متلازمة فريجولي: صعوبة التمييز بين البشر
لا يُمكن لأي إنسان في العالم أن يتشابه معَ إنسانٍ آخر في جميع الصفات، لأنّ كل فردٍ منّا لهُ تركيبته الخاصة في التعامل معَ الحياة ومعَ المواقف من حوله، فكل شخصية تختلف عن الأخرى، وتوجد عدّة اضطرابات قد تُصيب هذه الشخصيات وتُؤثر على حياتهم وأداء مهامهم اليومية.
ومنّ الجدير بالذكر، أنّ الاضطرابات النفسية عبارة عن نمط سلوكي أو سيكولوجي معين يُصاب بهِ الفرد ويتحوّل من إنسانٍ طبيعي قادر على التأقلم وحلّ المشاكل وعيش حياة طبيعية إلى إنسانٍ مضطرب يُعاني من أعراضٍ تُسبب لهُ التعب والعجز، ومنّ الاضطرابات النادرة جداً في عالمنا هيَ متلازمة فريجولي التي نُسبت للممثل الإيطالي ليوبولدو فريجولي حيثُ كانَ يُغيّر مظهره الخارجي في كل مرة يطلّ بها على المسرح.
ونوّد الإشارة، أنّ متلازمة فريجولي تُصيب المراهقين عادةً، ولكنها ليست مرض خطير بل عبارة عن اضطرابٍ نفسي يجب فهمه واتباع أساليب للتعامل معَ المُصاب بهِ من أجل التخلص منه، ولذلك ما المقصود بمتلازمة فريجولي؟ وما هيَ أعراضها؟ أسباب حدوثها؟ وطرق التخلص منها؟
ما المقصود بمتلازمة فريجولي Fregoli؟
يُقصد بهذه المتلازمة شعور الفرد بأنّ كل الأشخاص المتواجدين حوله سواءً أفراد أسرته وأقربائه وأصدقائه وشركاؤه في العمل عبارة عن شخصٍ واحد، ولكن هذا الشخص متنكر بأزياءٍ مختلفة ووجوهٍ عديدة، فمنّ الصعب إقناع المُصاب أنّ البشر مختلفون عن بعضهم ولكل منهم أسلوبه الخاص وشخصيته وأفكاره وقناعاته وآراءه، لأنهُ يظن أنّ الجميع واحد.
علاوة على ذلك، لا يقتصر الأمر على شعوره بالوهم والخداع فقط بل يعتقد أنّ كل إنسانٍ يُصادفه سيُحاول إيذائه أو الانتقام منه، والغريب في الأمر أنّ درجة الاضطراب تصل إلى اعتقاد الفرد بأنّ والدته هيَ ذاتها بائع الملابس والبائع ذاته شقيقه وهكذا.
بالإضافة إلى اعتقاد المُصاب أنهُ في حالة خطر، فلا يشعر بالأمان داخل منزله ويلجأ للهرب من أي إنسانٍ يُصادفه ويشعر أنّ الأشخاص يتّبعونه من أجل الانتقام منه.
في الحقيقة إنّ متلازمة فريجولي مؤلمة للغاية وصعبة على المُصاب، فهل لكَ أن تتخيل فقدان ثقتك بالجميع حتى أفراد عائلتك؟ ويُمكن ذكر قصة شابة في مقتبل العمر تعيش في مدينة باريس، أُصيبت بهذه المتلازمة وسيطرت الأفكار التشاؤمية والمزيفة على عقلها، فأثناءَ حضورها لحفلةٍ مسرحية اعتقدت أنّ الممثلتان تقومان بتتبعها والتنكر بأزياءٍ مختلفة بعدَ انتهاء المسرحية من أجل إيذائها، ووصلَ الأمر بها إلى رؤية وجوههن في الغرباء والعابرون في الطرقات.
للأسف إنّ الحياة أشبه بالحفلة التنكرية عندَ مُصابي فريجولي، فالشخص واحد لديهم ولكن الأقنعة والأزياء في تغيّرٍ مستمر.
ما هيَ أعراض الإصابة بمتلازمة فريجولي؟
توجد عدّة علامات يُمكن ملاحظتها من قِبَل الطبيب على المُصاب بهذه المتلازمة، مثل:
- الشعور بالهلوسة المستمرة.
- الشعور بالهذيان والنسيان بشكلٍ مفاجئ.
- ضعف الوعي الذاتي.
- ضعف في الذاكرة البصرية.
- الأوهام وفقدان الثقة بالناس.
- اللجوء إلى الوحدة والانعزال عن الآخرين.
- الإصابة بالصرع.
