معلومات عن رهاب اللمس الهافيوفوبيا
لا بدَّ أنكَ سمعتَ من قبل عن الرهاب، أو منَ المُمكن أن تكون مصاباً بهِ، فهوَ عبارة عن خوفٍ غير عقلاني يُسيطر على الإنسان ويجعلهُ خائف منَ المواجهة أو الاقتراب من مثيرٍ محدد، فيُسبب لهُ الخوف والقلق والتفكير، ويُحاول الفرد بشتّى الطرق أن يبتعد عنه أو يتجنبه قدر الإمكان للحفاظ على سيطرة أعصابه، وتتعدّد أنواع الرهاب ما بينَ {الأكروفوبيا، الأجروفوبيا، الزينوفوبيا} أو رهاب منَ الدم أو الحقن أو المياه أو الغرباء أو الحيوانات أو أي شيءٍ آخر، ولكن هل تخيلتَ من قبل أنهُ يوجد رهاب يُدعى برهاب اللمس؟ نعم إنه حقيقي، وأُصيبَ بهِ فئة قليلة منَ البشر، فلا يُمكنكَ لمسهم أبداً بسبب خوفهم الشديد من اقتراب أي أحدٍ منهم ولمسهم حتى ولو كانت لمسة عابرة، فما هوَ رهاب اللمس {الهافيوفوبيا}؟ وما هيَ أعراضه؟ أسبابه؟ وطرق علاجه؟
ما المقصود برهاب اللمس {الهافيوفوبيا}؟
إنهُ نوع منَ الرهاب الذي يُشكّل قلقاً كبيراً على الفرد المُصاب بهِ، فلا يستطيع التعامل معَ الأشخاص من حوله أو يُخالط المجتمع ويتعرّف على أشخاص جدد، وذلكَ بسبب خوفه المستمر من ملامسة أي إنسانٍ لهُ حتى ولو كانَ بالخطأ، فكم مرة نقرَ أحد المارّة على كتفك للابتعاد عن الطريق أو للإجابة عن سؤال؟ مراتٍ كثيرة، أليسَ كذلك؟ ولكن الوضع هنا مختلف كُليّاً، فلو نقرتَ على كتف المُصاب برهاب اللمس سيبدأ بالصراخ والبكاء وتُصيبه نوبة ذعر وخوف منكَ، بحيث لا يستطيع السيطرة على تصرفاته.
ومنَ الجدير بالذكر، أنَ هذه الحالة أحياناً تقتصر على الأشخاص الغرباء في الطريق أو في أي مكانٍ عام، ولكن قد تتطوّر حالة الفرد إلى رهاب اللمس من قِبَل أفراد أسرته، فكل إنسان يحتاج إلى الحضن الدافء منَ الأب والأم وخاصةً الأطفال، ولكن في هذه الحالة يبتعد المُصاب عن أسرته ويتجنب لمسهم فينعزل في غرفته بحثاً عن الأمان، وأحياناً يكون مقتصراً على الخوف منَ الجنس الآخر كخوف الشاب منَ الفتاة أو العكس، ولذلك ينشل فكرة الزواج أو الارتباط من عقله نهائياً بسبب خوفه الزائد.
ونوّد الإشارة إلى أنَ هذا المرض لا يفهمه بعض الأفراد، فالمُصاب بالهافيوفوبيا كغيره من أنواع الرهاب يحتاج إلى العناية الفائقة والاهتمام والدعم، ولكن للأسف في بعض الأحيان يتم استفزاز حالة المريض من قِبَل الناس من حوله، وتتطوّر بهِ الحالة إلى أن يجلس في منزله ويُغلق الباب على نفسه خوفاً منَ الأشخاص في الخارج.
ما هيَ أعراض رهاب اللمس {الهافيوفوبيا}؟
توجد عدّة علامات تظهر على المُصاب بالهافيوفوبيا يُمكن ملاحظتها على الفور من قِبَل الأسرة أو الأصدقاء المحيطين بهِ، ومن أبرزها:
- زيادة دقات القلب.
- التعرّق المفرط.
- الصراخ المستمر.
- الشعور بالخوف والذعر.
- الشعور بالقشعريرة.
- عدم الارتياح.
- الثبات في المكان وخاصةً إذا كانَ المُصاب طفلاً.
- تجنب الأماكن المزدحمة.
- الانعزال عن الآخرين.
- البكاء والغضب.
- الهروب إلى مكانٍ بعيد للبحث عن الأمان.
- الشعور بالرجفان.
- حدوث نوبة هلع.
ما هيَ أسباب رهاب اللمس {الهافيوفوبيا}؟
بالتأكيد لهذا الرهاب أسباب وعوامل أثّرت على نفسية الإنسان وجعلتهُ يتحوّل من شخصٍ طبيعي إلى شخصٍ خائفٍ منَ اللمس أو مخالطة المجتمع، فالفرد بطبيعته اجتماعي ويحب التعرّف على الآخرين، ولذلك من أهم الأسباب للإصابة برهاب الهافيوفوبيا:
- الاعتداء الجنسي: إنهُ من أهم العوامل التي تُؤثر على الفرد وتجعلهُ يبتعد عن الآخرين ويخاف من لمسهم لهُ، فيعتقد أنهم عندما يلمسونه حتى ولو بطريقةٍ عادية، فيُريدون الاعتداء عليه، فالشعور الذي شعرَ بهِ الطفل أو البالغ عندما تمَ الاعتداء عليه لا يُمكن وصفه من شدّة الألم والخوف، وسيطرَ هذا الخوف على حياته بسبب عدم مساعدة أحد لهُ.
