الخوف المرضي عند الإنسان
من منّا لا يخاف من أشياءٍ معينة خلالَ حياته، جميعنا مُعرّضون للخوف بنسبةٍ كبيرة فبعض الأشخاص يخافون من عدّة أشياء معينة {كالظلام، شخصيةٍ خيالية، التجارب الجديدة}، وهذا أمر طبيعي جداً ولا يدعو للقلق، فالإنسان بطبعه مليء بالمشاعر ويشعر بها أثناءَ حدوثها فقط، ولكن الغير طبيعي هوَ الخوف الزائد عن حدّه، الخوف الذي يدفع الإنسان إلى الإرهاق العقلي والتفكير الدائم بهِ، الخوف الذي يسلب راحة الشخص وقدرته على التركيز، نعم إنه الخوف المرضي أو اضطراب الخوف، فهل سنترك هذا الخوف يُسيطر على حياتنا أو حياة أطفالنا؟ وهل سنجعله يمتصّ راحتنا العقلية والجسدية ويُسهم في إنهاكنا؟ لابدَّ لنا من وضع الحلول المناسبة والتغلب عليهِ.
صديقي القارئ،، إذا كنتَ أنت أو أحد أفراد عائلتك منَ الأشخاص الذينَ يُعانون منَ الخوف الزائد، فتابع معنا معلوماتٍ شاملة عن الخوف المرضي عند الإنسان وعلاجه:
ما هو الخوف المرضي؟
الخوف المرضي هوَ الخوف اللاطبيعي الذي يعتري الإنسان ويُسيطر عليه، فتراه يتجنب هذا المثير بشتّى الطرق ويُحاول عدم التفكير بهِ ولكن دونَ جدوى، ومنَ المُمكن أن تُصيب الأطفال بنسبةٍ كبيرة وخاصةً أنهم في سنواتهم الأولى يخافون من أي شيءٍ خارجي يقترب منهم، لذلك نُلاحظ أنَ الوالدين يُعانون كثيراً في غرز قوّة الشخصية داخل نفسية أطفالهم.
إقرأ أيضًا: الخوف عند الأطفال
ومنَ الجدير بالذكر، أنَ الخوف المرضي قد يكون متعلقاً بشخصٍ ما كالأم على سبيل المثال، فنلاحظ أنَ المراهق أو الشاب يُعاني من خوفٍ كبير تجاهَ والدته من أن يفقدها أو يحدث معها أي مرضٍ ويُبرمج هذه التخيلات داخلَ عقله الباطن ويقتنع بها ويبدأ الشعور بالقلق والخوف وأحياناً الاكتئاب والتعلّق بوالدته بدرجةٍ كبيرة.
علاوة على ذلك، قد يكون الخوف أحياناً من علامات الدراسة وجميعنا نخاف منها، ولكن قد يتفاقم هذا الخوف عندَ الطالب الجامعي أو المدرسي إلى التفكير وتشتيت الانتباه وعدم القدرة على الدراسة أو التركيز، فيظل يُفكّر بالعلامات السيئة التي سيحصل عليها، ويُصيبه نوع من أنواع الرهاب تجاهَ الجامعة، ومنَ المُمكن أن يُصاب بوعكةٍ صحيّة أو مرض قبلَ امتحانه وذلكَ بسبب إرهاق عقله وجسده في الخوف من شيٍ غير موجود، وهنا يتطلّب تدّخل الوالدين على الفور لإنقاذ ولدهم منَ الغرق بمشاعره المفرطة والسلبية.
ما هيَ أنواع الخوف المرضي؟
للخوف نوعين رئيسيين علينا ذكرهم:
- الخوف في مراحله الأولى: يكون الشخص من خلالها دائم التفكير في أمرٍ ما ، على سبيل المثال: تاجر يملك أموال كثيرة واستثمرها كاملة في مشروع، ولكنهُ يظل يُفكّر داخلَ عقله بالأفكار التشاؤمية والسلبية حولَ خسارته للمال أو فشل مشروعه أو عدم نجاحه، وبالتالي يُعيق حياته اليومية ويُؤثر على عمله المهني ويسلبه راحته الشخصية.
- الخوف في مراحله الزائدة: وهوَ الخوف المرضي الذي يسلب الإنسان حياته ويُؤثر على صحتّه النفسية، على سبيل المثال: كالتعلق العاطفي المرضي بشخصٍ ما فيظل الإنسان يُفكّر بهِ ولا يجرؤ على الابتعاد عنهُ خوفاً عليهِ، وقد يتحوّل إلى كابوسٍ عندَ الإنسان الخائف كونهُ لا يُمكنهُ السيطرة على ذاته.
قد يهمك: معلومات عن رهاب اللمس الهافيوفوبيا
ما هيَ أعراض الخوف الزائد؟
توجد العديد منَ الأعراض التي يشعر بها الإنسان الخائف من مثيرٍ محدد، وتتمثل في:
- ضربات القلب السريعة.
- التعرّق.
- نوبات هلع.
- الاكتئاب الحادّ .
- الإفراط في التفكير.
- الصداع المستمر.
- أحياناً تبول لا إرادي.
- ضيق التنفس.
- فقدان الشهيّة.
- اضطرابات النوم والأرق الليلي.
- الإسهال أو الإعياء.
- ضعف الذاكرة وتشتيت الانتباه.
- الشرود الذهني.
- الهروب المستمر.
