تعرّف على رهاب المرايا {أسبابه وعلاجه}
المرآة عبارة عن شيء يُمكننا رؤية أنفسنا بهِ، ولا يكاد يخلو أي منزل منَ المرايا، فهيَ ضرورية في كل مكان وتستخدمها الفتيات بكثرة للاطّلاع على ماترتديه أو لوضع الميك أب وتسريح الشعر، والنظر إليها أمر طبيعي ولا يدعو للقلق، ولكن هل سمعتَ من قبل عن حالةٍ نادرة يُصاب بها بعض الأفراد بحيث يخافون منَ النظر إلى المرآة ويُحاولون تجنبها قدر الإمكان؟
إنَ الخوف أمر فطري عندَ كل إنسان، فجميعنا نخاف منَ أي مؤثرٍ خارجي يُحيط بنا، ولكن يتفاوت الخوف من شخصٍ لآخر، فالبعض يخاف منَ الحشرات أو الأماكن المرتفعة أو الحيوانات، والبعض الآخر يكون الخوف لديهم في أقصى حالاته وهنا نسميه بالخوف المرضي، فلا يستطيع الإنسان السيطرة على نفسه أثناءَ وجود هذا المؤثر حوله، ولذلك يوجد عدّة أشخاص يُعانون من فوبيا المرايا ويخافون منَ الاقتراب منها، فما هوَ رهاب المرايا؟ وما هيَ أعراضه؟ أسبابه؟ وعلاجه؟
ما هوَ رهاب المرايا؟
يُعدّ رهاب المرايا أو الذي يُعرف باسم {سبكتروفوبيا Catoptrophobia} عبارة عن حالةٍ نادرة يُصاب بها الإنسان، ويشعر من خلالها بالخوف الشديد ليسَ منَ المرآة بل إما من انعكاساتها أو النظر إليها، فإذا اضطرَ لرؤيتها تُراوده بعض الأفكار السلبية والمخيفة التي تجعله يبتعد عنها على الفور، وهذه الأفكار قد تكون بسبب اعتقاده أنها تحتوي على قوىً خارقة للطبيعة أو يربط المرآة بأشياء مخيفة حدثت معه أو يخاف منَ النظر إلى انعكاس وجهه وجسده عليها.
ومنَ الجدير بالذكر، أنَ هذا الرهاب عبارة عن مرضٍ نفسي يعتقد من خلاله الشخص أنَ هذه المرآة قد تخفي بداخلها الظلام والشرّ أو قد تحتوي على الأشباح والأرواح كما هوَ مذكور في بعض الخرافات الشائعة، ولذلك تكون حياة الإنسان المُصاب بهذه الفوبيا صعبة بعض الشيء كونهُ يُحاول أن يخرجها من منزله ويتجنبها في الأماكن العامة، ومنَ المُمكن أن تتطوّر حالته إلى تغطية الأبواب الزجاجية والنوافذ الخارجية كي لا يرى انعكاسه عليها.
ما هيَ أعراض رهاب المرايا؟
توجد عدّة أعراض يشعر بها الفرد أثناءَ مصادفته المرآة ومشاهدة نفسه بها، مثل:
- زيادة دقات القلب.
- التعرّق الشديد.
- التوتر.
- الخوف والقلق.
- التفكير بالأشياء السيئة.
- الحاجة إلى البكاء.
- حدوث نوبة هلع.
- ضيق التنفس.
- الرجفان.
- الهروب المستمر منها.
ما هيَ أسباب رهاب المرايا؟
نوّد الإشارة إلى أنَ الخوف المرضي من أي مؤثرٍ خارجي لا يأتي عن عبث، بل توجد عدّة عوامل تُؤثر في نفسية الإنسان وتزيد مخاوفه حوله، وإنَ العديد منَ الأسباب تُؤدي لشعور الشخص برهاب المرايا، وتتمثل في:
خرافات قديمة:
إنَ الخرافات تُحيط بعالمنا، بالرغم منَ التقدّم الكبير في جميع المجالات الحياتية، إلّا أنَ بعض الخرافات والمعتقدات ما تزال عالقة في أذهان الكثيرين، فتوجد خرافة تقول أنَ المرآة تعكس روح الإنسان، ويُمكن ملاحظة أنَ الأشخاص يقومون بتغطية المرايا التي تتواجد في منزل الشخص الميت لدى بعض الثقافات، ويقولون إذا انكسرت المرآة وأنتَ تنظر إليها ستُصاب بالحظ السيء ولن تستطيع التخلص منه، لذلك يشعر الإنسان بالخوف منَ النظر إليها.
