لا أحد يحبني: عقدة الإهمال وطرق التعامل معها

علاج عقدة الإهمال
شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

لا أحد يحبني وعقدة الإهمال

لماذا يحتاج الإنسان إلى الحب؟ لا بدّ أنكَ فكرتَ بهذا السؤال سابقاً، لا يقتصر الحب على علاقة الأنثى بالذكر فقط، فكل فردٍ منّا بحاجة إلى الحنان والعطف منذُ ولادته، عندما يولد الطفل يحتاج لحنان والدته وحب والده لهُ ودعمهم وتشجيعهم وثقتهم بهِ، ومن ثمَ تتوّسع دائرة الحب إلى الأشقاء والأقارب والأصدقاء ومن ثمَ شريك الحياة، فلا يُمكن للإنسان أن يعيش بسلام داخلي بدون الحب، فهوَ أساس كل شيء حولنا.

ومنَ الجدير بالذكر، أنه يُواجه معظم الأفراد في عالمنا مشكلة الحرمان العاطفي، فعلى سبيل المثال {هبة فتاة طيبة، ولكن توفيت والدتها وهيَ في عامها الأول وتزوجَ والدها من امرأة أخرى، فلم تشعر هبة بحنان الأم ولو للحظةٍ واحدة ولا بحب الأب لها أو بعطفه عليها، نتيجة انشغاله في تأمين متطلبات الحياة} ومن هنا نشأت فجوة عاطفية في حياة هبة، وبدأت بالبحث عنها خارج إطار العائلة، وشعرت أنها مهملة ولا يُمكن تقبّلها في المجتمع، وفقدت ثقتها بنفسها تلقائياً وأصبحت تتسائل لماذا لا أحد يحبني.

ونوّد الإشارة، أنه تُسمى هذه الحالة بعقدة الإهمال أو الحرمان، وهي تُؤثر على حالة الإنسان النفسية، فلا يُمكنهُ العيش باستقرار أو بسعادة إن لم يُشبع رغباته العاطفية بالحب والحنان، ولذلك ما المقصود بعقدة الإهمال؟ وما هي أعراضها؟ وما أسباب الإصابة بها؟ وما هي طرق التخلص منها؟

ما المقصود بعقدة الإهمال؟

إنها حالة نفسية تطرأ على حياة الفرد وتُسيطر عليه وتُسبب لهُ متاعب وإرهاق، فالكثير من العلاقات العاطفية التي نجدها اليوم هيَ علاقات غير صحيّة، لأنَ طرف منها يُعاني من حرمان عاطفي في طفولته، فيبدأ بقمع حرية شريكه واستجوابه في حال غيابه وتقييده والتفكير بأنهُ يخونه أو سيتخلّى عنه في منتصف الطريق.

ولكن ما هيَ إلّا وساوس وأفكار وهمية يُقنع المُصاب نفسه بها، عندما يُلاحظ إهمال والديه له وتوبيخهم وتفضيل أحد إخوانه عليه، سيبدأ بالبحث عن علاقة عاطفية لإشباع رغباته بالحب، ومنَ المُمكن أن تقع فتاة مراهقة ضحية شاب متهور ويُسيء لسمعتها، أو أن يقع شاب مراهق في حب فتاة أكبر منهُ سناً، فهذه الحالات متواجدة بكثرة في عالمنا، ويهرب المُصاب أحياناً إلى مواقع التواصل الاجتماعي من أجل التحدث معَ الآخرين لأوقاتٍ طويلة لزيادة شعوره بأهميته.

وهذه العقدة لها أثر سلبي على حياة المُصاب، فلا يُمكنهُ تقبّل شريكه في المستقبل بأن يتغيب عنه ولو للحظة، وبعض الأشخاص يُقيّدون زوجاتهم ويمنعوهم منَ الخروج أو العمل أو ممارسة أبسط حقوقهم، ويُردّدون في أنفسهم {لا أحد يهتم لي، لا أحد يحبني، لا أحد يُساندني، أنا غير قابل للحب، لا أستطيع حب نفسي، الجميع يهملني}.

ما هي أعراض الإصابة بعقدة الإهمال؟

توجد عدّة علامات تطرأ على الفرد المُصاب بها، مثل:

  • الشعور الدائم بالوحدة.
  • البحث عن علاقة عاطفية أو علاقات متعددة لملء النقص في حياته.
  • قلّة الثقة بالشريك.
  • قلّة الثقة بالنفس.
  • التوّهم بأفكارٍ سيئة مثل {تخلي الحبيب عنه، الموت وحيد في النهاية}.
  • الحساسية من أقل المواقف كأي انتقاد يتوّجه إليه منَ الشريك.

ما هي أبرز أسباب الإصابة بعقدة الإهمال؟

السبب واضح، ولكن توجد عدّة عوامل أخرى تُساعد في الإصابة بهذه العقدة:

  • التجارب السيئة في الماضي: منَ المُمكن خوض الفرد تجربة علاقة حب لأول مرة، واعتقدَ أنها علاقة طويلة الأمد ستكلّل بالزواج، ولكن بشكلٍ مفاجئ يتخلّى الشريك عن هذه العلاقة، ويبدأ الإهمال والبرود العاطفي، فتنشأ صدمة في حياة الفرد تجعلهُ في دوامة معيّنة منَ الأفكار السلبية، ويعتقد أنَ كل علاقة في حياته ستنتهي بالفراق.
  • مرحلة الطفولة السيئة: وهوَ سبب رئيسي في إصابة الإنسان بعقدة الإهمال، لأنَ الفرد السليم نفسياً والذي حصلَ على الحب والعاطفة من عائلته، لن يهتم لآراء الآخرين عنه إن تخلّوا عن علاقتهم بهِ أو حاولوا التقليل من شأنه.

