قيام الليل
شرع الله العديد من الأعمال الصالحة ليقوم بها المسلم ويحظى بالأجر والثواب، وأحد هذه الأعمال الصالحة قيام الليل.
يُقصَد بقيام الليل قضاء الليل بأي نوع من العبادات، ولا تشترط الصلاة فقط، بل يمكن قيام الليل بقراءة القرآن، الدعاء، الذكر أو التسبيح، ولا يشترط أيضًا قيام الليل كله، فالدين يُسر.
وأما بالنسبة إلى صلاة قيام الليل فهي من السنن التي قام بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال الله تعالى في فضل صلاة قيام الليل في سورة الفرقان الآيات 63-64:(وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا*وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا).(1)
أهمية صلاة قيام الليل
لصلاة قيام الليل فضل عظيم، وهذا الفضل هو ما يحفز المسلمين على آداء صلاة قيام الليل، وذُكِر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يترك صلاة قيام الليل في سفرٍ أو حضر، وفيما يلي فضائل وأهمية صلاة قيام الليل: (1)
- قيام الليل من الأسباب المؤدية إلى دخول الجنة، ففيه تكفير للسيئات، قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:” أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ، و أطْعِمُوا الطَّعامَ، وصِلُوا الأرحامَ، و صلُّوا باللَّيلِ و النَّاسُ نيامٌ، تدخُلوا الجنَّةَ”.
- المحافظة على صلاة قيام الليل من صفات المحسنين، فقال الله تعالى في سورة الذاريات في الآيتين 16-17:( إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ*كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ).
- لقيام الليل بقراءة القرآن الكريم أجر عظيم، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:” من قامَ بعشرِ أيات لم يُكتَب من الغافلين، ومن قام بمائة آيةٍ كُتبَ من القانتين، ومن قام بألفِ آية كُتِبَ من المقنطرين”.
- مدح الله تعالى إيمان قائم الليل، فقال تعالى في سورة السجدة في الآية 15:( إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ).
- تعد صلاة قيام الليل سببًا لصلاح الأبناء وسَعَة الرزق.
- تعد صلاة قيام الليل من أسباب إجابة الدعاء.
كيفية آداء صلاة قيام الليل
يمكن آداء صلاة قيام الليل بصلاة ركعتين ركعتين، واختتام الصلاة بركعة الوتر، ويجوز آداء صلاة قيام الليل في أول الليل وإنهاءها آخرها، ويجوز أيضًا صلاتها كاملة في الوقت نفسه، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم حين سأله رجل عن كيفية آداء صلاة قيام الليل، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خَشِيَ الصُبْح صَلى واحدة، فأوتَرَت لهُ ما صلى).
يطلق على قيام الليل بعد النوم كلمة التهجد، ويمكن آداء صلاة قيام الليل في أي وقت خلال العام.(2)
وأفضل وقت لآداء صلاة قيام الليل هو في الثلث الأخير من الليل، وهذا لأنه من أوقات استجابة الدعاء، وهو وقت يَتَنَزل الله عز وجل فيه بالرحمة على عباده، وقال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم:” إن أقرب ما يكون الرّبُ من العبدِ جوفُ الليل الآخر، فإن استطعت أن تكونَ ممن يَذكر اللهَ في تلك الساعة فكن”، وهذا يعني أنه ليست فقط الصلاة، بل جميع أشكال العبادات التي يمكن للمسلم أن يقوم بتأديتها.(1)
عدد ركعات صلاة قيام الليل
لا يوجد عدد ركعات معين لصلاة قيام الليل، فقال الله تعالى:( وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا)، ولم يرد أي تحديد لعدد الركعات، ولكن ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوم الليل بإحدى عشرة ركعة، فقالت عائشة رضي الله عنها حين تم سؤالُها عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان:” ما كان يزيدُ في رمضان ولا في غيرِهِ على إِحدى عَشرة ركعة، يُصلي أربَعَ ركعات، فلا تَسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا، فقلت: يا رسول الله تَنَام قبل أن تُوتِر؟ قال: تَنَامُ عيني ولا ينام قلبي”.(2)
مراتب صلاة قيام الليل
قسَّم علماء الدين صلاة قيام الليل إلى ستة مراتب، وهي: (1)
- المرتبة الأولى: وهي قيام الليل بطوله حتى أذان الفجر.
