سلسلة كتاب ومؤلف – الأستاذ حافظ الصالح (فريد الغانم)

[faharasbio]

في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي وبعد نهاية ثورة ال ٣٦ في سنة ١٩٣٩، كان يومًا مشهودًا لأهالي سيلة الظهر والبلدات المجاورة لها، إذ خرج أهالي سيلة الظهر عن بكرة ابيهم لتشييع جثامين أبطالها التي كانت تنزف مسكًا من جروح غضه طريه، بالرغم من مرور عام على وفاتهم وكان الثوار قد قاموا بإخفاء جثامينهم طوال تلك الفتره، وحفظ الله تلكم الجثامين من التحلل وبقيت كما هي سبحان الله العظيم.

(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ). صدق الله العظيم.

كانت تلك الآيه هي أول آية يحفظها الفتى إبن العاشره بشكل عملي، وهو يرى جثامين أعمامه شهداء ثورة ١٩٣٦.

فقد رأى الفتى مشهد الموت والذي كان أول درس له عن أرقى معنى للحياة تعلمه، وأن موت الأبطال هو بداية السيرة العطره وأول يوم في حياة الخلود، فقد حفر ذالك المشهد في وجدانه، ولم يرجع من الجنازه إلا وقد عاهد أولئك الشهداء، وأقسم لدموع أهل بلدته أنه سيبقى على العهد مجاهدًا حاملًا راية الكفاح ضد المستعمر ومن أستخلفه، وأغتصب أرضنا وسيادتنا حتى تستعاد حقوقنا، أو يقضي الله أمرا كان مفعولًا، ودعا الله أن يلقاه بسريرة نقية طاهرة كالتي أستشهد عليها أعمامه ولقوا الله عليها، ونحسبه قد لقيهم على ذالك والله حسبه.

ذالك الفتى، هو الكاتب السياسي والمفكر والداعية، نقدمه لحلقة هذا اليوم، الاستاذ : “فريد محمد صالح الغانم “الشهير ب “حافظ الصالح”.

إضطر للكتابة بإسم مستعار (حافظ صالح) لأن كتبه كانت ممنوعه من النشر بسبب طروحاته الفكرية وآراءه السياسية التغييرية.

فريد محمد صالح الغانم الشهير ب “حافظ الصالح”

ولد الكاتب حافظ الصالح في قرية سيلة الظهر في ثلاثينيات القرن الماضي، أنهى تعليمه الابتدائي في المدرسة الابتدائية، حصل على البكالوريوس في الشريعة والماجستير في الدراسات الإسلامية، أتقن العلوم العربيه وكان بارزاً فيها فقد كان رحمه الله فقهياً محباً للعلم وكان له ذائقة فنية رفيعة، فقد نظم أشعاراً كثيرة لو جمعت لكانت ديواناً ثريّاً.

كان حافظ الصالح شغوفاً بالرسم والخط العربي، و رسم بعض اللوحات الفنية عن القدس وبعض لوحات الخط العربي، بالإضافة إلى ذلك كان محللاً سياسياً محترفاً بارعاً متابعاً بشكل حثيث لكل ما يجري على الساحة الدوليه والإقليمية.

تركّز نتاجه الفكري على ثلاثة محاور:

  • الأول: أسس النهضة وشروط النهضة وعقبات وصخور على طريق نهضة الأمة.
  • الثاني: شهر قلمه بالرد على الفكر الرأسمالي وتفنيد طروحاته وإظهار عوار الحضارة الغربية وفسادها.
  • الثالث: كان ختامها المسك وهي قراءة القرآن الكريم وترتيب نزوله كمنهجية سياسية للتغيير.

وقد أبدع لدرجة التميز بل التفرد في ترتيب هذا العلم والتأليف والتصنيف فيه وهذا علم أقل مايقال فيه أن الأمة أحوج ما تكون لمن يكرّس نفسه لإتمام هذا المشروع الفكري المبارك الذي سيشكل إضافة هامة للتراث الإسلامي.

حمل الدعوة مناضلاً ومجاهداً وكرس زهرة شبابه للعمل الساسي منذ الخمسينات وقدم في خدمة هذا المبدأ الغالي والنفيس، ثبت وربط الله على قلبه طيلة ستون عاماً عانى بها من السجن، والتعذيب والاضطهاد، والتشريد، وفراق الأبناء والبعد عن الأهل والأحباب وكان يعتبر كل ذلك ثمناً زهيداً في سبيل استئناف حياة إسلامية كريمة ترضي الله ورسوله.

كتب رحمه الله مجموعة من الأبحاث طبعت في عدة كتب ومئات المقالات والنشرات ونذكر منها:

  • النهضة: رؤية فكرية عملية سياسية للمشروع الإسلامي.
  • الديمقراطية وحكم الإسلام فيها: رد على الفكر الرأسمالي وتهافت الحضارة الغربية.
  • نهج القرآن الكريم في الدعوة: درة العقد سلسلة من أرقى ما كُتب في الفكر السياسي الإسلامي من منظور قرآني.
  • نظرات داعية في السور المكية.
  • نظرات داعية في السور المدنية .
  • وله مجموعة من القصائد بعضها أقرب ما تكون للتجربة الوجدانية فقد خلد فيها لحظات من فيض المشاعر في أحداث ومواقف شخصية وخاصة بعض القصائد أخذت طابع المناجاة والتفكر في عظمة الله عز وجل، وبعضها أخذ طابع الوعظ والإرشاد الفكري والحض على الثبات على المبدأ.

زار رحمه الله بلداناً كثيرة من أوروبا إلى آسيا إلى آفريقيا وسكن بيروت وعمان وبغداد ودمشق وإسلام أباد والقاهرة وتونس. ولكن قلمه ما غنى بلدة إلا سيلة الظهر،، وخلد علاقته بها بقصيدة كانت عناقاً بين العشق والانتماء………

مهد الحياة ومدرج الألعاب

حبوت أمزج ترابها بلعابي

منك اغتذى جسمي وعهد طفولتي

فيها قضيت وبدء عهد شبابي

حافظ الصالح رحمه الله، كان يحب بلدته،، سيلاوياً بامتياز،، وقد كان كلّما غالبه الحنين إليها يتصبر قائلاً: بإذن الله سندخلها فاتحين. رحم الله مفكرنا العظيم، أدركه الأجل ولم يدرك حلمه ونرجو الله أن يتحقق حلمه بالفتح والتمكين على يد أبنائه وأحفاده وأبناء بلدته وأبناء الأمة.

هذا الرابط يحتوي على جزء بسيط من كتب الإستاذ والمفكر فريد صالح (حافظ صالح).

اقرأ أيضًا: سلسلة كتاب ومؤلف – د. نبيه عبد الرحمن غانم

[ppc_referral_link]