قصص ولا ألف ليلة وليلة – الليلة الرابعة عشرة
ضمن سلسلة قصص ولا ألف ليلة وليلة بالاشتراك مع الأديبة المصرية ربا أحمد
في ثوب قرمزي جميل .. صنع من خيوط الحرير .. كانت
شهرزاد تتهادى بكل دلال أمام ملكها شهريار الذي
تأملها بكل انبهار فمد يده لتضع كفها بكفه ويساعدها كي
تجلس بقربه.
جميلة أنت يا شهرزاد .. حين تبتسمين وحين تتخلين عن
العناد.
كست حمرة الخجل وجهها فأضاف ولم يبال بخجلها:
أتعلمين أنها المرة الأولى التي أقول فيها مثل هذا الكلام؟
رفعت رأسها وقالت بهيام:
ذلك من حسن حظي يا مولاي.
ابتسم الملك شهريار وباغتها دون سابق إنذار:
حسنًا يا سعيدة الحظ .. أجيبي أسئلتي المعلقة منذ ليلة أمس.
فغرت شهرزاد فاها، وبعدها أجابت ملكها:
بلغني أيها الملك السعيد ذو الرأي الرشيد أن الأميرة
مرجانة صدمت مما قاله الأمير أصفهان .. وخاصة بعد أن
رأت التصميم على ملامحه قد ظهر وبان .. وأن إعراضه
عن قراره محض خيال…!
اقتربت منه وقال بنبرة متوسلة: أرجوك يا أصفهان .. لا
تؤذ نوران .. إنه طيب القلب .. نقي السريرة .. ولكي
تعلم .. فإنه هو من أنقذ حياتي .. وساعدني للوصول إلى
الأعماق قبل أن أصاب بالاختناق .. أرجوك يا أمير .. نوران
يمر بأمر خطير. ويحيق به شر مستطير.
شعرت كل حواسي وأنا على وشك الموت بأن هناك مؤامرة خطيرة
تُدبر له .. أرجوك اتركني أساعده .. وبعدها أعدك بأنني لن
أصعد إلى الجزيرة .. أرجوك.
تأملها أصفهان بعدم تصديق ثم قال بغضب: ترجوني من
أجله يا مرجانة .. وأنت التي لم ترجي أحد من قبل؟!!
بعينين دامعتين .. أجابته: قلت لك لقد أنقذ حياتي .. وأنني
أدين له بها .. وأقل ما أفعله هو مساعدته وكشف أمر
الخائنين له.
هل وقعت في عشق الإنسي يا أميرة؟!.. هل تجهلين
عقوبة من يفعل ذلك؟!!
عشق؟!.. أي عشق هذا الذي تتحدث عنه يا
أمير؟!.. وكيف تتحدث عن العشق وأنت الجاهل به!.. هل
عشقت يومًا؟!.. هل تألمت وبكيت لخيانة من
تعشق؟!.. دعني أجيبك أنا … لا … لا يا أصفهان .. لا يا ابن
عمي، لم تعشق يومًا .. ولم تتألم يومًا …
كيف تتحدثين بلساني؟.. هل قلت لك ذلك يوما؟!!
أقول ما أعرفه عنك …
إذن أنت جاهلة ….
لا .. لا لست كذلك … أنت لم تعرف العشق يومًا .. وكيف
تعرفه وأنت محاط بالجنيات والجواري …
ستبقين دومًا هكذا … لا تصدقين إلا نفسك .. لكن يجب أن
تعلمي أمرًا … أنا يا مرجانة عاشق … عاشق حد الثمالة …
كل جنيات الكون لا يرتقين لمالكة قلبي … فهي عندي
الأغلى و الأجمل والأرق … تكفيني وتغنيني عنهن
جميعًا …
كانت تستمع إليه وقد أصابها الذهول .. ابن عمها الصارم
يتحدث عن العشق بتلك الطريقة؟!.. حتمًا تلك ليست
الحقيقة ….
همت بتكذيبه لكنه لم يسمح لها .. وكأنه يقرأ أفكارها وما
يدور في رأسها: لا تعقبي على كلماتي بالتكذيب يا
أميرة .. قلت حقيقة ما أشعر به …
إذا كنت صادق قل لي من هي .. .قاطعته بسؤالها فأجابها
بما لم يشبع غرورها: لن أقول . .عليها أن تنظر في عيني
لترى فيهما الحقيقة … تعلم بأن الكلام موجه لها … ليتها تستطيع قراءة أفكاره
كما يجيد قراءة أفكارها .. هكذا فكرت مرجانة في نفسها.
تنهد أصفهان ثم نظر إليها وقال: يجب أن أعود إلى
ساحة المعركة في الحال. رأى الحزن باديًا على محياها الرقيق .. فأكمل بصوت
عميق: يومًا ما سأجثو أمامها .. وأعترف بعشقي
لها .. ولكن لم يحن الأوان ..
متى؟!.. سألته معترضة وكأنها تود لو يفعل الآن.
يا أميرتي الجميلة .. كل شيء بأوان.
كانت تلك أخر كلماته قبل أن يبتعد ثم يلتفت محذرًا:
انتبهي لنفسك حين تصعدي إلى سطح الجزيرة واعلمي
بأن عيني عليك يا أجمل أميرة.
ابتسمت مرجانة رغم الدموع المترقرقة في عينيها؛ ف
بتلك الكلمات قد وافق أصفهان على مساعدتها لنوران …!
إقرأ أيضًا: الليلة الأولى من كتاب ولا ألف ليلة وليلة