الشيخ فرحان السعدي
هو الشريف فرحان بن الشيخ احمد بن الشيخ العارف بالله الشيخ سعد الدين الجباوي الشيباني الادريسي الحسني، المولود في قرية (المزار) جنين شمال فلسطين، في منتصف القرن التاسع عشر. وتحديداً في عام 1865 م.
تلقى الشيخ فرحان السعدي علومه في كتّاب القرية ومدرسة جنين الابتدائية، إلا أنه كان مولعاً في شبابه بتلقي الدروس الدينية في المساجد، والاجتماع مع العلماء ورجال الدين، فحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية، فأضفت عليه نشأته الدينية والعلمية مهابة واحتراماً في بيئته وأصبح يعرف ب (الشيخ فرحان) لورعه وعلمه وتدينه، شاهد الشيخ فرحان ألأنكليز المحتلين وهم يدخلون وطنه ويدنسونه ويعدّونه ليكون هديّة للصهاينة، فشارك في المؤتمرات الوطنية وفي المظاهرات ضد السلطة بصورة متواصلة، وفي ثورة 1929 ألّف عصبة من المجاهدين في قضاء جنين تصدت للحكام بالتمرد والعصيان، فقبضت عليه السلطة وسجنته ثلاثة أعوام في سجن عكا وسجن نور شمس، ولما خرج من السجن انتقل إلى حيفا وهناك اتصل بالشيخ (عز الدين القسام) وانضم مجاهدا تحت لوائه.
استلم الشيخ فرحان السعدي راية الجهاد بعد استشهاد الشيخ عز الدين القسام عام 1935م ، وكان واحداً من المبادرين بإشعال الثورة الفلسطينيه الكبرى عام 1936م وذلك حين أطلق الشرارة وهاجم الشيخ ورفيقه عطيه أبو أحمد القافلة اليهودية بتاريخ 17 ابريل عام 1936م ، وكان من ضمن قتلى القافلة الضابط الإنجليزي أندروز. اختفى الشيخ السعدي عن الأنظار بعد ان وردت إليه معلومات تفيد بأنّه مطلوب إلقاء القبض عليه، وتحصن في جبال وكهوف منطقة جنين، وأصبح لا يتحرك إلا بشكل سرّي.
ونشطت السلطات الإنجليزية وبثت العيون في كل مكان من أجل القبض علي الشيخ فرحان السعدي ورفاقه، حتى تمكنوا من الوصول إليه والقبض عليه وثلاثة من رفاقه في المغارة التي كانوا بها. وعندما سألوه، أثناء مفاجأته في مخبئه والقبض عليه، إن كان يملك أسلحة، أجاب ساخرا بـ”نعم” وبأنه يملك مسدساً قديماً معلقاً على الحائط في بيته. وقد تبرع عدد من المحامين للدفاع عن السعدي، وكانت حجتهم في الدفاع عنه أنه لم يقبض عليه وهو يستعمل السلاح، وأنه قد ذكر من تلقاء نفسه بأنه يملك مسدساً، كما أنه أكبر عمراً من أن يتمكن من القيام بأي عمل حربي.
ولما كانت السلطة الانتدابية تعلم أن الشيخ فرحان السعدي هو العقل الأول في العصبة بعد استشهاد القسام، فقد حاكمته محاكمة صورية في ثلاث ساعات موجهة إليه تهمة مقتل ‘أندروز’، وأصدرت حكمها بعدها بالإعدام شنقاً. ولم تأخذ المحكمة العسكرية (التي تألفت قبل أيام قليلة، في 11 نوفمبر) بأي من هذه الحجج ولم تستمع إلى النداءات العربية الصادرة من فلسطين ومن خارجها بتخفيف حكم الإعدام، فقد أقرت الحكم عليه. وكان ما بين القبض عليه والتحقيق والمحاكمة والحكم بألأعدام والتنفيذ فقط بضعة ايّام ، وكأن الحكم كان معداً سلفاً، لم يشفع للشهيد الشيخ فرحان السعدي صيامه في رمضان أو سنين عمره التي تجاوزت الثمانين لتأجيل إعدامه، بل أصرّ ألأحتلال على الإعدام في رمضان وفي الصيام وقبل العيد بأيّام، وتم تنفيذ حكم الإعدام به بتاريخ ..1937/11/22.
إلا أن النتيجة جاءت على عكس ما توخته حكومة الانتداب، إذ لم يحدث في تاريخ البلاد أن أعدم شيخ في مثل عمره، وفي شهر رمضان المبارك. وقد أدى إعدام السعدي إلى انبعاث الحماسة الجماهيرية الثورية من جديد، و اشتهرت حادثة إعدام السعدي إلى درجة أنها طغت على دوره الكبير، وعلى حقيقته كباعث رئيسي من بواعث الثورة، إلا أن رفاقه يعترفون له بذلك، فقد لقبه المؤرخ القسامي صبحي ياسين بـ”المجاهد الصادق”، كما ذكر بأنه “خليفة الشهيد القسام وأول من أطلق رصاصة في سنة 1936”.