كيفَ يُمكن علاج الخوف المرضي؟
نوّد الإشارة إلى أنَ مرحلة العلاج صعبة بعض الشيء وطويلة، ولكن الشفاء ليسَ مستحيلاً بل ممكناً ولكن يجب على الإنسان الخائف أن يتحلّى بالصبر بالإضافة لطلب المساعدة النفسية، ويكون العلاج عن طريق:
الذهاب إلى الطبيب النفسي:
يُمكننا القول أنَ المُساعد النفسي هوَ أفضل شخص يُمكنكَ الاقتراب منهُ أثناءَ إصابتك بنوبات الخوف المتكررة، فالطبيب سيعمل على إجراء الفحوصات النفسية لكَ ويدرس حالتك ومدى تأثيرها عليك، ومنَ المُمكن أن يمنحكَ بعض الأدوية التي تُساعدك على النوم والراحة.
برمجة العقل الباطن:
أنتَ الشيء الوحيد الذي يمكنه مساعدة نفسك الداخلية على التخلص من مخاوفك الزائدة، حاول أن تستغرق في رحلةٍ طويلة منَ الذاكرة لديك وتتعرّف على أهم الأسباب التي أدّت إلى شعورك بالخوف الزائد، ومن ثمَ التخلص منها عن طريق ملء الوقت بالأشياء المفيدة أو التي تحبها، كممارسة هواية تُفضّلها أو عمل شيء تحبه، فأنتَ من يُمكنكَ اللعب بأفكارك والسيطرة عليها.
إقرأ أيضًا: برمجة العقل الباطن
سيطر على أفكارك:
إذا كنتَ طالباً جامعي تخاف منَ الدرجات النهائية أو تاجراً أو إنساناً معلّق بشخصٍ ما أو خائف تجاه مثير محدد، حاول أن تُسيطر على نفسك وتشجعها تدريجياً، فلا شيء يدعو للقلق والخوف، فحاول أن تؤمن بالله وبالقضاء والقدر والنصيب في هذه الحياة، وابدأ يومياً بتخصيص ساعة لدراسة مخاوفك والاقتراب منها حتى تعتاد عليها، فهذه الخطوة ستعمل على تحقيق الراحة الداخلية لديك وتزيد من قدرتك على المواجهة.
قد يهمك: ما هو السايبركوندريا “cyberchondria”
لا تيأس:
تحلّى بالصبر ولا تيأس من محاولاتك الفاشلة في بداية الأمر، فحاول الاستعانة بأحد أقربائك أو أصدقائك لتحفيزك على علاج الخوف الداخلي لديك، ولا تجعل نفسكَ وحيداً بل حاول التقرّب منَ أفراد عائلتك وخلق صداقات جديدة ومحيط خارجي خاص بكَ يُشجعك على المواجهة والسيطرة على مشاعرك، فغالباً يزداد الخوف عندما يشعر الإنسان بأنهُ وحيد في هذه الحياة أو أنَ لا أحداً يحبه.
التنفس العميق:
إذا حاولتَ مواجهة المثير وشعرتَ بضيق التنفس والخوف، حاول وضع يدك على معدتك ووفكّر بالأشياء السعيدة التي تحبها أو حاول ترديد عبارات تُسهم في زيادة ثقتك بنفسك مثل {أنا لست خائف، هذا أمر طبيعي، لا شيء يدعو للخوف} ومن ثمَ تنفس شهيق لمدة 5 ثوانٍ ومن ثمَ زفير ببطء، هذه العملية كررها عدّة مرات ستشعر بتحسنٍ تلقائي.
إقرأ أيضًا: تمارين التنفس
عُد إلى الطبيعة:
نُلاحظ أنَ الأشخاص الخائفين غالباً يلجؤون للكحوليات والتدخين لتخفيف القلق عنهم، ولكن كن أنتَ شخص مختلف، حاول الحصول على طعام صحيّ والنوم لمدة 8 ساعات والمشي في الطبيعة والتقاط الصور، فالحياة الصحيّة نعمة يُمكن للإنسان استغلالها لصالحه.
ثقف نفسك:
حاول ملء عقلك بالمعلومات القيّمة والمهمة، وحاول الاطّلاع على حالتك النفسية والخوف المحدّد الذي تُعاني منه، ومن ثمَ ابدأ بقراءة الكتب التي تهتم بالرعاية الذاتية وقوّة العقل البشري وفن السيطرة على الأفكار.
إقرأ أيضًا: كيف تكون إنسانًا مثقفًا
يُعدّ الخوف أمر فطري داخل كل إنسان، فالخوف مكّننا من مواجهة العديد منَ التحديات في الحياة، كالنجاة منَ الحيوانات أو منَ الكوارث التي تُهددنا، وهوَ أمر لا يدعو للقلق، فمنَ المستحيل أن تجد إنساناً لا يخاف ولو بشيءٍ بسيط، ولكن الخوف المكتسب أو الزائد والناتج عن أسبابٍ مختلفة، هذا النوع يستدعي العلاج النفسي والمعنوي بالإضافة لاتباع العلاجات التي ذكرناها، فلا تجعل أفكارك الوهمية تسلب منكَ جمال الحياة وروعتها، ولا تُضيع وقتك في الخوف منَ الوهم فقط، فالحياة تستحق العيش بسعادة.
{{ نأمل أن يعجبكم المقال أيها الرائعون }}.