لابدَّ أنكَ سمعتَ بمرض البارانويا ولو مرة واحدة في حياتك، فمصطلح البارانويا من أقدم المصطلحات المستخدمة منذُ القدم فهوَ يُعبّر عن بعض الاضطرابات العقلية التي تحدث للإنسان، كما أنَ الكثير منَ الأشخاص يُعانون من هذا المرض حولَ العالم ولكن يختلف من شخصٍ لآخر، فالبارانويا يحتوي على عدّة أنواع وأشكال من حيث الأعراض، فما هوَ مرض البارانويا؟ وما هيَ أعراضه؟ وأسبابه؟ وطرق علاجه؟
صديقي القارئ،، نُقدّم لكَ في هذا المقال معلومات شاملة عن مرض البارانويا عليكَ أن تقرأها:
ما هوَ مرض البارانويا Paranoia؟
يُعدّ مرض البارانويا أو الذي يُعرف {بجنون الارتياب} واحداً منَ الأمراض النفسية العصبية التي تُصيب العديد منَ الأشخاص، فيعتقد المُصاب بهِ أنهُ مهدد بطريقة ما، فيشعر أنَ معظم الناس يُحاولون مراقبته وأذيته طوال الوقت.
ومنَ الجدير بالذكر، أنَ هذا الشعور الذي يُصيب المريض ما هوَ إلّا عبارة عن مخاوف لا تمت للواقع بأي صلة، ويُصاب المريض بسببها بالتوتر والقلق والإنزعاج، ويحدث عادةً هذا الشعور بسبب إنعدام الثقة بالآخرين مما يُؤدي إلى تفادي التجمعات أو الالتقاء بالأشخاص وتجنبهم.
علاوة على ذلك، قد يبدأ الشعور بالبارانويا في الأيام الأولى أنهُ خفيف ويُسبب للشخص عدم الراحة والشك بالآخرين، ومن ثمَ يُمكن أن يتطوّر مرض البارانويا إلى نمط تفكير شديد ومُزعج يجعلهُ ينعزل عن الآخرين ويُشير هذا النمط إلى أنَ صحة الشخص العقلية في حالة خطر يجب السيطرة عليها.
ما هيَ أعراض مرض البارانويا؟
نوّد الإشارة إلى أنَ الكثير منَ الأشخاص يُعانون في حياتهم منَ الوساوس والأفكار المزعجة عن الآخرين ولكن بشكلٍ بسيط، أما جنون الارتياب فهوَ حالة أكثر استمراراً من عدم الثقة معَ الآخرين مما يُؤدي لحدوث عدّة أعراض يُلاحظها كل شخص وهيَ:
- انعدام الثقة في الأشخاص.
- الشعور كضحية.
- الشعور بسوء الفهم بشكلٍ مستمر.
- العزلة وتجنب الاختلاط بالناس.
- القلق والتوتر والأفكار السوداوية عن الآخرين.
- العلاقات الاجتماعية السيئة.
- التعرّض للإهانة بسهولة.
- الاعتقاد بأنَ الشخص المُصاب دائماً على حق.
- عدم القدرة على التسامح والتنازل.
- قراءة المعاني المخفية في سلوكيات الأشخاص العاديين.
- الشك الدائم.
- هلاوس بصرية وسمعية في بعض الأحيان.
قد يهمك: الشيروفوبيا {رهاب السعادة}
ما هيَ أسباب مرض البارانويا؟
توجد العديد منَ الأسباب المختلفة التي تؤثر على الشخص وتجعلهُ يُعاني منَ مرض البارانويا، ومن هذه الأسباب:
1. اضطرابات النوم:
نوّد القول إلى أنَ اضطرابات النوم لليلة واحدة لن تُؤثر على الشخص وتجعلهُ يُعاني منَ البارانويا، أما بالانتقال إلى اضطرابات النوم الدائمة وعدم حصول الشخص على قدر كافٍ منَ النوم والراحة يُؤدي إلى حدوث البارانويا، فتُصبح تصرفات الشخص غريبة تجاه الآخرين ويعتقد أنهم يُحاولون الإساءة لهُ أو إيذائه، ومنَ الممكن أن تتطوّر حالة المريض إلى سماع ورؤية الهلوسات الغير موجودة والتي تُؤثر على صحته العقلية. إقرأ أيضًا: كيف يؤثر النوم على الصحة العقلية؟
2. الاضطرابات النفسية:
تُؤدي بعض الاضطرابات النفسية إلى حدوث البارانويا معَ الشخص، فعلى سبيل المثال {مرض الشيزوفرينيا} أو الذي يُعرف بالفصام منَ المُمكن أن يجعل منَ الصعب معرفة ما هوَ في الخيال وما هوَ حقيقي أو الإصابة باضطراب الشخصية الحديّة فتجعل الشخص في تقلبات عاطفية وشك دائم بالأشخاص المحيطين بهِ، بالإضافة إلى أن الشخص عندما يُعاني منَ الاضطراب الذهاني واضطراب ثنائي القطب منَ المُمكن أيضاً أن يُصاب بالبارانويا.
