مفهوم الاغتراب النفسي وطرق علاجه

مفهوم الاغتراب النفسي وطرق علاجه
شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

الاغتراب النفسي

خلقَ الله سبحانه وتعالى الجنس البشري من أجل الطاعة والعبادة والعمل، ووهبَ الله كل فردٍ منّا ميزة العقل لتسخيره في المنافع والأعمال التي تدعو للخير، ويعيش الإنسان الطبيعي على هذه الحال، فيُواصل علاقاته الاجتماعية في العمل ويتقرّب من عائلته ويعود في نهاية اليوم لحمد الله على نعمه، ولكن لا تتساوى حياة الأفراد، فمنهم من يتّحمل الصعوبات ويجد حلولاً لها ومنهم من يستسلم منَ الصدمة الأولى.

ومنَ الجدير بالذكر، أنه يُصاب بعض الأشخاص في عالمنا باضطراباتٍ نفسية عديدة تنتج عن الصدمات والتجارب التي يتعرّض لها، ولكن معظم هؤلاء الأشخاص يُصابون بالاغتراب النفسي والاجتماعي، فيشعرون بحالةٍ سيئة ويبتعدون عن محيطهم ويتهربون من واقعهم ويتخلّلهم شعور بعدم الرضا عن الذات وعن أعمالهم وحياتهم بشكلٍ عام، فينعزلون ويرفضون أي قيمٍ ومبادئ وقواعد في مجتمعاتهم ويغتربون عن أنفسهم وعن واقعهم في آنٍ معاً.

ونوّد الإشارة، أنه بالرغم منَ التطوّرات التي طرأت على حياتنا مقارنةً بالقدم، ومعَ وجود الكثير منَ التسهيلات، إلّا أنَ فئة منَ الأفراد يُواجهون فقدان الأمان وانعدام ثقتهم بأنفسهم وبمن حولهم، وخاصةً الذينَ يعيشون في الأماكن المليئة بالحروب والعنصرية والنزاعات، ولذلك ما المقصود بمفهوم الاغتراب النفسي؟ وما هي أبرز أسبابه؟ وكيفية علاجه ومواجهته؟

ما المقصود بمفهوم الاغتراب النفسي؟

يُشير مفهوم الاغتراب النفسي إلى حالة خطر تُداهم حياة الأفراد في مجتمعاتنا، لأنَ أغلب الشبّان يحصلون على شهاداتهم الجامعية ويبحثون عن فرص للعمل، وفي ظلّ تواجد آلاف الطلاب، تكون فرص العمل ضئيلة بالنسبة لبعضهم، ويزداد الأمر سوءاً إذا واجهَ الفرد ضغوطات إضافية من عائلته أو مجتمعه.

على سبيل المثال {هاني خريج هندسة اتصالات، يعتقد أنهُ سيحصل على العمل فورَ تخرجه، ولكنهُ يُصدم بالواقع، ويُحاول تطوير ذاته، ولكن يبدأ الأقرباء بالتدخل في حياته وإلقاء كلمات مثل أنتَ فاشل، هل يُعقل لم تبدأ بالعمل بعد؟ هل ستجلس لعدّة أشهر دون عمل؟} فهذه الضغوطات توّلد حالة تُسمى بالاغتراب، فيبدأ بالانعزال عن محيطه ويُصاب بحالة منَ الاكتئاب.

ولا ينحصر الأمر على حالة الخريجين فقط، لأنَ أغلب الأفراد في عالمنا يُواجهون مشاكل عديدة مثل {قلّة فرص العمل، دخل منخفض، ارتفاع الأسعار، حروب وأزمات وفقدان الأمن والأمان} فيميلون إلى خرق بعض القواعد ويُمارسون أعمال غير أخلاقية كالسرقة وتعاطي الكحوليات والغضب المستمر والمشاكل معَ محيطهم، بالتأكيد هذا لا يُبرر أفعالهم، ولكن الوضع السيء في محيط الإنسان، يدفعه لفقدان هويته وانتمائه.

ما هي أعراض الإصابة بالاغتراب النفسي؟

توجد عدّة علامات تطرأ على حالة الفرد، وتدّل على إصابته بها، مثل:

  • الانعزال عن الآخرين.
  • عدم وضوح الأهداف المستقبلية.
  • اتخاذ دور الضحية.
  • الابتعاد عن الدين.
  • بعض الحالات يُمارسون سلوك عدواني معَ من يقترب منهم.
  • قلّة الأنشطة وتدني احترام الذات.
  • الشعور بالعجز من تكوين علاقات جديدة.
  • الشعور بالملل وحالة نفسية سيئة.
  • خرق القواعد المجتمعية.
  • الشعور بالوحدة.
  • فقدان الأمل.

