هل سبقَ لكَ وحلمتَ حلماً مزعجاً لدرجة أنكَ لم تستطع نسيانه طيلةَ اليوم؟ لا بدَّ أنكَ حلمتَ بكابوساً مزعجاً ولو مرة واحدة في حياتك على الأقل، فالأحلام هيَ عبارة عن جانب غامض لا يُمكن تفسيره أحياناً من قِبَل الإنسان، والحلم يتحوّل إلى كابوسٍ مزعج عندما يشعر الشخص بالتوتر والقلق والتعرّق أثناءَ نومه ورؤيته له، والكوابيس شائعة بكثرة ويراها الكثير منَ الأشخاص ولكنهم لا يُدركون أسبابها وطرق علاجها والتخفيف من ظهورها في الحلم، فما هيَ الكوابيس الليلية؟ وما هيَ أسبابها وطرق علاجها؟
ما هيَ الكوابيس الليلية؟
قبلَ تعريف الكوابيس علينا التطرّق قليلاً إلى الحلم، فالأحلام تحدث بشكلٍ يومي أثناءَ النوم وقد تكون أحلاماً رائعة يشعر بها الإنسان بالعظمة والسعادة أثناءَ الحلم بها وقد تتعلّق بأمنيات الإنسان في الحياة الواقعية وخياله اليومي وتفكيره الدائم بالشيء حتى يتحوّل إلى حلم جميل يُحققه عبرَ أحلامه، على سبيل المثال: هاني شاب متفوّق في دراسته ويحلم أن يصبح طياراً في المستقبل ضمن أحلام اليقظة اليومية لديه، لذلك عندما يُفكّر بشكلٍ دائم بالطيران وبنفسه كطيار منَ المحتمل أن تنتقل أحلام اليقظة إلى أحلام النوم من خلال رؤيته لنفسه بأنه قد حققَ هذا الحلم، وفورَ استيقاظه يشعر بالحماس والطاقة في داخله.
ومنَ الجدير بالذكر، أنَ الكوابيس تختلف عن أحلام العظمة والنعيم، وتحدث عادةً خلالَ مرحلة نوم الريم أو حركة العين السريعة، يشعر من خلالها الإنسان بأنه خائف ومذعور منَ الكابوس السيء الذي يحلم بهِ، وقد تكون الكوابيس عادية جداً وذلكَ بسبب الضغوطات اليومية والمهنية والكتمان والكبت الداخلي في قلب الإنسان، فالحلم بدوره يعمل على تنفيس ما بداخل الشخص من غضب وقلق وخوف على هيئة كابوس مزعج.
أما الكوابيس المستمرة التي تحدث بشكلٍ متكرر تُعدّ من أخطر الأحلام التي تُسيطر على حياة الإنسان وتفكيره وتُسمى {باضطراب الكوابيس المتكرر}، فقد تُصيبه باضطرابات النوم والأرق الليلي والتفكير المفرط والخوف الزائد منَ النوم تجنباً لتكرار الكابوس مرة أخرى، والكوابيس شائعة جداً عندَ الأطفال وخاصةً إذا كانَ أحد أفراد الأسرة يعمل على تخويف الطفل من شيء ما أو كائن حيّ، فيحلم الطفل بهيئة الشيء الخائف منه على شكل كابوس أو وحش مخيف يدفعه للبكاء وأحياناً التبول المتكرر في الفراش.
علاوة على ذلك، أثناءَ انتهاء الكابوس الذي يحدث في النصف الثاني منَ الليل، يستيقظ الشخص وهوَ مذعور وأحياناً يُصاب بحالة نفسية شديدة أو الشعور بازدياد ضربات القلب وضيق التنفس.
ما هيَ أسباب الكوابيس الليلية؟
قد ذكرنا في الأعلى أنَ الكوابيس أمر طبيعي إذا كانت غير مستمرة، ولكن توجد عدّة عوامل تُسهم في ظهور الكوابيس الليلية العادية والمتكررة أثناءَ النوم مثل:
- التفكير المفرط: يُمكن للتفكير السلبي والمفرط أن يُسهم في ظهور الكوابيس الليلية أثناءَ النوم، مثال على ذلك: طالب جامعي لديه امتحان غداً ولكنه لم يدرس المادة ولا يعلم محتواها فيبدأ بالتفكير المفرط قبلَ النوم والسهر لوقتٍ متأخر والخوف منَ الأسئلة ومدى صعوبتها، لذلك منَ المحتمل أن يظهر له كابوس مخيف أثناءَ النوم.
- المشاكل النفسية: وهيَ أحد الأسباب الشائعة لحدوث الكوابيس المتكررة عندَ الإنسان، كالقلق المستمر والاكتئاب والضغوطات المهنية والخوف من فقدان وظيفة أو أحد أفراد العائلة، بالإضافة للضغوطات العائلية واضراب ما بعد الصدمة.
- الإجهاد اليومي: الكثير منَ الأشخاص يُراكمون على أنفسهم العمل ويتخلصون منه دفعة واحدة خلالَ ليلة، ولذلك منَ المحتمل أن تظهر الكوابيس في الحلم بسبب الضغط النفسي والشعور بالإرهاق والتعب، كما أنَ عدم انتظام فترات النوم والسهر لوقتٍ متأخر والحرمان منَ النوم من أهم الأسباب التي تُسهم في ظهور الكوابيس المخيفة.
- تناول الأدوية: توجد بعض الأدوية والعقاقير التي تُؤرق الإنسان وتجعله يحلم بالكوابيس {كمضادات الاكتئاب، عقاقير مرض باركنسون، أدوية ضغط الدم، مضادات الهستامين}.
