ما هي مخاطر زواج الأقارب

ما هي مخاطر زواج الأقارب
شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

زواج الأقارب أو ما يسمى بالزواج اللحمي الداخلي أو الأندوجامي هو عبارة عن زواج يتم بين فردين تجمعهما رابطة الدم.

من أهم أهداف هذا الزواج هو المحافظة على استمرار وبقاء الجماعة مع الحرص على عدم اختلاطها بغيرها من الجماعات لتجنب خطر الذوبان والاندماج مع غيرهم.

إن زواج الأقارب عندما يستمر لعدة أجيال يساهم في تراكم العديد من الصفات الوراثية الغير جيدة وبالتالي يضعف النسل.

سنتحدث في هذا المقال عن مخاطر زواج الأقارب من الناحية الصحية والاجتماعية وسنذكر موقف الدين الإسلامي من هذا الزواج.

موقف الدين الإسلامي من زواج الأقارب

على الرغم من كون الرسول محمد قد أمرنا بالتخير بالطرف الثاني للزواج إذا قال ” تخيروا لنطفكم” حيث يكون معنى التخير بالعصر الحالي هو الحصول على الاستشارة الوراثية، إلا أنه لا يوجد نص صريح ينهي عن زواج الأقارب.

إن الحديث المنتشر الذي ينهي عن زواج الأقارب «غربوا النكاح» هو حديث غير صحيح حيث أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد تزوج من ابنة عمته زينب.

بالنسبة للآية القرآنية الصحيحة فهي: ” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا”.

أما في سورة النساء فقد تم الشرح عن أنواع الزواج المحرم فقال الله تعالى: ” حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا”.

أيضًا ورد في سورة النساء: ” وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا”.

فيما عدا الذي تم ذكره في الآيات السابقة فكل أنواع الزواج جائزة ولم يتم ورود زواج الأقارب من بين الأنواع المحرمة في الدين الإسلامي.

على الرغم من ذلك فإنه يفضل التقليل قدر الإمكان من زواج الأقارب بهدف الحفاظ على اتساع العلاقات والمصاهرات وأيضًا لمنع ترسخ بعض الصفات الوراثية السلبية جدًا وهذا من باب التفضيل وليس من باب التحريم.

مخاطر زواج الأقارب من الناحية الصحية

على الرغم من كون الشرع لا يمانع نهائيًا زواج الأقارب إلا أنه يفضل أخذ الحيطة والحذر لكون أغلب الدراسات العلمية الحديثة قد أكدت شيوع الأمراض الوراثية بشكل كبير ما بعد زواج الأقارب.

من أهم الأمراض الشائعة بعد هذا النوع من الزواج نذكر المشاكل المتعلقة بخضاب الدم وأيضًا العيوب الاستقلابية الخلقية مثل الأمراض أحادية الجينات كلها تعد أسباب رئيسية للكثير من الإعاقات والأمراض لدى الأطفال.

قامت العديد من الأبحاث العلمية والدراسات التي تم إجراءها حول زواج الأقارب بالتأكيد على أن هذه الأمراض والإعاقات تنتج بعد زواج القربى وخصوصًا القرابة الواضحة مع إهمال إجراء التحاليل الطبية الضرورية لدى الزوجين قبل الزواج.

يعود السبب في ذلك إلى وجود فرصة أكبر لدى الزوجين ذوي القربة القوية بأن يحملوا صفات وراثية متنحية وخصوصًا عندما يكون كلاهما حاملين للصفات المسببة للمرض.

يمكن القول أن زواج الأقارب سيكون سبب في توريث 82 مرض مختلف مثل الإجهاضات المتكررة والإعاقات المختلفة مثل مرض الحويصلات المتعدد ضمن الكلية ومرض الثلاسيميا.

قد يعاني الأطفال من اضطرابات زيادة مستوى الحديد في الجسم مع ضمور في عضلات الكتفين والوجه.

بالإضافة لذلك يكون وزن المواليد الجدد أقل عند الولادة في حالات زواج الأقارب.

مخاطر زواج الأقارب من الناحية الاجتماعية

ينصح جميع الأطباء بضرورة منع زواج الأقارب وفق المستطاع وذلك لأن نسبة الأمراض الموجودة لدى الأطفال الناتجين عن زواج الأقارب تكون ضعف تلك التي تنتج عن حالات الزواج العادي، وذلك يعود لوجود نفس الصفات الغير حميدة عند الزوجة والزوج.

إن هذه الصفات الغير حميدة تعد السبب الرئيسي لظهور الأمراض الوراثية للأطفال بعد الولادة وغالبية هذه الأمراض تكون مع الأسف بدون علاج ويعاني منها الطفل كل حياته.

لذلك يجب أن يمنع زواج الأقارب بشكل كامل أو على الأقل أن يتم إجراء التحاليل الخاصة بما قبل الزواج لمعرفة فرص إصابة الأطفال بهذه الأمراض الشائعة.

تبلغ نسبة انتشار هذا النوع من الزواج في أوروبا 1% بينما مع الأسف تكون نسبة زواج الأقارب في البلدان العربية مرتفعة جدًا حيث بلغت نسبته في الكويت 55% أما في السودان فقد وصل إلى 60% ولكن لحسن الحظ فقد انخفضت النسبة حتى أصبحت 30%.

من أهم الآثار الاجتماعية الهامة التي تنتج عن مثل هذا النوع من الزواج هو انخفاض مستوى التواصل الموجود بين الزوجة والزوج حول استخدام وسائل تنظيم الأسرة وأيضًا تنخفض معدلات استخدام وسائل منع الحمل.

يمكن القول أن مخاطر زواج الأقارب لن تكون مقتصرة على انتقال الأمراض الوراثية من جيل لآخر بل ستؤثر على طول الأفراد ومستوى ذكائهم وتحصيلهم العلمي بمرور الوقت.

لذلك فإن تجنب هذا النوع من الزواج سيفيد في تغيير بنية المجتمع من مجتمع قبلي لمجتمع حديث تمامًا، وحسب تجارب عديدة فإن التوعية من مخاطر زواج الأقارب تلعب دور كبير في مواجهة هذا التقليد القديم الخاطئ.

 في النهاية نؤكد على ضرورة استشارة اخصائي في الأمراض الوراثية مع إجراء التحاليل الضرورية ما قبل الزواج في حال عدم القدرة على منع زواج الأقارب للتأكد من الصفات الوراثية الموجودة لدى الطرفين.

‫0 تعليق