- الهروب منّ المواجهة.
- عدم القدرة على أداء المهام اليومية بشكلٍ جيد.
- التفكير المفرط والقلق.
ما هيَ أبرز أسباب الإصابة بمتلازمة فريجولي؟
لا يُمكن الإصابة بهذه المتلازمة إذا لم يكن الإنسان يُعاني من أمراضٍ أو إصاباتٍ دماغية، ومن أهم الأسباب التي تزيد من خطر الإصابة:
- الإصابة بالخرف أو الزهايمر: أغلب المُصابين بالزهايمر يُعانون من هذه المتلازمة، وخاصةً إذا كانوا في مراحلٍ خطرة منّ المرض، فكما نعلم أنّ الزهايمر يُؤدي لمشاكلٍ في التفكير وتكرار الأحداث والأقوال والنسيان والهذيان، والإصابة بالخرف أو الزهايمر من أكثر الأسباب الشائعة للإصابة بمتلازمة فريجولي.
- الأدوية: يُمكن لبعض الأدوية أن تتسبب بحدوث خلل في التفكير وعدم القدرة على التمييز بينَ الآخرين وبالتالي الإصابة باضطراب فريجولي، ومن هذه الأدوية التي تختص بمعالجة داء باركنسون كونها تُسبب الهلوسة والأوهام.
- الإصابات الدماغية: منّ العوامل المهمة التي تتسبب بهذه المتلازمة، فإذا أُصيبَ الدماغ بأي رضوضٍ أو إصاباتٍ بالغة قد تُؤثر على عمله وتُؤدي لظهور الأوهام والهلاوس.
- الأمراض النفسية: أيضاً الإصابة بأحد الاضطرابات النفسية مثل الوسواس القهري أو الفصام أو اضطراب ثنائي القطب، قد يُؤثر على العقل ويتسبب بظهور أوهام وهلاوس غير حقيقية.
ما هيَ طرق علاج متلازمة فريجولي؟
منّ المهام الصعبة أن تتم معالجة المُصابين بهذه المتلازمة، ولكن يُمكن لبعض الخطوات من قِبَل الطبيب المشرف على الحالة والأسرة أن تُساعده في التخلص منها، مثل:
- جلسات العلاج النفسي: في البداية يجب البحث عن طبيبٍ موثوق من أجل الإشراف على الحالة ومعالجتها، فالطبيب سيُسهم في تغيير أفكار المُصاب وإعادة ثقته بنفسه وبمن حوله، ويتم العلاج أيضاً إلى جانب الأدوية التي تُخفف منّ القلق والهلاوس مثل مضادّات الذهان ومضادّات الاكتئاب.
- جلسات الدعم: في هذه الحالة يجب على أصدقاء المريض وأفراد أسرته أن يُسهموا في دعمه من خلال البقاء بجانبه وزيادة اطمئنانه، لأنّ المُصاب بحاجة للاطمئنان كونهُ يعتقد بأنّ الأشخاص من حوله سيُحاولون إيذائه.
هل توجد أي نصائح للوقاية من الإصابة بمتلازمة فريجولي؟
بالطبع يُمكنكَ الاعتناء بصحتّك النفسية والجسدية من خلال النصائح الآتية:
- يُفضّل التسجيل في المهارات التي تُساعدك في الحفاظ على الذاكرة وتنشيطها وتقويتها، ويُمكن القيام بذلك من خلال حلّ الألغاز أو الكلمات المتقاطعة أو ألعاب الذكاء المتواجدة على شبكة الإنترنت.
- يُفضّل الابتعاد عن الأطعمة المشبّعة بالزيوت والدهون والسكريات لأنها تُضعف عمل الدماغ، ويجب استبدالها بالعصائر الطبيعية والفيتامينات والوجبات التي تحتوي على المعادن.
- يُفضّل تفريغ طاقاتك المكبوتة والحرص على الاهتمام بصحتّك النفسية والابتعاد عن الكبت أو الحزن.
- حاول أن تُمارس التمارين الرياضية بانتظام معَ الضحك لمدة ساعة يومياً.
- يجب إجراء الفحوصات بشكلٍ دوري من أجل الاطمئنان على صحتّك.
الأوهام والهلاوس تتسبب بمضاعفاتٍ خطيرة يُمكن أن تُنهي حياة الإنسان وتُسبب لهُ الاكتئاب والانعزال وحالة نفسية سيئة وخاصةً إذا أُصيبَ بمتلازمة فريجولي، فحاول الاعتناء بصحتّك وصحة دماغك من أجل تجنبها وتجنب أي مرضٍ أو اضطرابٍ نفسي آخر.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.