- المرتبة الثانية: وهي قيام ثلثي الليل، والنوم في أول ثلث في الليل.
- المرتبة الثالثة: وهي قيام ثلث الليل الأخير، وهو قيام نبي الله داوود عليه السلام، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:” أحب الصلاة إلى الله صلاة داوود، كان ينام نِصفَ الليل، ويقوم ثُلثَه، وينام سدسَه”.
- المرتبة الرابعة: قيام النصف الأخير من الليل.
- المرتبة الخامسة: قيام الليل من غير حساب، وكان الصحابة رضوان الله عليهم يقومون الليل حتى يشعرون بالنعاس فينامون، وإن استيقظوا خلال الليل يكملون القيام.
- المرتبة السادسة: قيام الليل بالصلاة ركعتين أو أربعة ركعات.
آداب صلاة قيام الليل
لكل سلوك أو عبادة العديد من الآداب التي يحبذ القيام بها، وفيما يلي آداب صلاة قيام الليل: (1)
- استحضار النية قبل النوم للاستيقاظ لقيام الليل، ولرحمة الله على عباده، فإن استحضر المسلم النية على القيام وغلبه النوم يُكتَبْ له الأجر كاملًا، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:” ما من امرئ تكون له صلاة بليلٍ يغلبُه عليها نومٌ، إلا كتَبَ لهُ أجرُ صلاتِه، وكان نومُهُ عليهِ صدقة”.
- الدعاء خلال قيام الليل، فالليل وخصوصًا الثلث الأخير منه من أوقات استجابة الدعاء، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:” مَنْ تعارَّ مِنَ الليلِ، فقال حينَ يستيقظُ: لَا إلهَ إلَّا اللهُ، وحدَه لا شريكَ لَهُ، لَهُ الملكُ، ولَهُ الحمدُ، يُحْيِي ويميتُ، بيدِهِ الخيرُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قديرٌ؛ سبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، ولا حولَ ولا قوةَ إلَّا باللهِ، ثُمَّ قال: اللهمَّ اغفرْ لي، أوْ دَعا اسْتُجِيبَ لَهُ، فإِنْ قام فتوضَّأَ ثُمَّ صلَّى قُبِلَتْ صلاتُهُ”.
- بداية قيام الليل بركعتين خفيفتين، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقوم بذلك.
- إيقاظ أهل المنزل لقيام الليل، وقالت أم سَلَمة رضي الله عنها زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم:” اسْتَيْقَظَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَيْلَةً فَزِعًا، يقولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا أنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الخَزَائِن، ومَاذَا أُنْزِلَ مِن الفِتَنِ، مَن يُوقِظُ صَوَاحِبَ الحُجُرَاتِ – يُرِيدُ أزْوَاجَهُ لِكَيْ يُصَلِّينَ – رُبَّ كَاسِيَةٍ في الدُّنْيَا عَارِيَةٍ في الآخرة”.
- ترك الصلاة حين الشعور بالنعاس الشديد، وهذا من رحمة الله بعباده، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:” إذَا نَعَسَ أحَدُكُمْ وهو يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ، حتَّى يَذْهَبَ عنْه النَّوْمُ، فإنَّ أحَدَكُمْ إذَا صَلَّى وهو نَاعِسٌ، لا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ”.
- الصلاة بحسب قدرة المسلم، وعدم القسوة على النفس، قال الرسول صلى الله عليه وسلم:” أحب الأعمالِ إلى الله أَدوَمُها وإن قل”.
ويمكن أن يقوم المسلم بالعديد من التصرفات سعيًا منه لإعانة نفسه على قيام الليل، كعدم إرهاق النفس خلال النهار، والبعد عن مسببات قسوة القلوب، فكثرة الذنوب، القسوة، الحقد والحسد من الأمور التي تصعب على المسلم قيام الليل، ولهذا السبب يفضل الإكثار من ذكر الله، والسعي لاكتساب المال الحلال.(1)
يمكن أيضًا عدم المبالغة في إراحة فراش النوم، حتى لا يستغرق المسلم في نومه، وليكون قادرًا على الاستيقاظ لآداء الصلاة.(1)
المراجع: