متلازمة ببلومانيا {هوس الكتب} .. ثقافة أم اضطراب نفسي

[faharasbio]

متلازمة ببلومانيا {هوس الكتب}

أيُعقل أن يتواجد صديق للإنسان أقرب منَ الكتاب؟ يشعر بعض الأشخاص بأنَ الكتب هيَ ملجئهم الوحيد للهروب منَ الواقع الأليم الذي يعيشون بهِ، وبالفعل فإنَ كل كتاب يحمل في طيّاته خبرات وتجارب الكاتب بحيث يستعرضها علينا في محاورٍ وفصولٍ متسلسلة، وينقلنا إلى عالمٍ آخر منَ الإبداع أيّاً كانَ نوع الكتاب، فلكل كتاب رائحة معمّقة بالتاريخ ومفعمة بالمعلومات، وتكمن أهميته في أنهُ بنك للكلمات والمفردات الجديدة ومحفزّ لمَلَكَة الخيال ووسيلة لمعرفة الثقافة والتاريخ ويُعتبر أفضل صديق للإنسان بحيث يُصاحبه في أي زمانٍ ومكان.

ومنَ الجدير بالذكر، أنهُ يوجد في عالمنا الكثير منَ الأشخاص الذينَ يعشقون القراءة ومهووسون بالكتب والروايات، وهذا أمر طبيعي لأنَ القراءة مهمة جداً ومسلية في الوقت ذاته، ولكن هل سمعتَ من قبل بمرض المثقفين أو هوس الكتب أو متلازمة ببلومانيا؟ إنها نوع منَ الأمراض النفسية التي تُصيب الإنسان وتجعلهُ في حالةٍ شديدة لجمع الكتب وتخزينها في غرفته، ولذلك ما هيَ متلازمة ببلومانيا أو هوس الكتب؟ وما هيَ أعراضها؟ أسبابها؟ وطرق علاجها؟

ما المقصود بمتلازمة ببلومانيا Bibliomania؟

إنَ هذه المتلازمة ليست خطيرة ولكنها غريبة جداً، فيُصاب بها الإنسان عندما يكون على أعلى درجات الثقافة والعلم، فيشعر بأنهُ يُريد أن يمتلك جميع الكتب في العالم، فعندما يعبر من جانب مكتبة ويُلاحظ أي كتاب أو رواية جديدة دونَ أن يُسيطر على نفسه يندفع إليه ويشتريه من أجل أن يضعهُ في مكتبته، وحتى لو كانت غرفته ضيقة ومليئة بالكتب فلا يستطيع التوقف عن ممارسة هذا السلوك.

علاوة على ذلك، يُقصد بمتلازمة ببلومانيا أنها هوس الكتب أو داء العباقرة، وهيَ نوع من أنواع الوسواس القهري الذي يرفع منَ الشعور بالسعادة واللذة والنشوة عندما يمتلك المُصاب أي كتابٍ جديد، وهذه المتلازمة تُرافقهُ منذُ مرحلة الطفولة، وبالرغم من يقينه بأنَ الكتاب الذي سيشتريه لن يُحقق لهُ الفائدة في الوقت الحالي، إلّا أنهُ يعتقد أنهُ سيحتاج إليه في المستقبل.

ونوّد الإشارة، أنَ المُصابين بمتلازمة ببلومانيا يشعرون بهلعٍ شديد أثناءَ اقتراب أي شخص من مكتبتهم أو محاولة تنظيفها أو طلب كتاب للقراءة منها، لأنهم يعتقدون أنهُ لن يستطيع أي شخص المحافظة على هذه الكتب مثل حفاظهم عليها.

ما هيَ أعراض متلازمة ببلومانيا؟

توجد عدّة علامات تظهر على الإنسان المُصاب بهذه المتلازمة ويُمكن ملاحظتها مثل:

  • امتلاك مكتبة ضخمة في غرفتهم.
  • الشعور بولعٍ شديد وحاجة ماسّة لاقتناء أي كتابٍ جديد.
  • الشعور بالخوف إذا اقتربَ أي شخص من مكتبتهم الخاصة.
  • محاولة حضور المنتديات والمعارض الخاصة بالكتب.
  • التفكير المستمر بالكتب وخاصةً الجديدة.
  • محاولة سرقة الكتاب إذا لم يستطع الفرد الحصول عليه.
  • الإصابة بفرحة عارمة عندَ رؤية الكتب.
  • الشعور بصداعٍ مستمر في الرأس.
  • الشعور بحالةٍ نفسية سيئة إذا لم يستطع الفرد شراء الكتب.
  • الابتعاد عن الآخرين وخاصةً الذينَ يطلبوا منَ المُصاب التخلي عن هذه العادة.

