ولا ألف ليلة وليلة – الليلة الخامسة والعشرون
ضمن سلسلة قصص ولا ألف ليلة وليلة بالاشتراك مع الأديبة المصرية ربا أحمد
انتهت من وضع الزهور بنفسها في الإناء الخاص به
حين سمعت صوته …
لمَ أنت عنيدة دائمًا؟!. . لماذا غادرت الفراش؟ . . يجب
عليك الخلود للراحة.
بابتسامتها المعهودة ردت على كلماته:
مولاي الملك . . لقد شعرت والحمد لله ببعض الراحة . . فلمَ أبقى
راقدة في الفراش؟؟
حتى تتماثلي للشفاء يا شهرزاد . . أخشى أن يعاودك
المرض وخاصة أنك تجهدين نفسك كثيرًا.
وهل تنسيق الزهور في المزهرية إجهاد يا مولاي؟!
حتى تتعافين . . فهو إجهاد.
شكرًا لك على اهتمامك يا مولاي.
قالتها بامتنان
فأجابها بلا توان:
لا داعي للشكر يا ملكة الأزمان . . هل
نسيت بأنك زوجة الملك شهريار؟!
وكيف لي النسيان؟!
راقت له نبرتها فابتسم وهو يتحرك تجاهها بخيلاء،
ليقول وقد قبض على كفها:
إذًا يا حسنائي الجميلة . . فلتكملي لي الحكاية دون أن تتركي أي
تفصيلة ….
بلغني يا سيد الأزمان . . أن الملك مرجان قد اتخذ
قراره وأصدر الفرمان . . أن الإنسي المدعو
نوران . .سيحل معززًا مكرمًا في ضيافته . . وسوف يعاقب
من يقدم على أذيته . . حتى وإن كان فردًا من أسرته …!
وهل رضخ أصفهان للفرمان؟!
سألها شهريار فأجابته في الحال:
بل ثار ثورة كبرى ولم يرتض الفرمان . . فغضب منه عمه الملك وأمره
بالامتثال لأمره وإلا تعرض لسخطه . . وحين غادر
أصفهان المكان . . رق قلب مرجانة في الحال . . فقد كانت
تدرك مدى تأثير ما قاله والدها على نفسه، متأكدة بأنه
يصعب عليه تحمله.
غادرت خلفه، فوجدته يقترب من مكانه المعتاد،
فاقتربت هي أيضًا لتجلس جواره بكل جرأة وعناد، فنظر
إليها بطرف عينه وأشاح عنها البصر، فقالت دون
مقدمات: لا تربطني به أي عاطفة . . كل مافي الأمر أني
عليه خائفة.
التفت ينظر إليها شذرًا، وبعدها زفر قهرًا؛ فربتت
على كتفه بحنان وقالت بلا توان: ليس هناك غيرك يا
أصفهان …
ليس هناك غيري؟ . .كيف وقد جعلته يحتل مملكتي؟!
تحدث غاضبًا فردت على غضبه برقة:
وماذا عن قلبي؟!
ارتجف لنبرتها، رغم أنه يدرك أمر محبتها، ولكنه
الآن طامع في الأكثر . . يريد أن تصرح له بأمر
أكبر . . اعتراف منها يشفي وجع قلبه، كي يتشجع هو
للاعتراف بحبه … ولكي يجعلها تتحدث قال بحزن:
قلبك يخفي داخله الأسرار . . ويتركني وسط هواجسي
أنهار.
إياك وقول ذلك يا ابن عمي . .أنا أحبك . .وهواك يملأ
قلبي.
اهتز عرش قلب الأمير، واقترب من حب عمره ليقول
بلا تأخير: وأنا عشقت عينيك منذ كنت صغيرًا . .والعشق
أخذ يكبر بتوالي الأيام والسنين . . أغار عليك ممن
حولك . . فكيف بإنسي أتيت أنت به ليكون ندًا لي؟!
لا يا أصفهان . . سبق وأن قلت لك أنه أنقذ
حياتي . . والآن دوري لكي أرد الجميل له . .وكنت أتمنى لو
أستطيع أن أطلب عونك ومساعدتك في هذا الأمر
الخطير.
صمت أصفهان يفكر فيما قيل، ثم قال بعد صمت
طويل: عندي شرط وحيد .. .
قالها فتحفزت كل حواسها وسألته: ما هو؟
أن تكوني زوجتي . . وقتها فقط يمكنني
مساعدته . . وخلال تلك الفترة لن تلتقي به إلا في
وجودي . . وإلا تخلصت منه.
بابتسامة رائعة أجابته بالموافقة، و عزما أمرهما
على أن يساعدا نوران في القضاء على الأوغاد
الأشرار . . ولكن بعد أن تقام الأفراح في جميع أرجاء
المملكة والممالك الأخرى، ويتزوج الأمير أصفهان من
ابنة عمه الملك مرجان …!
رائع ذلك الخبر . . وهذا ما حدث مع نوران
وأصفهان … ولكنك لم تذكري كيف لم يمت حسن
القبطان؟!
سألها شهريار منتظرًا إجابة السؤال فابتسمت
وأضافت:
حين انتهت مراسم الزواج . .وأصبحت مرجانة
زوجة أصفهان ..
وبارك نوران زواجهما بكل فرح
ووعدهما بهدية ملكية تليق بهما عندما يعود إلى دياره،
زال الحقد بين الأخير ونوران، واجتمع الاثنان بكهف
الساحرة كهرمانة، كما انضمت لهما الأميرة مرجانة،
كي يسمعوا جميعًا أخبار حسن والبحارة من خلال
بلورتها الجبارة.
بعد أن رأوا وسمعوا عزم حسن على اللحاق بصديقه
وأميره نوران، اقترحت كهرمانة أن ترسل له مرجانة
لتفعل ما فعلته في المرة الأولى لكن صوت أصفهان
خرج معترضًا:
أرى أن تذهب إليه مرجانة كي تحذره
مما هو مقدم عليه، وتشرح له ما الذي حدث مع نوران
وأين هو الآن، ثم بعدها تلقي عليه الساحرة بسحرها،
فيأخذ هيأة المدعو زهير والأخير يأخذ هيأته، ويكون
مصيره كمصير من سبقه . . وليس هناك داع لنزوله
لأعماق البحر . .بل إن من مصلحتنا وجوده على البر.
وهذا يا مولاي كل مع حدث مع الأمير
نوران . .والذي اتهمتني أني أخفيته عنك.
لم أكن أقصد أن أضايقك بما قلت . . إنما وددت أن
أستفزك لتحكي لي بقية الحكاية.
قالها وقد تغيرت نبرته المعتادة من آمرة إلى رقيقة
متفهمة فتهلل وجه شهرزاد، وأحست بأن ملكها يهجر
الغطرسة والعناد، وكل ذلك لا يستطيع تحمله الفؤاد …!
وهنا صاح الديك فابتسم الاثنان ثم دوت ضحكاتهما
في المكان
إقرأ أيضًا: الليلة الأولى من كتاب ولا ألف ليلة وليلة