فعندما يفقد الطفل حنان والدته عليه وهوَ رضيع واحتواء والده وهوَ مراهق ولا يعيش في بيئة صحيّة خالية منَ المشاكل الأسرية والانفصال، سيُصاب بهذه المشكلة عندما يبلغ.

  • الصدمات المتكررة: قد يُواجه الفرد صدمات قاسية في مرحلة مبكّرة من حياته، مثل انفصال والديه والعيش في بيئة غير مستقرة وخذلان أحد الأصدقاء له وانفصاله عن الشريك وتوبيخ المعلمين لهُ وهوَ طالب وفشله في أمورٍ عديدة، فعندما يصل لمنتصف العشرين تقلّ ثقته بنفسه ويعتقد أنَ محيطه لا يُحبّه ولا يُقدّر قيمته.

ما هي طرق التخلص من عقدة الإهمال والعلاج منها؟

إذا كنتَ مُصاباً بهذه المشكلة، لا بأس عليكَ التحلّي بالصبر واتباع الخطوات الآتية لاستعادة ثقتك بنفسك:

  • من غير ضروري أن يُحبّك الجميع: عليكَ التركيز على هذه الفكرة وتقبّل الواقع، ما دمتَ متأكد من أنكَ إنسان طيب ولا تفعل أشياء خاطئة في حياتك، لا تُبرّر لأحد ولا تُحاول الاستفسار عن سبب نبذ بعض الأشخاص لكَ، فكن أنتَ فقط وحاول أن تُرضي الله وتُرضي نفسك لا الآخرين.
  • تقبل نفسك وواقعك: لا تستطيع تغيير الماضي، فإذا تعرّضتَ لقسوة والديك عليك أو عدم منحهم الحب والعاطفة لك، لا تقضي على مستقبلك وحاضرك بالبحث عن علاقة أو عن إنسان آخر لتعويض النقص، حاول تعويضه بنفسك ولنفسك.

تقبّل هذه العقدة لديك وركزّ على تطوير ذاتك والاهتمام بها، أنشئ روتين خاص لحياتك وحرّر نفسك من ذكريات الماضي واقرأ عن خطورة هذه العقدة، وابدأ بترديد عبارات إيجابية مثل {أنا أستحق الأفضل، أنا إنسان محبوب، أنا ناجح في عملي، ألتزم بحياتي وأثق بنفسي} وحاول أن تتصرف بطريقةٍ صحيحة لبناء ثقتك بنفسك من جديد، مثل ممارسة هوايتك المفضلة والبحث عن أماكنٍ جديدة لقضاء وقت ممتع بها والتعرّف على أشخاص جدد لتكوين محيط إيجابي جديد في حياتك.

  • التقرّب منَ الله سبحانه وتعالى: أثناءَ تقربك من الله وزيادة إيمانك به وبأنكَ موجود على هذه الحياة للطاعة والعمل والسعي نحوَ الخير والنجاح، ستُهمل فكرة التعلق بالأشخاص والبحث عن أفراد جدد لتعويض العاطفة لديك، فما دمتَ قريب منَ الله وقريب من نفسك وتمنح الحب للآخرين والمساعدة، ستشعر بإيجابية وتتحرّر من عقدة الإهمال.
  • التطوّع والتجديد: بالتأكيد ستشعر بالإهمال ونقص العاطفة إذا كنتَ تقضي أغلب أوقاتك في غرفتك، فأنتَ إنسان بحاجة للحرية والراحة والتعارف، ابدأ بالبحث عن عمل أو تطوّع في الأعمال الخيرية، ستكسب أصدقاء وفريق عمل يُساعدك على الإيجابية والتطوّر بدلاً منَ العلاقات المزيفة على الإنترنت.
  • البحث عن شريك إيجابي: كما ذكرنا أنكَ قادر على نشل نفسكَ بنفسك من هذه العقدة، ولكن في نهاية الأمر ستتزوج وتُنجب أطفال على هذه الحياة، لا تدع الأوهام والأفكار السلبية الناتجة عن علاقة سامة في الماضي أن تُسيطر على تصرفاتك معَ الشريك الجديد.

امنح نفسكَ وامنحه فرصة جديدة، ولا تُقيّد حريته أو تشعر أنهُ سيخون ثقتك بهِ، عبّر عن حبك تجاهه ولكن تجنب التعلّق العاطفي بهِ، فالحب شعور جميل ولا يستحق انتهائه بسبب تصرف خاطئ منك.

اقرأ أيضًا: 6 علامات تدل على التعلق العاطفي عليك التخلي عنها

نعلم أنكَ متعطش للحب والاهتمام، لذلك تحرّر من ماضيك الأليم وابدأ من جديد، والخطوة الأولى يجب أن تُحبّ نفسك أولاً وتمنحها الطمأنينة والأمان، لأنَ حبّك لذاتك سيجذب الآخرين إليك ويزداد اهتمامهم بك.

{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.

‫0 تعليق