متلازمة إدمان العمل وعلاجها
يُعدّ الإدمان أحد المشكلات التي يُعاني منها معظم البشر، وبالتأكيد ستُفكّر الآن بإدمان الكحوليات أو التدخين، ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك فقط، فيُمكن للإنسان أن يُدمن على أي شيء متواجد في حياته مثل {إدمان المنشطات، استنشاق البترول، المسكّنات الأفيونية، لعب القمار، الإنترنت والتلفاز، مواقع التواصل الاجتماعي} فأي شيء يُمكن إدمانه وتعلّق الإنسان بهِ لدرجة منَ الصعب الابتعاد عنهُ إلّا بالعلاج.
ومنَ الجدير بالذكر، أنهُ يوجد أشخاص مدمنين لأعمالهم المهنية، هل يُعقل ذلك! فالأفراد عادةً يهربون من إنجاز مهامهم من أجل قضاء الوقت في الاستجمام والتسلية والراحة، ولكن ليسَ الجميع، لأنَ فئة منَ الأفراد يُفكّرون بالعمل أكثر من تفكيرهم بأنفسهم، ويقضون ساعاتٍ طويلة من أجل إنجاز كل ما يترتّب عليهم بهدف الترقية في العمل أو الوصول لأعلى درجات النجاح.
ونوّد الإشارة، أنَ العمل نعمة وواجب على كل إنسان متواجد في المجتمع، لأنَ الفرد الذي يتكاسل أو يعتمد على غيره يُلاحظ في نهاية المطاف أنهُ اتكالي والجميع يبتعد عنه ولا يملك أي أموالٍ ليقضي بها حاجاته الأساسية، وبالرغم من أهمية العمل واعتباره كسلاح لكل إنسانٍ منّا ومصدر قوّة والحدّ منَ الفقر والبطالة.
إلّا أنهُ في بعض الحالات يتحوّل إلى مرضٍ جسدي ونفسي بحيث يُسيطر على عقل الشخص ويُحوّل حياته إلى جحيمٍ منَ التفكير وتأنيب الضمير حتى في أوقات الفراغ، ولذلك ما المقصود بمتلازمة إدمان العمل؟ وما هيَ أعراضها؟ وطرق التخلص منها؟
ما المقصود بمتلازمة إدمان العمل Workaholic؟
يُقصد بهذه المتلازمة أنها إقبال الفرد على العمل لساعاتٍ طويلة من أجل إنجاز كل مهامه على أكمل وجه، ويعتقد البعض أنَ هذه المتلازمة إيجابية ويحصل من خلالها المُصاب على الترقية والمدح منَ الزملاء والمدير، ولكن على العكس من ذلك إنها هوس متكرر يُلاحق الفرد ويستنزف طاقاته ويجعلهُ في حالةٍ يُرثى لها.
فالمُصابين بمتلازمة إدمان العمل لا يُفكّرون بأي شيء سوى بعملهم المهني، ويتجاهلون أوقاتهم التي يجب تخصيصها لأفراد أسرتهم أو لأنفسهم من أجل استعادة طاقاتهم، وكُلّما يُحاولون تجاهل العمل تُراودهم أفكار سلبية حولَ الوضع السيء الذي يعيشون بهِ أو الأزمة الاقتصادية التي تُعاني منها بلادهم، ويتخيلون أنفسهم مطرودين منَ العمل فيُصابون بالإحباط ويبدؤون بالعمل وكأنهم آلات لا تستحق الراحة.
علاوة على ذلك، هذا الإدمان إذا لم تتم السيطرة عليه في وقتٍ مبكّر وتحقيق التوازن في حياة الفرد قد يتطوّر الأمر ويتحوّل إلى مرضٍ نفسي وعقلي، وغالباً هؤلاء الأشخاص يُعانون من فشل في علاقاتهم العاطفية والاجتماعية ويتخذون منَ العمل مهرباً لهم.
وبالرغم من أنهم يلجؤون لكلمة {الشغف} عندما يُسئلون عن تفكيرهم بالعمل وقضاءهم لأوقاتٍ طويلة في أداء المهام، إلّا أنَ الشغف يختلف كُليّاً عن الإدمان، فالشغف هوَ الاستمتاع بالعمل والقدرة على إيجاد الحلول والاستمتاع بالعطل الرسمية والإجازات دون التفكير بهِ، أما الإدمان فهوَ مرض خطير يستوجب العلاج لأنهُ يسلب الإنسان ثقته بنفسه وطاقته.
ما هيَ أعراض الإصابة بمتلازمة إدمان العمل Workaholic؟
توجد عدّة علامات تظهر على الفرد المُصاب بهذا النوع منَ الإدمان يُمكن ملاحظتها عليه بشكلٍ تلقائي، تتمثل في:
- الرغبة في الانعزال عن الآخرين.
- الشعور برغبة مستمرة تجاهَ العمل دونَ توقف.
- الإصابة باضطراب الوسواس القهري قد يكون أحد أعراضه إدمان العمل.
