أسباب تستحق الطلاق شرعًا هي الأسباب التي حددها الإسلام، وتجيز الانفصال بين الزوجين لمنع أي ضرر قد يلحق بهما من جراء الاستمرار في العلاقة الزوجية، ولذلك سنقدم في مقالنا أهم أسباب تستحق الطلاق شرعًا.
أسباب تستحق الطلاع شرعًا
شرع الإسلام الطلاق بين الزوجين في حال وجود عدد من الأسباب التي يستحيل معها الاستمرار في العلاقة الزوجية، وعلى الرغم من أن الطلاق أبغض الحلال، إلا أنه في بعض الحالات يكون الطلاق أمرًا ضروريًا، وإليكم 8 من أسباب تستحق الطلاق شرعًا:
الطلاق بسبب الخلافات الزوجية المتكررة
إن وجود الخلافات الزوجية المتكررة من أهم أسباب تستحق الطلاق شرعًا، وذلك لأنها تعيق سير الحياة الزوجية بشكل طبيعي، وقد يكون ذلك لعدم محبة أحد الزوجين للآخر، أو لسوء خلق أحد الزوجين، وعندها يتم اللجوء إلى حكم من الأهل سواء أهل الزوج، أو أهل الزوجة لمحاولة الإصلاح بينهما، فإذا تم الأمر فهو خير، وإذا استحال الإصلاح، فإنه يجوز للزوجين الطلاق، وذلك لقوله تعالى: (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا)، سورة النساء، آية رقم 35.
الطلاق بسبب الأمراض
إن وجود أي مرض في الرجل أو المرأة يمنع استمرار العلاقة الزوجية، يعتبر سببًا من أسباب تستحق الطلاق شرعًا، ففي حال علم أحد الزوجين بهذا المرض قبل الدخول، فيجوز لهما الانفصال مع إرجاع نصف المهر، أما في حال معرفة الزوجة بمرض الزوج بعد الزواج، ولم يكن قد أخبرها بالأمر، فيجوز لها الطلاق مع الاحتفاظ بالمهر كاملًا.
الطلاق بسبب غياب الزوج عن الزوجة
في حال غياب الزوج عن زوجته لمدة زمنية، فإن حكم ذلك عند المذهب الحنفي أنه لا يحق للزوجة طلب الطلاق بسبب الغياب مهما طالت المدة، أما في حال معرفة مكانه فيتم التواصل معه لإلزامه بدفع النفقة الواجبة عليه لزوجته، وفي المذهب المالكي والحنبلي، فيجوز للمرأة طلب الطلاق في حال غيابه لمدة طويلة، حتى ولو أنفق عليها خلال هذه المدة.
الطلاق بسبب إعسار الزوج
إعسار الزوج هو عدم قدرة الزوج على دفع المهر لزوجته، ويرى المذهب الحنفي في هذه الحالة أنه لا يحق للزوجة طلب الطلاق لهذا السبب، ولكن يمكن تأجيل الدخول بها حتى يتمكن من دفع المهر، أما المذهب المالكي، فيرى أنه يجوز للزوجة طلب الطلاق لهذا السبب، وقد يكون إعسار الزوج عدم قدرته على الإنفاق على زوجته، فيرى الفقهاء أنه يجوز للمرأة طلب الطلاق عندما لا يستطيع الزوج الإنفاق عليها.
الطلاق بسبب الإيلاء
يقصد بالإيلاء هو حلفان الزوج بالله تعالى أن يمتنع عن زوجته لمدة محددة من الزمن، وهي من الأمور التي حرمها الإسلام نظرًا لما يلحقه من الضرر للزوجة، ولذلك فإن الإسلام لم يجز بذلك إلا لأربعة أشهر فقط، وذلك لقوله تعالى: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِن فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، سورة البقرة، آية رقم 226-227، وفي هذه الحالة يحق للزوجة طلب الطلاق شرعًا إذا لم يتراجع عن حلفانه، ويكفر عنه.
الطلاق بسبب ردة أحد الزوجين عن الإسلام
إن ردة أحد الزوجين عن الإسلام سببًا رئيسيًا من أسباب تستحق الطلاق شرعًا، ودون انتظار صدور حكم القاضي، فهو من الأمور المحرمة في الإسلام التي تستوجب الانفصال فورًا.
