هل سبقَ لكَ أن قمتَ بادعاء المرض على نفسك للتغيّب عن المحاضرات الجامعية أو العمل؟ أو ادعيّتَ المرض من أجل التهرب منَ القيام بعدّة التزامات أو واجبات معينة عليكَ تنفيذها؟ بالطبع جميعنا ندعي من وقتٍ لآخر أننا مريضون أو مشغولون لأخذ قسط منَ الراحة فقط والترويح عن أنفسنا، ولكن يوجد بعض الأشخاص يدّعون المرض في حياتهم اليومية بشكلٍ دائم وهم لا يُعانون من شيء، وذلكَ لإثارة الانتباه والاهتمام فقط وهذه الحالة تُعرف بالاضطراب المفتعل أو {متلازمة مانشهاوزن}، فما هيَ هذه المتلازمة؟ وما هيَ أعراضها؟ أسبابها؟ وعلاجها؟
صديقي القارئ،، نُقدّم لكَ في هذا المقال معلومات شاملة عن متلازمة مانشهاوزن عليكَ قراءتها والتعرّف عليها:
ما هيَ متلازمة مانشهاوزن؟
نبدأ بالإشارة إلى أنَ متلازمة مانشهاوزن هيَ عبارة عن اضطراب عقلي نادر منَ المُمكن أن يُصيب أي شخص في العالم، يتظاهر المُصاب من خلال هذه المتلازمة أنهُ مريض ببعض الأمراض الجسدية، فيبدأ بتقمص دور المريض ويتظاهر بأنهُ يُعاني منَ الآلام والأوجاع أمامَ الأطباء وذلكَ بغرض جذب الاهتمام واستعطاف الآخرين إليه والتركيز عليه.
ومنَ الجدير بالذكر، أنَ هذه المتلازمة تُعدّ واحدة منَ الأمراض العقلية كونها ترتبط بصعوبات عاطفية يُعاني منها الشخص، ويبدأ بتقمص دور المريض الذي يُعاني إما من بعض المشاكل المعوية أو الحمى أو بعض الآلام الصدرية.
علاوة على ذلك، سيُراود ذهنك سؤال مهم وهوَ لماذا سميّت هذه المتلازمة بمانشهاوزن؟ والإجابة هيَ نسبةً ل Baron Munchausen وهوَ ضابط ألماني كانَ يتميز بأنهُ يُلقي القصص للآخرين عن حياته وتجاربه التي خاضها في معاركه، ويبدأ باختلاق القصص وتزييفها عن حياته، وكانَ مانشهاوزن ضابطاً في الجيش الروسي ضدَ الأتراك، وتحوّلَت قصصه عندما تقاعد إلى تزييفه لحياته وتجاربه ولذلك نُسبت إليه متلازمة مانشهاوزن.
ما هيَ أعراض متلازمة مانشهاوزن؟
نوّد الإشارة إلى أنَ الشخص المُصاب بهذه المتلازمة يُحاول بشتّى الطرق إيذاء نفسه أو تغيير عيّنات تحاليله من أجل إثبات مرضه، ويُحاول الكذب دائماً والمبالغة في أعراض مرضه على الأطباء، ومن أعراض هذه المتلازمة:
- في البداية لا تكون الأعراض واضحة على المريض، ولكن تبدأ بأن تصبح أكثر حدّة أثناءَ تناول العلاج.
- تدني احترام الذات للمريض بهذه المتلازمة.
- التعمدّ في تناول الطعام الفاسد أو جرح نفسه بأداة حادّة أو أخذ جرعة منَ الدواء للإصابة بمرض ما.
- إصراره على مرضه وتهويل الآلام التي يشعر بها.
- الاستعداد الدائم لإجراء أي عملية جراحية أو فحص طبي.
- شعور المريض براحة أكبر أثناءَ تواجده في المستشفى.
- التظاهر بأمراض خطيرة في بعض الأحيان {كالسرطانات أو الأمراض القلبية}.
- محاولة استعطاف الآخرين لهُ.
- التلاعب في بعض الأحيان بعيناته كإضافة ألوان على البول أو البراز لديه لإثبات مرضه.
ما هيَ أسباب متلازمة مانشهاوزن؟
ما زالت الأسباب غير واضحة، ولكن رجحَ بعض الأطباء والباحثين عدّة عوامل منَ المُمكن أن تُسهم في إصابة الشخص بهذه المتلازمة ومن أهمها العوامل البيولوجية والنفسية مثل:
- إصابة الشخص ببعض الاضطرابات النفسية {كالاكتئاب، اضطرابات الصدمة، اضطرابات الطفولة}.
- سوء المعاملة في فترة الطفولة وعدم اهتمام العائلة لهُ.
- الإهمال من قِبَل مقدمي الرعاية أو الوالدين وعدم الإنصات لهُ ولآرائه، أو تفضيل أحد إخوته عليه وتجاهله.
