قصص ولا ألف ليلة وليلة – الليلة العاشرة
ضمن سلسلة قصص ولا ألف ليلة وليلة بالاشتراك مع الأديبة المصرية ربا أحمد
هيا يا شهرزادي الحسناء.. قولي لي ما سر الضوء
الذي انبعث من قدميها فها قد أتى المساء.
ابتسمت شهرزاد، واقتربت من فارسها المقدام لتخبره
عما كان وقد تخلت عن العناد:
بلغني أيها الملك السعيد.. ذو الرأي الرشيد.. أن هناك في
أعماق البحار.. مُلْك عظيم.. يحكمه مَلِك كبير يسمى
الملك “مرجان”.. رزقه الله بأميرة غاية في السحر
والجمال أسماها “مرجانة”.. كان يحبها كثيرًا، ويخاف
عليها كثيرًا..
وخوفه هذا كان نابع من جنونها وتهورها الدائمين.. فمنذ أصبحت حورية جميلة بين حوريات الجان
وهي تغضبه بأفعالها المتهورة، وبمطالبها المتكررة التي
انتهت مؤخرًا بطلب غريب..
طلبت منه أن تمتلك جزيرة.. تصبح لها وحدها.. لا تريد لأي من الجن أن يقربها.. تريد أن تقضي بها أوقات فراغها وخاصة إن تسبب أحد في إغضابها…!
ها.. أكملي يا شهرزاد.. لقد نفذ صبري.. ما هذا الضوء
الخاطف الذي انبعث من قدميها؟!
الصبر يا مولاي.. كل شيء ستعرفه في وقته.. ولكن
اتركني لأكمل.
حسنًا.. أكملي.
حين طلبت مرجانة من والدها الملك مرجان أن تمتلك
جزيرة.. كي تبقى ملاذها.. لو أقدم أحد على إغضابها.. كان
لابد من الملك أن ينفذ طلبها.. ويبحث عن جزيرة
لها.. ولكن يجب أن تكون خاوية.. تفتقر لوجود أي إنسي
على أرضها.. كي يطمئن قلبه على ابنته..!
و في الحال أرسل في طلب الأمير “أصفهان”.. إبن
أخيه.. وقائد جيوشه.. والمفترض أنه زوج ابنته
المستقبلي..
وأتاه “أصفهان” على جناح السرعة.. ليقص
عليه الملك كل شيء ثم طلب منه البحث عن جزيرة بتلك
المواصفات..
وبرغم الغضب الشديد الذي تملك أصفهان
من تلك العنيدة المتهورة إلا أنه لا يستطيع عصيان أمر
الملك..
وبالفعل لم يدم انتظار الملك طويلًا.. حتى أتاه
أصفهان بطلبه بعد أن تأكد من خلوها من بني
الإنسان.. وأن هناك كائن وحيد يسمى النسر الذهبي،
يعيش على قمة جبل يشرف على تلك الجزيرة.. ومن
المستحيل أن يؤذي الأميرة، بل سيكون حارسها
الأمين.. وعين تراقبها لصالح الأمير..
وتهللت أسارير الملك.. لأنه نفذ طلب ابنته، وقرر أن
تكون الجزيرة هديته.. في ذكرى ميلاد وحيدته…!
لقد اقترب انبلاج الفجر.. ومازلت أجهل السر.
قالها شهريار بعصبية فابتسمت شهرزاد وأكملت بكل
هدوء وروية:
في يوم ميلاد مرجانة.. أهداها والدها الجزيرة.. واحتفل
الجميع في جو من الفرح والسعادة.. وبعد انتهاء
الحفل.. اقتربت من أصفهان وأمرته: أريد أن أحصل على
جولة مبدئية في جزيرتي الليلة.
نظر إليها دون أن يتحدث، وقد لمعت عيناه بغضب منها ومن أفعالها
فأكملت غير عابئة بنظراته: ماذا؟.. ألم تسمع؟!
اقترب منهما الملك وربت على كتفيهما وهو يقول
بحنان: لأجلي أنا يا أصفهان.. لبي طلب الأميرة.. فاليوم
ذكرى ميلادها وعلى الجميع تنفيذ كل رغباتها.
انحني أمام الملك قائلًا: أمر مولاي.. ثم رفع رأسه و
أكمل: ولكن لابد أن تأخذ خصائص الإنس، وتتحول من
حورية تجوب البحار بذيل سمكة.. إلى إنسية تمشي على
الأرض بقدمين.
كان شهريار مستمتع بما يسمع حتى سكتت شهرزاد
فضيق عينيه وأمرها:
أكملي.
فردت وهي تتثاءب:
أذن الديك يا مولاي، ولا أستطيع أن
أفتح من النعاس عيناي.
فرد ساخطًا:
اللعنة على هذا الديك الذي يشعرني دومًا
بالضيق..
إقرأ أيضًا: الليلة الأولى من كتاب ولا ألف ليلة وليلة