إن العصر الجليدي هو تلك الفترة التي كان فيها مناخ الأرض شديد البرودة لدرجة أن الأنهار الجليدية سيطرت على كل مناطق المرتفعات وأيضًا غطت الصفائح الجليدية الثخينة منطقة القطبين.
في بقية العصور الأخرى كان الوضع مختلف تمامًا حيث كانت درجات الحرارة مستقرة ومرتفعة أحياناً مع تواجد الجليد بنسب أقل بكثير.
سنتحدث في هذا المقال عن العصر الجليدي وعن تاريخه وأسباب تواجده.
تاريخ العصر الجليدي
في الحقيقة يعد العصر الجليدي Glaciations من الفترات النادرة والقصيرة في تاريخ الأرض، وعمومًا يطلق اسم الجليديات Glaciers على التجمع الجليدي الموجود على الكتل القارية فقط أي لا نطلق هذه التسمية على الجليد المتجمع فوق المسطحات المائية.
تشير كل الأدلة الجيولوجية إلى وجود خمس فترات جليدية سابقًا وذلك خلال ال2500 سنة فيما مضى ترتب بالطريقة التالية:
- الفترة الأولى: بداية هذه الفترة كانت مع بداية حقبة البروتيروزويك Proterozoic Era وهي الفترة التي مرت ما بين 2000-2300 مليون عام سابقًا.
- الفترة الثانية: بدأت الفترة الثانية مع نهاية حقبة البروتيروزويك Proterozoic Era أي ما بين 550-1000 عام منصرم.
- الفترة الثالثة: بدأت الفترة الثالثة خلال العصرين الأوردوفيشي والسيلوري وهي حقبة زمنية ظهرت ما قبل 440 عام منصرم.
- الفترة الرابعة: امتدت الفترة الرابعة خلال عصرين هما العصر البرمي والعصر الكاربوني على امتداد فترة طويلة كانت ما بين 200 إلى 300 عام قد مضى.
- الفترة الخامسة: امتدت الفترة الخامسة ما بين العصرين التيرشري و الكواترنري أي ما بين 2 إلى 1 مليون عام مضى.
أسباب حدوث العصر الجليدي
على الرغم من أنه يوجد الكثير من الدراسات المفصلة التي أجريت على العصر الجليدي فإن الأسباب الحقيقية وراء هذه التغيرات المناخية الشديدة لا تزال مجهولة حتى يومنا هذا.
على العموم يوجد أربع أسباب رئيسية ساهمت في حدوث العصر الجليدي وهي على الشكل التالي:
الدورات الفلكية Astronomical Cycles:
وهي عبارة عن تغيير في مدار الأرض الموجود حول الشمس بشكل دوري وهذا الأمر يمتلك تأثيرات شديدة على وصول الإشعاع الشمسي للأرض مما يساعد في ظهور التغييرات ضمن المدار الأرضي وأيضًا تحكمه بالمناخ.
هذا الأمر تم اكتشافه من جيمس كرول في نهاية القرن الثامن عشر ومن ثم في عام 1920 قام الجيوفيزيائي ميلوتين ميلانكوفتش بوضع نظرية مفصلة بهدف حساب التغييرات الفلكية التي تؤدي لتغير المناخ على كوكب الأرض.
على الرغم من أن هذه النظرية لم تلق أي ردود فعل جيدة إلا أنها ومع مرور الوقت أثبتت صحتها، وسنقوم بتلخيصها فيما يلي:
- اللامركزية Decentralization: وهي تعبير يتم استخدامه للدلالة على ظهور التغيرات الشكلية بالنمط الإهليجي لكوكب الأرض وأيضًا في مقياس عدم الدائرية التابع للمدار. إن هذه التغيرات تحدث خلال مدة زمنية طويلة تقدر ب96.000 سنة.
- الميل Inclination: إن الميل هو تعبير يستخدم للدلالة على حدوث التغيرات في ميل محور كوكب الأرض وذلك لأن الميل الذي يحدث يسبب ظهور الفصول الأربعة وهي تغيرات تحصل كل 41.000 سنة.
