سنتحدث في هذا المقال عن تعريف الشورى وأهميتها ومفهومها، والفرق بينها وبين الديمقراطية والسلوك الديمقراطي مع ذكر أول نظام حكم ديمقراطي.
تعريف الشورى:
هي أحد الأسس والأركان الرئيسية لنظام الحكم في الإسلام، وهي عبارة عن استشارة أصحاب الخبرة وأهل المعرفة عن مجموعة آراء ووجهات نظر واختيار الصواب منها وذلك للحصول على أفضل الآراء التي تفيد الأمة، وورد في كتب التاريخ الإسلامي عدة مواقف جسدت مبدأ الشورى فهي تعتبر مبدأ من المبادئ التي جسدت الإنسانية في الإسلام، فهي تعتبر من أهم مميزات المؤسسة السياسية الإسلامية.
رغم اختلاف العلماء حول طريقة تنفيذ مبدأ الشورى لكنهم يحثون على ضرورة استخدامها بين المسلمين كما جاء في قول الله تعالى:
(فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين)
مفهوم مبدأ الشورى
هي الاستشارة في شيء معين ممن هو خبير فيه أو بمعنى آخر أخذ آراء ووجهات نظر الآخرين لتحقيق غاية معينة لشخص واحد أو مجموعة من الأشخاص واختيار الرأي الأفضل والأنسب من بينهم لحل المشكلة، ويمكن تعريفها كمجهود فكري جماعي يهدف إلى تبني موقف مشترك بخصوص موضوع سياسي أو اجتماعي أو غيره، فبسببه قام المسلمون بعمل تصويت عند اختيار من سيتولى الخلافة والرئاسة لتولي أمرهم، ليروا آراء الاخرين حول من يرونه أهلاً للقوة والرئاسة لتدبير شؤونهم، ومن دلائل ذلك أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يوصي أحد أو يستخلف أحد لتولي الخلافة من بعده وتركه شورى بينهم.
أهمية الشورى
تمتلك الشورى أهمية كبيرة وعظيمة في حياة جميع الأمم حيث أن كل أمة تنشد الخير والصلاح في الدنيا والآخرة وتبحث عن سبل تحقيق العدل والمساواة والكرامة مع الأمن والاستقرار لا بد أن تكون الشورى ميزة أساسية ورئيسية في أركانها.
عند ترسخ مبدأ الشورى تنكشف الحقائق ويتم توزيع الواجبات بشكل متساوي وبدون تحيز لأي طرف وبالتالي يظهر الصواب ويغيب الباطل وتتعاضد الجهود ويتقوى عضد الأمة.
إذًا نجد أنه بالشورى تنبعث عوامل الألفة والمنعة والتراص والمحبة بين أبناء الوطن ويظهر التعاون المثمر والنصح البناء بكل إخلاص مع تشابك الأيدي في الأزمات لكي يتم حل كل المشاكل والمعضلات التي قد تواجهنا.
كما أن الشورى كانت ومازالت سبيل لبناء المجتمعات الراقية والأمم المناضلة وتتعانق القلوب لترتقي بالأوطان وتعمر البلاد.
يمكن القول أن الشورى هي جزء لا يتجزأ من نظام الدين الإسلامي لأنها تشريع رباني وصفة من صفات المؤمنين الملتزمين بطاعة الله وتشريعاته.
من أراد أن تعمر الأرض يجب أن يحقق الاستخلاف الذي أراده الله تعالى فلا يتمسك بالشورى إلا من استجاب لله الملك القدوس حيث قال في كتابه الكريم:
“وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَأهم يُنْفِقُونَ”.
مميزات أهل الشورى
لكي يكون المرء أهلًا للشورى في موضوع معين يجب أن تتوافر صفات معينة فيه، منها:
- أن يكون ذا خبرة وإطلاع واسع فيما سيستشار فيه.
- أن يكون أهلًا للمسؤولية وأمين وغير متكاسل وعدم إعطاء الشورى بغير علم أو خبرة.
- أن يكون شجاع عندما يبدي رأيه حتى لو عارضه الجميع.
