عالم الأحياء 8: الأحماض والقواعد

عالم الأحياء 8: الأحماض والقواعد
Share this post with friends!

عالم الأحياء 8: الأحماض والقواعد

لا نزال في أساسيات علم الأحياء التي ترتبط بالكيمياء الحيوية، ويجب أن ندرك أن هذا المجال يعتبر حجر الأساس لفهم العمليات الكيميائية الحيوية التي تحدث في أجسام المخلوقات الحية.

ربما سمعنا باسم الأحماض، أو القواعد، ولكن ماذا تعني بالضبط؟

التأين التلقائي للماء

تحدثنا فيما سبق عن جزيء الماء مع بعض التفصيل، ففهمنا الروابط الكيميائية في جزيء الماء.

سواء كانت رابطة هيدروجينية، تساهمية أو أيونية، وتعرفنا على طبيعة الماء القطبية.

ولا ننسى الإلكترون الذي يقترب إلى الأكسجين أكثر ويتحرك باستمرار ويقفز من مكان لآخر، هذا بأكمله يحدث في جزيء الماء المتناهي في الصغر.

من الجدير بالذكر، حين تتوفر بعض الظروف الخاصة، يمكن لذرة الأكسجين في جزيء الماء إمساك ذرة أكسجين ثالثة!

هذا لا يحدث دائمًا. هذه الظاهرة مرتبطة بظروف محددة فقط.

لنتذكر شكل جزيء الماء، والذي يتضمن ذرة أكسجين مرتبطة برابطة تساهمية مع ذرتي هيدروجين، كما تحتوي على زوجين من الإلكترونات.

ما يحدث في هذه الظروف هو أن أحد أزواج الإلكترونات تُقرر التقاط ذرة هيدروجين ثالثة.

بمعنى آخر، يقرر زوجا الإلكترونات المساهمة بأنفسهم في إحضار ذرة هيدروجين ثالثة والارتباط معها برابطة تساهمية.

ولكن ما الذي يحدث لجزيء الماء الذي كان يحمل ذرة الهيدروجين هذه؟

سيصبح لهذا الجزيء ذرة هيدروجين واحدة، وثلاثة أزواج من الإلكترونات، وهذه الحالة بالتأكيد لا تحدث دائمًا.

في هذه الحالة الشاذة. تختلف شحنة جزيء الماء، فيتحول من جزيء قطبي إلى أيون!

جزيء الماء الذي يحمل ثلاثة ذرات هيدروجين سيُصبح أيون موجب ويُطلق عليه اسم أيون الهيدرونيوم، والذي يُرمز له بالرمز:

H3O+

أما جزيء الماء الذي بقي لديه ذرة هيدروجين واحدة، سيصبح أيون سالب، ويُطلق عليه اسم أيون الهيدروكسيل، والذي يُرمز له بالرمز:

OH-

تحدث هذه الظاهرة تحت ظروف محددة، ويُطلق عليها اسم التأين التلقائي للماء.

قانون أرهينيوس

مكتشف الأحماض والقواعد هو العالم سيڤانت أرينيوس أو أرهينيوس، وهو الفائز الثالث بجائزة نوبل في عام 1903.

في البداية عرّف أرهينيوس الأحماض والقواعد بشكل بسيط للغاية فقال:

  • الأحماض: هو المحلول السائل الذي يحتوي على كمية أكبر من أيونات الهيدروجين الموجبة أو من الهيدرونيوم.
  • القواعد: هو المحلول السائل الذي يحتوي على كمية أكبر من أيونات الهيدروكسيل السالبة.

على سبيل المثال، كلور الماء أو ما يُطلق عليه اسم حمض الهيدروكلوريك، والذي يرمز له بالرمز:

HCL

والذي يتفكك في المحلول السائل فينتج عنه أيون الكلوريد وأيون الهيدروجين.

HCL—>H+   +CL-

ونُلاحظ هنا أن حمض الهيدروكلوريك سيزيد من أيون الهيدروجين في المحلول السائل، ولهذا يُعتبر من الأحماض القوية.

إذا تفاعل حمض الهيدروكلوريك مع الماء، فستنتج المعادلة الآتية:

HCL + H2O —-> H3O + Cl

ونُلاحظ هنا أن الحمض القوي يُمكنه أيضًا الذوبان في الماء وزيادة تركيز الهيدرونيوم، وهذا ما يجعله حمض قوي.

ومن الأمثلة على القواعد القوية هيدروكسيد الصوديوم، وهو عبارة عن ذرة أكسجين ترتبط برابطة تساهمية مع ذرة هيدروجين ورابطة أيونية مع الصوديوم.

يمكن التعبير عن تفكك هيدروكسيد الصوديوم في المحلول السائل باستخدام المعادلة الآتية:

NaOH —-> OH + Na

بذلك يزداد تركيز الهيدروكسيل السالب في المحلول الذي يتفكك فيه هيدروكسيد الصوديوم، وهذا ما يجعله من القواعد.

قانون برونستد لوري

من العلماء أيضًا الذين حاولوا تعريف الأحماض والقواعد العالمين برونستد ولوري في عشرينات القرن الماضي.

عرف برونستد ولوري الأحماض على أنها مانحة لأيون الهيدروجين.

