حكم فوائد البنوك بالتفصيل، إن عمليات البنوك المصرفية تشتمل على العديد من التسهيلات والعروض مثل القروض المصرفية التي تمنح لتساعد بعض المنتفعين بشروط محددة، وكذلك هناك عمليات الإيداع التي يتم فيها وضع مبلغ معين من المال في البنك وكنتيجة لذلك يتقاضى العميل مبلغ معين من الأرباح وهي ما يسمى بالفوائد البنكية.
إن العمليتين السابقتين تشكلان أهم الركائز ضمن البنوك التجارية وأيضًا يمكن اعتبارهما محور العمليات المصرفية وذلك بسبب اعتماد البنوك على الفوائد التي تتقاضها من العملاء حيث تشكل رأس مالها الأهم.
يمكن أن نعرف الفوائد البنكية على أنها كل زيادة يتم منحها من قبل البنك للعميل أو كل زيادة يتقاضاها البنك كمقابل عن منح المال للعميل بشكل مسبق.
يحتدم النقاش كثيرًا بين الناس حول مسألة حكم فوائد البنوك حيث يوجد فئة تؤيد هذه الفكرة ولا تجد أي حرج في أخذها والانتفاع منها وفي الجانب الآخر نرى فئة أخرى لا تجيز أخذ فوائد البنوك وتعتبرها نوع من أنواع الربا الذي حرمه الله تعالى في القرآن الكريم وفق آراء العديد من الفقهاء المسلمين.
سنتحدث في هذا المقال عن حكم الفوائد البنكية في الدين الإسلامي بشكل مفصل وواضح.
حكم فوائد البنوك في الإسلام
حرم الدين الإسلامي الربا وعده من كبائر المعاصي والذنوب التي ترتبط بوعيد من الله تعالى بالعذاب في الآخرة وتم اعتباره حرب مقامة على الله ورسوله.
هناك عدة أنواع للربا المحرم في الشريعة الإسلامية تم توضيحها من قبل العلماء المسلمين على قسمين:
- ربا الفضل: وهو الزيادة التي يتم أخذها مقابل بيع مال بمال أو مثلًا ذهب بذهب أو حتى طعام بطعام أي زيادة أحد الطرفين للآخر.
- ربا النسيئة: وهو الزيادة التي تضاف إلى الدين أو القرض لكن مقابل التأجيل في سداده وهو النوع الذي يتم تداوله في عمليات البنوك التجارية حاليًا.
البنك يودع أموال العميل لديه مقابل أن يمنحه فائدة مقابل ذلك وكأنه اقترض منه هذا المبلغ وأعطاه مبلغ من المال حتى فترة السداد.
هكذا تتكون أموال البنوك عن طريق مجموعة من الإيداعات المالية حتى يتشكل رأس المال الكبير، وفي المقابل يأخذ البنك دور المقرض لكل عملائه ضمن التعاملات المصرفية اليومية.
يقدم البنك قروض كبيرة للعملاء والمقابل يكون هو أن يسددوا قروضهم ولكن مع نسبة معينة مضافة إليها كزيادة نتيجة التأخير، وهو بدون أي شك عين الربا الذي حرمه الله تعالى ووعد بالعذاب الكبير لكل من يتعامل به.
ما هو حل مشكلة الرّبا
كما ذكرنا سابقًا يعد وضع المال في البنك مقابل أخذ الفوائد من أهم أنواع الربا ويعد من كبائر الذنوب حيث قال الله تعالى في سورة البقرة:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ.
في حال اضطر المسلم إلى إيداع أمواله في البنك لأنه لم يجد أي وسيلة أخرى للحفاظ عليها فلا حرج عليه في ذلك ولكن يجب أن يراعي شرطين هما:
- أن لا يأخذ كمقابل على الإيداع أي فائدة من البنك.
- أن يضمن كون تعامل البنك غير ربوي مئة في المئة مع وجود بعض الأنشطة المباحة ليستثمر الأموال.
