إن الفرق بين البلاء والابتلاء هو أن البلاء ينزل على المؤمنين والكافرين على حدٍ سواء، في حين أن الابتلاء فينزل على المؤمنين فقط لاختبار صبرهم وشدة إيمانهم، كما يأتي لرفع درجاتهم عند الله، وليكفر عنهم الذنوب والخطايا. لنتعرف على الفرق بين البلاء والابتلاء.
الفرق بين البلاء والابتلاء
إن البلاء والابتلاء هما امتحان من الله تعالى لاختبار عباده والتمييز بين العبد المؤمن الصادق، وبين العبد الكاذب، كما يأتي البلاء والابتلاء على المؤمنين كنوع من أنواع تكفير الذنوب، ورفع الدرجات عند الله تعالى، قال الله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) سورة الملك، آية رقم 2.
البلاء هو الامتحان الذي يقصد به النقمة والنعمة معًا، فهو اختبار الله لعبده بالخير أو الشر لقوله تعالى: (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ سورة الأنبياء، آية رقم 35.
المقصود بالابتلاء هو الشر الواقع على الإنسان لاختبار صبره، وشدة إيمانه كما في قوله تعالى: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) سورة العنكبوت، آية رقم 2-3.
يمكن معرفة الفريق بين البلاء والابتلاء من خلال عدة أمور، وإليكم 2 من حيثيات الفرق بين البلاء والابتلاء:
الفرق من حيث العموم والخصوص
من حيث العموم والخصوص فإن البلاء يكون أعمّ، فهو ينزل على المؤمنين والكافرين على حدٍّ سواء، أما الابتلاء فينزل على المؤمن ليختبر الله مدى صبره على هذا الابتلاء، فإذا صبر واحتسب أجره عند الله، رفع الله درجاته، وكفّر عن ذنوبه، وكان ذلك خير له في الدنيا والآخرة.
الفرق من حيث المقصود منهما
المقصود منهما الاختبار والامتحان، ولكن الفرق بين البلاء والابتلاء، فهو أن المقصود من الابتلاء الاختبار والنقمة كما جاء في قوله تعالى: (فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ).
في حين أن البلاء قد يقصد منه النقمة لقوله تعالى: (يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ)، وفي بعض الأحيان يقصد منه النعمة لقوله تعالى: (وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا)، وقد يكون امتحان من الله تعالى لصبر المؤمنين لقوله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ).
“اقرأ أيضًا: ما هي الكبائر في الإسلام“
أنواع البلاء
للبلاء نوعان بشكل عام، فهو إما بالجسد أو بالنفس، وإليكم أنواع البلاء:
فأما البلاء بالجسد فيكون بالإصابة بالأمراض التي تتعب الإنسان وترهقه كالجذام والبرص كما في قول رسول الله عليه الصلاة والسلام: (الصدقَةُ تمنعُ سبعينَ نوعًا مِنْ أنواعِ البلاءِ، أهونُها الجذامُ والبرَصُ) رواه الألباني.
أما البلاء النفسي فيأتي بالهموم والشعور بالقلق تجاه أمر معين، والتفكير الزائد في أمور الحياة، أو بأذية الآخرين سواء اللفظية أو الجسدية، مما يبعث الشعور بالغم والحزن.
أنواع الابتلاء
إن للابتلاء العديد من الأنواع، فهو إما ابتلاء بالشر أو ابتلاء بالخير، ويعتبر الابتلاء مع العطاء أشد وأقوى من الابتلاء مع المنع، فعندما يأتي الابتلاء مع المنع والفقر، فإن الفقير ليس أمامه لاجتياز هذا الامتحان سواء الصبر، أما عندما يأتي مع العطاء، فالغني يجب أن يجاهد نفسه على تخطي العديد من الاختبارات، حيث يمكنه أن يلجأ إلى الفساد والزنا (adultery)، وترك العبادة، وإليكم أنواع الابتلاء:
الابتلاء بالشر يأتي على شكل مصائب تنزل على الإنسان سواء في أشياء تؤذيه في حياته، أو بالابتلاء بأشخاص قريبين، أو بخسارة المال والعمل.
