معلومات عن متلازمة كوتار (الجثة المتحركة)

[faharasbio]

يُصاب الإنسان بالعديد منَ الأمراض والمشكلات النفسية التي تُسيطر على حياته وتُؤثر على عمله المهني وعلاقاته الاجتماعية، فبالتأكيد ليسوا جميع الأفراد سعداء في حياتهم، بل كل إنسان مهما لاحظتَ أنهُ سعيد فلا بدَّ لهُ من مواجهة بعض المشاكل والعقبات خلالَ حياته، ولكن تختلف المشكلات من شخصٍ لآخر وتختلف قدرات كل فرد على مواجهتها فالبعض منهم يثقون بقضاء الله ويُحاولون جاهدين أن لا يستسلموا ويبحثون عن أفضل الطرق لحل مشاكلهم أو معاناتهم، والبعض الآخر لا يُمكنهُ التحمّل فيقع في حالةٍ نفسية حادّة ومنَ المُمكن أن تتطوّر بهِ للإصابة بالاكتئاب أو الفصام والانعزال عن الآخرين وربما الإصابة بمتلازمة كوتار.

ومنَ الجدير بالذكر، أنهُ في ظل تعدّد المتلازمات النفسية توجد متلازمة يعتقد البعض أنها غريبة وغير واقعية ولكنها تُصيب فئة منَ الأفراد سواءً النساء أو الرجال وتُسمى {متلازمة كوتار} فهذه المتلازمة يعتقد الإنسان أنهُ ميت وغير حيّ أو أنَ جزءاً من جسده لا يعمل ويُوهم نفسه بالموت وبأنَ الحياة ليسَ لها أي معنى للعيش بها، ولذلك ما هيَ متلازمة كوتار {الجثة المتحركة}؟ وما هيَ أعراضها؟ أسبابها؟ وطرق علاجها؟

علاج متلازمة كوتار

ما المقصود بمتلازمة كوتار {الجثة المتحركة}؟

في الكثير منَ الأحيان نشعر بحالةٍ غريبة أشبه بانفصال الروح عن الجسد، وخاصةً أثناءَ تلّقي صدمة مفاجئة أو خبرٍ حزين يُؤثر على حالتنا النفسية، ولكن سرعان ما تندثر هذه الحالة ونعتاد على الصدمة وندخل في حالة منَ الحزن لأيامٍ عديدة ومن ثمَ العودة إلى ممارسة الحياة بشكلٍ طبيعي، ولكن هنا يختلف الأمر كُليّاً فالمُصابين بهذه المتلازمة يُؤمنون بفكرة أنهم غير موجودين في الواقع أو أنَ أجزاء معينة من جسدهم قد اختفت أو ماتت بشكلٍ مفاجئ.

فتنقلب حياتهم رأساً على عقب، ويعود السبب في ذلك إلى أنَ العقل الباطن يُؤمن بالأفكار المتكررة ولذلك يُصدّق فكرة الموت ويبدأ الفرد بتراجع أداءه المهني وعلاقاته وينعزل في غرفته ويُحاول مشاهدة مراسم العزاء والذهاب إلى المقابر ظناً منهُ أنهُ ميت، وبالرغم من ندرة الإصابة بمتلازمة كوتار إلّا أنهُ تمَ تسجيل أعداد لا بأسَ بها حولَ العالم مُصابين بهذه المتلازمة ويُعانون من أفكارهم الوهمية التي تدفعهم للشعور بالموت.

وتُعدّ هذه المتلازمة من أبرز الأمراض النفسية التي تجعل الفرد ينظر إلى الحياة بأنها لاشيء أو فارغة وليسَ لها أي معنى، فلا داعي للدراسة أو العمل أو الاستمرار في التحدث معَ الآخرين كونهُ لن يُجدي نفعاً في نهاية المطاف، وهذا الوهم يأكل عقل المريض إلى أن يُسيطر عليه تماماً وتتدهور حالته النفسية والصحيّة شيئاً فشيئاً.

ونوّد الإشارة، أنَ سبب تسمية هذه المتلازمة بكوتار يعود إلى العالم جولز كوتارد الذي لاحظها في البداية ودرسَ أعراضها على مريضة لجأت إليه لمساعدتها أنها تشعر بنكران ذاتها في هذا العالم، ولذلك نُسبت إليه.

ما هيَ أعراض متلازمة كوتار {الجثة المتحركة}؟

توجد عدّة أعراض تظهر على المريض وتُؤثر عليه، ويُمكن ملاحظتها من خلال أفكاره وتصرفاته اليومية، ومن أبرزها:

  • الشعور بعدم وجود الفرد في الحياة الواقعية.
  • الشعور بالقلق والتوتر.
  • تدهور الصحة الجسدية من حيث قلّة الشهيّة وفقدان الوزن.
  • محاولة إيذاء النفس بأي طريقة.
  • تأنيب الضمير.
  • الأفكار السلبية والوساوس.
  • الإصابة بالاكتئاب والانعزال.
  • سيطرة الوهم على عقل المريض.
  • انعدام الشعور بلذّة الحياة.
  • الهلاوس.
  • سيطرة الرعب على حياة المُصاب.
  • إهمال الذات.