- فقدان أحد والديه الذي كانَ مهتماً بهِ في مراحل حياته أو في مرحلة مرضه.
- الحرمان العاطفي منَ المجتمع والعائلة والتعرّض للتنمر بشكلٍ مستمر في حياته.
ما هيَ مخاطر متلازمة مانشهاوزن؟
تُعدّ هذه المتلازمة خطيرة للغاية على الشخص المُصاب بها، فكما ذكرنا في الأعلى أنهُ مستعدّ للقيام بأي عملية جراحية أو فحص طبي لإثبات مرضه واستعطاف الأطباء، ولذلك منَ المُمكن أن تؤدي إلى عدّة مضاعفات ومخاطر على صحته مثل:
- عدم ثقة الآخرين بهِ والاعتماد عليه وبالتالي يؤدي إلى خلق فجوة معَ علاقاته الاجتماعية.
- التفكير الدائم بمرضه والاكتئاب المُستمر ومنَ المُمكن أن يلجأ إلى الكحوليات.
- الإصابة بعدّة أمراض خطيرة بسبب العمليات الجراحيّة التي يقوم بها الأطباء عليه {كإصابته بالعدوى أو الفيروسات أو فقدان إحدى أعضاء جسده الداخلية} .
- منَ المُمكن أن يفقد الشخص حياته بسبب زيادة جرعة الدواء أو إيذاء نفسه بحقن الأنسولين بجرعات كبيرة.
هل متلازمة مانشهاوزن موجودة في الحياة الافتراضية كالإنترنت؟
الجواب هوَ نعم، موجودة بكثرة ويُمكننا أن نلاحظ ذلك أثناءَ تصفح أغلب التعليقات عندَ الصفحات المشهورة، فبالتأكيد قد صادفتَ يوماً ما إحدى التعليقات تقول الفتاة بها أنها مصابة بمرض خطير وتحتاج للدعم، ومنَ الجدير بالذكر أنهُ انتشرَ تعليق لشخص يدّعي بأنَ زوجته توفيت في حادث سير وتمَ إنقاذ جنينه الموجود في بطنها، وأثارَ هذا التعليق استعطاف آلاف الناس لهُ ودعمه دون أن يعلموا بأنهُ شخص كاذب حتى تمَ اكتشاف أمره بحسب ما وردَ في موقع {عربي بوست} عن محتوى هذا التعليق.
كيفَ يتم تشخيص متلازمة مانشهاوزن؟
في البداية يتعجب الأطباء من عدم وجود خلل أو مرض جسدي عندَ الشخص بعدَ إجراء العديد منَ التحليلات، ولذلك على الطبيب في هذه الحالة أن يُحوّل الشخص إلى طبيب نفسي لعلاج حالته إذا أصرَّ على مرضه أمامه، ومتلازمة مانشهاوزن ليست بالأمر السهل بل منَ الطبيعي أن يقوم الشخص المُصاب بها بالابتعاد عن الطبيب النفسي أو عدم الاعتراف بهذه المتلازمة وإصابته بها.
كيفَ يتم علاج متلازمة مانشهاوزن؟
منَ الجدير بالذكر أنَ الشخص المُصاب بهذه المتلازمة يبحث عن أي مرض جسدي للإصابة بهِ وتقمص دور المريض، ولكنهُ يرفض أنهُ مصاب بهذه المتلازمة ولذلك قد يكون منَ الصعب إقناعه في تلقي العلاج، ولكن العلاج يتم عن طريق:
- العلاج السلوكي المعرفي : منَ المُمكن أن يلجأ الطبيب للجلوس معَ الشخص المُصاب بهذه المتلازمة والاهتمام بهِ ومن ثمَ البدء بتغيير أفكاره وتوجيهه للطريق الصحيح وإبعاد أعراض هذه المتلازمة عنه، وبالتأكيد سيواجه الطبيب النفسي صعوبة في التعامل معهُ ولكن معَ الاستمرارية وتناول الأدوية يُمكن التخفيف من هذه الحالة.
- تناول الأدوية: نوّد الإشارة إلى أنهُ يُمكن إعطاء المريض أدوية خاصة بعلاج الاكتئاب والقلق وبعض الأمراض الصحيّة العقلية.
توجد العديد منَ المتلازمات التي تُؤثر على صحة الإنسان النفسيّة والعقليّة، ولكن تُعدّ متلازمة مانشهاوزن واحدة من أغرب الحالات فالإنسان دائماً يدعي الله لأن يديم لهُ صحتّه وعافيته، إلّا الأشخاص المُصابين بهذه الحالة يتمارضون دائماً لاستعطاف غيرهم، لذلك إذا صادفتَ هذه الحالة معَ أحد أفراد عائلتك حاول العناية والاهتمام بهِ وتغيير طريقة تفكيره والتقرّب منهُ.
{{ نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون }}.