الحضارة الفرعونية وإنجازاتها
يعتبر سعي الإنسان الدائم للعيش بالقرب من مصادر المياه السبب الرئيسي في تواجد سكان مصر حول ضفاف نهر النيل وبالتالي قيام الحضارة المصرية القديمة حيث اعتبر نهر النيل رمزًا للخصوبة واستمرارًا للعيش، و ساعد الناس آنذاك في الزراعة وتربية الحيوانات وتأسيس مجتمعات صغيرة فتكونت دولة الدلتا ودولة الصعيد، ثم اتحدت هاتان الدولتان في عام 3200ق.م على يد الملك الفرعوني مينا، وفي هذا المقال سنستعرض لكم أهم مظاهم الحضارة الفرعونية وإنجازاتها.
و قد امتدت فترة حكم الفراعنة منذ عام 3200 ق.م أي من تاريخ الوحدة التي حصلت بين الدولتين وحتى دخول الاسكندر الأكبر إلى مصر عام 323ق.م.
وكان لهذا الحكم الأثر الأكبر في ازدهار العمران والعلوم والفنون وغيرها من الأنشطة التجارية والصناعية في مصر.
تعني كلمة فرعون البيت الكبير أو التركة الكبيرة وقديمًا كان يطلق هذا الاسم على القصر الكبير، واشتهر الفراعنة بالثراء الفاحش حتى أنهم كانوا يأخذون كنوزهم معهم إلى المقابر كما وعرفوا بالاستبداد والظلم.
صنف الفراعنة إلى ٣٠ أسرة حاكمة وقسمت العصور التاريخية التي مر بها الفراعنة إلى ما يلي:
أولًا/ العصر العتيق
شهد حكم الأسرتين الأولى والثانية ويعتبر هذا العصر بداية حكم الفراعنة لمصر وفيه حقق الملك مينا الوحدة السياسية بين دولتي الدلتا والصعيد وأقام مدينته قرب رأس الدلتا سماها (ممفيس)، حيث ساهمت هذه المدينة في تطور مصر وازدهارها.
ثانيًا/ الدولة القديمة
شهدت حكم الأسر التي استمرت من الثالثة إلى السادسة (2180_2690) ق.م، تم في هذه الدولة بناء الأهرامات والتي تعتبر إلى وقتنا هذا أكبر دلالة على عظمة الحضارة الفرعونية، وشهدت هذه الفترة أيضًا مزيدًَا من التطور في مجال الطب والهندسة وتقدمًا اقتصاديًا وثقافيًا ولاسيما في مجال الأدب، ولكن هذا التطور لم يستمر طويلًا، إذ شهدت مصر بعدها في عهد الأسر من السابعة إلى العاشرة (2060_2180) ق.م تدهورًا في الأوضاع الاقتصادية وعانى أفراد الشعب من الجوع والفقر.
ثالثًا/ الدولة الوسطى
تشمل الأسر من 11 إلى 14 (1710_2060) ق.م، حكم مصر في هذه المرحلة الفرعون أمنحتب الثاني الذي عمل على إعادة النظام السياسي لمصر وسعى إلى توحيدها، وازدهرت في عهده التجارة وتطور الفن، كما وشهدت هذه الفترة حكم الفرعون أمنمث الثالث الذي بنى هرم الهوارة.
وفي هذه المرحلة اهتم الفراعنة بالسياسة الخارجية وخاضوا الحروب للسيطرة على مناطق مختلفة وضمها للإمبراطورية المصرية وأقاموا مشاريع ضخمة في الري.
تلت هذه الفتوحات فترة ضعف مرة أخرى وشملت الأسر من ١٥ إلى ١٧ (1560_1710) ق.م حيث قام الهيكسوس باحتلال مصر.
