منَ المُمكن أن تتطوّر حالة الشخص إلى أن يُصبح اضطراب في شخصيته أي بما يُعرف {اضطراب الشخصية السادية}، فما هوَ هذا الاضطراب؟ وما هيَ صفاته؟ أسبابه؟ وعلاجه؟ كيف يمكن التعامل معَ الشخص السادي؟
شخصية كل إنسان تختلف عن الآخر، فيوجد داخل كل إنسان شخصية تُسيطر عليه وتكون جزءاً رئيسياً في حياته اليومية من حيث تعامله وآراءه وحركاته وردود أفعاله {كالشخصية النرجسية، العنيدة، القوية، العصبية، المترددة، وغيرها}.
ولكن داخل كل مجتمع يوجد العديد منَ الأشخاص الذينَ يتلذذون برؤية العذاب والألم للطرف الآخر، فتراهم يلجؤون إلى العدوان المتكرر والقسوة في تعاملهم معَ الناس المُحيطين بهم، فما الذي يعانون منه؟ صديقي القارئ،، نُقدّم لكَ في هذا المقال معلومات عن الشخصية السادية وأسبابها وعلامات الشخص السادي وعلاجها:
ما هوَ اضطراب الشخصية السادية؟
نوّد القول أنَ الشخص السادي موجود في كل مجتمع وهوَ الشخص الذي يقوم بتعنيف الطرف الآخر وإذلاله وسحق كرامته وجرح مشاعره وإلقاء اللوم عليه سواءً أحد ما من أفراد عائلته، زوجته أو أبنائه أو حتى الأشخاص الذينَ يعملون لديه.
ومنَ الجدير بالذكر ، أنَ السادية ما هيَ إلّا مرادف للتعذيب والقسوة، فنجد أنَ الشخص السادي يتلذذ ويستمتع عندما يضرب زوجته أو أطفاله أو يعنفهم لفظياً، ويعتقد أنهُ لا يُمكن السيطرة عليه وأنه قوي الشخصية، ولكنه في الحقيقة يُعاني من مرض واضطراب نفسي يُسيطر عليه بشكلٍ كبير.
علاوة على ذلك، يقوم الشخص السادي أحياناً بارتكاب الأعمال العنيفة والشغب في المنطقة السكنية التي يعيش بها {كالتنمر على جيرانه، السرقة، التهديد أو اتباع أسلوب التخويف}. بالإضافة إلى أنَ الشخص السادي يُسيطر في هذه الحالة على الشخص المازوخي، فالشخصية المازوخية هيَ من تقبل العنف والسيطرة عليها وإذلالها من دون إصدار أي حرف أو التقديم بشكوى على الطرف السادي.
وعادةً يكون الشخص المازوخي راضياً ومقتنعاً بالعنف والأذى النفسي والجسدي الذي يُلحقهُ السادي بهِ وذلكَ باعتقاده أنهُ لمصلحته وفائدته. فعلى سبيل المثال يقوم الزوج بتعنيف زوجته يومياً ويُلحق بها الأذى النفسي والجسدي، ولكنها تبقى صامتة وراضية ومقتنعة كونهُ باعتقادها أنهُ لا يجب الرد أو تقديم شكوى ضد زوجها.
بالإضافة إلى أنَ الشخص السادي منَ المُمكن أن يكون رجل أو امرأة فلا فرقَ بينهما، فالمرأة أيضاً منَ المحتمل أن تستمتع وتتلذذ بتعذيب ابنة زوجها أو شقيقتها أو أحد أفراد عائلتها.
“اقرا أيضًا: العنف ضد المرأة“
ما هيَ صفات الشخصية السادية؟
يُمكن ملاحظة بعض الصفات التي يتصف بها الشخص السادي وهيَ:
1. التعصب بالرأي:
فالشخص السادي لا يتقبل آراء الآخرين ويعمل فقط بمنظور رأيه الشخصي وإذا حاولَ أحد فرض رأيه عليه ينال عقابه منهُ ويبدأ بتعنيفه.
2. انعدام الرحمة والشفقة:
في الحقيقة، عندما يقوم السادي بتعذيب الطرف الآخر يتلذذ ويستمتع بدلاً منَ الشفقة أو الرحمة عليه. لذلك يطلق عليه اسم اضطراب، فهو مخالف للمشاعر البشرية الطبيعية.
3. الشك بطريقة جنونية:
جميع المحيطين بالشخص السادي لا يثق بهم ولا يثقون بهِ ويُعانون من شكه المستمر.
4. العصبية الزائدة:
منَ النادر أن تجد السادي سعيدًا ويضحك، بل يستمر في إلقاء عصبيته ولومه على الأشخاص من حوله.
5. التهديد:
يلجأ الشخص المصاب باضطراب الشخصية السادية أيضاً إلى التهديد والترهيب سواءً لجيرانه أو أفراد عائلته فيستخدم السلاح أو الأشياء الصلبة كونها باعتقاده أنها ستزيد من تخويف العالم.
6. الخداع والكذب:
التعامل معَ الشخصية السادية في بادئ الأمر يُبين لكَ أنهُ شخص مخادع ومتحايل وماكر يُريد الحصول على كل شيء لهُ، ولكن بطريقته الخاصة.