- الإصابة بالأرق الليلي.
- عدم الحصول على ساعاتٍ كافية منَ النوم.
- تشتت الانتباه.
- الحالة المزاجية السيئة.
- إهمال العلاقة الزوجية والعلاقات الاجتماعية.
- الشعور بتأنيب الضمير والخوف من فقدان العمل.
- الأفكار السلبية والتشاؤمية.
- التفكير الزائد.
- الإصابة بأعراضٍ صحيّة مثل {آلام الظهر، ضعف النظر، آلام العضلات، الإرهاق والتعب الجسدي، إجهاد النفس}.
- التوتر الدائم.
ما هيَ طرق علاج متلازمة إدمان العمل Workaholic؟
إذا كنتَ أحد المُصابين بهذه المتلازمة، فيجب استشارة المعالج من أجل السيطرة على حالتك النفسية، لأنَ للمعالج دور مهم في اكتشاف السبب الكامن وراءَ إصابتك بهذا الإدمان، وذلكَ من خلال طرح عدّة أسئلة عليك مثل:
- هل أنتَ وحيد ولا تملك أي أصدقاء؟
- هل تعرّضتَ لمشاعرٍ سلبية وخذلان وتُحاول الهرب منه بإدمان العمل؟
- هل كانت طفولتك قاسية؟
- هل تعمل لوقتٍ طويل من أجل زيادة ثقتك بنفسك؟
فهذه الأسئلة ستُساعد الطبيب في معرفة السبب الذي يدفعك للإدمان على العمل ومن ثمَ تبدأ الخطة العلاجية عن طريق:
- برمجة عقلك من جديد: في البداية سيُساعدك المعالج في الاسترخاء وإغماض عينيك والبدء بتحفيزك وزيادة ثقتك بنفسك وزرع أفكار جديدة تهدف إلى الحفاظ على صحتّك وإدراك أهمية العمل ولكن عن طريق الموازنة ما بينَ الحياة المهنية والشخصية، فبرمجة العقل من جديد لهُ تأثير فعّال في طرد الأفكار السلبية عن العمل.
- إدارة الوقت: هذه النقطة ستُساعدك جداً، لأنَ العمل على سبيل المثال يحتاج منكَ 4 ساعات يومياً في المكتب، فيجب عليكَ وضع أهداف محددة من أجل إنجاز أعمالك في أوقات الدوام فقط، وأثناءَ العودة لمنزلك يجب إغلاق هاتفك الخاص بالعمل والاستمتاع معَ عائلتك.
- اكتشاف الذات: إذا كانَ إدمانك للعمل ناتج عن فقدان ثقتك بنفسك أو الهروب من حياتك الواقعية، فيجب البدء بهذه الطريقة الجديدة في الحياة، حاول أن تأخذ استراحة من أجل اكتشاف ذاتك الداخلية وتجنب جلد الذات على التقصير، بل حاول تقدير نفسك والتسجيل بأنشطة تحبها من أجل ملء أوقاتك وزيادة متعتك.
- كن شجاعاً: بعض المُصابين لا يعترفون بأنهم مدمنون على العمل بالرغم من أنهم يُحاولون التخلص من هذا الإدمان ولكن دون جدوى، لأنَ عدم اعترافهم بالخطأ سيزيد المشكلة تفاقماً، فيجب عليكَ الاعتراف بأنكَ تُجهد نفسك أكثر منَ المطلوب وتتخذ قرار نابع من داخلك بهدف التغيير.
- تجارب جديدة: لا تجعل من نفسك ضحية، لأنَ نسبة كبيرة منَ الأفراد تعرّضوا للفقدان والخذلان والمشاعر السلبية في حياتهم، ولكن أغلبهم اختاروا عدم الاستسلام أو الانصياع لجلد النفس، فحاول أن تخرج من حالة الضحية التي تُسيطر عليك وابدأ باكتشاف العالم من جديد عن طريق {القراءة، الرياضة} أو أي شيءٍ يُساعدك في اكتساب الطاقة الإيجابية.
للأسف أغلب المُصابين بمتلازمة إدمان العمل يصلون إلى نقطة الانهيار في نهاية المطاف، ويقعون ضحية لماضيهم السيء وتجاربهم القاسية ومخاوفهم الوهمية التي جعلت منهم روبوتات مهمتها العمل فقط.
مهما كنتَ تُواجه في حياتك مواقف سيئة لا تدع أي شيء سلبي يُسيطر عليك ويسلب منكَ صحتّك وطاقتك، حاول أن تُحرّر نفسك من هذه المخاوف وتُسيطر على حياتك بدلاً من سيطرة المثيرات الخارجية عليك.
وفي النهاية ننصحك بقراءة كتاب {فن إدارة الوقت للكاتب ديل كارينجي} سيكون بمثابة هدية تحفيزية لكَ كونهُ سيُساعدك في تنظيم حياتك بشكلها الصحيح، يُمكنكَ تحميله من مكتبة نور من خلال الرابط هنا.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.