مرض نيكتوفيليا النفسي {أسبابه وعلاجه}
شخصية كل فرد تختلف عن الآخر، فالكثير منَ الأحيان نلاحظ أنَ بعض الأفراد يهربون منَ الظلام الدامس ويكرهون الليل كثيراً كونهم يخافون منه ولا يستطيعون البقاء وحدهم في الغرفة لاعتقادهم أنهُ توجد أشياء خارقة للطبيعة ستُلحق الأذى بهم، وبالمقابل البعض الآخر يهرب منَ الشمس والضوء في الصباح، ويُغلق ستائر منزله بالكامل حتى لا يتعرّض للضوء، ويعشق الليل ويستمر بالاستيقاظ حتى بزوغ الفجر، ويُحاول النوم والجلوس في الظلام دون الاختلاط بالبشر وهذا المرض يُسمى {نيكتوفيليا}، يشعر الشخص أنهُ عاشق للظلام ويُطلق عليه البعض ببومة الليل، فما هوَ مرض نيكتوفيليا النفسي؟ وما هيَ أعراضه؟ أسبابه؟ وعلاجه؟
صديقي القارئ،، إذا كنتَ عاشقاً لليل والظلام ولا تحب ضوء الشمس نهاراً، فربما أنتَ مصاب بالنيكتوفيليا، لذلك نُقدّم لكَ في هذا المقال معلوماتٍ شاملة عن هذا المرض النفسي:
ما هوَ مرض نيكتوفيليا النفسي؟
يُعدّ مرض نيكتوفيليا Nyctophilia واحداً من أغرب الأمراض النفسية التي تُصيب الإنسان، فالمُصاب ينتظر حلول الظلام طوالَ الوقت حتى يرتاح نفسياً وجسدياً، ويُحاول أن يعزل نفسه في الصباح ضمنَ غرفةٍ باردة ومظلمة عن الآخرين حتى يتمكّن من استعادة طاقته وممارسة نشاطاته التي يحبها.
ومنَ الجدير بالذكر، أنَ كلمة نيكتوفيليا تعني {صديق الليل} باللغة اليونانية، وهذا المرض النفسي يختلف تماماً عن مشكلة الأرق التي يُعاني منها البعض، فالمُصابين بالأرق الليلي يسعون جاهدين لتناول المنومات واتباع طرق عديدة للاسترخاء والنوم، أما مُصابي النيكتوفيليا فهم لا ينامون إلّا في الصباح ويُحاولون أخذ المنبهات حتى لا يشعرون بالنعاس.
علاوة على ذلك، يُمكن تمييز هذا الشخص بسهولة، فإذا كانَ أحد أصدقائك أو أطفالك يُعاني منها ستُلاحظ أنهُ وحيد ومكتئب خلالَ النهار ويُحاول التهرّب منَ الخروج في ضوء الشمس، وينعزل في هذا الوقت ضمن غرفته إما لينام أو ليجلس على هاتفه الذكي بهدف تضييع الوقت حتى حلول المساء.
بالإضافة، أنَ المُصاب يُبدع في عمله ودراسته خلالَ الليل ويُحاول تأجيل المهام المطلوبة منه خلالَ النهار ليُنفذّها على رواق في غرفته وحده، ولكن لهذا المرض الكثير منَ الآثار السلبية على صحة المريض النفسية والجسدية وعلاقاته الاجتماعية أيضاً.
ما هيَ أعراض مرض نيكتوفيليا النفسي؟
توجد عدّة أعراض يشعر بها المُصاب بهذا المرض، مثل:
- تجنب الخروج إلى الأماكن المزدحمة.
- تجنب التعرّض لأشعة الشمس.
- الشعور بالوحدة والعزلة.
- التفكير الدائم.
- التقلبات المزاجية.
- الابتعاد عن العائلة والأصدقاء.
- الكسل.
- التعب المستمر.
- الحاجة إلى النوم، فالنوم أثناءَ الليل مهم جداً لكل إنسان، لذلك يشعر المُصاب بأنهُ مرهق ويحتاج للنوم حتى لو بقيَ طيلةَ النهار نائم.
- الكوابيس والأحلام المزعجة.
- نقص فيتامين د، بسبب تجنب التعرّض لأشعة الشمس في الصباح الباكر أو قبلَ الغروب.
- شحوب الوجه.
- ظهور الهالات السوداء والتجاعيد في سنٍ مبكر.
- الاكتئاب.
- الانزعاج منَ الضجيج.
ما هيَ أسباب مرض نيكتوفيليا النفسي؟
الأطباء لم يُحدّدوا أسباباً رئيسية لهذا المرض النفسي، ولكن توجد عدّة عوامل تدفع الإنسان لمتلازمة حب الظلام، مثل:
الضغوطات النفسية:
إنَ بعض الضغوطات المهنية والحياتية تجعل الفرد بحاجة ماسة للراحة والانعزال عن الآخرين، وهذا أمر طبيعي جداً، ولكن المُصابين بالنيكتوفيليا منَ المُمكن أنهم تعرّضوا لتجربةٍ مريرة في الحياة كالفشل في العمل واليأس منَ البحث الدائم عن فرصةٍ ذهبية لينجحون بها، لذلك يتحوّلون من أشخاصٍ طبيعيين إلى منعزلين ومحبين للظلام.