7. الشذوذ:
كما يتصف الشخص السادي بأنه يستمتع بإهانة وتعنيف الطرف الآخر أثناءَ علاقاته الخاصة، وهذا بالطبع شاذ عن الفطرة السليمة.
8. الإذلال والإهانة:
يقوم السادي بإهانة وإذلال أقرب الأشخاص إليه أمامَ الأخرين، وذلكَ لفرض سيطرته عليه وإرهابه.
ما هيَ أسباب اضطراب الشخصية السادية؟
تتعدّد الأسباب والعوامل التي تُؤثر على الشخص ليُصبح من المصابين بالسادية، ومن أبرز هذه الأسباب ما يلي:
- التربية العنيفة:
من أهم الأسباب التي تُؤثر على الطفل وتُغير مسار شخصيته من طفل عادي إلى شخص سادي عندما يكبر هيَ التنشئة والتربية الأسرية، فمنَ المحتمل أن يكون الطفل عانى من تفرقة أسرية وعاشَ معَ زوج الأم أو زوجة الأب وقاموا بتعنيفه بطريقة سادية، أو أحد والديه كانَ يُحاول السيطرة عليه وتعنيفه في مرحلة طفولته والمراهقة .
“اقرأ أيضًا: عقاب الطفل دون اللجوء إلى العنف“
- الكبت النفسي:
أيضاً من أحد الأسباب التي تعمل على ازدياد الشخصية السادية في النفس، فالشخص عندما يتعرّض للإهانة والمواقف السيئة في حياته ولا يُمكنهُ الرد عليها يُصبح شخص سادي للأشخاص القريبين منه.
- التحرش:
يوجد الكثير منَ الأطفال لا يملكون الحماية اللازمة ويتعرّضون لأسوأ أنواع التحرش والإهانات في مرحلة الطفولة، فتتوّلد لديهم هذه الشخصية.
- الأمراض النفسية:
تُسهم بعض الأمراض النفسية بالإصابة بالشخصية السادية كالانفصام والوسواس القهري.
ولكنها ليست السبب الرئيسي المؤدي له.
- الوراثة:
في بعض الأحيان يكون هذا الاضطراب وراثي من أحد الوالدين.
كيفَ يُمكن علاج الشخصية السادية؟
العلاج السلوكي:
بالرغم منَ أنَ الشخصية السادية تُعدّ واحدة من أصعب الشخصيات، ولكنها يُمكن السيطرة عليها داخل الإنسان من خلال العلاج السلوكي، فيجب الاستعانة بشخص مُتدين في الدرجة الأولى لضبط سلوك وأخلاقيات الشخص السادي ومحاولة جذبه دينياً قدر المستطاع والتقرب من الله.
“قد يهمك أيضًا: العلاج المعرفي السلوكي (CBT)؛ تعريفه وأنواعه
العلاج النفسي والدوائي:
في المرحلة الثانية يجب الاستعانة بأحد الأطباء النفسيين المشهورين لتشخيص مدى تطوّر الحالة لديه ومن ثمَ البدء بعلاجه تدريجياً ومنَ المحتمل إعطائه أدوية مضادة للاكتئاب للسيطرة على حالته النفسية.
“اطلع أيضًا: لعنة الاكتئاب!“
كيفَ يُمكن التعامل معَ الشخص السادي؟
أهم 4 نصائح للتعامل مع الشخص السادي:
- إذا كانَ الشخص السادي أحد والديك، فحاول تفهم الأمر وعاملهم باحترام شديد ولا تقسوا عليهم وحاول أن تبني علاقة وثيقة معهم من خلال الخروج أو الجلوس والاستماع إليهم، وحاول أن تتجنبهم قدر الإمكان فالتزم بواجباتك فقط دون خلق المشاكل معهم.
- إذا كانَ الشخص السادي شريك حياتك حاولي قدر الإمكان تفهم شخصيته ومساعدته والتقرب إليه، ولكن التزمي بثقتك العالية بنفسك ولا تسمحي لهُ بالضرب والإهانة، وإذا لم يتم تغيير عاداته تجاهك واتجهَ إلى الضرب والعنف، فالانفصال هوَ الحل الأفضل لكِ مهما كانت الظروف، فيجب أن تعلمي أنكِ إنسان لا يحق لأي شخص ضربك وإهانتك.
- محاولة التكلم معَ الشخص السادي والتقرب إليه بعمل الأشياء التي يحبها، والتكلم معه بطريقة هادئة دون إلقاء اللوم عليه.
- حاول ألا تكون أنت ضحية للسادي فهوَ يحتاج إلى العلاج النفسي والسلوكي لذلك حاول أن تتجنبهُ قدر الإمكان إذا لم تستطع التعامل معه وخاصةً إذا كانَ مديرك في العمل، فالتزم بإنهاء عملك على أكمل وجه دون الاختلاط بهِ أو النقاش معه فمنَ المُمكن أن يحتدّ ويقوم بإلقاء اللوم عليك، لذلك التفادي هوَ أفضل حل.
دائماً ننصحكم بتربية أبنائكم تربية سليمة وصحيّة، فالأمراض النفسية معظمها تنشأ من خلال مرحلة الطفولة والتربية العنيفة، لذلك حاول أن تحمي أطفالك قدر الإمكان منَ العنف والقسوة وذلكَ لإنشاء جيل ناجح وسعيد وخالٍ منَ الاضطرابات النفسية.
{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.