الطلاق بسبب اللعان بين الزوجين
اللعان بين الزوجين هو إتهام الزوج لزوجته بالزنا، والتشكيك في نسب أولاده، وفي هذه الحالة يشهد الزوج بأنه صادق بما رمى به زوجته من الزنا، ويكررها أربع مرات، وفي المرة الخامسة يلعن نفسه إذا كان كاذبًا، وترد عليه الزوجة بأنه كاذب، وتكررها أربع مرات، وتلعن نفسها في الخامسة إذا كان صادقًا، ومن المهم إشارة كل من الزوجين للاسم وتمييزه بأي صفة، أو الإشارة إليه في حال وجوده، وعند حدوث الملاعنة بين الزوجين، فيجب على الزوجين الانفصال والتفريق، والدليل على ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (المُتَلاعِنانِ إذا تَفَرَّقَا، لا يَجْتَمِعَانِ أبدًا) رواه الألباني.
الطلاق بسبب الظهار
الظهار هو تحريم الرجل زوجته عن نفسه، وتشبيهها بامرأة محرمة عليه كأن يقول لها: أنتِ علي كظهر أمي، وفي هذه الحالة لا يجوز للرجل الاقتراب من زوجته في حال لم يرجع عن يمينه، أو يكفر عنه إما بالإعتاق، أو صيام شهرين متتالين، أو إطعام ستين مسكينًا، ويحق للزوجة طلب الطلاق في حال لم يكفر الزوج عن الظهار.
“اقرأ أيضًا: أهم شروط الزواج“
حكم الطلاق في الإسلام
الزواج من الأمور التي شرعها الإسلام لصون الزوج والزوجة من الوقوع في الحرام، ولوجود الرحمة، والمودة بين الزوجين، ومن أجل تكوين عائلة مستقرة، وغيرها من الأسباب، وفي نفس الوقت شرع الإسلام الطلاق في حال عدم إمكانية الاستمرار في الحياة الزوجية كالنزاعات المستمرة بين الزوجين، أو وجود أمراض تمنع استمرار العلاقة الزوجية كالعقم (infertility) أو الجنون، وغيرها من الأسباب التي لا يمكن معها الإصلاح، ويكون الطلاق في بعض الحالات بمثابة حل مثالي لإزالة الضرر الذي قد يلحق الأذى بالزوجين في حال استمراره.
حدد الإسلام أحكام معينة للطلاق حتى لا يتم الاستهتار بأمره، أو التسرع بلفظه، فأجاز للزوج إرجاع زوجته بعد الطلقة الأولى والثانية، أما بعد الطلقة الثالثة فيجب على الزوجة الزواج من رجل آخر بدون خداع، وبعد أن يطلقها يحق للزوج السابق إرجاعها.
“شاهد أيضًا: سلوكيات خاطئة تهدد الزواج“
ماذا يترتب على الطلاق؟
يترتب على الطلاق بعض الأمور والأحكام الواجبة، ومن أهم الآثار المترتبة على الطلاق:
وجوب العدة
فالمرأة المطلقة التي تم الدخول بها تجب عليها العدة، وهي عبارة عن ثلاث حيضات متتالية للمرأة التي تحيض، وثلاثة أشهر للمرأة التي لا تحيض، وللحامل حتى تضع مولودها، أما المرأة المطلقة التي لم يتم الدخول بها، فلا تجب عليها العدة.
وجوب النفقة
من حق الزوجة المطلقة طلاقًا رجعيًا أن يستمر زوجها بالنفقة عليها بعد طلاقها، وذلك لأنه يحق له إرجاعها إلى ذمته، ولها عليه حقوق، ويتوجب عليه الإنفاق عليها للطعام والشراب، والمسكن ، وكل الأشياء الضرورية لمعيشتها، كما شرع الإسلام للمرأة الحامل المطلقة طلاقًا بائنًا أن ينفق عليها زوجها طيلة فترة حملها لقوله تعالى: (وإن كنّ أولات حملٍ فأنفقوا عليهنّ حتى يضعن حملهن)، أما المرأة المطلقة ولم تكن حاملًا، فيرى المذهب الحنفي بوجوب النفقة عليها، أما عند المذهب المالكي والشافعي، فإن المرأة غير الحامل، والمطلقة طلاقًا بائنًا، فيجوز لها نفقة المسكن فقط، وعند الحنابلة لا تجب لها النفقة مطلقًا، في حال طلق الزوج زوجته قبل الدخول بها، أو الخلوة بها، فلا يحق للزوجة النفقة أبدًا.
في الختام نجد أن هناك عدة أسباب تستحق الطلاق شرعًا في حال استحالة الاستمرارية في العلاقة الزوجية، ويترتب على الطلاق العديد من الآثار السلبية التي تعود على البيت، والأطفال على وجه الخصوص، ويتوجب على المرأة الدخول في العدة بعد الطلاق، في حين يجب على الرجل دفع النفقة المترتبة عليه تجاه زوجته السابقة وأطفاله، وذلك وفق أحكام معينة.