ما هيَ أبرز أسباب الإصابة بمتلازمة ببلومانيا؟

لا بدَّ أنكَ تتساءل ما هوَ الدافع وراءَ شراء هذه الكتب وتخزينها بالرغم من أنَ بعضها لا تتم قراءته، ولكن هذه المتلازمة قد تكون ناتجة عن عدّة أسبابٍ مختلفة تتمثل في:

  • مرحلة الطفولة: منَ المُمكن أنَ الطفل كانَ يُعاني منَ التنمر في المدرسة أو أنهُ فقدَ أحد والديه وتحوّلت حياته تدريجياً إلى الوحدة، ولم يُلاحظ أي شخصٍ آخر قريب منهُ عدا الكتاب، فعندما تعمّقَ في الكتب شعرَ بأنها الشيء الوحيد الذي يستطيع امتلاكه ولا يشعر بالشبع منه ويخاف من فقدانه معَ مرور الوقت.
  • الصدمة النفسية: قد تكون أحد الأسباب التي تعرّضَ لها الإنسان في طفولته المبكّرة وجعلتهُ يلجأ للكتب وتخزينها، وحتى لو أنهُ أكملَ حياته وتزوج وأسسَ عمله الخاص، إلّا أنهُ لا يُبالي بأي منها مقارنةً باهتمامه بالكتب.

ما هيَ طرق علاج متلازمة ببلومانيا النفسية؟

بالتأكيد إذا كانَ شريك حياتك أو أحد أفراد عائلتك يُعاني من هذا المرض النفسي فأنتَ تبحث عن العلاج لهُ، ولكن علينا القول أنَ علاجه أمر لا يُعتبر بسيطاً، لأنكَ ستقتحم خصوصيته وسعادته كونهُ لا يشعر بالقلق بسبب سلوكه، ولكن توجد بعض الخطوات التي تُساعدك على علاجه تدريجياً مثل:

  • العلاج النفسي السلوكي: في البداية يجب أن تجلس معَ المُصاب وتُوّضح لهُ أنَ غرفته مليئة بالفوضى وأنَ هذه الكتب مفيدة ولكن يجب التخلص منها حتى لا تُسبب الإزعاج، وعليكَ استدراج المُصاب بمعرفة السبب الكامن وراءَ حبّه لاقتناء الكتب، ومن ثمَ ابدأ بالبحث عن معالجٍ نفسي من أجل تغيير سلوكيات المُصاب وأفكاره وتوضيح أنَ هذه الكتب ستُسبب لهُ مشكلة إن تواجدت بهذه الكمية من حوله.
  • خلق أجواء إيجابية: إنَ المُصاب بهذه المتلازمة عادةً ما يُعاني منَ الوحدة والعزلة الاجتماعية، وأنتَ هنا بدورك يجب أن تشجعه على الخروج منَ المنزل واستكشاف الهوايات التي ينجذب إليها وتسجيله في أنشطةٍ متنوعة من أجل التغيير وكسر الروتين الممل الذي يُسيطر عليه.
  • تقنيات الاسترخاء: يجب على المريض أن يتعلم تقنيات التأمل والاسترخاء ويُمارسها بشكلٍ يومي، بالإضافة لقدرته في التحكم بأفكاره المتواجدة داخل عقله الباطن، ويتم ذلك عن طريق زرع أفكار جديدة لهُ وتنميتها وترسيخها في عقله، ومعَ التكرار اليومي سيشعر بحبه لتجربة أشياء جديدة ومختلفة عن روتينه اليومي.
  • الأدوية: يُمكن للطبيب أن يصف بعض الأدوية التي تُساعد على تهدئة حالة المريض مثل مضادّات الاكتئاب.

بالرغم من أنَ الكتاب دواء للعقل وشفاء للروح، إلّا أنهُ في بعض الأحيان يُمكن أن يتحوّل إلى داء للجسد والنفس، فكل شيء زادَ عن حده انقلبَ ضده، فمنَ الرائع تنمية مهارات القراءة واكتساب المعلومات القيّمة منَ الكتب في ظل تواجد كل شيء على شبكة الإنترنت، إلّا أنَ متلازمة ببلومانيا مشكلة كبيرة إن أُصيبَ بها الفرد، كونها ستُؤثر عليه وتُعيقه عن ممارسة حياته بشكلٍ طبيعي.

{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.

[ppc_referral_link]