3. تعاطي المخدرات:
وهيَ واحدة منَ الأسباب المحتملة في حدوث هذا المرض، فكيمياء الدماغ منَ الممكن أن تتغير أثناءَ تعاطي المخدرات أو الماريجوانا أو الكوكايين.
4. الأحداث الحياتية:
أيضاً واحدة منَ الأسباب المحتملة، فمنَ المُمكن أنَ الشخص قد تعرّضَ في حياته أو طفولته إلى الخوف الدائم أو التعنيف الأسري والخارجي أو التنمر المدرسي من قِبَل أحد أصدقائه، وهذه الأحداث أثرت على تفكيره وسلوكياته تجاهَ الآخرين وجعلتهُ يُفضّل الانعزال وتجنب الاختلاط بالأشخاص المحيطين بهِ.
5. الأمراض الجسدية:
توجد بعض الأمراض الجسدية التي تُسبب البارانويا {كالسكتات الدماغية أو مرض باركنسون أو الزهايمر أو الخرف}.
توجد الكثير منَ العوامل والأسباب التي تدفع الشخص للإصابة بالبارانويا ولكن ذكرنا في الأعلى أهمها، وتوجد بعض العوامل الإضافية {كالنفسية والبيئية والصحيّة والاجتماعية} منَ المُمكن أن تؤدي للإصابة بجنون الارتياب.
كيفَ يُمكن تشخيص مرض البارانويا؟
قد يكون التشخيص في هذه الحالة أمراً في غاية الصعوبة نوعاً ما، وذلكَ بسبب انعزال الشخص المصاب وعدم وثوقه بالأطباء أو ذهابه إلى المستشفيات، بالإضافة إلى صعوبة تشخيص الحالة التي تسببت بهذا المرض فأعراضه تتشابه معَ العديد منَ الاضطرابات العقلية، ولكن يتم التشخيص على الشكل الآتي:
- معرفة التاريخ الطبي عندَ المريض.
- الفحص البدني الشامل لهُ.
- تقييم الأعراض التي يشعر بها.
- خضوعه إلى بعض الاختبارات النفسية التي يُجريها عليه الأطباء.
- اختبارات نفسية لمعرفة السبب الرئيسي وراءَ أعراض البارانويا.
كيفَ يُمكن علاج مرض البارانويا؟
منَ الجدير بالذكر أنهُ توجد بعض العلاجات التي تُساعد الشخص على التحكم بمشاعره وسلوكياته وأفكاره تجاهَ الآخرين، ومن هذه العلاجات:
1. العلاج النفسي:
في الخطوة الأولى سيُعاني المعالج النفسي من بطء العلاج معَ المريض، فيحتاج إلى الوقت الكبير لتعزيز ثقة المريض بنفسه، فيتم ذلك عن طريق دعمه إيجابياً والتحدث معهُ ومحاولة إخراجه منَ الأفكار التي يعتنقها داخل رأسه، بالإضافة إلى جعل المريض يتقبل ضعفه ويُحاول التحكم بمشاعره ويتخيل الأفكار الإيجابية والجميلة عن الحياة والآخرين.
2. التأقلم معَ المحيط الخارجي:
يُحاول المعالج في هذه الطريقة تحسين قدرة الشخص على تكوين الصداقات والشعور معهم بالفرح والسعادة، بالإضافة إلى تطبيق العلاج عن طريق الاسترخاء وطرد الأفكار السامة من رأسه.
3. تناول الأدوية:
يُمكن وصف بعض الأدوية التي تُسيطر على حالة المريض {كمضادات القلق أو مضادات الذهان أو مضادات الاكتئاب}، وفي المرحلة الأولى سيرفض المريض تناول الأدوية ولكن إلى جانب العلاجات النفسي والسلوكي المعرفي يُمكن مساعدته على تناولها.
4. الدعم الأسري والعائلي:
من أهم الخطوات التي تُسهم في تحسين أفكار وعقلية المريض، فالجلوس بجانبه وسرد القصص والأحاديث معه سيشعرهُ بالراحة والأمان ويطرد الأفكار السلبية والتخيلات عن أنَ الآخرين يكرهونه أو سيسببون لهُ الأذى، بالإضافة إلى أنهُ يشجعه على الخروج وتكوين الصداقات والاختلاط بالمجتمع.
أحياناً مريض البارانويا يكون في بدايات مرضه، فالعلاج والدعم النفسي يُسهم في إخراجه منَ الأوهام والتخيلات التي يتخيلها عن الآخرين، لذلك إذا لاحظتَ أنَ أحد من أفراد عائلتك مصاب بالبارانويا حاول دعمه إيجابياً وتشجيعه على زيارة الطبيب المختص إذا تفاقمت الحالة المرضيّة لديه.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.