ما هو مرض التهام الذات Self-Cannibalism؟
لا شكَّ أنَ الاضطرابات النفسية مليئة في عالمنا، فدائماً يتم اكتشاف حالاتٍ غريبة يُصاب بها الأفراد وتُؤثر على حياتهم، وتوجد الكثير منَ العادات السيئة التي يقوم بها الإنسان وخاصةً عندما يشعر بالتوتر أو الخوف من أمرٍ معين {كقضم الأظافر، نزع الشعر} وتُعتبر عادة تظهر على الفرد لا أكثر، ولكن بالمقابل توجد فئة منَ الأشخاص يُبالغون في التهام ذاتهم فيفقدون السيطرة على أنفسهم ويبدأون بقضم أظافرهم حتى يجرحون أصابعهم أو قضم شفاههم حتى يخرج الدماء منها، وقد تتطوّر هذه الحالة من سلوكٍ قهري إلى اضطرابٍ نفسي يتوّجب علاجه والتخلص منه للحفاظ على صحة المُصاب بهِ، فما هوَ مرض التهام الذات Self-Cannibalism؟ وما هيَ أعراضه؟ أسبابه؟ وأهم علاجاته الطبيّة والنفسية؟
ما هوَ مرض التهام الذات Self-Cannibalism؟
تمَ تصنيف هذا السلوك كاضطرابٍ نفسي يُصيب الإنسان، فأثناءَ الإصابة بهِ لا يستطيع الفرد أن يُسيطر على أفعاله الخارجية فيقوم بأكل شفاهه وأضافره وأي منطقة يستطيع الوصول إليها من جسده، وقد تتطوّر الحالة إلى الرغبة بالشعور بالألم ورؤية الدماء تخرج منَ الجسم، ويُعتبر عقاب نفسي يفعله الإنسان ناتج عن اضطراب في الصحة العقلية.
ومنَ الجدير بالذكر، أنَ الإصابة بهذا الاضطراب لا تقتصر على التهام الجسد فقط، بل منَ المُمكن أن يقوم المُصاب بنزع خصلات صغيرة من شعره وتناولها، أو يقوم بتناول مواد ليسَ لها أيّة فوائد وضارّة على الجسم مثل {الطلاء، التراب، قطع الثلج} وذلكَ بهدف الشعور بالراحة.
ما هيَ أشكال مرض التهام الذات Self-Cannibalism؟
توجد عدّة أشكال يقوم بها المُصاب أثناءَ إصابته بهذا الاضطراب، وبعضها قد يكون نادراً جداً ولكنهُ موجود بالفعل، مثل:
- التهام الشعر: توجد متلازمة غريبة تُسمى {متلازمة نتف الشعر} ولكن هذا الاضطراب أخطر منها بمراحلٍ كبيرة، فيقوم المريض بنتف الشعر أو شعر الحاجبين أو حتى شعر الرموش، ويبدأ بقضمه والتسلية بهِ، ومن ثمَ يدخل إلى معدته ويزداد يوماً بعدَ يوم ممّا يُؤدي إلى حدوث عدّة مشاكل في المعدة والبطن.
- التهام الجلد: كل منطقة منَ الجسم يستطيع المريض إزالة الجلد منها سيفعلها، فهوَ لا يُمكنهُ التوقف بل يعتبرها مصدر راحة له أثناءَ قضم الشفاه منَ الداخل والخارج وقضم الجلد المحيط بالأظافر وقضم الأظافر أيضاً، وهذا الفعل السلوكي يُؤدي لحدوث تشوّهاتٍ عديدة وجروح ومنَ المُمكن أن يتحوّل لون الجلد إلى أخضر أو أزرق من شدّة الألم.
- التهام لحم الجسد: إنه غريب ونادر بعض الشيء، ولكنهُ موجود بالفعل، فتوجد فئة قليلة منَ الأفراد يحبون تناول اللحم البشري والاستمتاع بهِ، وتُعتبر هذه الفئة هيَ الأخطر على نفسها وعلى البشرية.
ما هيَ أعراض مرض التهام الذات Self-Cannibalism؟
توجد عدّة أعراض نفسية وصحيّة تُصيب الفرد المُصاب بهذا الاضطراب، مثل:
- عدم القدرة على السيطرة على النفس.
- الحاجة إلى قضم أي جزء منَ الجسم.
- الخجل الاجتماعي من هذا التصرف أمامَ العامة.
- العزلة والشعور بالوحدة.
- حدوث جروح في المنطقة التي يقضم بها المريض ونزيف.
- مشاكل في المعدة والبطن.
- تخريب مظهر الأظافر والشفاه.
ما هيَ أسباب مرض التهام الذات Self-Cannibalism؟
بالتأكيد لكل اضطراب نفسي أو مرض جسدي أسباب معينة تدفع الفرد للإصابة بهِ، ولكن لم يتمكّن الأطباء من تحديد أسباب رئيسية لمرض التهام الذات، بل توجد عدّة عوامل تُساعد على الإصابة بهِ، مثل:
الشعور بالوحدة:
منَ المُمكن عندما يشعر الإنسان بالملل الشديد ويُلاحظ أنَ لا أحد مهتم بهِ أو يريد التحدث إليه، تخطر على باله أفكار عديدة مثل تسلية النفس بقضم الأظافر أو الشفاه، وتتطوّر هذه الحالة يوماً بعدَ يوم حتى تُصبح كالإدمان.