المؤثرات الخارجية:
هل لاحظتَ أنَ أغلب أفلام الرعب تحتوي على الأشباح في المرايا؟ أو على شخصية الإنسان من جانبٍ آخر وهوَ الجانب السيء؟ أو حتى ظهور الأموات منها؟ نعم إنها عبارة عن مؤثراتٍ مخيفة تترسخ في الأذهان، وخاصةً عندَ الأطفال الصغار، فمنَ المُمكن أنَ الفرد قد نظرَ إلى مشهدٍ مخيفٍ ودموي في التلفاز عندما كانَ صغيراً، وهذا المشهد يتعلّق بالمرآة وما تخفيه وراءَ الزجاج ورافقه هذا الخوف حتى تقدّمَ بهِ العمر.
الصدمة النفسية:
أيضاً من أهم الأسباب التي تُؤدي لرهاب المرايا، فقد يكون بعض أفراد العائلة حاولوا ترهيب الطفل منَ المرايا، أو تحدثوا عن مواقفٍ غير حقيقية لإثارة الخوف داخله، كظهور الأشكال المشوّهة في الليل أو وجود كائن خلفَ المرآة سيُخيفك، سيتكوّن داخله ردّ فعل وخوف شديد منَ الاقتراب منها والتمعّن بها.
انعدام الثقة بالنفس:
إنهُ ليسَ سبباً رئيسياً، ولكن توجد فئة منَ الأفراد يتجنبون النظر في المرآة ورؤية انعكاسهم عليها، فيعتقدون أنَ أجسادهم ممتلئة أو أشكالهم غير لطيفة، وغالباً يتجنبون الكاميرات أو التصوير معَ الأصدقاء أو حتى الظهور في صور المناسبات، وهذا الشعور ناتج عن المثالية المزيفة التي تملأ مواقع التواصل الاجتماعي سواءً بالتميز في الجسم الرشيق أو البشرة المشرقة التي تُسبب للفرد حالة نفسية سيئة لاعتقاده بأنهُ غير جميل، وهؤلاء الفئة لا يخافون من تواجد المرايا ولكنهم يتجنبون النظر إليها.
ما هوَ علاج رهاب المرايا؟
كأيَّ نوعٍ من أنواع الرهاب المتعددة، إنَ العلاج ليسَ سحري ويتم خلال جلسة واحدة فقط، بل يجب اتباع عدّة طرق للتخلص من رهاب المرايا خطوة بخطوة، ومن هذه العلاجات:
العلاج السلوكي المعرفي:
إنَ هذا النوع منَ العلاج سيُسهم في معرفة الأفكار التي تُراود الفرد أثناءَ رؤية المرايا، ولماذا يخاف منها، ومن ثمَ العمل على حلّها تدريجياً من خلال تغيير المعتقدات والأفكار السائدة عنها، والتعرّف على أفكار ومشاعر جديدة تترسخ في ذهن الإنسان بواسطة المعالج، ممّا تجعلهُ يشعر بالراحة النفسية تجاه المرايا وتزيد من ثقته بنفسه أكثر.
العلاج بالتعرّض:
أي نوع منَ الرهاب يجب أن يتضمن التعرّض له في العلاج، ولكن ليسَ بشكلٍ فوري أي لا تدفع طفلك أو شقيقك إلى النظر في المرآة مجبراً، حتى لا تتكوّن لديه عقدة نفسية من خلالها، بل ابدأ أولاً بتحفيزه على مراحل واستخدم استراتيجيات تحدّ منَ الخوف والقلق، والتعرّض للمرايا أمامه ومن ثمَ محاولة تشجيعه للنظر إليها تدريجياً.
تقنيات الاسترخاء:
كُلّما شعرَ الإنسان بالخوف أثناءَ اقترابه منَ المرايا، حاول أن تصبر عليه وتُعلّمه تقنيات الاسترخاء والتنفيس عن الخوف الداخلي يومياً، فهذه الطريقة ستُحسّن مزاجه وتجعلهُ يفكر بعمق في كلامك الإيجابي عن المرايا، وتبطئ من معدل ضربات القلب وتُقلّل منَ الشعور بالخوف.
التنويم المغناطيسي:
وهوَ طريقة فعّالة لإعادة برمجة العقل الباطن للإنسان والتخلص منَ الوساوس والخوف والسلبية، وترسيخ الإيجابية والتحفيز داخل الدماغ.
الشيء الذي تعتقد أنهُ طبيعي واعتيادي بالنسبة لك، قد يكون مصدر رعب وخوف وقلق لغيرك، فلا تستهين بالأشخاص الذين يُعانون منَ الرهاب ولا تعتقد أنها فترة مؤقتة ويُعالج المُصاب منها، بل خذها على محمل الجدّ وحاول أن تدعمه معنوياً ونفسياً وتشجعه على الذهاب إلى المعالجين والأطباء النفسيين، فالكثير منَ المُصابين تعرّضوا للسخرية والتنمر من أقرب الأشخاص إليهم وزادت حالتهم النفسية سوءًا وأُصيبوا بالاكتئاب والانعزال عن الآخرين، لذلك كن سنداً لهم إذا كنتَ على قرابة منهم.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.