ما هو العلاج الجشطالتي؟
تتعدّد تقنيات العلاج النفسي للمرضى، فمنذُ القدم يعتمد المعالج أو الطبيب على تحليل نفسية المريض من خلال تجاربه السابقة وماضيه ومخاوفه المستقبلية وكيفية تحديدها والتخلص منها، ولكن ظهرت الكثير من تقنيات العلاج ربما لم يسمع عنها البعض ولكنها موجودة بالفعل، ويتم اتباعها من قِبَل الكثير منَ الأطباء، وتُعدّ نظرية العلاج الجشطالتي أو علاج الجشطالت من أبرز العلاجات النفسية الموجودة في العالم، فبدلاً منَ إلقاء اللوم على الآخرين والتحسّر على الماضي، يُنظر للحاضر من خلال هذه النظرية ومعالجة المريض من حاضره واللحظة الحالية، فما هو العلاج الجشطالتي؟ وما هي فوائده؟ واستخداماته؟ وتقنيات العلاج؟
ما المقصود بالعلاج الجشطالتي؟
يُقصد بالعلاج الجشطالتي {استخدام الحاضر للشفاء}، وقد تمَ تطويره وتقديمه بواسطة لورا بيرلز وزوجها فريتز بيرلز وصديقهم بول جودمان، فقد أشاروا أنَ هذا العلاج سيكون بديلاً للتحليل النفسي التقليدي الذي يعتمدهُ أغلب الأطباء، وتعني كلمة جشطالت هيَ {شكل شيء ما}، وبالفعل تمت دراسة هذه النظرية والاعتماد عليها منذُ أربعينيات القرن الماضي.
ومنَ الجدير بالذكر، أنَ العلاج الجشطالتي يعتمد بالدرجة الأولى على فهم الطبيب للحاضر الذي يعيشه المريض، فيتركز على حياة الفرد الشخصية في الوقت الحالي، ويتجاهل كل ما مضى بل يُحاول الطبيب فهم الأمور التي يُعاني منها الشخص في حاضره ومن ثمَ البدء بعلاجها، ويتم العلاج عن طريق ترسيخ فكرة للمريض أنهُ لا يجب عليهِ إلقاء اللوم على الماضي أو على الآخرين بل عليهِ أن يُواجه جميع التحديات التي يخوضها ويتحمل مسؤولية أفعاله دونَ التذمر أو الخوف.
علاوة على ذلك، يجلس المريض على كرسي في غرفة العلاج ويبدأ بسرد تجاربه الحالية، ولذلك يعمل الطبيب في هذه الحالة على جذب انتباه المريض وتركيزه في الحاضر وذلكَ من خلال فهمه وتحليله لهُ واستنباط التحديات التي يواجهها والعمل على حلّها، ويُمكن للمريض قول أي شيء عن مخاوفه دونَ تردد أو خوف، ويتم تشجيعه بشكلٍ كبير من قِبَل المعالج ليتم التخلص من جميع العواطف والمخاوف من داخل الشخص.
ونوّد الإشارة، أنَ هذا العلاج يُرّكز على البيئة والمحيط والأحداث التي تحدث للمريض في حاضره، ومن ثمَ مساعدته على تغيير الواقع وتقبّل ذاته الإنسانية وجعلهِ أكثر وعياً بمحيطه، ويتعلم المريض التقنيات العلاجية لكيفية التحكّم بالمشاعر والسيطرة عليها وإخراجها في الوقت المناسب وتجنب قمعها، بالإضافة للتركيز على الإنتاجية وتطوير الذات في اللحظة الحالية وتجنب الخوض في تجارب الماضي أو الخوف من المستقبل.
ما هيَ فوائد العلاج الجشطالتي؟
توجد العديد منَ الفوائد التي يتميز بها هذا العلاج وتتمثل في:
- القدرة على التحكّم بالمشاعر والعواطف والسيطرة عليها في الأوقات الحرجة.
- زيادة الثقة بالنفس وتحسين مهارات الاتصال عندَ المريض معَ محيطه في الوقت الحالي.
- زيادة فهمه ووعيه بسلوكيّاته وأنماط تفكيره وعواطفه التي يشعر بها.
- التسامح مع الذات الإنسانية وتقبّل الأحداث.
- تحسين الحالة المزاجية والتخلص منَ المشاعر والعواطف المكبوتة.