- الوسواس القهري: منَ المُمكن أن يكون الفرد نظيف جداً ويُعاني من وسواس النظافة، فيعتقد أنهُ سيُصاب بالأمراض والأوبئة إذا صافحَ الآخرين أو لمسَ شخص غريب، ولذلك يخاف من اقتراب أي مجهولٍ إليه ولمسه فيبدأ بالتعقيم والذعر والتفكير بالأمراض التي ستُصيبه.
- التعرّض لصدمة نفسية: أيضاً منَ العوامل التي تُسهم في الإصابة برهاب اللمس، فإذا كانَ الفرد في مرحلة الطفولة أو المراهقة شاهدَ أي إنسانٍ غريبٍ يعتدي على منزله أو على إخوته أو والدته، فتترسخ هذه الذكريات وترتبط الأحداث ببعضها إلى أن تصل للرهاب من لمس أي شخصٍ غريب أو الاقتراب منه، فالتجارب الماضية تبقى مؤلمة وعالقة في ذاكرة الإنسان وخاصةً إذا لم يتم علاجها والتخلص منها.
- الوراثة: أحياناً يُعاني الأخ الكبير أو أحد الوالدين منَ الخوف الشديد تجاه الآخرين، والطفل يتأثر وخاصةً بالأم والأب، فعندما يُلاحظ أنَ والديه ينعزلان عن العالم الخارجي ويُغلقان على أنفسهما ويخافان من كل شيء، تلقائياً يكتسب الطفل هذه العادة وينعزل في غرفته ويتطوّر بهِ الأمر في نهاية المطاف إلى تواجد عقدٍ نفسية تجاهَ المجتمع كوّنها في رأسه.
ما هوَ علاج رهاب اللمس {الهافيوفوبيا}؟
إذا كانَ أحد أفراد عائلتك يُعاني من رهاب اللمس، فلا بدَّ من زيارة الطبيب المختص للاطمئنان على حالته ومدى تطوّرها، ومن ثمَ البدء بهذه العلاجات التي تُحسّن من نفسية المُصاب:
- الدعم النفسي: في البداية على الوالدين أو الأصدقاء المقربين منَ المُصاب زرع الطمأنينة في قلبه، وذلكَ من خلال مساعدته والاعتناء بهِ ومشاركته الأشياء التي يُحبها، ولكن يتم ذلك بشكلٍ تدريجي لكسر حاجز الخوف، ومن ثمَ التسجيل في الأنشطة الممتعة في الخارج والاختلاط بالبشر دونَ خوفٍ منهم، فعندما يُلاحظ أنَ شخصاً ما بجانبه مثل والده أو والدته أو إخوته سيتشجع أكثر، بالإضافة لمساعدة الطبيب المختص من خلال العلاج السلوكي المعرفي في الوقتِ ذاته، فيُسهم في تغيير طريقة تفكيره للأمور من حوله، ويُسيطر على مخاوفه ويزرع الأفكار الإيجابية عن المحيط الخارجي برأسه.
- العلاج بالأودية: لا يوجد دواء محدد لعلاج هذا الرهاب، ولكن يُمكن التخفيف منَ الأعراض التي يُعاني منها والتي تُرافقه مثلَ أدوية القلق ومضادّات الاكتئاب لتُخفف قليلاً من حالته النفسية.
- التعرّض تدريجياً: إنَ هذه التجربة يجب أن تكون برفقة طبيبٍ مختص بحيث يُساعد المُصاب على كسر الخوف بداخله، ففي البداية يُوّفر لهُ بيئة آمنة ويجمع عدد لا بأسَ بهِ منَ المرضى، ويبدأ بالضحك والمزاح وخلق الأحاديث معهم ليعتادوا قليلاً على الأجواء من حولهم، ومن ثمَ يُعرّضهم تدريجياً للمصافحة أو النقر على أكتافهم ومعَ مرور الوقت ستُساعد هذه الطريقة بجانب الدعم المعنوي منَ المُحيطين بالإنسان الذي يشعر بالخوف منَ اللمس.
صحيح أنَ هذا النوع منَ الرهاب يُعتبر من أغرب الأنواع، ولكنهُ موجود ويُعاني منهُ عدّة أشخاص في عالمنا، لذلك لا تسخر من مرض أي إنسانٍ تراه أمامك حتى لو كنتَ تعتبره عادي أو طبيعي، فأحياناً بسخريتك تكون سبباً في انعدام ثقته بالناس من حوله وازدياد سوء حالته المرضية، كن سنداً لكل إنسان يحتاجك وتفهم من حولك، فعالمنا مليء بالحالات الغريبة المكتشفة أو التي لم تُكتشف بعد.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.