متلازمة الكوخ.. كيف أثر فيروس كورونا على الصحة النفسية
شكّلت جائحة فيروس كوفيد 19 أثراً سلبياً على جميع سكان الكرة الأرضية، فهذا الفيروس لا يُسبب ضرراً صحيّاً على الإنسان فقط من حيث الإرهاق والتعب وحدوث مضاعفاتٍ جسدية، بل يُؤثر على صحتّه النفسية والعقلية من خلال اضطرار المُصاب للمكوث في المنزل في حالة إصابته بهِ لفتراتٍ طويلة وانعزاله عن المحيط الخارجي، ولا يُمكننا تجاهل أعداد المُصابين بالاكتئاب جراء هذا الفيروس المعدي.
ومنَ الجدير بالذكر، أنهُ توجد الكثير منَ العوامل التي تدفع الدولة لطلب ركود مواطنيها في منازلهم حرصاً على أمنهم وسلامتهم مثل {الكوارث الطبيعة، فصل الشتاء القارس، انتشار الأوبئة والفيروسات} ويضطر الأفراد إلى الجلوس في غرفهم الخاصة وانعزالهم عن الخارج واعتيادهم على هذا الروتين ممّا يُسبب لهم {متلازمة الكوخ} التي تُؤثر على نمط حياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية وتجعلهم في حالةٍ يُرثى لها، ولذلك ما المقصود بمتلازمة الكوخ؟ وما هيَ أعراضها؟ أسبابها؟ وطرق علاجها؟
ما المقصود بمتلازمة الكوخ Cabin Fever؟
إذا كنتَ من متابعي المشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي لا بدَّ أنكَ صادفتَ لقاءات معَ فئة منهم يتحدثون عن أنفسهم خلالَ اللقاء أنهم مُصابون بمتلازمة الكوخ مثل الفنانة {بلقيس}، لأنَ حياة المشاهير تعتمد على الخروج منَ المنزل والسفر والاجتماعات والعمل والتصوير، وأثناءَ ركودهم لفتراتٍ طويلة بشكلٍ اضطراري تتحوّل نفسيتهم إلى حالة منَ الاكتئاب والتوتر ويُصابوا بهذه المتلازمة.
ويُقصد بمتلازمة الكوخ أنها حالة تُصيب الشخص بحيث تتحوّل مشاعره منَ الإيجابية إلى السلبية والتشاؤم، وبشكلٍ خاص الأفراد الناجحين والطموحين، فأثناءَ إصابتهم بالمرض أو العدوى أو انتشار وباء في منطقتهم ومكوثهم في مكانٍ منعزل عن الآخرين يشعرون بالأحاسيس المؤلمة وتتدهور حالتهم.
ونوّد الإشارة، أنهُ لم يتم الاعتراف بمتلازمة الكوخ كمرضٍ نفسي ولكنها تُسيطر على مشاعر المُصاب، وكانت هذه المتلازمة خطيرة للغاية في القِدَم، لأنهُ أثناءَ الحجر المنزلي لم يتواجد الإنترنت أو الهواتف الذكية أو أي وسيلة للاتصال بالعالم الخارجي مقارنةً بالوقت الراهن، فكانَ الفرد يشعر وكأنهُ منفصل عن الحياة فيُعاني من وحدةٍ مؤلمة.
وبالرغم من ذلك، توجد عدّة تقارير تُفيد بأنَ هذه المتلازمة تُشكّل خطراً في العصر الحالي على ملايين البشر بسبب أزمة كورونا التي لم تنتهي بعد.
ما هيَ أعراض متلازمة الكوخ Cabin Fever؟
توجد عدّة علاماتٍ تظهر على المُصاب بهذه المتلازمة يُمكن ملاحظتها عليه والسيطرة على حالته في وقتٍ مبكّر، وتتمثل في:
- انخفاض الشغف والدافع للحياة أو لتحقيق الأهداف.
- الشعور بحالة منَ الخمول والإرهاق الدائم.
- الإصابة بالأرق الليلي والتفكير الزائد.
- تشتت الانتباه.
- قلّة الثقة بالنفس.
- تراجع العلاقات الاجتماعية.
- انخفاض القدرة في التعامل معَ الآخرين.
- المزاج السيء.
- أذية النفس عندَ أغلب الحالات.
- الاكتئاب.
- الشعور بالحزن والتفكير بالماضي.
ما هيَ أبرز أسباب الإصابة بمتلازمة الكوخ Cabin Fever؟
توجد عدّة عوامل تفرض على الفرد الإصابة بهذه المتلازمة، منها:
- العمل لفتراتٍ طويلة: قد يتمتّع الفرد بروحٍ إيجابية ويحب الانخراط في العالم الخارجي والقيام بتجاربٍ جديدة والتعرّف على أصدقاء جدد في العمل من أجل التسلية معهم وقضاء وقت ممتع، ولكن منَ المُمكن أن يُفرض عليه عمل لهُ مردود مادي جيد مقابل مكوثه في المنزل والتركيز فيه، وعادةً يكون هذا العمل عبرَ الإنترنت، ممّا يُشتت الفرد عن محيطه الخارجي ويصب تركيزه في المنزل والعمل فقط.
