبقة الأولى من المجال المغناطيسي وتتوجه إلى القطب الشمالي أو الجنوبي، وخلال أيام يتخلص المجال المغناطيسي المحيط بالأرض منها وتعود طبقاته من جديد.(2)
اكتشاف حدوث العواصف الشمسية
شَهِد عالِم الفلك البريطاني ريتشارد كريستوفر كارينجتون العاصفة الشمسية التي حدثت في الواحد من سبتمبر في عام 1859م، وقام باستخدام تيليسكوب شمسي حيث لاحظ باستخدامه العديد من البقع الشمسية الداكنة، وأكثر ما شد انتباهه وجود نقطتين تومض وتتلاشى على مدى دقائق بداخل البقع الشمسية الداكنة، وبعد أيام سجل لاحظ العالم الفلكي وزميله أن مرصد كيو في ريتشموند قام بتسجيل بعض الإشعاعات المغناطيسية، ولكنه في البداية ظن أن هذا محض صدفة.(1)
وفيما بعد ومع استمرار المزيد من الأبحاث في هذا المجال وُجِد أن الوميض الذي رآه كارينجتون كان هو بداية تكوين العواصف الشمسية أو العواصف الجيومغناطيسية، حيث أنه دليل على أن العاصفة الشمسية ستصل الأرض خلال دقائق، وخلال هذه الدقائق تنطلق الإشعاعات الناتجة عن تسارع البروتونات والإلكترونات حتى تصل إلى الغلاف الجوي للأرض، وتتجه إلى القطبين الشمالي والجنوبي، وتبقى هناك لعدة أيام فقط.(1)
أثر العواصف الشمسية
تؤدي العواصف الشمسية إلى حدوث العديد من التأثيرات على كوكب الأرض، وأجمل هذه الآثار هو حدوث الشفق القطبي، ولكن في الوقت نفسه يمكن أن تؤدي العواصف الشمسية إلى العديد من الآثار الخطيرة منها: (4)
- العديد من الأضرار المحتملة على الشبكات الكهربائية، كانقطاع الكهرباء أو بعض الإنفجارات الخطيرة.
- اضطرابات في إشارة الراديو، وهذا ليس سيئًا فقط لوسائل الأعلام، بل الأمر أكثر خطورة من ذلك لاعتماد حركة السفن، الطائرات والأقمار الصناعية على أمواج الراديو.
- خطر تأثر رواد الفضاء خارج كوكب الأرض بالإشعاعات الناتجة عن صد المجال المغناطيسي المحيط بالأرض للعواصف الشمسية.
- تفجير الألغام والمتفجرات الغير مستخدمة، حيث أدت العاصفة المغناطيسية التي حدثت في عام 1989م إلى انفجار ألغام بحرية في فيتنام.
العلاقة بين العواصف الشمسية والمناخ
يتخلص الغلاف المغناطيسي المحيط بكوكب الأرض من كافة الانبعاثات الشمسية والعواصف الشمسية، ولذلك في العادة لا يتأثر مناخ الكرة الأرضية بالعواصف الشمسية، وما حدث في الولايات المتحدة في عام 2012م حيث تم تسجيل العديد من الانبعاثات القادمة من الشمس وحدثت موجة حر شديدة في الوقت نفسه، ولكن هذا الترافق كان محض صدفة، حيث أن الأمر لم يتكرر مرة أخرى على الرغم من حدوث العديد من العواصف الشمسية.(3)
بعض الأبحاث ما زالت قيد التحقيق والدراسة للتأكد من وجود علاقة بين العواصف الشمسية وحدوث بعض الأعاصير، الزلازل والتسونامي على سطح الأرض، ولكن حتى الآن نقص التمويل العلمي والأجهزة المتقدمة بشكل كافٍ يشكل حواجز كبيرة تجاه هذه الدراسات.(3,4)
العلاقة بين العواصف الشمسية والصخور
قامت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية باجراء العديد من الأبحاث على مدى تأثر الصخور على كوكب الأرض بالعواصف الشمسية، ووفق العالم الجيوفيزيائي في هيئة المسج الجيولوجي سياران بيغان والذي لاحظ أن بعض الصخور تتأثر أكثر من غيرها عند حدوث بعض العواصف الشمسية، فعلى سبيل المثال تحتوي الصخور الرسوبية على كمية أكبر من الماء مقارنة مع أنواع الصخور الأخرى، مما يجعلها موصلة للكهرباء، وأما الصخور المتحولة أو النارية فهي أكثر كثافة، وتحتوي على كمية أقل من الماء، مما يقلل من توصيلها للكهرباء.(4)