رابعًا/ الدولة الحديثة
شهدت هذه الفترة ازدهار اقتصادي وسياسي وزيادة في التوسع الجغرافي، حيث حققت انتصارات عسكرية عديدة بدءًا من بلاد الشام ووصولًا إلى الشلال الرابع في السودان، وتميزت هذه الفترة أيضًا ببناء المعابد والمقابر وكانت (طيبة) عاصمة لهذه الامبراطورية.
وفي عهد الأسر من ٢١ إلى ٢٥ (663_1085) ق.م شهدت مصر عصر ضعف للمرة الثالثة، حيث حكمها ملوك من أصل ليبي وغزا الآشوريون بلاد مصر، ولكن المصريين استطاعوا تحرير بلادهم بقيادة بسماتيك الأول الذي أسس الأسرة 26 (529_663) ق.م وأعاد لمصر قوتها، ثم غزا الفرس مدينة مصر وذلك في عهد الأسر من 27 إلى ٣٠ وأيضًا نجح المصريين في طردهم.
وكانت تلك فترة نهاية تاريخ الفراعنة بعد أن قام الاسكندر الأكبر بغزو مصر وطرد الفرس منها وذلك عام 332 ق . م.
أشهر 10 فراعنة في التاريخ
- الملك تحتمس الثالث: حكم مصر لمدة تزيد عن 54 عامًا، ونظرًا لصغر سنه فقد شاركته الملكة حتشبسوت زوجة أبيه في الحكم بينما اهتم هو بالجيش وأصبح قائدًا شجاعًا وشهدت مصر خلال فترة حكمه فترة سلام وازدهار وكان أفضل المساهمين في صنع الحضارة المصرية القديمة.
- رمسيس الثاني: (ويطلق عليه الجد الأكبر) ويعتبر من أعظم الفراعنة في مصر، دامت فترة حكمه 66 سنة وكان أيضًا قائدًا عسكريًا عظيمًا، ومن أشهر معاركه معركة قادش ضد الحيثيين في سوريا وكانت له إنجازات معمارية أيضًا مثل معبد أبو سمبل وتمثال رمسيس الثاني.
- أمنحتب الثالث: تعتبر فترة حكمه ذات تأثير كبير على اقتصاد مصر وازدهارها، وقام ببناء الكثير من التماثيل والآثار، وبالتالي ساهم في تطوير الفن وسجلت له بعض التدخلات العسكرية التي كان من أهمها حملته الناجحة في النوبة.
- توت عنخ أمون: كان عمره عشر سنوات حين استلم الحكم وتعود شهرته إلى الآثار والكنوز الموجودة في قبره.
- زيركسيس الأول: لم تكن فترة حكمه طويلة، عرف بمحاولته غزو اليونان ولكنه هزم فيما بعد في معركة سلاميس مما دفعه للهروب ويقال أنه كان رمزًا للطغيان.
- أخناتون: اشتهر بأفكاره الدينية وسعيه إلى توحيد الدين ودعى إلى عبادة إله واحد فقط وهو آتون.
- زوسر: اشتهر ببناء هرم الحجر الجيري الشهير في سقارة (هرم زوسر المدرج).
- خوفو: بنى هرم الجيزة الأكبر والذي يعبر عن دقة الهندسة المعمارية في مصر القديمة.
- الملكة حتشبسوت: ورثت الحكم عن زوجها تحتمس الثاني وشاركت ابنه تحتمس الثالث الحكم نظرًا لصغر سنه وأقامت العديد من المعابد وتميز عهدها بازدهار التجارة الخارجية مع بلاد بونت.
- كليوباترا السابعة: عملت على تحسين علاقات مصر الخارجية الأمر الذي دعى إلى ازدهار التجارة الخارجية وتنافست مع شقيقها على الحكم ولكنها تغلبت عليه وكانت معروفة بالذكاء والغموض والقوة، وازدهرت مصر في عهدها، وبوفاتها انتهت الامبراطورية الفرعونية المصرية.