فشل العلاقات الاجتماعية:
أيضاً أحد الأسباب التي تدفع المُصابين بالانعزال وتجنب الخروج في الصباح، فأحياناً يكون الفرد محظوظ جداً بعائلة ممتازة وعلاقة حب رائعة وأصدقاء ودودين، ولكن فجأة قد تنقلب الحياة رأساً على عقب وتتغير المسارات وينخذل الإنسان من أشخاص اعتقدَ أنهم الأقرب إلى قلبه، والخذلان يُوّلد الاكتئاب واليأس والحزن ولذلك يلجأ البعض إلى حب الظلام والمساء والنوم في النهار لتجنب الاختلاط بالبشر وضجيجهم.
حب الغموض:
توجد العديد منَ المهن المليئة بالغموض والتي يعشقها فئة صغيرة منَ الناس، ولذلك يُحاولون البحث إما في قصصٍ مرعبة أو خيالية أو قصصٍ متعلقة بالجريمة، ويُصاب بها الأفراد الذينَ يمتهنون الكتابة أو التحقيق.
الحالة النفسية:
الشعور بالوحدة وابتعاد العائلة والأصدقاء عن الفرد قد تدفعانه إلى الاكتئاب والانعزال عن الناس، ويتضح ذلكَ من خلال أداء مهامهم المنزلية والمهنية خلالَ الليل فقط.
ما هوَ علاج مرض نيكتوفيليا النفسي؟
لم يتفق الأطباء حتى هذه اللحظة على علاجٍ فعّال يُوصف لهذا المرض النفسي، كونهم يعتبرونه أنهُ مجرد ميول وحب للظلام، ولكن بسبب الآثار الضارّة التي تلحق بالفرد من خلال هذه الممارسات الخاطئة في حياته، توجد بعض العلاجات التي تُسهم في تغيير أفكار المُصاب بمتلازمة حب الظلام، ومن هذه العلاجات:
جلسات العلاج النفسي:
منَ المُمكن أن يقوم الطبيب بفهم الأفكار والدوافع التي تُسهم في حب الليل والظلام عندَ المُصاب، ومن ثمَ العمل على حلّها من خلال تغيير أفكار المريض وتوضيح الخطر الذي يُحيط بهِ.
الدعم النفسي والمعنوي:
إذا لاحظتَ أنَ أحد أطفالك أو زملائك يُعاني من هذا المرض النفسي، حاول مساعدته وانتشاله من حزنه ونومه في النهار، فربما يحتاج إلى القليل منَ الدعم حتى يعود إلى حالته الطبيعية، لذلك اذهب إليه واخرجا في نزهةٍ معَ أصدقاء الثانوية أو رحلةٍ سياحية لمكانٍ يحبه، وحاول أن تُشغل وقته في الصباح حتى المساء من خلال التسجيل في النادي الرياضي أو التسجيل في كورساتٍ تدريبية أو هواية يحبها.
مضادّات الاكتئاب:
قد يصف الطبيب المختص بعض العقاقير الطبيّة والأدوية المضادّة للاكتئاب، بهدف التهدئة من نفسية المريض وحالته والأعراض التي يُعاني منها.
خلق عاداتٍ صحيّة جديدة:
يُمكن للطبيب أن يقوم بكتابة جدول يومي يحتوي على أهم العادات الصحيّة التي على المُصاب اتباعها، مثل الاستيقاظ في وقتٍ محدد وتناول الإفطار في الحديقة المنزلية وممارسة الرياضة والحمام البارد والضحك والذهاب إلى الجيم والخروج معَ الأصدقاء، سيكون الأمر صعباً في البداية ولكن معَ وجود أحد أفراد العائلة أو الأصدقاء بجانبه لتشجيعه سيعتاد على هذا النمط الصحيّ ويتخلص من عادة السهر والجلوس في الظلام لساعاتٍ طويلة.
إذا كنتَ مصاباً بهذا المرض حاول أن تنتشل نفسك من هذه البقعة المظلمة، فأنتَ لاتعلم الضرر الكبير الذي سيلحق بصحتّك سواءً من زيادة الميول الانتحارية أو الإصابة بانفصام الشخصية وأمراض التهيؤات وضعف النظر والإصابة بالوساوس القهرية والهلاوس، هل تُريد أن تُصاب بهذه الأمرض؟ بالتأكيد لا، إذاً حاول أن تنهض وتُنظم وقتك فالله سبحانه وتعالى خلقَ الليل للنوم والراحة والنهار للعمل والدراسة والخروج منَ المنزل، وثق بنفسك دائماً وحاول أن تُغيّر نفسيتك من خلال ممارسة الأنشطة الترفيهية أو الرياضية {كاليوغا، وتقنيات الاسترخاء}.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.