أما القواعد فهي القادرة على استلام أيون الهيدروجين.

من الجدير بالذكر أن ذرة الهيدروجين تتضمن بروتون وإلكترون واحد، ولا تحتوي على نيوترونات.

وعندها يتحول الهيدروجين إلى أيون، يفقد الإلكترون، وبالتالي يتبقى فقط البروتونات.

ولهذا يمكن قول أن الأحماض هي المانحة للبروتونات أو أيون الهيدروجين أو التي تميل لخسارتهم.

والقواعد هي المستقبلة للبروتونات أو أيونات الهيدروجين أو التي تميل إلى اكتسابهم.

لنستعن بمعادلة ذوبان حمض الهيدروكلوريك أعلاه لوصف تعريف برونستد لوري للأحماض والقواعد:

HCL + H2O —-> H3O + Cl

سنُلاحظ هنا أن حمض الهيدروكلوريك يميل لخسارة الهيدروجين، وهذا ما يجعله من الأحماض.

والماء يميل لاكتساب الهيدروجين، فهذا يعني أنه يتصرف كالقواعد.

من الجدير بالذكر أن الماء هو حالة شاذة، حيث يمكنه التصرف كالقواعد أو الأحماض.

عندما يفقد الحمض الهيدروجين، مثل حمض الهيدروكلوريك أعلاه والذي تحول إلى هيدرونيوم، يُطلق على ناتج خسارته اسم القاعدة المرافقة.

وعلى العكس من ذلك، عندما تكسب القاعدة البروتون أو الهيدروجين، فناتج اكتسابها هو الحمض المرافق.

هذا يعني المعادلة الآتية:

الحمض +القاعدة —> القاعدة المرافقة +الحمض المرافق

الأس الهيدروجيني

الأس الهيدروجيني أو رقم الحموضة هو رقم يُعبر عن تركيز الهيدروجين في محلول ما، ويُرمز له بالرمز:

pH

ويمكن تعريف الأس الهيدروجيني رياضيًا بأنه سالب لوغاريتم تركيز أيون الهيدروجين.

لا يُعبر عن الأس الهيدروجيني بوحدة، ولكن يُعبر عن التركيز بوحدة يُطلق عليها اسم المول.

على سبيل المثال، يُقصد بمصطلح دزينة حزمة من 12 قطعة، والأمر ذاته ينطبق على المول، ويساوي 1 مول عدد يُطلق عليه اسم عدد أفوجادرو، وهو العدد الموضح في الصورة أدناه:

يُمكن تمثيل قيمة الأس الهيدروجيني على مقياس يبدأ بالرقم 0 ويصل إلى 14.

إذا كان الأس الهيدروجيني لمحلول ما يساوي 7، فهذا يعني أنه معتدل، وهذا ينطبق على الماء.

أما إذا كان الأس الهيدروجيني أعلى من 7 فهذا يعني أن المحلول قاعدي، ومثال عليه الكلوركس المستخدم لتنظيف المنازل، حيث أن قيمة الأس الهيدروجيني له هي 12

وفي المقابل إذا كان الأس الهيدروجيني أقل من 7، فهذا يعني أن المحلول حمضي، ومثال عليه عصير البرتقال، حيث أن الأس الهيدروجيني له حوالي 4.

من الجدير بالذكر أننا كلما اتجهنا إلى اليمين في مقياس الأس الهيدروجيني، كلما قل تركيز الهيدروجين في المحلول.

وهذا يعني أن تركيز الهيدروجين في الكلوركس أكثر من الماء، وتركيز الهيدروجين في عصير البرتقال أكثر من الماء.

المحلول المنظم

يتراوح الرقم الهيدروجيني في دمائنا ما بين 7.35 و 7.45، ومن الضروري للغاية لاستمرارنا على قيد الحياة أن لا يتجاوز الأس الهيدروجيني للدم هذا المجال.

فإذا كان الأس الهيدروجيني للدم أقل من 7.35 فهذا يعني أن الشخص سيُصاب بحالة طبية تعرف باسم حموضة الدم.

لذلك قد تتساءل، كيف يُحافظ جسدنا على قيمة الأس الهيدروجيني دون أن تتغير بسبب نظامنا الغذائي على سبيل المثال.

جواب ذلك هو محلول يُطلق عليه اسم المحلول المنظم، ويُطلق على المحلول المنظم باللغة الإنجليزية اسم

Buffer solution

وهو المحلول الذي يُنظم الرقم الهيدروجيني لمحلول ما.

في دمائنا، يقوم المحلول المنظم بالعديد من التفاعلات الكيميائية إذا زادت نسبة أيون الهيدروجين في الدم أو نقصت.

كنتيجة لذلك، يبقى رقم الحموضة أو الأس الهيدروجيني في أجسامنا ثابتًا، ولكن في حالات صحية معينة يمكن أن يتغير توازن المحلول المنظم، وفي هذه الحالة يُصاب الإنسان بالمرض.

لهذا السبب من المهم فهم القواعد والأحماض وتفاعلاتهم الكيميائية، وهذا لفهم مكونات دمائنا ودماء أي مخلوق حي، ولهذا السبب يعتبر فهم القواعد والأحماض أساس من أساسيات علم الأحياء.

0 thoughts