وعلى سبيل المثال على الشواطئ يعد البحر موصلًا للكهرباء، وفي الوقت نفسه الرمال مقاومة لتوصيل الكهرباء، وهذا يجل رمال الشواطئ خطرة في هذه الحالة، حيث أن مقاومة الكهرباء تظهر على شكل حرارة تسخن الرمال، بالإضافة إلى ذلك يكون وجود محول كهربائي بقرب الرمال خطرًا بسبب امكانية حدوث الصدمات الكهربائية.(4)
وهذا يعني أن بعض مناطق أوروبا على سبيل المثال يمكن أن تتأثر بشكل كبير بينما البعض الآخر لا يتأُر أبدًا، وأن شمال استكلندا الذي يتضمن العديد من الصخور المقاومة يُعتبر أخطر بكثير من منطقة جنوب إنجلترا التي تتضمن طبقات من الصخور الرسوبية الموصلة للكهرباء.(4)
أشهر العواصف الشمسية
تحدث العديد من العواصف الشمسية باستمرار، ولكن العواصف الشمسية المعروفة هي في الحقيقة العواصف الشمسية القوية، وفيما يلي أشهر العواصف الشمسية التي كان العلماء قادرين على رصدها:
- عاصفة كارينجتون: وهي عاصفة شمسية ضربت الأرض في الثاني من سبتمبر في عام 1859م، وهي أكبر عاصفة شمسية تم تسجيلها على الإطلاق، حيث ظهر الشفق القطبي في بعض المناطق الإستوائية، وكان السكان قادرين على قراءة الصحف في الليل على ضوء الشفق القطبي، وتسببت عاصفة كارينجتون في تعطل أنظمة التلغراف وإصابة مستخدميها بالصدمات الكهربائية، بالإضافة إلى نشوب العديد من الحرائق نتيجة اشتعال التيار الكهربائي المعزز.(5)
- عاصفة عام 1989م: وأدت هذه العاصفة إلى انقطاع التيار الكهربائي في كافة أنحاء كيبيك.(4)
- عاصفة عام 1903م: والتي تعد سادس أٌقوى عاصفة شمسية ضربت الأرض، حيث اضطربت فيها الرسوم البيانية التي تعبر عن النشاط المغناطيسي للأرض بشكل كبير، ونتج عنها تعطل الإتصالات وأجهزة التلجراف كليًا، وارتفعت فولتية وسائل الاتصال إلى 675 فولت، وهذه الفولتية عالية جدًا بحيث أنها قادرة على قتل رجل بالغ.(6)
- عاصفة عام 1921م: والتي حدثت بالتحديد في الخامس عشر من شهر مايو، حيث استيقظ السكان صباحًا وجميع أجهزة الاتصال الخاصة بهم معطلة، واشتعلت العديد من الحرائق في عدة مناطق حول العالم منها السويد، وقرية بروستر في نيويورك، حيث احترقت فيها محطة قطارات نيو إنجلاند بأكملها، ولذلك أطلق عليها اسم عاصفة السكك الحديدة في نيويورك.(7)
المراجع:
- https://www.sciencealert.com/geomagnetic-storms
- https://www.nasa.gov/mission_pages/sunearth/spaceweather/index.html#q2
- https://www.climate.gov/news-features/climate-qa/do-solar-storms-cause-heat-waves-earth
- https://www.nationalgeographic.com/science/2019/03/solar-storms-worse-damage-if-you-live-near-certain-rocks-geology/
- https://www.britannica.com/event/geomagnetic-storm-of-1859
- https://spaceweatherarchive.com/2020/07/29/the-solar-minimum-superstorm-of-1903/
- https://spaceweatherarchive.com/2020/05/12/the-great-geomagnetic-storm-of-may-1921/