أما الابتلاء بالخير فهي حصول الإنسان على النعم لاختباره فيما إذا كان سيشكر الله عليها أم لا، حيث يأتي الابتلاء نتيجة عدم شكر الله تعالى على النعم، فالشكر هو الغاية من الابتلاء، والمؤمن الذي يشكر ربه عند الابتلاء يعوضه الله تعالى بالنعم والرضى كما جاء في قول رسول الله: “عجباً لأمرِ المؤمنِ، إن أمرَه كلَّه خيرٌ، وليس ذاك لأحدٍ إلّا للمؤمنِ، إن أصابته سراءُ شكرَ، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراءُ صب، فكان خيراً له”.
“شاهد أيضًا: جميع آيات الدعاء في القرآن الكريم“
أسباب دفع البلاء
توجد بعض الأسباب التي أمرنا الله عز وجل بالأخذ بها لدفع البلاء ومنع الشر، وذلك مع الرضا بقضاء الله وقدره، ومن أهم أسباب دفع البلاء:
- تقوى الله تعالى وشكره في جميع الأحوال.
- تجنب المعاصي والابتعاد عن المحرمات.
- التقرب من الله تعالى بالعبادات والذكر.
- الحرص على صلة الأرحام.
- الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
- التوكل على الله تعالى في جميع أمور الحياة.
- الإكثار من الاستغفار والدعاء.
- عدم الإساءة للآخرين، والابتعاد عن الظلم.
- استوداع الأمور كلها لرب العباد.
- الاستعاذة بالله من الشر والسوء.
- الصبر.
كيفية التعامل مع الابتلاءات
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من الفقر، ومن فتنة الغنى، وأوصانا بالصبر على الابتلاء بالسراء والضراء، ويعتبر الصبر في السراء أصعب منه في الضراء، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ابتُلينا معَ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- بالضَّرَّاءِ فصَبَرنا، ثمَّ ابتُلينا بالسَّرَّاءِ بعدَهُ فلم نصبِرْ) رواه الألباني.
فالإنسان بطبعه جزوع متعجّل عند الشر، ومنوع عند الخير، إلا من صبر على قضاء الله وقدره، فله الأجر والثواب، ولذلك يجب على المؤمن معرفة كيفية التعامل مع الابتلاءات.
“قد يهمك أيضًا: الاستغفار دواء القلوب الشافي“
هل للدعاء دور في دفع البلاء؟
يعتبر الدعاء من أهم أسباب دفع البلاء، ولكن يجب توفر مجموعة من الشروط للاستفادة من الدعاء، وهي ألا يكون العبد ظالم للعباد، أو يأكل المال الحرام، كما يجب عليه حسن الظن بالله، وعدم استعجال الإجابة.
ما هي الأمور التي تجعل العبد يصبر على الابتلاء؟
يجب على العبد أن يكون على يقين أن الابتلاء تكفير لذنوبه وتطهيره منها، كما أن الابتلاء دليل على محبة الله تعالى له، وأن الله يريد بهذا الابتلاء الخير له في الدنيا والآخرة، كما يجب معرفة المؤمن أن الابتلاء يرفع درجاته عند الله تعالى.
في الختام نجد أن البلاء والابتلاء هما من عند الله تعالى، وعلى الرغم من صعوبة البلاء والابتلاء على الإنسان، إلا أن كل ما يأتي من عند الله هو خير للإنسان، كما أنه يتناسب مع مسيرة حياته، ويحمل له من العبرة ما يكفي ليرجع إلى صوابه، ويكفر عن خطاياه، ولذلك يجب على الإنسان معرفة الفرق بين البلاء والابتلاء، وكيفية دفعهما عنه.