نسب وعائلة الصحابي سعيد بن زيد
هو الصحابي الجليل سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة، وهو ابن عم الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأمه هي فاطمة بنت نعجة بن مليح الخزاعية، وكان والده زيد بن عمرو رضي الله عنه ممن تجنبوا عبادة الأصنام وأنكروها وفرّو إلى الله منها، وكان يجوب الأرض باحثًا عن الدين القويم الصحيح، فرأى اليهود والنصارى، وعندما سمع ما يقولونه عن دينهم قال إني على دين إبراهيم، وكان رضي الله عنه لم يجد من يعلمه شريعة إبراهيم ويوفقه عليها قبل مماته، وقال سعيد بن زيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم:” يا رسول الله، إن أبي كان كما قد رأيت وبَلَغَك، ولو أدركك لآمن بك واتبعك، فاستغفر له؟”، فقال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:” نعم، فاستغفروا له فإنه يُبعثُ أَمَّة واحدة”.(1)
وعندما خرج والده باحثًا عن الدين القويم كان معه ورقة بن نوفل، عثمان بن الحارث بن أسد، عبيد الله بن حجش وأميمة ابنة عبد المطلب، وحين قابلوا اليهود والنصارى تبع ورقة بن نوفل ديانة النصرانية، وأما زيد بن عمرو فاعتزل جميع الديانات إلا دين إبراهيم، وقام أخاه من أمه الخطاب والد الصحابي الجليل عمر بن الخطاب بإيذائه ولومه.(2)
وعن سعيد بن زيد قال رضي الله عنه: خرج ورقة بن نوفل وزيد بن عمرو يطلبان الدين حتى مرَّا بالشام، فأما ورقة فتنصَّر وأما زيد فقيل له: إن الذي تطلب أمامك. قال: فانطلق حتى أتى الموصل فإذا هو براهبٍ، فقال: من أين أقبل صاحب الراحلة؟ قال: من بيت إبراهيم قال: ما يطلب؟ قال: الدين. فعرض عليه النَّصرانية، فقال: لا حاجة لي فيها. وَأَبَى أن يقبل، فقال: إن الذي تطلب سيظهر بأرضك، فأقبل وهو يقول: لبيك حقًّا حقًّا … تعبُّدًا ورقًّا.(3)
وعن أسماء رضي الله عنها قالت:” رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مسندًا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريشٍ، والله ما منكم على دين إبراهيم غيري، وكان يُحيي الموءُودَة، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: لا تقتلها وأنا أكفيك مؤنَتها، فيأخذَها فإذا ترعرعت قال لأبيها: إن شئت دفعتُها إليك، وإن شئت كفيتُك مؤنَتها”، وهذ يعني أنه كان ساعيًا في منع وأد الفتيات و قتلهن، وكان صاحب كلمة حق ويبحث عن الحق، ولهذا استغفر له النبي محمد صلى الله عليه وسلم حتى وإن كان لم يسلم حقًا، ولكنه كان بانتظار البعثة النبوية حتى يدخل الإسلام ويتعلم الدين الصحيح القويم.(3)
إسلام الصحابي سعيد بن زيد
كان الصحابي الجليل سعيد بن زيد من السباقين للإسلام، فأسلم رضي الله عنه قبل دخول النبي محمد صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، حيث دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام فشعر الصحابي سعيد بن زيد باللهفة وسارع إلى الإسلام هو وزوجته فاطمة بنت الخطاب، وكانا السبب في إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين دخل عليهم غاضبًا وضرب أخته وزوجها، ولكن رق قلبه بعد قراءة القليل من آيات القرآن الكريم.(3)
فضائل الصحابي سعيد بن زيد
كان الصحابي سعيد بن زيد سعيدًا بإسلامه وبظهور الدين الذي كان والده يبحث عنه، ومنذ إسلامه رضي الله عنه لازم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ولم يتركه، وشاركه في جميع غزواته باستثناء غزوة بدر أول غزوة في الإٍسلام، حيث أرسله النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مهمة استطلاعية مع طلحة بن عبيد الله عاد الصحابي سعيد بن زيد رضي الله عنه منها بعد انتهاء الغزوة، وشعر بالحزن لذلك، وأراد النبي محمد صلى الله عليه وسلم تطييب خاطره فأمسك سهم سعيد بن زيد وأطلقه كأنه شارك في الغزوة، فقال له سعيد بن زيد:” وأجري؟”، فقال له صلى الله عليه وسلم:” وأجرك”، وبذلك كان الصحابي سعيد بن زيد كمن شارك في الغزوة مع الصحابة.(3)
وكان الصحابي سعيد بن زيد رضي الله عنه من العشرة المبشرين بالجنة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم:” أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة” رضي الله عنهم وأرضاهم، وكان الصحابي سعيد بن زيد رضي الله عنه مجاب الدعوة، فعن سعيد بن زيد أن أروى خاصمته في بعض داره، فقال:” دَعُوهَا وَإِياهَا؛ فَإِني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: “مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقهِ، طُوِّقَهُ فِي سَبْعِ أَرضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”، “اللَّهُم إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَأَعْمِ بَصَرَهَا، وَاجْعَلْ قَبْرَهَا فِي دَارِهَا”، فقال: فرأيتها عمياء تلتمس الجدر، تقول: أصابتني دعوة سعيد بن زيد. فبينما هي تمشي في الدار مرت على بئرٍ في الدار، فوقعت فيها، فكانت قبرها(4).
