الدعاء
يعرف لغة بأنه الطلب والابتهال، وأما شرعًا فيُقصد به طلب أبسط الأفعال ممن هو أعلى بخضوع واستكانة، وفي الإسلام يدعو المسلم لطلب العناية والمعونة من الله رب العالمين، والدعاء نوع من أنواع الذكر، حيث ينقسم الذكر إلى ثلاثة أنواع وهي:
- ذكر أسماء الله الحسنى، صفاته، معاني الصفات، الثناء على الله وتوحيده بأسمائه وصفاته، بالإضافة إلى تنزيهه عمّا لا يليق به، ويمكن اتباع هذا النوع من الذكر بالتسبيح (قول سبحان الله)، التحميد (قول الحمدلله)، التأليه (قول لا إله إلا الله)، والتكبير (قول الله أكبر)، بالإضافة إلى ذكر أسماء الله وصفاته كقول يا رحمن يا رحيم.
- ذكر أوامر الله ونواهيه، ويتضمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو الحديث عن الله سبحانه وتعالى وذكر الأعمال التي تقرب المسلم إليه.
- ذكر نعم الله، حيث يتذكر المسلم ما يمكنه تذكره من نعم الله عليه، وبالتالي يحمد الله عليها.
وللذكر ثلاثة درجات، فأعلى درجة هي ذكر الله بالقلب واللسان معًا، والدرجة الثانية للذكر أن يكون بالقلب وحده، وأما الدرجة الثالثة فهي الذكر باللسان وحده.(1)
أنواع الدعاء
يقوم المسلم بدعاء الله سبحانه وتعالى للعديد من الأسباب، وبناء على هذا تم تقسيم الدعاء إلى قسمين وهما: (2)
- دعاء العبادة: وفيه يطلب المسلم من الله سبحانه وتعالى الأجر والثواب بالأعمال الصالحة التي يقوم بها، كالنطق بالشهادتين، الزكاة والذبح لله، ويعني هذا أن يدعو المسلم ربه طلبًا للأجر والثواب، وخشية من العقاب.
- دعاء المسألة: وفيه يلجأ المسلم لله رب العالمين ليطلب منه مسألة يريدها، ويمكن أن تكون مسألته لجلب نفع له، دفع ضرر عنه، أو طلب حاجة منه للدين أو الدنيا أو كلاهما معًا.
فضل الدعاء
خلقنا الله سبحانه وتعالى لعبادته، ومن الطرق التي يعبد بها المسلم ربه دعاؤه، وقال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم “الدعاء هو العبادة”(2)، وفيما يلي بعض ما ورد في فضله: (3)
- طاعة الله سبحانه وتعالى والامتثال لأوامره، فقال الله تعالى في سورة الأعراف الآية 29 (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ۖ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۚ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ).
- الابتعاد عن الكبر، فقال الله تعالى في سورة غافر آية 60 (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)، وتدل الآية الكريمة على أن ترك الدعاء استكبار عن عبادة الله، أعاذنا الله وإياكم من الكبر.
- دعاء الله أكرم شيء على الله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ليسَ شيءٌ أكرمَ علَى اللهِ تعالى من الدُّعاءِ” صحيح الترمذي.
- في دعاء الله انشراح للصدر، تفريج للهم، زوال للغم وتيسير للأمور.
- الله عز وجل يحب أن يدعوه عبده، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “سَلوا اللهَ من فضلِه، فإن اللهَ يُحِبُّ أن يُسأَلَ، وأفضلُ العبادةِ انتظارُ الفرَجِ” سنن الترمذي – حديث ضعيف.
- دعاء الله سبب لدفع غضب الله، حيث قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم “مَن لم يسألِ اللهَ يغضبْ علَيهِ” الراوي : أبو هريرة -حديث حسن.
- دعاء الله سلامة من العجز، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إنَّ أبخلَ الناسِ من بخلَ بالسلامِ ، و أعجزُ الناسِ من عجز عن الدعاءِ” صحيح الجامع – حديث صحيح.
قد يهمك: صلاة الحاجة .. أحكامها .. كيف نصليها
آداب الدعاء
حين يبدأ المسلم بدعاء رب العالمين، يستحب أن بتبع مجموعة من الآداب، وفيما يلي بعض منها: (4)
- بدء الدعاء بالثناء على الله، ثم الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
- استشعار عظمة الله سبحانه وتعالى، مع الرغبة والرهبة، وإظهار التذلل والحاجة لله رب العالمين.
- دعاء الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى.
- الدعاء بأحسن الكلام.
- خفض الصوت خلال الدعاء.
- البكاء خشوعًا وتعبيرًا عن الدعاء من القلب.
- الدعاء في جميع الأوقات، لا فقط في أوقات الشدة أو الحاجة.
- الدعاء في الأوقات المباركة، كقبل الغروب أو أواخر الليل.
- الاعتراف بالذنوب، وتجديد النية بالتوبة منها وعدم الرجوع إليها.
- الدعاء على وضوء، مع التوجه إلى القبلة ورفع اليدين خلال الدعاء.
- التوسل إلى الله بأنواع التوسل المشروعة، ومثال عليها التوسل إليه بالأعمال الصالحة.
- تقديم الأعمال الصالحة بإخلاص النية لله.
- تجنب الدعاء بضرر على النفس، الأهل أو المال.
- الدعاء لنفسك، وللوالدين وللمسلمين.
- الالحاح في الدعاء.
- عدم استعجال الإجابة.