ما هيَ أسباب الإصابة بمتلازمة كوتار {الجثة المتحركة}؟

إنَ هذه المتلازمة نادرة وغريبة جداً، وبالرغم من دراستها وتحليلها العميق من قِبَل الباحثين والأطباء، إلّا أنهُ لم يتم كشف النقاب عن السبب الرئيسي للإصابة بها، ولذلك تمَ تحديد بعض العوامل والمؤثرات التي تُؤدي لإصابة الفرد بمتلازمة كوتار، ومنها:

  • الأمراض النفسية: في البداية من أبرز العوامل التي تُسهم في زيادة خطر الإصابة بمتلازمة الجثة المتحركة هيَ الخلل النفسي الذي يشعر بهِ الفرد، فأثناءَ إصابته ببعض الأمراض مثل {اضطراب الهوية، الانفصام، الاكتئاب، اضطراب ثنائي القطب} وغيرها، تُؤدي أحياناً لإنكار الذات أو الهلوسة داخل العقل بأنَ جزء منَ المريض مات أو لم يعد قادر على تحريكه أو الشعور بهِ.
  • الأمراض العصبية: أيضاً لهذا النوع منَ الأمراض دور فعّال في زيادة خطر الإصابة بهذه المتلازمة، فأثناءَ التعرّض لإصاباتٍ حادّة أو أورام في المخ أو الزهايمر أو السكتات الدماغية أو الخرف، منَ المحتمل أن يشعر الإنسان بأعراض متلازمة كوتار وفقدان الثقة بوجوده في الحياة أو أهميته بها.
  • الصدمات النفسية: إنَ الشعور بصدمة مخيفة ومرعبة تكاد أن تودي بحياة الإنسان ولكنهُ نجا منها بأعجوبة، تجعلهُ في حالةٍ نفسية اختلالية ما بينَ الشعور بالموت والخوف منَ الحياة أو التوّهم بأنَ جزء منَ الجسد مُصاب وغير سليم.

ما هيَ طرق علاج متلازمة كوتار {الجثة المتحركة}؟

منَ الصعب جداً تشخيص الإصابة بها، ولكن بعدَ التعمّق في الحالة النفسية للمريض، يُمكن للطبيب أن يُثبت إصابته بها ويبدأ في رحلة العلاج والتخفيف من أعراضها، وتتمثل في:

  • العلاج السلوكي المعرفي: إنهُ من أفضل الخطوات الأوليّة للتعامل معَ المريض، فالعلاج بالكلام يُريّح النفسية وخاصةً إذا كانَ معَ إنسان مثقف وعلى دراية بكيفية التعامل معَ نفسية المريض، ولذلك يعمل الطبيب على تخصيص عدّة جلسات ومن ثمَ التعرّف على أنماط التفكير والمعتقدات التي تُسيطر على عقل المُصاب، ويبدأ الطبيب رحلته في تغيير السلوكيات والأفكار وتثبيت أفكار إيجابية بعيدة عن السلبية، فيُرّكز على تطوير حياة المريض وزيادة محبته للحياة وثقته بنفسه أكثر.
  • العلاج بالأدوية: يتم دراسة الحالة النفسية للمُصاب ومعرفة إذا كانَ يُعاني من أي اضطرابٍ آخر مثل {الذهان، الاكتئاب، الفصام} وتحديد المشكلة والبدء بوصف الأدوية لهُ مثل مضادّات الذهان أو الأدوية المتعلقة بتخفيف الاكتئاب مثل الفلوكسيتين والأميتربتيلين أو وصف مضادّات للقلق.
  • الصدمات الكهربائية: بالرغم من أنهُ علاج صعب نوعاً ما، ولكن إذا لم تنجح أي طريقة فيتم اللجوء إلى الصدمة الكهربائية التي ترتكز على إرسال تيارات صغيرة جداً منَ الكهرباء إلى دماغ الإنسان، ولكن يعتقد البعض أنها تُشكّل خطراً على صحة المريض من حيث التأثير على الذاكرة لديه وبعض المشكلات الأخرى.
  • الدعم الأسري: على كل أسرة أن تهتم بالمريض المُصاب بهذه المتلازمة، فالتجاهل قاتل لهُ كونهُ يحتاج إلى الحب والاهتمام والرعاية والتمكّن من إخراجه للحياة وإعادة شغفه إليها، فالإنسان الوحيد سيُواجه صعوبة بالغة في تخطي متلازمة كوتار إذا لم يتواجد حوله أشخاص داعمين ومحبين له ويشجعونه على المواصلة ويمنحونه دافع للعودة إلى حياته الطبيعية.

إنَ الإصابة بمتلازمة كوتار {الجثة المتحركة} شعور مؤلم وصعب للغاية، فهل لكَ أن تتخيل انعدام وجودك في الحياة بالرغم من أنكَ لستَ ميت؟ وقد تتفاقم خطورة هذه المتلازمة إذا لم يتم السيطرة عليها من خلال العلاج النفسي والمعنوي، فقد تُؤثر على المُصاب فتدفعه لتجنب تناول الطعام أو الابتعاد عن الاستحمام وإهمال نظافته والإصابة بالأمراض الجسدية وزيادة الرغبة في الانتحار، وخاصةً إذا كانَ المحيط الذي يعيش بهِ سيء ولا يُعيره أي اهتمام أو قيمة، لذلك عليكَ مراعاة أي إنسانٍ يُعاني من مرضٍ نفسي أو متلازمة معينة، وحاول أن تُقدّم لهُ يدَ العون وتنتشله منَ الظلام وتُساعده على البدء من جديد.

{{نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون}}.

[ppc_referral_link]