ما هي أبرز أسباب الإصابة بالاغتراب النفسي؟

بالتأكيد توجد أسباب محددة تُؤدي إلى الإصابة بهذه المشكلة، أبرزها:

  • الصدمة النفسية: عندما يكبر الفرد في مكانٍ غير آمن، يُصاب بصدمة تُؤثر على حياته في المستقبل، عندما يسمع ويُشاهد الحروب في منطقته وأحزان الآخرين من حوله ومآسيهم، تولد حالة داخلية لديه تدفعه للانعزال والخوف من المستقبل.
  • المحيط السلبي: كما ذكرنا أنَ المحيط السلبي يُؤثر على حالة الإنسان مهما كانَ ناجح أو شغوف، عندما يُلاحظ الشاب كلام والديه الجارح لهُ، سيُصاب بفقدان ثقته بنفسه، وخاصةً إذا شعرَ بخيبة أمل كُلّما تقدّم خطوة للأمام سواءً في البحث عن فرصة عمل أو الفشل في أي شيءٍ جديد.
  • الضغط النفسي: على سبيل المثال عندما يتصفح هاني مواقع التواصل الاجتماعي ويُلاحظ أنَ زملائه في الدراسة حصلوا على وظيفة أحلامهم أو تمكّنوا منَ السفر أو وجدوا شريك حياتهم، سيشعر بالإحباط كونهُ يعتقد أنَ حياتهم مثالية مقارنةً بحياته التي تتخلّلها العقبات.
  • طبيعة المجتمع: يُمكن للمجتمع أن يُؤثر بشكلٍ كبير على حالة الفرد، وخاصةً إذا اعتقدَ أنَ الوصول لأهدافه أمر سهل، سيُصدم منَ العقبات التي تُواجهها بعض المجتمعات، لأنَ أغلبهم يعتمد على مبدأ المعارف في التوظيف وعدم التعاون معَ الأفراد غير المدعومين، ممّا يُؤدي لإحباط الفرد، ويزداد الأمر سوءاً إذا عانى من أزماتٍ مالية أيضاً.

ما هي طرق علاج الاغتراب النفسي؟

يُمكن مواجهة هذه المشكلة ومساعدة الفرد في الخروج منها، عن طريق:

  • تقديم يد العون له: إذا لاحظتَ أنَ طفلك أو شقيقك يُعاني من هذه الحالة، يأتي دورك أنتَ وأفراد عائلته في إدخال الطمأنينة والسلام لقلبه، لأنَ معظم الأقرباء كما ذكرنا ينهالون عليه بالتعليقات السلبية وتزداد حالته سوءاً.

يُفضّل الاقتراب منه وتجنب انتقاده أو التقليل من شأنه أمامَ نفسه، يجب تقديم كلمات داعمة له ومساندته وتشجيعه على الحياة مرةً أخرى.

  • معالجة السبب الكامن وراءَ المشكلة: يجب البحث عن السبب الذي حوّلَ الفرد من إنسانٍ طبيعي واجتماعي إلى إنسانٍ منعزل وكئيب، ومن ثمَ العمل على حلّه، وتقديم التوعية اللازمة لهُ في أنَ ركوده وفقدان ثقته بنفسه لن تُجدي نفعاً، ومن ثمَ معالجة المشكلة من خلال تقديم بدائل تعمل على حلّها، وتتم المساعدة من قِبَل المجتمع معَ أفراده، وذلكَ من خلال ندوات وفعّاليات ومراكز تهتم بمساعدة الأشخاص المُصابين واستثمار خبراتهم.
  • التوعية الدينية: يُفضّل الاستعانة برجل دين من أجل تشجيع الفرد على التقرّب منَ الله والتخلص منَ الوساوس والأوهام السوداوية التي تُسيطر على عقله، وتشجيعه على الاستمرار لأنَ الاستسلام يقتل حياة الفرد وطموحه، والسعي للأمام والتوكل على الله في كل خطوة جديدة.

للأسف يجهل معظم الأشخاص خطورة الاغتراب النفسي، ويعتقدون أنها حالة مؤقتة في حياة الإنسان، سيتجاوزها معَ مرور الوقت، ولكن يجب التوعية بمخاطر هذه المشكلة والعمل على حلّها وانتشال أي فردٍ مُصاب بها من بقعة الظلام التي تُحيط به إلى حالة منَ السلام والقدرة على خلق أهداف جديدة بدلاً منَ الاستسلام للواقع.

{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.

‫0 تعليق