- تحسين اليقظة الحالية باحتياجات المريض وكيفية الوصول إليها.
ما هيَ استخدامات العلاج الجشطالتي؟
يستخدم هذا العلاج في العديد من الحالات النفسيةالتي يُعاني منها الجنس البشري، مثل:
- قلّة الثقة بالنفس وضعف الشخصية.
- الشعور بالاكتئاب وتذّكر الماضي وأحداثه.
- الخوف من المستقبل والقلق الدائم.
- المشاكل معَ المحيط الخارجي أو انقطاع العلاقات معَ الآخرين.
- عدم القدرة على تقبّل الذات والتفكير السوداوي والسلبي تجاهَ النفس.
ما هي تقنيات العلاج الجشطالتي؟
توجد العديد منَ الممارسات والتمارين التي يتم استخدامها في العلاج من قِبَل الطبيب، ومن أهمها:
- كرسي فارغ: أثناءَ البدء بالجلسة على المعالج أن يطلب منَ المريض الجلوس على كرسي فارغ، فأثناءَ الحديث معهُ سيبدأ بالتخيلات والتصوّرات الذهنية داخلَ عقله، وبذلك يسمح لهُ بتخيّل نفسه يتحدث معَ ذاته الداخلية أو معَ شخصٍ آخر، وهذه الخطوة تُسهم في زيادة فهم عملية المريض لنفسه وزيادة معلوماته في أن يُصبح أكثر وعياً بمحيطه، بالإضافة لراحة المريض أثناءَ التحدث على هذا الكرسي وبالتالي ستتحسّن حالته المزاجية بعدَ انتهاء الجلسة.
- فهم الصراعات الداخلية: أثناءَ جلسة الحوار يجب على المعالج أن يُخرج منَ المريض الشخصيات التي تُسيطر عليه، مثال: الشخصية السلبية والكئيبة بالإضافة للشخصية الطموحة، ومن ثمَ إجراء حوار بينَ الشخصيات لفهم المريض صراعاته الداخلية وكيفية التحكّم بها والتعامل معها، من ثمَ الانتقال خطوة بخطوة للتخلص منَ الشخصية السوداوية وزيادة ثقة المريض بنفسه.
- تحديد نقاط القوة والضعف: بعدَ إجراء الحوار معَ المريض على الطبيب أن يفهم جيداً ويتأكدّ من نقاط القوة التي يمتلكها المريض، ومن ثمَ العمل عليها، فالمريض بحاجة ماسة لمعرفة الإيجابيات في حياته الواقعية والأشياء الثمينة التي يمتلكها ولكنهُ لم يهتم لها، بالإضافة لضرورة تحديد نقاط الضعف والعمل على التخلص منها من خلال التركيز على النفس.
- الفنون الإبداعية: يُمكن أيضاً للمعالج أن يسمح للمريض بالتعبير عن ذاته وعواطفه بالطريقة التي يُحبها، كالرسم أو الكتابة أو النحت أو الهواية التي يحبها، ويشجعه على تطويرها، فسيُلاحظ الطبيب بعدَ عدّة جلسات أنَ المريض قد أدركَ معنى الحياة وأهميتها بالنسبة له.
- الكلمات والعبارات: أثناءَ الجلسة يمنح الطبيب للمريض عدّة عبارات تحفيزية وإيجابية بإمكانها ترك أثر في حياته، فبدلاً منَ التذّمر والاكتئاب وضعف الثقة بالنفس، يمكنهُ اعتماد كلمات تُسهم في تحفيز الذات، مثل أنا نشيط اليوم أنا ناجح في هذا المجال، أنا مبدع في عملي، لذلك يجب تشجيعه على استخدام العبارات التي تحتوي كلمة {أنا} فهيَ خطوة مهمة في العلاج.
يُعدّ العلاج الجشطالتي كغيره من أنواع العلاجات النفسية الأخرى، ولكنهُ مفيد جداً للإنسان ويُمكّنه منَ التمتع باللحظة الحالية وعدم التفكير بالماضي أو المستقبل، بالإضافة إلى أنهُ فعّال في علاج بعض الأمراض النفسية المشهورة مثل {الانفصام أو الشيزوفرينيا} ولكنهُ يتطلّب معالج حكيم ومميز ويتمتّع بدرجة عالية منَ الكفاءة المهنية.
{{ نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون }}.