وكان سعيد بن زيد رضي الله عنه راويًا لعدة أحاديث، فروى عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ثمانية وأربعين حديثًا، وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وخلال خلافة أبو بكر الصديق رضي الله عنه قام سعيد بن زيد بملازمة الخليفة رضي الله عنه، وكان من أوائل الصحابة الذين توجهوا للجهاد في سبيل الله في بلاد الشام، وكان من القادة في واقعة اليرموك، حيث قام أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه بالإبتعاد عن قلب المعركة إلى وراء الجيش بأكمله، وذلك ليستحي المنهزم إذا رآه ويعود إلى الجهاد والقتال ولا يهرب، فقام أبو عبيدة بن الجراح بجعل الصحابي سعيد بن زيد رضي الله عنه مكانه في قلب معركة، وقاد رضي الله عنه المعركة بشجاعة وإقدام.(4)(3)
ولازم الصحابي سعيد بن زيد الخلفاء الراشدين جميعهم، بداية من أبو بكر الصديق وصولًا إلى علي بن أبي طالب، ولم يشارك رضي الله عنه في أي فتنة ضد أحد منهم، وبايع رضي الله عنه بعد علي بن أبي طالب ابنه الحسن، ومن ثم بايع رضي الله عنه معاوية، ولكنه لم يبايع يزيد ابن معاوية، رضي الله عنهم وأرضاه.(3)
وبشر الصحابي سعيد بن زيد رضي الله عنه بالشهادة، وهذا يعني أنه يموت شهيدًا وإن كان على فراشه رضي الله عنه، فقد روي عن سعيد بن زيد في الحديث الحسن أنه رضي الله عنه قال:” شهد على التسعةِ أنهم في الجنَّةِ ولو شهدتُ على العاشرةِ لم آثَمْ قيل: وكيف ذاك؟ قال: كنا مع رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- بحِراءَ، فقال: اثبُتْ حِراءُ فإنه ليس عليك إلا نبيٌّ أو صدِّيقٌ أو شهيدٌ، قيل: ومن هم؟ قال: رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليٌّ وطلحةُ والزبيرُ وسعدٌ وعبدُ الرَّحمنِ بنُ عوفٍ، قيل: فمن العاشرُ؟ قال: أنا”.(5)
وفاة الصحابي سعيد بن زيد
عاش الصحابي الجليل سعيد بن زيد رضي الله عنه قرابة السبعين عامًا، وتوفي رضي الله عنه في مدينة البقيع وقيل في حدود سنة الخمسين للهجرة أو في السنة الواحد والخمسين للهجرة، ودفن رضي الله عنه في المدينة المنورة مع أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وحزن عليه أهل المدينة المنورة بأكملهم وذلك لأنه أحد الصحابة العشرة المبشرين بالجنة والذين ضُرِبت فيهم الأمثلة بالشجاهة والزهد والأخلاق الحميدة.
المراجع:
- المعرفة – سعيد بن زيد
- إسلام ويب – سعيد بن زيد
- دار الأفتاء المصرية – سعيد بن زيد
- قصة الإسلام – سعيد بن زيد
- سطور نبذة عن الصحابي سعيد بن زيد