- التذبذبات الأرضية Earth Wobbles: وهي تعبير يخص دلالات تأرجح كوكب الأرض حول المحور الخاص بها وهذه ظاهرة تتكرر كل 100 سنة تقريبًا.
- حركة الطبقات Plate Tectonics: وهذا يعني أن طبقات الأرض دائمة التحرك بشكل مستمر وهذا أمر يتبع لحركة الغلاف الصخري البطيئة جدًا وبالتالي فإنه نتيجة لهذه الحركات سوف تظهر التغيرات المناخية بنفس الموقع ولكن بفترات مختلفة.
تيارات المحيط Ocean currents:
إن تيارات المحيط تظهر كنتيجة لبعض التغيرات في موقع القارات حيث أن شكل المحيط يتغير وتتغير معه طبيعة حركة الماء وتكون النتيجة تغير في طبيعة توزيع درجات الحرارة حول كوكب الأرض.
يمكن القول أن حركة المحيطات المستمرة ضمن المناطق الاستوائية والقطبية سوف تؤدي لتوزيع الحرارة على سطح الأرض بشكل متوازن مما يؤدي لخلق مناخ موحد بشكل ما.
الغلاف الغازي Atmospheric composition:
يتكون الغلاف الغازي من ثاني أكسيد الكربون وهو المسؤول عن حدوث الاحتباس الحراري حيث أنه في حال زيادة نسبة هذا الغاز سوف تحتفظ الأرض بحرارتها ولكن في حالة النقصان فإن العكس سيحدث وسوف تنخفض درجات الحرارة وهذا كان سبب تعرض الأرض للعصر الجليدي.
حيوانات العصر الجليدي
اعتقد العلماء أن كل التغيرات المناخية التي حدثت في العصر الجليدي سببت موت بعض أنواع الثدييات ومع ذلك فإنه قد ظهر خلال العصر الجليدي الكثير من الحيوانات.
من أهم الأنواع التي ظهرت بتلك الفترة يوجد الجمال والخيول مع نوع خاص جدًا وهو الغزلان الضخمة الحجم التي عرفت ضمن منطقة سيبيريا ولكن قبل ما يقارب ال 7700 سنة.
أيضًا ظهر حيوان الماموث الذي يتصف بأنه حيوان ضخم صوفي بطول شاهق وحيوان وحيد القرن الصوفي.
تواجدت في بعض المناطق أسود الكهف على الرغم من أنها قد عاشت قبل 14.000 عام على امتداد الطرق التي تصل ما بين أوروبا وغرب كندا، ودببة الكهف في الفترة ما بين 30.500-28.500 عام مضى.
أخيرًا ظهر قط الأسنان المفترس بالإضافة لأنواع كثيرة من الأسود التي عاشت في جنوب كل من أفريقيا وأمريكا الشمالية.
أدلة على وجود العصر الجليدي
هناك مجموعة من الأدلة التي أثبتت وجود العصر الجليدي وهي على الشكل التالي:
- الجيولوجيا: إن الأدلة الجيولوجية الموجودة تشمل التلال والصخور ذات الأشكال الغريبة جدًا أو الوديان المنحوتة والأحجار الكبيرة ذات الشكل الغير منتظم.
- الحفريات: يمكن القول أن الحفريات تعتبر دليل هام جدًا على وجود العصر الجليدي وخصوصًا في حال تم النظر بالتوزيع الجغرافي الخاص بهذه الأحافير حيث نلاحظ أنها تنخفض بشكل واضح في الخطوط العرضية العليا وهذا يدل على وجود صفائح جلدية مسبقًا في هذا المكان.
- المواد الكيميائية: إن المواد الكيمائية تشكل كل الاختلافات ما بين نسبة النظائر الموجدة بالأحافير المكتشفة ضمن الرواسب الصخرية.
تحتوي هذه المواد غالبًا على الفقاعات الهوائية لتعطينا صورة كافية عن تكوين الغلاف الجوي ضمن فترة العصر الجليدي.