- الأفلام والفيديوهات المرعبة: يُعتقد أنَ الأفلام المصنفة من فئة {الرعب} والتي تحتوي على المشاهد الدمويّة والمخيفة، تُسهم بشكلٍ كبير في ظهور الكوابيس المستمرة إذا واصلَ الإنسان مشاهدتها يومياً وخاصةً قبلَ النوم.
- تناول الأطعمة المزعجة: من منّا لا يحب تناول الطعام ليلاً؟ بالتأكيد نسبة كبيرة تُفضّل تناول وجبة عشاء، ولكن تختلف هذه الوجبة من شخصٍ لآخر، فالبعض يكتفي بكوبٍ منَ اليانسون الصحيّ أو بعض الفاكهة اللذيذة، والبعض يتناول الأطعمة المقلية والدسمة والحارّة، والتي بدورها تُسبب عامل كبير في إظهار الكوابيس والأرق والشعور بالتخمة والتعرّق، ومن أبرز الأطعمة التي تُسبب الكوابيس قبلَ النوم {التوابل، السكريات، الصوص الحار، البطاطا المقلية، المشروبات الغازية، الكافيين، المشروبات الكحولية}.
كيفَ تتخلّص منَ الكوابيس الليلية والأحلام المزعجة؟
توجد 7 خطوات عليكَ اتباعها قبلَ النوم للحصول على راحة وتجنب الكوابيس المخيفة إذا كنتَ تُعاني منها:
الالتزام بالأنشطة البدنية:
كخطوة أولى عليكَ تحديد أهدافك خلالَ اليوم عن طريق كتابة مخطط لجدول أعمالك وتنفيذ المهام على أكمل وجه ضمن أوقاتٍ محددة، بالإضافة لضرورة ممارسة الأنشطة البدنية وذلكَ للترويح عن النفس والتخلص منَ الضغوطات اليومية التي شعرتَ بها، بالإضافة أنَ الرياضة تُسهم في زيادة تعب الجسم والنوم بشكلٍ أعمق وأفضل دون الشعور بالكبت الداخلي أو التفكير قبلَ النوم.
تجنب تناول الأطعمة قبلَ النوم:
علينا بالذكر أنهُ يُمكنكَ تناول وجبة عشاء خفيفة فقط تعتمد على بعض الخضراوات والفاكهة أو الأطعمة الخفيفة على المعدة، وضرورة تجنب الكحوليات أو المشروبات الغازية قبلَ النوم تحديداً والاكتفاء ببعض هذه المشروبات التي تقضي على الأرق وتُساعد على النوم بعمق {كالنعناع، اليانسون، البابونج، الشاي الأخضر، حليب الصويا}.
الاستماع للموسيقى الهادئة:
يوجد الكثير منَ الأشخاص لا يحبون النوم في غرفة هادئة كُليّاً بحيث لا يوجد أي صوت خارجي يصدر منها، وخاصةً الأطفال الصغار لذلك يُمكنكِ وضع موسيقى طفولية هادئة تُساعد على النوم في غرفة طفلك الصغير لزيادة شعوره بالراحة، وإذا كنتَ شخصاً ناضجاً يُمكنكَ الاستماع إلى الموسيقى التي تحبها بشرط أن تكون منخفضة وبعيدة عن سريرك ويُمكنكَ اختيار النوع الذي تحبه سواءً زخات المطر للنوم أو العزف على البيانو أو أي موسيقى تختارها.
مواجهة مخاوفك:
حاول أن لا تستسلم للكوابيس، إذا استيقظتَ مذعوراً أحضر ورقة وقلم وسجل مخاوفك وحاول البحث عن حلول لها ومواجهتها تدريجياً، فهذه الخطوة ستُسهم في زيادة الشجاعة لديك والقدرة على إنهاء الكوابيس المزعجة حولَ أمرٍ يُخيفك.
اضحك قبلَ النوم:
حاول الابتعاد كُليّاً عن مصادر الأفلام والفيديوهات التي تحتوي على الخوف والحزن والكآبة والاكتئاب، وخصص ساعة يومياً قبلَ النوم للضحك معَ الأصدقاء في سهرة ممتعة أو الضحك على فيديوهات تحبها أو مسرحية أو أي فيلمٍ كوميدي، هذه الخطوة ستُحسّن من راحتك وتزيد من شعورك بالسعادة.
راجع الأدوية التي تتناولها:
حاول استشارة الطبيب المختص قبلَ تغيير الأدوية، بالإضافة لضرورة شرح الكوابيس التي تحدث لكَ بسبب هذه العقاقير، والطبيب من تلقاء نفسه سيجد لكَ الحل المناسب سواءً بتغيير أوقات العقاقير أو استبدالها.
تقنيات الاسترخاء:
حاول ممارسة الأنشطة التي تُسهم في تحقيق الراحة النفسية وتحفّزك على الشهيق والزفير بطريقة صحيحة، فتقنيات الاسترخاء تُعدّ نشاط مهدئ قبلَ النوم.
الالتزام بالقراءات الدينية:
حاول أن تتقرّب منَ الله عزّ وجل من خلال قراءة الأدعية والأذكار والمعوذات وآية الكرسي قبلَ النوم، فهذه الخطوة ستُسهم في زيادة راحتك وابتعاد جميع المخاوف والكوابيس عن نومك.
قد يعتقد الإنسان أنه الشخص الوحيد الذي يُعاني من ظهور الكوابيس في أحلامه الليلية، ولكن جميعنا معرّضين لها بسبب الإرهاق اليومي وخاصةً في ظل عصرنا الحالي وتفاقم حالات الأرق والتعب النفسي، لذلك حاول دائماً الاهتمام بصحتّك العقلية والغذائية وخطّط لروتينك اليومي بهدوء وراحة بال.
{{ نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون }}.