من أهم المعالم الفرعونية الحضارية
- أهرامات الجيزة والتي تعتبر من عجائب الدنيا السبعة (خوفو – خفرع – منقرع) وتعد إنجازًا معماريًا ضخمًا يدل على عظمة مصر.
- سقارة وفيها مجموعة من الأهرامات الخاصة بالملوك وأشهرها هرم زوسر المدرج.
- مدينة أون: تعرف بعين الشمس ولم يبق منها سوى مسلة الملك سنوسرت الأول والذي يعتبر من الأعمدة الأثرية النادرة ذات الشكل المربع.
إقرأ أيضًا: السياحة في مصر.
بعض إنجازات الحضارة الفرعونية
- لعل من أهم هذه الإنجازات اختراع مادة لحفظ الميت وهو ما يعرف بـ (التحنيط).
- تقديم ملف من الوصفات الطبية لأكثر من 87 حالة مرضية.
- صنع التماثيل والتوابيت.
- اختراع الكتابة.
- استخدام عمليات الجمع والطرح والضرب والقسمة.
- معرفة الهندسة البدائية.
- ابتكار نظام المقايضة والعملات واستخدامها في التجارة.
- وغيرها من الإنجازات في مجالات عديدة يطول ذكرها.
إقرأ أيضًا: اختراعات مصرية قديمة أفادت العالم
الزراعة في الحضارة الفرعونية
كان لابد من تطور القطاع الزراعي في ذلك الوقت بسبب توفر المقومات الضرورية لذلك، وساعدت قدرتهم على التنبؤ بمواسم الفيضانات على توجيه قطاع الزراعة ليحمي الشعب في تلك الفترة من الجوع، حيث أن موسم الفيضانات يبدأ من حزيران وحتى أيلول، أما موسم الزراعة فيبدأ من تشرين أول وحتى شباط، أما موسم الحصاد فهو من آذار حتى أيار.
الحياة الاجتماعية في الحضارة الفرعونية
امتاز المجتمع المصري القديم بالطبقية لدرجة عالية فقد كان المزارعون هم النسبة الأكبر من السكان، إلا أن المحاصيل والأراضي الزراعية كانت ملكًا للدولة أو للمعبد، ولم يكن عمل المزارعون مقتصرًا على الزراعة فقط بل كانوا يعملون في البناء والري وغيرها من الأعمال وبدون مقابل بل وكان يفرض عليهم ضريبة.
احتل الفنانون والحرفيون المرتبة الأعلى وكان عملهم محصورًا في المعابد ويتقاضون أجورهم من خزينة الدولة، أما الكتاب والمسؤولون فهم الطبقة العليا.
السياسة في الحضارة الفرعونية
الفرعون هو رأس النظام القانوني ومن مهامه سن القوانين والتشريعات ومتابعة تطبيق هذه القوانين، ويتوجب على الفرعون الدفاع عن الأرض والمقدسات وحماية الحدود ومهاجمة البلدان المجاورة للاستيلاء على الموارد الطبيعية ومد النفوذ.
وعلى الرغم من عظمة الحضارة الفرعونية والإنجازات التي أفادت العالم إلا أنهم كانت لديهم معتقدات غريبة لا تتناسب مع التطور العلمي الذي توصلوا له.
فمن معتقداتهم أن الفرعون هو الوسيط بينهم وبين الآلهة وكانوا يعتقدون أيضًا أن الفرعون يستطيع قتل أعدائه من خلال الثعبان الموجود على تاجه وآمنوا بقدرته على السيطرة على الطبيعة وتغييرها، وكانوا يضعون في قبر الميت بعض أغراضه الشخصية التي تساعده في حياته بعد الموت.
كل هذه الحقائق التي عرفناها عن الفراعنة وصلت إلينا عن طريق المعالم الأثرية وورق البردى الذي كان مكتوبًا عليه باللغة الهيروغليفية والرسومات التي كانت تغطي جدران الأهرامات.