- العوامل الخارجية: كما ذكرنا في الأعلى أنهُ توجد أشياء تفرض على الشخص البقاء في منزله محجوراً لفترة طويلة مثل الإصابة بمرضٍ معدٍ أو تواجده في دولةٍ باردة مليئة بالعواصف الثلجية والبرد الشديد أو بسبب انتشار الفيروسات وإجراء الحظر الكامل.
- قلّة فرص العمل: يُمكن القول أنَ بعض الخريجين الجدد منَ الجامعات يطمحون بوظيفةٍ مرموقة وبداخلهم شغف كبير ونشاط، ولكن أثناءَ بحثهم عن فرصٍ للعمل وعدم إيجادهم لوظيفةٍ مناسبة أو عدم قبولهم لأسبابٍ غير مقنعة، يشعرون بحالة منَ الضجر والخمول ويضطرون للبقاء في المنزل والإصابة بهذه المتلازمة.
ما هيَ طرق علاج متلازمة الكوخ Cabin Fever؟
إنَ هذه المتلازمة ليست مرضاً حقيقياً لعلاجها عن طريق الأدوية، ولكن إذا شعرتَ أنتَ أو أحد أفراد أسرتك بالإصابة بها، لا بأس منَ الذهاب إلى الطبيب من أجل السيطرة على حالتك ومساعدته لكَ في تخطي هذه المرحلة، ومن هنا توجد 6 نصائح نُقدّمها لكَ يجب اتباعها للتخلص من متلازمة الكوخ مثل:
- وضع أهداف يومية: إذا كنتَ مضطراً للبقاء في المنزل طوالَ اليوم، فبدلاً منَ النوم والاستلقاء وتأنيب الضمير، حاول أن تُحضر ورقة وقلم واكتب قائمة بالأهداف التي يجب تحقيقها مثلاً الاستيقاظ في الساعة 8 وتناول وجبة الإفطار ومن ثمَ ممارسة تمارين رياضية وتعلم مهارة معينة، فالنظام سيُغيّر حياتك ويُضيف عليها الشغف والحماس عوضاً عن العشوائية.
- ممارسة هواية تحبها: يُمكنكَ التفكير في أوقات الحجر التي تقضيها بمفردك عن أكثر هواية تميل إليها وتطمح لإتقانها، وتذكر دائماً أنهُ لا شيءَ مستحيل وخاصةً بوجود الإنترنت والمواقع التعليمية، فيُمكنكَ التركيز عليها وإشغال نفسك وفتح مشروعك الخاص بها إن تمكنتَ من إتقانها.
- حيل بسيطة ولكنها إيجابية: يُمكنكَ اتباع الحيل التي تزيد من طاقتك الإيجابية أثناءَ تواجدك في المنزل، على سبيل المثال {حاول شراء قط صغير أو عصفور، حاول فتح نوافذ غرفتك بأكملها وشراء نباتات والعناية بها، تغيير ديكور غرفتك، إنشاء مكتبة صغيرة لك، المشي في الهواء الطلق على البلكونة أو الحديقة الخلفية للمنزل}.
- تعزيز مهاراتك العملية: إذا كانَ السبب الكامن وراءَ بقاءك في المنزل هوَ صعوبة إيجاد وظيفة مناسبة، ما عليك إلّا استغلال هذا الوقت في تطوير مهاراتك وصقل شخصيتك واكتساب الخبرة والمعلومات عن مجالك التخصصي ومن ثمَ التقديم على الوظائف.
- ممارسة الاسترخاء والتأمل: يُمكنكَ قضاء وقت الحجر المفروض عليك في اكتشاف ذاتك والعناية بشخصيتك وبجسدك، فحاول إخراج الطاقة السلبية من داخلك ونسيان التجارب المؤلمة والاسترخاء في حوض الاستحمام معَ إجراء جلسة تدليك.
كما أنَ التأمل قبلَ النوم سيُساعدك على تنظيم أوقات نومك ويُهدئ أعصابك.
- التواصل معَ المحيط الخارجي: أنتَ الآن في نعمةٍ كبيرة، فمتلازمة الكوخ كانت أشدّ خطراً على الصحة النفسية في الماضي بسبب صعوبة التواصل معَ الآخرين في الخارج، ولكن الآن وأنتَ في منزلك يُمكنكَ الحديث معَ من تريد وفي أي مكان.
فيُمكنكَ استغلال فترة الحجر في التعرّف على أشخاص جدد من دولٍ ولغاتٍ مختلفة من أجل اكتساب معلومات عنهم وعن أنماط حياتهم، ويُمكنكَ الاطمئنان على أفراد عائلتك أو شريكتك من خلال برامج الدردشة.
لا تقلق جميعنا معرّضين للإصابة بمتلازمة الكوخ فهيَ ليست خطيرة إذا تمَ التعامل معها والسيطرة على أعراضها، أما إذا أهملَ الإنسان نفسه لعدّة أشهر فحالته ستتدهور تلقائياً ويُعاني من صعوبة في المشي وتأتأة في الكلام وخجل منَ التواصل معَ الغرباء واليأس والسمنة بسبب الرغبة في تناول الطعام.
ولذلك الحلول في متناول يديك الآن، ما عليك إلّا انتشال نفسك من هذه المتلازمة التي تسلب حب الحياة والطموح والشغف وتحوّلهم إلى يأس وفشل.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.