التوتر والقلق:
يظهر عادةً هذا السلوك القهري في سنٍ صغيرة، فيُمكنكَ ملاحظة أنهُ توجد فئة منَ الأطفال يعضون أصابعهم ويمضغونها وخاصةً أثناءَ توبيخ الوالدين لهما أو الشعور بالخوف، ومن هنا تتطوّر الحالة إذا لم يتم معالجتها في وقتٍ مبكر إلى إدمان معَ مرور الوقت، فكلّما شعرَ الإنسان البالغ بالخوف أو التوتر يبدأ بقضم شفاهه ونتف شعره.
العوامل الوراثية:
إنها تُؤثر بشكلٍ كبير على الإنسان، وخاصةً إذا كانَ أحد الوالدين أو الأقرباء يفعل هذا السلوك أمامَ الطفل أو المراهق، فسيعتاد عليه ويبدأ بمحاكاته والإصابة بهِ.
عقاب النفس:
أحياناً يُواجه الشخص عدّة مشاكل وضغوطات لا يستطيع حلها ويلقي اللوم على نفسه ويُحاول الانتقام منها بشتّى الطرق، ولذلك يلجأ إلى هذا الفعل السلوكي كمحاولة لعقاب النفس.
الأمراض العقلية:
توجد بعض الأمراض العقلية التي تدفع الفرد إلى التهام ذاته وتوتره وزيادة الإدمان على هذا السلوك، مثل {الاضطرابات القهرية أو مرض الذهان أو الإدمان على المخدرات}.
ما هوَ علاج مرض التهام الذات Self-Cannibalism؟
توجد عدّة علاجات تُساعد الفرد في التخلص من هذا الاضطراب، وتتمثل في:
مساعدة الآخرين:
يُمكن الاستعانة بأحد الأصدقاء أو أفراد العائلة لقضاء أكبر وقت ممكن معَ المريض ومراقبة أفعاله ومحاولة إشغاله بالأنشطة التي يحبها والتي تُساعد على نسيان الالتهام الذاتي أو الشعور بالتوتر من أمرٍ ما، ويُفضّل أن تكون هذه الأنشطة تُسهم في تفريغ الضغط النفسي مثل الألعاب الرياضية والنوادي وغيرها.
العلاج النفسي:
إذا كانَ الفرد يتمتّع بإرادة عالية ويُحاول التخلص من هذا الاضطراب ولكنهُ لا يعلم من أينَ يبدأ، يُمكنه وضغ مخطط يومي لأهم الأعمال التي يُريد القيام بها لإشغال نفسه عن التفكير، ومنَ المهم أن يتضمّن البرنامج الخروج معَ الأصدقاء والضحك والمشي أو ركوب الدراجة أو الذهاب إلى السينما، ويكون هذا العلاج مرافقاً للعلاج من قِبَل أخصائي.
العلاج من قِبَل طبيب مختص:
إذا شعرتَ بأنَ حالتك متطورة ولا يُمكن السيطرة عليها، حاول أن تذهب إلى أقرب معالج وتتحدث عن حالتك بكل وضوح دون خجل أو تردد، فالمعالج سيتفهم ماهيّة الأمور التي تدفعك لالتهام ذاتك وما هيَ الأوقات التي تشعر بها أنكَ غير قادر على التوقف، ومن ثمَ العمل على حلّها ومعالجتها وإعطاء عادات وطرق بديلة للتخلص منَ الضغوطات والتوتر عوضاً عن الالتهام الذاتي.
العلاج بالأدوية:
إذا كانت الحالة في أشدّ مراحلها خطورة، فيُمكن للطبيب أن يصف لكَ بعض الأدوية التي تُسهم في تهدئتك مثل أدوية مضادّات الاكتئاب أو أي نوعٍ آخر يُخفف من أعراض هذا الاضطراب.
إذا كنتَ من مدمني هذا السلوك القهري وتشعر بالمتعة أثناءَ القيام بهِ، فننصحكَ بالتوقف تدريجياً عنه فحاول تقليم الأظافر دائماً واجعلها نظيفة وسيطر على انفعالاتك كُلّما حاولتَ قضم شفاهك أو أظافرك، ويُمكنكَ اتباع تمارين اليوجا والاسترخاء بهدف تقليل الضغط النفسي والتوتر، وتجنب الجلوس وحيداً في غرفتك والتفكير المفرط بأمرٍ ما فهذا سيدفعك لالتهام الذات، وإذا اضطررت اطلب المساعدة منَ الطبيب أو أحد أفراد عائلتك.
بالإضافة، يجب على الوالدين مراقبة أطفالهم أثناءَ قيامهم بهذا الفعل وشرح خطورته عليهم وأنها عادة سيئة ستُؤدي إلى مشاكلٍ صحيّة، ويُمكن مكافأة الطفل بهديةٍ لطيفة إذا حاولَ الابتعاد تدريجياً وبشكلٍ يومي عن هذه العادة، لذلك لا تُهمل أطفالك ولاتجعل هذا المرض النفسي يُرافقهم حتى البلوغ.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.