استجابة الدعاء
قال الله تعالى في الآية 60 من سورة غافر (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ).
فالله تعالى يستجيب الدعاء بعدة طرق، فإما يحدث ما دعا به المسلم، أو يؤخرها الله لوقت هو يعلمه بحكمته، أو يعوضها الله له بأجر عظيم في الآخرة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما من مسلم ينصب وجهه إلى الله، يسأله مسألة إلا أعطاه إياها، إما عجَّلها له في الدنيا، وإما ذخرها له في الآخرة مالم يعجل” فقالوا يا رسول الله وما عَجَلَتُه؟ قال” يقول دعوتُ ودعوتْ، ولا أراه يُستجاب لي”.(3)
وعن أنس بن مالك “جاءت أمُّ سُلَيمٍ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت: يا رَسولَ اللهِ، عَلِّمْني كَلِماتٍ أدعو بهنَّ في صلاتي، فقال: سَبِّحي اللهَ عَشرًا، واحمَدِيه عَشرًا، وكَبِّريه عَشرًا، ثمَّ سَلِي حاجتَكِ، يقولُ: نعَمْ نعَمْ” صحيح النسائي – إسناده حسن.
وعلى المسلم اتباع العديد من الأسباب والشروط لاستجابة الدعاء، وفيما يلي معظمها:
- الإخلاص في الدعاء.
- دعاء الله وحده لا شريك له.
- حضور القلب واستشعاره لعظمة الخالق عز وجل.
- حسن الظن بالله.
- اليقين بإجابة الدعاء في الدنيا أو الآخرة.
- اكتساب المال بالطرق المشروعة، فالمال الحرام يحد من استجابة الدعاء.
- عدم القيام بالدعاء وترك عبادات أعظم منه كالصلاة أو بر الوالدين والرد عليهم.
- عدم الاعتداء في الدعاء، كالدعاء بقطيعة الرحم أو بانقطاع الرزق.
أفضل الأوقات للدعاء
يستجيب الله لدعاء المسلم ورجائه بحكمته، ويستحب أن يختار المسلم بعض الأوقات للدعاء، وفيما يلي معظمها: (5)
- قبل البدء بالعمل، وخلال القيام به، وهذا لطلب العون من الله تعالى.
- خلال السجود، لقول النبي صلى الله عليه وسلم “أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ” الراوي : أبو هريرة – حديث صحيح.
- بين الأذان والإقامة.
- حين يهطل المطر.
- في الثلث الأخير من الليل.
- بعد آداء الصلوات المفروضة.
- يوم الجمعة وليلته.
- ليلة القدر.
- يوم عرفة.
- خلال آداء العمرة والحج، كعند الصفا والمروة، في المسجد الحرام أو عند الالنتهاء من رمي جمرة العقبة الصغرى والوسطى.
- دعاء الصائم قبل إفطاره.
أفضل الأدعية
من المستحب دعاء المسلم بجوامع الكلم، وهي الأدعية التي وردت في القرآن الكريم أو وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيما يلي أجمل الأدعية التي يمكن للمسلم أن يدعو بها: (6)
- “اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار” وذلك لقوله تعالى (وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) سورة البقرة – الآية 201.
- “اللهم إني أغوذ بك من الفقر، والقلة والذلة، وأعوذ بك من أَن أَظلِمَ أو أُظلَم” وذلك لحديث أنس بن مالك “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ كان يقولُ اللَّهمَّ إني أعوذُ بك من الفقرِ ، وأعوذُ بك من القِلَّةِ والذِّلَّةِ ، وأعوذُ بك أن أَظْلِمَ أو أُظْلَمَ” – حديث صحيح.
- “اللهم يا مقلب القلوب والأبصار، ثبت قلوبنا على دينك” وذلك للحديث الصحيح “قُلتُ لأمِّ سلمةَ : يا أمَّ المؤمنينَ ما كانَ أَكْثرُ دعاءِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إذا كانَ عندَكِ ؟ قالَت : كانَ أَكْثرُ دعائِهِ : يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ قالَت : فقُلتُ : يا رسولَ اللَّهِ ما أكثرُ دعاءكَ يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ ؟ قالَ : يا أمَّ سلمةَ إنَّهُ لَيسَ آدميٌّ إلَّا وقلبُهُ بينَ أصبُعَيْنِ من أصابعِ اللَّهِ ، فمَن شاءَ أقامَ ، ومن شاءَ أزاغَ . فتلا معاذٌ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا“.
- “اللهم إني أسالك الهدى والتقى، والعفاف والغِنَى” وذلك لحديث عبدلله بن مسعود “اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى. وفي روايةٍ : وَالْعِفَّةَ.” صحيح مسلم.
- “اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والهم والحزن، والجبن والبخل” وذلك لحديث أنس بن مالك “كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ مِن العَجزِ والكَسَلِ، والهَمِّ والحَزَنِ، والجُبنِ والبُخلِ، وضَلَعِ الدَّينِ وغَلَبةِ الرِّجالِ” حديث صحيح.
- اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال وذلك لحديث أبو هريرة “إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ باللَّهِ مِن أَرْبَعٍ يقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ”.
- سيد الاستغفار وهو “اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلى أنت” وذلك لحديث شداد بن أوس “سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ أنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ قالَ: ومَن قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقِنًا بها، فَماتَ مِن يَومِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ومَن قالَها مِنَ اللَّيْلِ وهو مُوقِنٌ بها، فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ”.
المراجع: