إن العمارة فن من الفنون التي أبدع فيها البشر منذ القدم، وهنالك منشآت معمارية مبهرة عبر التاريخ، وقد برع المعماريون فيها عبر العصور.
وكان لكل عصر سمات معمارية معينة سائدة تميزه، وقد كان علم العمارة في أوجه مثل باقي علوم البشر في هذا العصر الحديث.
وقد ظهرت تصاميم ومنشآت معمارية مبهرة للعيان، وفي هذا المقال سنقتصر على المنشآت والسمات المعمارية في العصر الحديث.
ما هي العمارة الحديثة؟
هي أسلوب حديث في الهندسة المعمارية يشير إلى مجموعة كبيرة من المباني المماثلة التي ظهرت في العديد من البلدان من خلال ممارسة العديد من المهندسين المعماريين الحديثين المشهورين بين عشرينيات وخمسينيات القرن العشرين، واكتسبت شعبيتها بعد الحرب العالمية الثانية.
من أهم المهندسين المعماريين الحديثين حول العالم الذين بدأوا في تطوير حلول معمارية جديدة لدمج العمارة التقليدية مع الاختراعات التكنولوجية الجديدة:
- لي كوربسيير في فرنسا.
- والتر جروبياس في ألمانيا.
- فرانك لويد رايت، لويس سوليفان.
- أوسكار نيماير.
وغيرهم العديد من المعماريين المبدعين.
كما انطلقت العمارة الحديثة لأول مرة في أوروبا، ثم شقت طريقها إلى النمط الأمريكي واستمرت العمارة الحديثة في كونها الطراز الحديث المهيمن للهندسة المعمارية للمباني المؤسسية والشركات في الثمانينيات مع تخلصهم من الأسلوب القديم في العمارة والذي كان متبعاً من قبل.
ما الفرق بين العمارة الحديثة والمعاصرة؟
مصطلح العمارة الحديثة يشير إلى نمط معين مع مجموعة محددة من المبادئ، بينما العمارة المعاصرة هي العمارة التي تنتمي إلى الوقت الحاضر وليس شرطاً أن تكون عمارة حديثة.
سمات معمارية ظهرت في العصر الحديث
هناك العديد من السمات المعمارية التي ظهرت في العصر الحديث والتي لم تكن تستخدم من قبل، وفيما يلي أبرزها:
١– نبذ الزخرفة وتقليلها:
أي استخدام النهج البسيط للمبنى، بدون زخرفة زائدة، حيث تقول الأخلاقيات الحديثة أن المباني البسيطة الخالية من التكتلات تساعد في إشعال الشعور بالبساطة والسلام والبيئة الخالية من الإجهاد.
٢– التأكيد على الأشكال المستطيلة:
تميل المستطيلات لأن تكون الشكل الأكثر فائدة للهيكل من أي شكل آخر، لذلك تعتمد أشكال المباني في العصر الحديث على الصناديق، فتجد معظم المباني وناطحات السحاب ذات أشكال مستطيلة.
٣- استخدام مواد وأنظمة البناء الحديثة:
تم الاعتماد على المواد والأنظمة الحديثة في البناء، بدلاً من الأنظمة التقليدية، حيث تم استخدام الكتل الخرسانية كمادة تشطيبات، في الأرضيات، وتستخدم الأعمدة الفولاذية في التطبيقات المكشوفة، والدعامات الفولاذية الممتدة بفراغات مفتوحة.
٤- استخدام المواد التقليدية بطرق جديدة:
تم استخدام مواد البناء التقليدية مثل الخشب والطوب والحجر بطرق مبسطة لتعكس الجمالية الحديثة.
٥- التأكيد على صدق المواد:
في كثير من الحالات، يتم استخدام الخشب الملون للتعبير عن قوامه وشخصيته، الخشب الملون جيد للتعبير عن الشخصية الطبيعية للخشب بدلاً من الخشب المطلي.
٦- تفضيل الحجم على الكتلة:
تركز العمارة الحديثة على المساحات الداخلية للمبنى، وبعبارة أخرى قد تكون الأشكال الخارجية غير مبهرة، ولكن قد تكون الغرف مفيدة بشكل ملحوظ، على عكس العمارة التقليدية.
٧- الشكل يتبع الوظيفة:
هذا مبدأ يشير إلى أن الوظيفة هي الهدف الرئيسي وهي التي تحدد الشكل العام للمنشأة، ويشير إلى أن المساحة المبنية التي نراها هي نتيجة المعنى أو الغرض المقصود وراء ذلك.
٨– كثرة استخدام الزجاج والضوء الطبيعي:
يتم استخدام النوافذ الزجاجية الكبيرة من السقف إلى الأرض لإدخال الضوء الطبيعي عميقًا في الداخل، كما توفر أيضًا إطلالات رائعة.
٩- استخدام الشمس والتظليل لتعزيز راحة الإنسان:
توفر البروز الطويلة والفتحات المجوفة التظليل إلى المنزل، للحفاظ عليه باردًا في الصيف، وللاستفادة من قوى الطبيعة وتوفير التدفئة الشمسية في الشتاء.
١٠- البساطة حتى النخاع:
لا يمكن للمرء أن يشعر بالملل من البساطة، والبساطة هي ما تؤكد عليها العمارة الحديثة، مما جعل الناس يطورون ولعهم الطبيعي تجاه المباني الحديثة.