تعريف الديمقراطية
هي كلمة يونانية الأصل تتألف من مقطعين وهما (ديموس) وتعني (الشعب) و(كراتوس) وتعني (الحكم) ومعناهما هو حكم الشعب نفسه بنفسه، نشأت هذه الفكرة عند الغرب للمطالبة بالعدل والمساواة والحرية لمحاربة الظلم والاستبداد والجهل الذي سيطر على الغرب في العصور الوسطى.
السلوك الديمقراطي
يعرف السلوك الديمقراطي بالممارسات التي يقوم بها الفرد ويعبر من خلالها عن استعداده لتقبل وجهات نظر الأخرين والحوار معهم وتحمل المسؤولية بشكل متساوي مع بقية أفراد مجتمعه، وذلك لتحقيق مبادئ العدل والمساواة وترسيخ قيم الصدق والأمانة ومشارة الشعب في اتخاذ القرار وتوظيف طاقاته إلى أقصى مدى.
مفهوم الديمقراطية
الديمقراطية وسيلة لتنظيم المجتمع، بحيث يكون الشعب هو من يمتلك اليد والسلطة العليا والقيام بالاستفادة من السلطات الممنوحة للشعب بشكل علني ومباشر أو القيام بترشيح مجموعة من الأشخاص لتمثيل الشعب، فالديمقراطية تعارض فكرة أن تكون السلطة واليد العليا بقيادة شخص واحد.
حاليًا يعتبر الحكم الديمقراطي من أشهر أنظمة الحكم وأكثرها تفضيلًا بين المجتمعات وذلك لأنه يتيح للفرد التعبير عن خياراته.
أول نظام حكم ديمقراطي
تم إنشاء وتطبيق نظام الحكم الديمقراطي بشكل بدائي في مدن مختلفة حول العالم عندما كانت أنظمة الحكم الاستبدادي والأقليات منتشرة، يعود أول نظام حكم ديمقراطي في أثينا في القرن الخامس قبل الميلاد وهي مدينة يونانية الأصل، وذلك من خلال اجتماع أفراد الشعب والتحدث عن مسائل وشؤون الدولة وتنفيذ قرارات السياسية دون انتخاب ممثلين عنهم.
الفرق بين الشورى والديمقراطية
هناك فرق كبير بين الشورى والديمقراطية من خلال المجالات الآتية:
- المصدر:
هناك اختلاف كبير بين مصدر الشورى ومصدر الديمقراطية، فالشورى أتت من القرآن الكريم حين أمر الله سبحانه وتعالى النبي (صلي الله وعليه وسلم) بالشورى مما يدل أن الشورى تشريع إسلامي رباني، بينما الديمقراطية نشأت على يد البشر وذلك لمحاربة الظلم والاستبداد في الغرب الذي كان منتشر في العصور الوسطى والمطالبة بالعدل والمساواة والحرية.
- الخبرة والمعرفة والاختصاص:
وهذا الموضوع تتميز به الشورى عن الديمقراطية، فمبدأ الشورى هو استشارة الخبراء وأصحاب الاطلاع الواسع على موضوع أو شيء معين، فيتناقش أصحاب الخبرة بالموضوع ويختارون أفضل اقتراح وأنفعها للأمة، بينما الديمقراطية فيعتمدون على رأي الأغلبية فهم لا يعيرون الخبرة أي اهتمام، بينما يعتمدون على عدد ورأي الأغلبية دون النظر إلى مصداقية اختيارهم وصحته من عدمه طالما كان رأي الأغلبية.
- المرجع:
تختلف المراجع بين الشورى والديمقراطية بشكل كبير فالشورى مبدأ ديني إسلامي ليس له علاقة بالعدد، فأهل الشورى لا يخرجون عن ما ذكر في القرآن الكريم والسنة والشريعة، على عكس الديمقراطية فهم يعتمدون على العدد ولا يهتمون بمصدر الرأي أو ارتباطه بعقيدة أو شريعة معينة مما قد يؤدي إلى فساد سياسي أو مالي أو غيره.
إقرأ أيضًا: ما هي البراغماتية: تعريفها والفرق بينها وبين الميكافيلية