بالطبع لا يسمح أن يتم الاستفادة من الفوائد الربوية التي تدفع من قبل البنوك لأصحاب الأموال ويحبذ التخلص منها في وجوه الخير كلها.
استشعر الاقتصاد العالمي في الوقت الحاضر خطورة ما يتعرض له بين الوقت والآخر من انتكاسات وأزمات كثيرة وبدأ بالبحث عن كل الأسباب الكامنة وراء هذه المشاكل.
يتم البحث عن حلول لهذه الأزمة وعلى رأسها محاولة تخفيض سعر الفائدة حتى يصبح قريبًا من نسبة الصفر.
حكم المرابحة في البنوك الإسلامية
إن معاملة المرابحة تعد من المعاملات الجائزة عند توفر الشروط وانتفاء بعض الموانع، وهي تشبه المواصفة التي ذكرها العديد من الفقهاء القدماء.
يتم تحديد مواصفات السلعة الغير موجودة عند البائع مع الاتفاق على الثمن ومقدار الربح ونسبته بالكامل.
نقدم فيما يلي أقوال بعض العلماء في حكم المرابحة:
- القول الأول: جواز المرابحة، وهو بالنسبة للدكتور القرضاوي والدكتور عبد الحميد البعلي وأيضًا الدكتور سامي حمود.
اعتبروا أن الأصل في البيع هو الإباحة والمرابحة تعد من أنواع البيع مع فكرة أن البنك الإسلامي يحمل على عاتقه مسؤولية احتمال هلاك السلعة قبل موعد تسليمها.
كما أن هذا العقد لا يخلو من مراعاة مصالح الطرفين.
- القول الثاني: تحريم المرابحة، وهو رأي الدكتور محمد الأشقر والشيخ محمد الشنقيطي والدكتور صديق الضرير.
استدلوا على ذلك بلزوم العدة ضمن المذهب المالكي في الأمر بالمعروف كالتبرعات والصدقات.
كما أخذوا بنهي النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عند الشخص.
- القول الثالث: كراهية المرابحة، وذلك بسبب عدم القدرة على الجزم بكونها محرمة لأن شكلها العام تنطبق عليه كل شروط الشريعة الإسلامية.
الفرق بين المرابحة الإسلامية والفوائد الربوية
كثيرًا ما يحدث التباس بين المرابحة الإسلامية والفوائد الربوية على رغم وجود الكثير من الفروقات بينهما مثل:
- المرابحة هي عبارة عن تبادل السلعة بمبلغ مالي ولكن الفائدة هي تبادل النقود بمثلها.
- ثمن السلعة في المرابحة يكون مستقر وثابت ولكن في القرض الربوي يزداد السعر بازدياد المدة.
- يمكن معرفة كل مصادر الأرباح في البنك الإسلامي ولكن في البنك المعتمد على الربا يكون تقديم المال المقترض بدون أي معرفة مسبقة عن مصدره.
- الربح في البنك الإسلامي يكون عن طريق تقليب الأموال من جهة لأخرى وتحويله من حال لحال مثل عمليات الشراء والبيع، أما بالنسبة لفوائد البنك الربوي فهي تكون عبارة عن زيادة مستحقة للدائن على مدينه مقابل ترك المال إلى وقت السداد.
- الفرق الأهم والأكبر هو أن البنك الربوي يعتمد على أخذ الربح بدون أي تحمل للمخاطر في كل معاملاته، بينما في البنك الإسلامي تكون السلعة ملكًا للبنك ويبيعها بعد أن دخلت في ضماناته وحتى لو خسر البضاعة فهي تكون مضمونة.
هكذا نكون قد انتهينا من مقالنا لليوم نرجو أن نكون قد قدمنا معلومات مفيدة حول ما يتعلق بالفوائد البنكية وحكمها بالشريعة الإسلامية.