أسباب تمنع استجابة الدعاء؛ يعد الدعاء عبادة مشروعة ومهمة في الدين الإسلامي لأنها تعتبر حلقة الوصل بين العبد وربه لذلك كلما احتاج المسلم لأمر ما يجب أن يتوجه لله تعالى ليطلبه منه وبالتالي سيجيب الله الدعاء حيث قال: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ.
هناك بعض الأمور التي يقوم بها الناس قد تمنع استجابة الدعاء وتبعد بين العبد وربه يجب أن نتجنب القيام بها.
سنتحدث في هذا المقال عن أهم 5 أسباب تمنع استجابة الدعاء.
أكل المال الحرام من أسباب تمنع استجابة الدعاء
إن الدعاء هو عبارة عن عبادة عظيمة جدًا تستوجب امتلاك قلب عامر بالإيمان وملتزم بأحكام الدين.
إن كل أنواع المال الحرام من ربا وسرقة ورشوة وغيرها من نصب واحتيال تدل على امتلاك قلب قاسي غير مكترث وأيضًا على نفس أمارة بالسوء.
من هنا نقول أن من يقوم بأكل المال الحرام يدعو ربه بقلب قاسي فارغ من أي طاعة ومليء بكل أنواع المعصية لذلك يكون دعائه غير مستجاب.
قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: أَيُّها النَّاسُ، إنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إلَّا طَيِّبًا، وإنَّ اللَّهَ أمَرَ المُؤْمِنِينَ بما أمَرَ به المُرْسَلِينَ، فقالَ: (يا أيُّها الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ واعْمَلُوا صالِحاً، إنِّي بما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ).
قال الله تعالى بسورة البقرة (يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ).
ذكر فيما بعد أن ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ.
نستنتج أن من شروط استجابة الدعاء أن يكون الشخص طيب المال بكل جوانب حياته من مأكل ومشرب وغيرها.
“اقرأ أيضا: أسباب فشل الحمل بعد الكلوميد“
ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
إن الدعاء لله تعالى يعد طلب من جلاله بأن يقدم الخير للمسلم وأن يرفع عنه المنكر، ولكن في حال كان المسلم في حياته اليومية غير متبع لهذا النهج فإن الله تعالى سيعاقبه من نفس جنس عمله.
كلما كان الشخص غير آمر بالمعروف وغير ناه عن المنكر فإن الله تعالى سيمنع عنه الخير ويحجب عنه كل معروف وبالطبع لا يدفع عنه المنكر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والَّذي نَفسي بيدِهِ لتأمُرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عنِ المنكرِ أو ليوشِكَنَّ اللَّهُ أن يبعثَ عليكُم عقاباً منهُ ثمَّ تَدعونَهُ فلا يَستجيبُ لَكُم.
من أراد المعروف في حياته وأيضًا أراد أن يستجيب له الله تعالى وجب أن ينشر هذا المبدأ في حياته.
بنفس الطريقة من يريد أن يدفع كل منكر عن حياته ونفسه فعليه أن يرفعه عن كل من حوله.
كثرة الذنوب والمعاصي
كما ذكرنا سابقًا إن استجابة الدعاء يتطلب من صاحبه أن يكون ذو قلب خاشع وحاضر عند الدعاء بكل ما يحتويه، وهذا الأمر لا يمكن أن يتحقق عند شخص جريء على الآثام والمعاصي غير مكترث لغضب الله تعالى.
إن المعصية تقسي القلب ولا يستجاب أبدًا لأصحاب القلوب القاسية وذلك لأن العبد الذي لا يحاول أن يصلح ما في قلبه لن يغير الله تعالى له شيء ولن يستجيب له أي دعاء.
قال الله تعالى في كتابه الكريم: إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ.
قال سيدنا عبر بن الخطاب رضي الله عنه: بالورع عما حرم الله يقبل الله الدعاء والتسبيح وقال بعض السلف: لا تستبطئ الإجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي.
تعجل الإجابة وترك الدعاء
وهو من أهم الأخطاء التي قد يقع بها من يتوجه بالدعاء لله تعالى حيث يوجد بعض الناس ممن يدعو الله تعالى في الصباح ويريد ظهور استجابة دعاءه في المساء.
في هذه الحالة يكون المسلم وكأنه يأمر الله تعالى وليس يدعوه لذلك من الضروري أن يتم إظهار كل ما في القلب من رهبة وخشية ومشاعر تعلق بالله تعالى.
من المهم أن يظهر الداعي اضطراره وحاجته لله تعالى في الدعاء مع محاولة الإلحاح وتكرار السؤال بشكل دائم.
من لا يفعل ذلك يعتبر مستعجل للإجابة حيث أنه يدعو بلسانه وليس بقلبه مما يسمح لليأس بالتسلل إلى قلب الداعي لذلك يترك الدعاء وبالتالي يحرم الدعاء.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يُسْتَجابُ لأحَدِكُمْ ما لَمْ يَعْجَلْ، يقولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي
الدعاء بإثم أو قطيعة رحم
إن الدعاء هو عبادة تم تشريعها لقضاء حوائج الناس وأيضًا لرفع المشقة عنهم لذلك فإن دعاء الإنسان بأي أثم أو أي نوع من قطيعة الرحم فهو يستخدم هذه العبادة العظيمة في معصية وغضب الله تعالى وأيضًا أذية من حوله من الناس.
في هذه الحالة يمنع الله تعالى استجابة الدعاء بشكل قطعي حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، ما لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ.
“قد يهمك أيضًا: دعاء تحصين النفس من العين“
الخيرية والحكمة من الله تعالى في عدم قبول الدعاء
إن الله جل وعلا هو أكرم من أن يقوم بإضاعة دعاء من يعبده لذلك مهما تأخرت استجابة الدعاء فإن الله تعالى يجهزه أو سوف يحققه بصورة جديدة غير التي كان يريدها الداعي ولكنها أفضل له بالتأكيد.
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: ما مِنْ مُسلِمٍ يَدْعو بدعوةٍ ليسَ فيها إثمٌ ولا قطيعةُ رَحِمٍ إلَّا أعطاهُ اللهُ إِحْدى ثلاثٍ: إمَّا أنْ يُعَجِّلَ لهُ دعوتَهُ، وإمَّا أنْ يدَّخِرَها لهُ في الآخِرةِ، وإمَّا أنْ يصرِفَ عنهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَها.
إذا تتم استجابة الدعاء بشكل أكيد بإحدى ثلاث طرق:
- قبول الدعاء من قبل الله تعالى في الدنيا وتحقيقه.
- ادخار الله تعالى لثواب الدعاء في الآخرة.
- يصرف الله تعالى عن الداعي سوء كبير قد يقع فيه بفضل دعائه مثل وجود مرض ما.
قد يهمك: جميع آيات الدعاء في القرآن الكريم
في النهاية بعد ذكر أسباب عدم استجابة الدعاء نؤكد أن من أهم شروط الدعاء هو التيقن بوجود استجابة أكيدة مهما تأخرت وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه، الدعاء لله فقط، لا شريك له الصبر وعدم التعجل، ألا تكون الدعوة بها إثم أو قطيعة رحم، وأن يكون قلب المؤمن حاضرًا.