١١– التكرار:
استخدام التكرار في العمارة الحديثة، كما هو موضح في الصورة.
وبهذه الخصائص اختلفت الهندسة المعمارية الحديثة عن غيرها من الأنماط المعمارية.
أمثلة على المنشآت المعمارية في العصر الحديث؟
فيما يلي مجموعة من الأمثلة للمنشئات المعمارية التي برزت في العصر الحديث، والتي اتبعت العديد من الأسس والسمات في الهندسة المعمارية للعصر الحديث.
- برج خليفة، دبي، الإمارات العربية المتحدة (ناطحة سحاب)
تم تصميم البرج من طرف المهندس المعماري الشهير أدريان سميث، حيث يعتبر أعلى بناء شيّده الإنسان وأطول برج في العالم وفقاً للمعايير العالمية الرئيسية حيث يبلغ ارتفاعه ٨٢٨م.
- فيلا الشلال أو منزل كوفمان بمنطقة بيرون، بنسلفانيا، نيويورك، بالولايات المتحدة الأمريكية.
أو منزل كوفمان بمنطقة بيرون، وهو بيت خاص بني من قبل عائلة كوفمان ، بدأ تنفيذه سنة ١٩٣٦، وتم بناء المنزل في منتصف غابة أشجار عالية يخترقها جدول ماء شديد الانحدار مكونا شلالا وسط الصخور الضخمة.
- المتحف الوطني الجديد، برلين، ألمانيا
قام بتصميمه مييس فان دير روهيه، وهو مكون من طابقين، العلوي لعرض اللوحات والتماثيل الكبيرة، والأرضي عبارة عن قاعة خاصة للفعاليات المختلفة، ويعتبر من أشهر المتاحف وأكبرها في برلين، وتم افتتاحه عام ١٩٦٨.
- منازل روتردام المعلقة.. تجربة السكن أعلى الجسر
وتتضمن تجربة السكن أعلى الجسر، وتم بناؤها بواسطة المعماري بيت بلوم في السبعينات من القرن الماضي، وهي عبارة عن مساكن مكعبة مرتفعة عن سطح الأرض، حيث يوجد ممر للمشاة أسفلها.
- مسرح الأوبرا في مدينة سيدني، أستراليا
والذي صممه المهندس الدنماركي يورن أوتزون في عام ١٩٧٤، ويُعد من أجمل مسارح العالم.
- مبنى سيغرام، ناطحة سحاب في نيويورك
ناطحة سحاب في نيويورك، والتي صممت من قبل المعماري مس فان دي رو، بالتعاون مع المعماري فيليب جونسون.
انتهت أعمال الإنشاء فيها عام ١٩٥٨، ارتفاعها يقارب ٥١٥ قدم (٣٨ طابق)، وهي من أروع النماذج المعمارية الوظيفية الحديثة، بنيت كمقر لشركة سيغرام.
- قصر ألفورادا
والذي صممه الهندي أوسكار نيمير، كمقر رسمي لرئيس البرازيل، ويعتبر من أفخم وأضخم قصور الرئاسة.
- الكوكب الأزرق، كاستروب، الدنمارك
- برجا بتروناس التوأم، يقعان في كوالالمبور (ماليزيا)
من أعلام المهندسين المعماريين العرب في العصر الحديث
(المعمارية زها حديد)
زُها حديد هي معمارية عراقية بريطانية، وُلدت في بغداد 3١ أكتوبر ١٩٥٠ وتُوفيت في ميامي، 3 يوليو ٢٠١٦ (عن عمر ناهز ٦٦ عاماً).
تعتبر مثال لامرأة عربية غيرت نظرة العالم إلى العمارة من خلال تصاميمها التي تعتمد على الخيال.
ومن الأمثلة على تصاميمها:
- مجمع غالاكسي سوهو في بكين، الصين
- متحف الفن “ايلي وايديثي بورد آرت” في جامعة ميشيغان
- دونج دايمون ديزاين بلازا
مركز ثقافي يقع في سول بكوريا الجنوبية.
- ناطحة سحاب “CMA CGM Tower” في مرسيليا، فرنسا
- محطة تلفريك في إنسبروك، النمسا
- The Bridge Pavilion في سرقسطة إسبانيا
وهو جسر مبتكر بطول ٢٨٠ مترًا (٩١٩ قدمًا)، بني من الخرسانة المسلحة من الألياف الزجاجية لتغليف الجسر، وتم تغطية الجلد الخارجي للمبنى بـ ٢٩٠٠٠ مثلث من الألياف في ظلال مختلفة من اللون الرمادي.
- متحف ريفرسايد في اسكتلندا
وهو أحد أكثر المباني الثقافية الحديثة الذي صممته زها حديد، وهو متحف اسكتلندي للنقل والمواصلات، ويصحبك في جولة تاريخية مشوقة لمعرفة كيفية تطور العربات، من العربات التي تجرها الخيول إلى السيارات الأولية والحديثة وبعض الحافلات والترامات القديمة في اسكتلندا.
في النهاية، تبقى الهندسة المعمارية فنٌ متجدد، وفي كل وقت نجد الإبداعات الهندسية متمثلة بمشاريع مبهرة على امتداد العالم، وكان للعرب والمسلمين نجاحات كبرى في هذا المجال، ونستشرف مستقبل واعد لما سيقدمه المهندسين العرب.
تحرير بيلسان عماد